الطيران أو النقل الجوي وكما تشير بعض المصادر، هو أحد أساليب النقل الحديثة. ومصطلح الطيران لا يدل فقط على السفر بل يشمل بذلك الصناعات الجوية، الطائرات وأنواعها، العسكرية منها والمدنية، شركات النقل الجوي من خطوط طيران وشركات ترفيه، المطارات والعلوم المختصة في الطيران.
وتستخدم في صناعة الطائرات التي شهدت تطورا كبيرا، أحدث أنواع التكنولوجيا التي توصل إليها العلم على الإطلاق كان ذلك في مجال خلط المعادن المرتبط بالهيكل الخارجي للطائرة أو بالعلوم الإلكتروميكانيكية المتعلقة بنظام التحليق والهبوط في الطائرة. أما جسم الطائرة الخارجي فهو مصنوع من سبيكة من الفولاذ والألمنيوم وهي سبيكة تعطي قوة الفولاذ وخفة الألمنيوم، وجسم الطائرة يتكون من صفائح من هذه السبيكة متصلة بعضها ببعض عن طريق وصلات اسفينية رباعية أو سداسية الصفوف كالمستخدمة في بناء المراجل البخارية مما يعطي لهذه الوصلات قوة شد كبيرة وقوة تحمل ضغط أكبر.
أما المحركات في الطائرة فتعتمد مبدأ الدفع النفاث في الطائرات الأفقية وتتكون عادة من عدة مراوح ضخمة تصطف خلف بعضها البعض مشكلة المحرك الذي يعمل على مادة الكيروسين المشتقة من البترول. أما في الطائرات العمودية فتعتمد على أربعة شفرات تقوم بالدوران وسحب الهواء نحو الأسفل ليرتفع الجسم بدوره نحو الأعلى، اما تقدمها للأمام والخلف فيكون ذلك بميل الشفرات الدوارة بكلا الاتجاهين.
وكما يقول بعض الخبراء فالطائرات آلات معقدة جدا، لذا فهي تحتاج الى دقة في العمل وكذلك خبرة في عملية الطيران ، في سبيل الحفاظ على أرواح الركاب خصوصا وان السنوات الأخيرة قد شهدت العديد من الحوادث والمشكلات الخطيرة، التي أجبرت العديد من الحكومات والشركات المتخصصة بصناعة الطائرات، على إجراء المزيد من الدراسات والتغيرات الخاصة بضمان تصنيع وصيانة وتطوير أمن الطائرات على اختلاف أنوعها، هذا بالإضافة إلى المشكلات الأمنية وانتشار المجاميع الإرهابية والحروب التي تشهدها بعض المناطق والدول وهو ما قد يؤثر على سلامة وامن الركاب.
غرابة حوادث الطيران
وفي هذا الشأن يتوج فقدان طائرة شركة اندونيسيا اير آسيا عاما من أكثر الأعوام إزهاقا للأرواح في سجل الطيران المدني خلال السنوات العشر الأخيرة ومع ذلك يقول خبراء إن سجل الأمان لهذه الصناعة يتحسن باطراد. فالإحصاءات تؤكد أن هذا العام كان عاما من المتناقضات المأساوية هيمنت عليه كارثتان ماليزيتان وعدد محدود من الحوادث المرتبطة بحالة الطقس ومع ذلك سجل عدد حوادث سقوط الطائرات مستوى منخفضا قياسيا.
فحتى قبل سقوط الطائرة الايرباص 320 وعليها 162 شخصا بين مدينة سورابايا الاندونيسية وسنغافورة بلغ عدد القتلى في سبعة حوادث العام الجاري حوالي 762 شخصا. وإذا تأكد سقوط الطائرة المسجلة في اندونيسيا ومقتل كل من كانوا عليها فسيصبح عام 2014 أسوأ الأعوام من حيث عدد ضحايا حوادث الطيران المدني منذ عام 2005 عندما سقط 1014 قتيلا في حوادث لطائرات ركاب حسب بيانات شبكة أمان الطيران التي تتخذ من هولندا مقرا لها.
لكن عدد حوادث الطيران التي انتهت بسقوط قتلى سيبلغ في هذه الحالة ثمانية فقط في 2014 بالمقارنة مع 24 حادثا عام 2005. وسيكون عام 2014 بذلك الأقل من حيث عدد الحوادث فيما تعيه الذاكرة. وقال هارو رانتر مؤسس ومدير شبكة أمان الطيران التي تدير قاعدة بيانات مستقلة "من الملفت للنظر أن 2014 شهد أقل عدد من حوادث طائرات الركاب في تاريخ الطيران الحديث."
