تمضي معنويات تجار النفط العالميين في مسار هبوطي حادّ، دفعهم في الأيام القليلة الماضية إلى الاستمرار في بيع العقود الآجلة وعقود الخيارات؛ ما يفتح باب التوقعات بشأن مزيد من جولات الخفض الطوعي للإنتاج النفطي من قبل بعض المنتجين الرؤساء في تحالف أوبك+...
بقلم: محمد عبد السند
تمضي معنويات تجار النفط العالميين في مسار هبوطي حادّ، دفعهم في الأيام القليلة الماضية إلى الاستمرار في بيع العقود الآجلة وعقود الخيارات؛ ما يفتح باب التوقعات بشأن مزيد من جولات الخفض الطوعي للإنتاج النفطي من قبل بعض المنتجين الرؤساء في تحالف أوبك+.
وكشفت المملكة العربية السعودية مؤخرًا نيّتها مواصلة الخفض التطوعي، البالغ مليون برميل يوميًّا، والذي بدأ سريانه في شهر يوليو/ تموز (2023)، قبل تمديده لاحقًا حتى نهاية شهر ديسمبر من العام نفسه، وفق تقارير طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتؤكد الرياض أن هذا الخفض التطوعي الإضافي يأتي –في المقام الأول- ضمن إطار الجهود الاحترازية التي يبذلها الأعضاء في تحالف أوبك+ لدعم استقرار أسواق النفط وتوازنها.
وفي هذا المسار، واصل تجّار النفط بيع عقودهم الآجلة وعقود الخيارات النفطية في الأسبوع الماضي؛ إذ لامست المعنويات أدنى مستوياتها منذ أواسط العام الجاري (2023)، قبل أن تعزز المملكة العربية السعودية وبعض شركائها في تحالف أوبك+ جولات الخفض الطوعي لإنتاج الخام، وفق ما أوردته وكالة رويترز.
ويشير مصطلح العقود المستقبلية إلى تلك العملية التي يُنفَّذ فيها العقد فقط في التاريخ المحدد مسبقًا، وهو تاريخ الاستحقاق، في حين إنه في عقود الخيارات يمكن تنفيذ العقد في أيّ وقت قبل انتهاء التاريخ المتفق عليه.
كما تتطلب عقود الخيارات دفع قسط للتأمين، لكن في العقود المستقبلية لا يكون هناك دفع مسبق، بغضّ النظر عن العمولة المدفوعة.
وباع تجّار النفط، ممثلين في صناديق التحوط وبعض مديري الأموال الآخرين، ما يعادل 57 مليون برميل في أهم 6 عقود آجلة وعقود خيارات على مدار الأيام الـ7 المنتهية في 7 نوفمبر/تشرين الثاني (2023).
هيمنة مديري الأموال
هيمن تجّار النفط، وتحديدًا مديرو الأموال، على عمليات البيع في 5 من الأسابيع الـ6 الأخيرة، لتنخفض مراكزهم مجتمعةً بإجمالي 331 مليون برميل منذ 19 سبتمبر/أيلول (2023).
وقد انخفض المركز المجمع لمديري الأموال إلى 349 مليون برميل، من 680 مليون برميل خلال الأسابيع الـ6 السابقة.
ويقلّ هذا قليلًا عن التراجع الأخير البالغ 282 مليون برميل في نهاية يونيو/حزيران (2023)، قبل أن تمدد السعودية وشركاؤها في أوبك+ الخفض الطوعي لإنتاج النفط من بداية يوليو/تموز (2023).
وقد تلاشت المعنويات الإيجابية التي سادت السوق في الربع الثالث من عام 2023، خلال المدة من أكتوبر/تشرين الأول إلى نوفمبر/تشرين الثاني (2023).
