وكل هذه الشجاعة والاقدام اساسها نزاهة الضمير وبياض اليد، فجعلته اقوى من الطغاة، لذلك لا نعجب لتخاذل من يتحكم بالقرار العربي او المحلي، لانهم لا يملكون الشجاعة بسبب انعدام نزاهتهم، فهم اصبحوا عبيد الكراسي واسرى لنزواتهم، حتى بعض من تباكى من اهل ملته ومذهبه سواء في العراق...

منذ سنوات عديدة والجنوب اللبناني موطن الشجعان المتصدين للاحتلال الصهيوني، وكان عنوان الفخر الذي ينشده شباب لبنان والعرب والعالم الحر، فيه أعلن اول انتصار حقيقي على الكيان الصهيوني، وفيه اول تحرير لأرض عربية بالقوة وليس بالمداهنة والترضية السياسية، والقوة كانت قوة المبدأ والايمان بالقضية، الا ان هذه العناوين التي يفخر بها كل طالب حق، كان لها عنوان يوحدها في التسامي ويقودها في ساحات الوغى، واقترن هذا العنوان باسم الشهيد السيد حسن نصرالله، حتى تُوِجَ بأسمى صور الفخر وهي الشهادة في سواح القتال.

وانا اراقب وسائل الاعلام ووسائل التواصل الاجتماعي وفيها ردود الأفعال بين متأسف ومتأثر وحزين وبين متشفٍ وشامت، يراقص الصهيوني فرحا وطربا ويشاركه الاعراض في فرحه، لكن كل هؤلاء يجمعهم مشترك واحد، ان الشهيد كان عنوان البطولة وسيبقى رمز الشرف الوطني قبل الديني والمذهبي.

وعند التأمل في هذه الشخصية التي شغلت الدنيا بثباتها وقوة باسها، نجد انها تميزت عن غيرها ممن اشتغل في مضمار القيادة الإدارية او العسكرية في محيطنا العربي، حيث لم تظهر على الشهيد السعيد أي مظاهر للبذخ والثراء الفاحش، ولم يحرص على ان يميز اهله وخواصه بالمال والثروة، وانما على خلاف ذلك اختص اهله دون سواهم بوسام الشهادة عندما قدم ولده الشهيد وهو في ريعان شبابه شهيداً من اجل عقيدته وقضيته. 

وهذا منهج نبوي اختطه الرسول الكريم (ص) عندما اختص اهله في ذهابه لمباهلة نصارى نجران، فانه لم يأخذ سوى ال بيته الكرام، لان في المباهلة لعنةً تحل على من يكذب، فأبى الا ان يختص باهله في مقابلة الضرر ايمانا منه بقضيته، ولم يكن يسعى لان يضحي بغيرهم من اتباعه، ثم سار بعده الامام الحسين (ع) عندما سار بركبه الى كربلاء ومعه اهله وخاصيته ليقدمهم قرباناً في محراب الحق من اجل نصرة دين محمد (ص) فهو واثق ان النصر حليفه حتى وان ضحى باهله وخاصته، وفعلا انتصر الحسين وانتصر الإسلام بتضحياته.

والشهيد السعيد (نصرالله) كان ايضاً قد اختص اهله بوسام الشهادة والتضحية، ولم يخصهم بأموال وجنسيات اجنبية واراضي وثروات في بلدان اوربية او خليجية ولم يميزهم عن أهلهم في الجنوب، لأنه مؤمن ان سبيل الحق لا يستقيم الا بتضحياته هو وأهله وخاصته، وان جمهوره لن يقبل منه الامر بالقتال ان لم يقدم اهله وخاصته، فكان لهذا المنهج سبباً في انتصار قضيته، والنصر حليف اهل الحق بعون الله تعالى.

وكل هذه الشجاعة والاقدام اساسها نزاهة الضمير وبياض اليد، فجعلته اقوى من الطغاة، لذلك لا نعجب لتخاذل من يتحكم بالقرار العربي او المحلي، لانهم لا يملكون الشجاعة بسبب انعدام نزاهتهم، فهم اصبحوا عبيد الكراسي واسرى لنزواتهم، حتى بعض من تباكى من اهل ملته ومذهبه سواء في العراق او خارجه، فانهم يخشون على ثرواتهم التي اكتنزوها من السحت الحرام، ومن استغلال نفوذهم في تقلد مناصبهم بعناوين القيادة فيها، بل انهم لا يظهرون قوتهم الا على من يحارب فسادهم وعلى من يشير اليه ولو من بعيد، فيسلطون كل إمكانيات سلطانهم التي يملكون القرار فيها للتنكيل والتكميم.

وأكرر القول ان النزاهةَ شجاعةٌ تًخلِدً صاحبها ومثالها ومثلها الأعلى الشهيد السعيد حسن نصرالله

* قاضٍ متقاعد

اضف تعليق