وبلغ اجمالي عدد الركاب 573 شخصا في الطائرتين الماليزيتين -- الرحلة 370 التي اختفت في الثامن من مارس اذار ولم يعثر لها على أثر والرحلة 17 التي أسقطت فوق أوكرانيا في 17 يوليو تموز. وفقد أكثر من 160 شخصا حياتهم في حادثين وقعا بسبب سوء الأحوال الجوية في يوليو تموز منهم 48 شخصا عندما حاولت طائرة تابعة لخطوط ترانس اسيا الجوية الهبوط في تايوان و116 عندما تحطمت طائرة تابعة لشركة سويفت اير تديرها الخطوط الجزائرية في شمال مالي. بحسب رويترز.
وتؤكد شركات الطيران وشركات صناعة الطائرات أن الطيران أكثر وسائل النقل أمانا مع تحسن تصميمات الطائرات والتدريب والبنية التحتية. وفي وقت سابق قال الاتحاد الدولي للنقل الجوي (اياتا) الذي يمثل نحو 250 شركة طيران إن عام 2014 من بين أكثر الأعوام أمانا إذا ما قيس بحجم حركة الطيران. وقال الاتحاد إن عام 2009 شهد فقدان طائرة مقابل كل 1.5 مليون رحلة جوية أي بمعدل 0.67 طائرة لكل مليون رحلة. وحتى 30 سبتمبر ايلول الماضي بلغ معدل فقدان الطائرات هذا العام 0.22 طائرة لكل مليون رحلة جوية. وتشمل بيانات الاتحاد الذي يتخذ من جنيف مقرا له الطائرات المصنوعة في دول غربية فقط.
نظام تتبُّع للطائرات
الى جانب ذلك ستتم متابعة كل الطائرات خلال تحليقها عبر ارسال اشارة كل دقيقة في حال حصول حادثة او في الاوضاع الطارئة، ما يسمح بتحديد دقيق للموقع الجغرافي لأي طائرة قد تتحطم فوق البحر. فبعد اقل من عام على فقدان طائرة الـ"بوينغ 777" التابعة للطيران الماليزي في الرحلة "ام اتش 370" جنوب المحيط الهندي، اعدت المنظمة الدولية للطيران المدني خطة تحركات سيتم تطبيقها تباعا للكشف السريع عن الرحلات الجوية التي تواجه مشاكل، بما يندرج مع موجبات النظام العالمي للاستغاثة والسلامة البحرية (جي ايه دي اس اس) الصادر حديثا.
وقد اقرت توصيات لجنة الملاحة الجوية في المنظمة الدولية للطيران المدني، بحسب ما افاد مصدر دبلوماسي. وسيتم تقديمها لممثلي الدول الـ191 الاعضاء في المنظمة. وأمام هذه الدول الاعضاء ثلاثة اشهر لتقديم ملاحظاتها على ان يتم بعد ثلاثة اشهر اضافية تقديم "اقتراح نهائي للتصويت في المجلس" وفي اوضاع التحليق الطبيعية، سيتعين على شركات الطيران تتبع كل طائرة تابعة لها عن طريق اشارة يتم ارسالها كل 15 دقيقة.
وفي الحالات غير الطبيعية كالانحراف عن المسار المحدد للرحلة او تغيير الممر الجوي، او في الحالات الطارئة مثل الهبوط الكبير للطائرة او التحليق على علو او بسرعة غير طبيعيين، عندها يتم ارسال اشارة كل دقيقة. واشارت اوساط هذه المنظمة الدولية التابعة للامم المتحدة الى ان "ارسال تقارير عن موقع الطائرة كل دقيقة في حال حصول حادث هو الجزء الاكثر فعالية على المدى القصير".
