تشهد حقول النفط في سوريا أوضاعًا متردية نتيجة الحروب والنزاعات التي تعصف بالبلاد منذ عام 2012؛ مما أدى إلى تراجع إنتاجها وتضرر بنيتها التحتية، ووفقًا لبيانات قطاع النفط السوري، تمتلك سوريا احتياطيات نفطية مؤكدة تُقدّر بنحو 2.5 مليار برميل من النفط الخام، ورغم ذلك تشير البيانات إلى إنتاج ضعيف للغاية...
تشهد حقول النفط في سوريا أوضاعًا متردية نتيجة الحروب والنزاعات التي تعصف بالبلاد منذ عام 2012؛ مما أدى إلى تراجع إنتاجها وتضرر بنيتها التحتية، ووفقًا لبيانات قطاع النفط السوري لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، تمتلك سوريا احتياطيات نفطية مؤكدة تُقدّر بنحو 2.5 مليار برميل من النفط الخام، ورغم ذلك تشير البيانات إلى إنتاج ضعيف للغاية.
وتتوزّع حقول النفط السورية بصفة رئيسة في مناطق شرق البلاد، لا سيما في محافظتَي دير الزور والحسكة، إلى جانب بعض النقاط النفطية الصغيرة في محافظتَي حمص والرقة، ورغم الإمكانات الهائلة التي تتمتع بها حقول النفط في سوريا، فإنها تظل رهينة النزاعات والصراعات، ما يستدعي جهودًا كبيرة لإعادة تأهيل القطاع النفطي وضمان استقراره لاستثمار هذه الموارد وتحقيق الفائدة الاقتصادية، ومع تطورات الأحداث مؤخرًا، تواجه حقول النفط في سوريا مصيرًا مجهولًا، في غياب الاستقرار السياسي والأمني، بالإضافة إلى ضعف الإمكانات المالية اللازمة لتطويرها.
توزيع حقول النفط في سوريا
تنتشر أبرز حقول النفط في سوريا في المحافظات الشرقية، إذ تُعد محافظة دير الزور المركز الأبرز، ومن بين الحقول الرئيسة هناك:
حقل العمر: يقع في محافظة دير الزور على بُعد 15 كيلومترًا شرق بلدة البصيرة، ويُعد أكبر حقول النفط في سوريا، وكان ينتج نحو 80 ألف برميل يوميًا قبل عام 2011.
حقول الحسكة: مثل حقل السويدية، وهو أحد أكبر حقول النفط في سوريا، إذ كان يُنتج بين 110 آلاف و116 ألف برميل يوميًا قبل الأحداث، وحقل الرميلان، وهو أحد أقدم الحقول السورية، إذ يضم نحو 1322 بئرًا، وكان يُنتج 90 ألف برميل يوميًا.
حقل التنك: يقع في بادية الشعيطات، وكان يُنتج 40 ألف برميل يوميًا.
حقلا التيم والورد: كان كل منهما يُنتج 50 ألف برميل يوميًا.
حقول النفط في تدمر وحمص: تنتشر مجموعة من الحقول الصغيرة مثل جزل وحيان وجحار والمهر. أما في ريف حمص الشرقي فيبرز حقل شاعر.
حقول صغيرة أخرى: مثل الجفرة، ومحطة "تي تو" (T2) الواقعة على خط النفط العراقي السوري.
إلى جانب ذلك، توجد ضمن حقول النفط في سوريا حقول صغيرة نسبيًا مثل الشدادي والجبسة والهول، وأصغرها حقل اليوسفية.
وعانت حقول النفط في سوريا من هجمات متكررة، إذ تتعرّض منشآت مثل حقل العمر للقصف الصاروخي من قبل الجماعات المتصارعة. وتفاقمت الأزمات بسبب محاولات السيطرة على هذه الحقول بدعم خارجي، مما أسهم في تعطل الإنتاج وإهدار الموارد.
حقل العمر النفطي
يُعد حقل العمر النفطي أكبر الحقول النفطية في سوريا من حيث المساحة والإنتاج، ويقع على الضفة الشرقية لنهر الفرات قرب مدينة الميادين في محافظة دير الزور.
اكتُشف الحقل عام 1987، وكان يُنتج قبل الحرب السورية عام 2011، نحو 80 ألف برميل يوميًا، في حين تبلغ نسبة الإنتاج الحالي أقل من 5% من طاقته الكاملة.
وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن احتياطيات حقل العمر تبلغ نحو 760 مليون برميل من النفط الخام، بحسب ما نشرته منصة "غلوبال إنرجي مونيتور" (Global Energy Monitor).
سيطرت على الحقل جماعات مسلحة مختلفة منذ عام 2013، بما في ذلك تنظيم "داعش"، وفي عام 2017، سيطرت عليه قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من التحالف الدولي.
وفي هذا السياق، تعرّض الحقل وقاعدته العسكرية الأميركية لسلسلة هجمات وقصف مدفعي وصاروخي، أبرزها في يونيو/حزيران 2021، ويوليو/تموز عام 2022، التي تسبّبت في توقف الإنتاج بصورة متكررة وخسائر مادية كبيرة.
حقل التنك النفطي
يقع حقل التنك في بلدة الشعيطات بريف دير الزور الشرقي، ويُعد أحد أهم حقول النفط في سوريا وثاني أكبر الحقول في المنطقة بعد حقل العمر.
قبل اندلاع الأحداث السياسية والعسكرية في سوريا عام 2011، كان الحقل يُنتج نحو 40 ألف برميل يوميًا، ما يعادل 40% من إنتاج النفط السوري، وكان مصدرًا رئيسًا لتلبية احتياجات السوق المحلية. وفي عام 2016، بلغ إنتاج حقل التنك النفطي نحو 4.2 مليون برميل، ما يعادل 11 ألف برميل يوميًا، وفي عام 2018، تمكن من استعادة مستويات إنتاج ما قبل 2011، إذ أنتج نحو 14.6 مليون برميل، ما يعادل 40 ألف برميل يوميًا، وفق ما نشرته منصة "غلوبال إنرجي مونيتور" (Global Enegy Monitor).
وتُقدّر احتياطيات النفط الخام في حقل التنك بـ250 مليون برميل من النفط عالي الجودة، حسب بيانات الحقل الواردة بموسوعة الطاقة.
وسيطر تنظيم "داعش" على الحقل ما بين عامي 2013 و2017، مما زاد من تعقيد الوضع، ومنذ عام 2017 سيطرت قوات سوريا الديمقراطية (قسد) المدعومة من التحالف الدولي على الحقل.
وتأثرت عمليات الإنتاج في الحقل بالنزاع بين الجماعات المسلحة، واستهداف القواعد العسكرية الأميركية الموجودة فيه، ما تسبب في تراجع الإنتاج.
ويظل حقل التنك من الأصول الحيوية للقطاع النفطي السوري، ويمكن أن يؤدي دورًا مهمًا في استقرار السوق المحلية إذا أُعيد تأهيله بالكامل ومعالجة تداعيات النزاعات المستمر.
ويُعوّل على الحقل لزيادة الإنتاج المحلي وخفض الاعتماد على الاستيراد، إذ يمكنه استعادة 79% من احتياطياته المفقودة بعد إصلاح التلفيات.
حقل السويدية
يُعد حقل السويدية في مدينة المالكية بمحافظة الحسكة السورية واحدًا من أكبر وأهم حقول النفط في سوريا، إذ شكّل نحو ثلث إنتاج البلاد من النفط الخام قبل الحرب في 2011.
واكتُشف الحقل عام 1958 وبدأ تطويره عام 1962، إلا أن إنتاجه تراجع بصورة كبيرة بسبب الحرب السورية والهجمات العسكرية، لا سيما الضربة التركية في أكتوبر/تشرين الأول 2023 التي استهدفت منشآته.
كما يُعد الحقل ركيزةً لتأمين احتياجات سوريا من الطاقة وإعادة بناء قطاع النفط، إلا أن استعادة إمكاناته الإنتاجية تتطلّب استثمارات كبيرة وجهودًا لإعادة الإعمار، إذ يمكنه مواصلة الإنتاج حتى عام 2055، إذا أُعيد تأهيله بالكامل.
كان حقل السويدية ينتج 116 ألف برميل يوميًا قبل 2011، لكنه انخفض إلى أقل من 7 آلاف برميل يوميًا في 2023.
وتشير تقديرات غير رسمية إلى أن احتياطيات حقل السويدية تبلغ 248.5 مليون برميل، مع إمكان استعادة 69% منها، بحسب موسوعة الطاقة بمنصة الطاقة المتخصصة، ويضم حقل السويدية آبارًا للنفط والغاز الطبيعي ومحطات تكرير ومعالجة الغاز، بالإضافة إلى محطة حرارية.
اضف تعليق