وعند تلقي هذه الاشارات، على غرفة عمليات شركة الطيران تحليلها والمبادرة في حال الطوارئ الى انذار المراقبين الجويين في المنطقة المسؤولة عن الرحلة في لحظة محددة، على ما أوضح مصدر مطلع على الملف. كما ان المتابعة المستقلة في حال الطوارئ ستعمل بشكل مستقل عن نظام تتبع الرحلة، بموجب النظام العالمي للاستغاثة والسلامة البحرية. ومع ارسال اشارة كل دقيقة، قد يمكن تحديد موقع طائرة تواجه خطرا ضمن قطر ستة اميال بحرية، اي 11 كيلومترا ونيف، ما يساعد بذلك فرق الاغاثة والاستطلاع، وفق المصدر نفسه.
وبعد فقدانها في الثامن من اذار/مارس 2014، لم يتم تحديد موقع حطام الطائرة الماليزية بعد. لكن من المفترض الا يتكرر مثل هذا الوضع بعد الالتزام بموجبات التتبع بحلول نهاية هذا العام. وفي الحالات القصوى المتمثلة بتحطم طائرات، ستوصي المنظمة الدولية للطيران المدني الشركات المصنعة للطائرات بتزويد اجهزتها بمسجلات للرحلات قابلة للقذف يتم وضعها قي ذيل الطائرة خلافا للصندوقين الاسودين الموجودين في قمرة القيادة.
وهذه العلب السوداء التي يمكن قذفها في حال حصول اصطدام قوي تطفو على سطح المياه ويمكن رصد مكانها بسهولة من جانب المحققين بعد وقوع اي كارثة تحطم طائرة فوق البحر. ومن المتوقع البدء بالتجهيز الالزامي للطائرات بهذه الخاصية اعتبارا من سنة 2021. وهذه المسجلات القابلة للقذف ستكون نسخة منقحة عن مسجلات بيانات الرحلات (اف دي ار) ومسجلات الصوت داخل قمرة القيادة (سي في ار) التي تجمع على التوالي كل بيانات الرحلة (السرعة والعلو والمسار...) والاصوات داخل مقصورة القيادة. بحسب فرانس برس.
وتطوير هذه الانظمة سيكون اكثر دقة بالنسبة للطيران المدني مقارنة مع الطائرات العسكرية المزودة منذ حوالى خمسين عاما بهذا النظام. ويتعين بالفعل تفادي انطلاق عمل هذه المنظومة خلال اي هبوط مفاجئ او اضطراري. اما بالنسبة لسلامة الرحلات في مناطق النزاعات بعد حادثة تحطم الطائرة الماليزية خلال الرحلة "ام اتش 17" فوق اراضي شرق اوكرانيا في تموز/يوليو، فإن المنظمة الدولية للطيران المدني ستزود اعضاءها وشركات الطيران بالمعلومات عن التحليق في المجالات الجوية المحفوفة بالمخاطر.
سوريا والحظر الأمريكي
في السياق ذاته حظرت إدارة الطيران الاتحادية الامريكية على جميع شركات الطيران الامريكية التحليق فوق سوريا قائلة ان الصراع المستمر في البلد الذي تعصف به حرب أهلية يشكل "تهديدا خطيرا محتملا." وكانت ادارة الطيران الاتحادية أصدرت في السابق إخطارا نصحت فيه جميع شركات الطيران الامريكية بتفادي الطيران فوق سوريا. وتلزم القاعدة الجديدة شركات الطيران بالاتصال بالإدارة قبل العمل في المجال الجوي السوري.
وقالت الادارة ان هذه الخطوة اتخذت بعد اجراء "تحديث لتقييم المخاطر" وفي ضوء قلة عدد شركات الطيران الراغبة في العمل في المجال الجوي السوري. واضافت الادارة في بيان "الصراع المسلح المستمر والوضع الامني المضطرب في سوريا يشكلان تهديدا خطيرا محتملا للطيران المدني." وتراقب شركات الطيران عن كثب مسار الرحلات الجوية فوق مناطق الصراع منذ إسقاط طائرة الركاب الماليزية (إم.إتش.17) بصاروخ أرض جو بينما كانت تطير فوق شرق أوكرانيا حيث تتصارع القوات الحكومية مع مقاتلين إنفصاليين موالين لروسيا ما أدى إلى مقتل جميع من كانوا على متنها وعددهم 298 شخصا. وسوريا في غمرة حرب أهلية قتل فيها 170 ألف شخص منذ 2011.
وقالت ادارة الطيران الاتحادية ايضا ان "عناصر بالمعارضة" حذرت شركات الطيران المدنية من تسيير رحلات الي سوريا. واضافت ان هناك جماعات مسلحة متطرفة في البلاد معروف ان لديها اسلحة مضادة للطائرات قد تهدد الطائرات المدنية. وينطبق الحظر على جميع الطائرات المسجلة في الولايات المتحدة والمشغلين التجاريين والطيارين الحاصلين على رخصة من ادارة الطيران الاتحادية. ويستثنى من الحظر الرحلات التي يجري تشغيلها بإذن من الحكومة الامريكية والطائرات المسجلة في الولايات المتحدة التي تشغلها شركات طيران اجنبية. بحسب رويترز.
وقالت ادارة الطيران الاتحادية "بسبب وجود اسلحة مضادة للطائرات بين الجماعات المتطرفة واستمرار القتال في مواقع عديدة في انحاء سوريا فانه يوجد تهديد كبير محتمل ومتواصل للطيران المدني العامل في المجال الجوي السوري." وحظرت ادارة الطيران ايضا على شركات الطيران الامريكية والمشغلين التجاريين التحليق فوق العراق مع استمرار الصراع المسلح وبدء الولايات المتحدة ضربات جوية. وأظهرت المعلومات الموجودة على موقع فلايت رادار 24 دوت كوم -وهو موقع إلكتروني يقدم خدمات لتعقب رحلات الطيران في أوقاتها الفعلية- أن معظم الخطوط الجوية التجارية تلتف على المجالين الجويين السوري والعراقي.
الطيارون وتناول العقاقير
من جانب أخر أظهرت دراسة لهيئة السلامة الوطنية للنقل أن الاختبارات التي اجريت على طيارين لاقوا حتفهم في حوادث طائرات بالولايات المتحدة منذ 1990 سجلت ارتفاعا بلغ اربعة أضعاف في تناول العقاقير المشروعة وغير المشروعة. ومن بين أكثر من 6600 قائد طائرة خضعوا للاختبارات في الدراسة كان هناك 96 بالمئة من القطاع الخاص بخلاف قائدي الرحلات التجارية. وخلصت الدراسة إلى ان نسبة قائدي الطائرات الذين أظهرت النتائج تناولهم عقارا واحدا سواء مشروع أو غير مشروع ارتفعت إلى 40 بالمئة في 2011 مقارنة مع أقل من 10 بالمئة في 1990.
ورغم تزايد استخدام العقاقير قالت الهيئة إن هذه الزيادة لم تقابلها زيادة في نسبة الحوادث التي كان لتناول العقاقير دور فيها. وكان العقار الأكثر شيوعا هو مضاد الهستامين الذي يمكن شراؤه بدون وصفة طبية ويمكن أن يسبب النعاس. وعثر على اثار هذا العقار في 9.9 بالمئة من قائدي الطائرات في الفترة من 2008 إلى 2012 وهي تقريبا ضعف نسبة 5.6 بالمئة المسجلة في الفترة من 1990 إلى 1997. بحسب رويترز.
وارتفعت نسبة قائدي الطائرات الذين ثبت تناولهم عقارا واحدا غير مشروع على الاقل إلى 3.8 بالمئة في الفترة من 2008 إلى 2012 مقارنة مع 2.3 بالمئة في الفترة من 1990 إلى 1997. وكانت الماريجوانا هي العقار غير المشروع الأكثر شيوعا الذي تم التعرف عليه. وارتفعت نسبة قائدي الطائرات الذين ثبت تناولهم الماريجوانا في الدراسة إلى ثلاثة بالمئة في الفترة من 2008 إلى 2012 مقارنة مع 1.6 بالمئة في الفترة من 1990 إلى 1997.
عنوان لحرب جديدة
على صعيد متصل فمعركة جديدة تدور رحاها حاليا في عالم الطيران يطلق عليها البعض تسمية "حرب الارجل" فقد شهدت الولايات المتحدة مؤخرا حادثتين خلال رحلتين جويتين على خلفية انزعاج بعض الاشخاص من ارجاع ركاب آخرين لمقاعدهم، ما يثير جدلا كبيرا الثابتة الوحيدة فيه ان المساحة المخصصة لجلوس الركاب داخل الطائرات تضيق تدريجيا.
وقالت ساره شليختر رئيسة تحرير موقع "اندبندنت ترافلر" المتخصص في السفر ان ارجاع المقعد خلال الرحلات الجوية يمثل "موضع نقاش منذ سنوات". واضافت "لكن ما حصل مؤخرا يظهر بوضوح ان الناس لم يعودوا راضين عن نوعية السفر التي يحصلون عليها على متن الطائرات". فخلال الايام الماضية، تم تحويل مسار طائرتين بسبب انزعاج ركاب من ارجاع جيرانهم في الرحلة لمقاعدهم. وفي حالة رحلة "يونايتد ايرلاينز" بين نيووارك ودنفر التي تم تحويل مسارها الى شيكاغو، وصل الامر بأحد الركاب الى استخدام "دفاعات للركبتين"، اي ملقطان يتم شبكهما بأطراف الطاولة المخصصة للطعام بهدف منع ارجاع المقعد.
وأكد ايرا غولدمان صاحب فكرة هذا الاختراع ان هذه القطعة المعروضة بسعر 22 دولارا والموجودة في الاسواق منذ 11 عاما "تباع اكثر فاكثر منذ سنتين وثلاث سنوات"، من دون اعطاء تفاصيل اضافية. وأشار رجل الاعمال البالغ طول قامته 1,92 متر والذي يجتاز سنويا 15 الف كلم بالطائرة الى ان "الناس تسافر اكثر وتستقل طائرات تعج اكثر فاكثر بالركاب، المساحات تضيق وشركات الطيران تستمر في تقديم مقاعد يمكن ارجاعها".
وادلى كثيرون بدلوهم في هذه المسألة، بعضهم بكثير من المرح، وذلك للتنديد بضيق حجم المقاعد وبالمشاكل التي تحصل مع بعض الركاب خصوصا طوال القامة منهم او الركلات التي تحصل بين الركاب على المقاعد المتقابلة، غالبا من دون انتباه. وكتب موقع "غوكر" الساخر ان "الحرب بين محبي ارجاع المقاعد واولئك الراغبين بمساحة اكبر لأرجلهم تستعر". وجاء في مقال على موقع "سلايت" لكاتب روى تجربته خلال السفر "ارجاع المقعد هو الشر المطلق". واضاف "مقعدها كان قريبا جدا من ذقني لدرجة انه كان يتعين علي ان احول عيني تقريبا لمشاهدة التلفزيون". الا ان جوش بارو أكد صراحة في مقالة في صحيفة نيويورك تايمز انه "يرجع مقعده عندما يكون مسافرا بالطائرة"، مشيرا الى انه "لا يشعر بالذنب".
وقال مخترع "دفاعات الركبتين" انه "سيكون سعيدا للغاية إذا ما تكرم مسؤولو صناعة الطيران بحل مشكلة يتجاهلونها منذ سنوات". وفي هذا الاطار، اظهر تحقيق نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال" في تشرين الاول/اكتوبر 2013 كيف قامت شركات الطيران بتضييق المجال الحيوي للركاب في الدرجة الاقتصادية لتوسيع المساحة المخصصة لركاب درجة رجال الاعمال الذين يدفعون مبالغ اكبر مقابل بطاقات سفرهم.
وأشارت الصحيفة الى ان معدل المساحة المخصصة لمقاعد الدرجة السياحية على الطائرات المعدة للرحلات الطويلة كانت حوالى 46 سم في السبعينيات والثمانينيات، ثم انتقلت الى 47 سم في ما بعد لتهبط الى اقل من 43 سم حاليا. وعلى سبيل المقارنة، تبلغ المساحة المخصصة لمقعد داخل قطار اميركي 52 سم وفي صالات السينما 63 سم. ولمواجهة الانتقادات، عمدت بعض الشركات مثل "ايزي جت" و"ريان اير" الى الاستغناء عن المقاعد التي يمكن ارجاعها من على طائراتها المعدة للرحلات القصيرة. بحسب فرانس برس.
وقالت ساره شليختر "ثمة قيود تتعلق بالحقائب، والخدمات الاضافية الواجب تسديد ثمنها، اذ لم يعد يتم تقديم الطعام مجانا، المقاعد باتت اضيق، كما يجب دفع اموال اضافية لقاء خدمة افضل. لذا فإن مجرد الشعور بالضيق جراء ارجاع المقاعد يثير استياء الركاب، لأن السفر بالطائرة بات اقل راحة من السابق". اما انا بوست احدى مديرات معهد "اميلي بوست انستيتيوت" الشهير لتعليم اصول اللياقة الذي تاسس مطلع القرن الماضي، فقالت "لقد اشتريتم بطاقة سفر للجلوس على مقعد يمكن ارجاعه، من هنا لا يمكن لأحد منعكم من استخدامه". الا ان بوست اوضحت انه "من الممكن ان يكون احدهم صاحب حق لكن ذلك لا يبرر التمادي في استخدام الحق لأن هذا الامر قد يؤدي الى مشاكل اكثر مما يستحق الموضوع"، مكتفية بتقديم نصيحة بارجاع المقاعد بهدوء وبشكل محدود من دون ازعاج الركاب الاخرين.
اول طائرة ركاب يابانية
في السياق ذاته وبعد مشاكل عدة، خرجت الطائرة ميتسوبيشي ريجيونال جيت (ام آر جي) اليابانية من المصنع لتدشن فصلا جديدا في الصناعات الجوية اليابانية التي لم تنتج طائرات مدنية منذ نصف قرن. وبحضور وزير النقل اكيهيرو نيشيمورا كشفت اليابان عن طائرة الركاب هذه من انتاج مجموعة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة (ميتسوبيشي هيفي انداستريز) التي تسعى الى اختراق قطاع الطيران المزدهر في المنطقة.
وكشف عن الطائرة التي صنعت بمساعدة المجموعة الاميركية العملاقة بوينغ، في حفل اقيم في كوماكي بالقرب من ناغويا (وسط اليابان). واضطرت الشركة المصنعة المعروفة بانتاجها مقاتلات "زيرو" خلال الحرب العالمية الثانية، لاعادة النظر في المشروع عدة مرات منذ اطلاقه في 2008، من تغيير عدد المقاعد الى نوع المحرك المواد المستعملة. فخبرتها الحديثة في هذا المجال محدودة بتسليم مكونات (مع انها اساسية مثل الاجنحة) الى شركة بوينغ وانتاج طائرات عسكرية للجيش الياباني بترخيص.
واكد خبير في الملف طلب عدم كشف هويته ان "الانتاج بترخيص وباستخدام صيغ جاهزة امر، وتصميم طائرة من الصفر امر آخر". واضاف ان "اليابانيين عملوا لسنوات كمتعاقدين ثانويين. انهم يعرفون الكثير شرط ان يتم توجيههم". وتؤكد ميتسبيشي للصناعات الثقيلة ان طائرة "ام آر جي" المتوسطة الحجم (بين سبعين وتسعين راكبا) تضمن توفيرا في الطاقة وتؤمن راحة اكبر للمسافرين بأسعار اقل.
وقال رئيس "ميتسوبيشي للطائرات" (ميتسوبيشي ايركرافت) تيرواكي كاواي ان "البرنامج ام آر جي يحقق تقدما مستمرا وسيؤدي احدث انتاج في صناعة الطيران الى خفض استهلاك الوقود والحد من الضجيج وانبعاث الغازات وسيساعد شركات الطيران على تعزيز قدراتها التنافسية وامكانياتها لتحقيق الارباح في المستقبل". ويشكل انتاج هذه الطائرة فصلا جديدا في قطاع الطيران في اليابان التي صنعت آخر طائرة تجارية مدنية في 1962. وتوقف انتاج هذه الطائرة "واي اس-11" بعد عقد. بحسب فرانس برس.
وكانت الشركات اليابانية ممنوعة من انتاج الطائرات من قبل قوات الاحتلال الاميركية بعد هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية. وستنافس هذه الطائرة في المنطقة طائرات امبراير البرازيلية وبومباردييه الكندية الصغيرة في المنطقة، واخرى من تصميم شركات روسية وصينية. وتتوقع الشركة ان تحصل على طلبيات لبيع خمسة آلاف من هذه الطائرة في العقدين المقبلين. وقال كاواي لصحيفة وول ستريت جرنال ان "خمسة آلاف ليس رقما صغيرا". واضاف "اؤكد انه يمكننا الحصول على خمسين بالمئة من ذلك. هذا ما نطمح اليه الآن. لكن خلال عشرين سنة، وليس ثلاث او خمس سنوات، واذا كانت ابحاثنا صحيحة. علينا ان نكون طموحين". وتقوم مجموعة هوندا اليابانية ايضا بتطوير طائرة لرجال الاعمال سيتم تسليم اول نماذجها العام المقبل في اميركا الشمالية واوروبا.
اضف تعليق