واستمرارًا للنمط السائد في الأسابيع السابقة، تركزت مبيعات تجّار النفط، ممثلين في صناديق التحوط الأسبوع الماضي في الخام (سالب 52 مليون برميل)، مع مبيعات متكافئة –تقريبًا- لخام نايمكس NYMEX، في حين لامست المبيعات في خام غرب تكساس الوسيط سالب 28 مليون برميل، مقابل سالب 24 مليون برميل في مزيج خام برنت القياسي العالمي.
مسار هبوطي
صار المسار هبوطيًا في خام غرب تكساس الوسيط، على وجه الخصوص؛ إذ هبط المركز في كل من خامَي نايمكس وغرب تكساس الوسيط إلى 90 مليون برميل، انخفاضًا من 286 مليون برميل في نهاية سبتمبر/أيلول (2023).
وقد تزامن الخفض في خام غرب تكساس الوسيط مع استقرار مخزونات الخام حول نقطة تسليم خام نايمكس في كوشينغ في أوكلاهوما (مركز تسليم العقود الآجلة للنفط في بورصة نيويورك التجارية) وتخفيف التراجع الشديد في فروق الأسعار القريبة.
وُيعدّ الصعود الحادّ في فروق الأسعار وانهيارها سمة من سمات نهاية الضغط الواقع على الإمدادات القابلة للتسليم، وفق معلومات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
ومع انتهاء الضغط على ما يبدو، أصبح مديرو الصناديق أكثر تشاؤمًا بخصوص أسعار خام غرب تكساس الوسيط.
وارتفعت المراكز الهبوطية قصيرة الأجل بعقد خام غرب تكساس الوسيط الرئيس في بورصة نيويورك إلى 96 ملايين برميل في 7 نوفمبر/تشرين الثاني (2023) من 20 مليونًا فقط في بداية أكتوبر/تشرين الأول (2023).
وزاد عدد المراكز الهبوطية طويلة الأجل على عدد المراكز الصعودية قصيرة الأجل بنسبة 1: 6.15 فقط في الأسبوع الماضي، انخفاضًا من 6.15: 1 في بداية أكتوبر/تشرين الأول (2023).
خفض الإنتاج النفطي
قاد تركّز المراكز قصيرة الأجل إلى رفع احتمال حصول تغيير حادّ في توجهات الأسعار النزولية السابقة، عندما تحقق الصناديق أرباحها، وفق تقارير رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
كما أسهم هذا في تعميق المخاطر التي من المحتمل أن تَنجُم جراء أيّ خطوات يتخذها تحالف أوبك+ لرفع الأسعار و/أو تجدد الضغوط على المخزونات القابلة للتسليم في كوشينغ.
ويتوقع معظم التجّار أن تمدد السعودية وروسيا وحلفاؤهما في أوبك+ الخفض الحالي في الإنتاج النفطي من نهاية ديسمبر/كانون الأول (2023) إلى نهاية مارس/آذار (2024).
الغاز الطبيعي الأميركي
يكافح تجّار النفط، وتحديدًا مستثمرو الحافظات، من أجل تعزيز تفاؤلهم إزاء آفاق أسعار الغاز في الولايات المتحدة الأميركية بمواجهة الإنتاج القياسي لتلك السلعة الإستراتيجية، والبداية المعتدلة لموسم التدفئة في فصل الشتاء.
وباع تجّار النفط، من صناديق التحوط وغيرها من مديري الأموال الأخرين، 380 مليار قدم مكعبة من الغاز الطبيعي خلال الأيام الـ7 المنتهية في 7 نوفمبر/تشرين الثاني (20
ولم يُقدم مديرو الصناديق أبدًا على الشراء أو حتى البيع لأكثر من أسبوعين متتاليين منذ 11 يوليو/تموز (2023) قبل أن يعكسوا هذا المسار.
وبناءً عليه، فإن صافي المركز البالغ 563 مليار قدم مكعبة في 7 نوفمبر/تشرين الثاني (2023) لم يكن مختلفًا كثيرًا عن المركز البالغ 743 مليار قدم مكعبة في 11 يوليو/تموز (2023).
وجاءت أسعار العقود الآجلة للأشهر الأولى منخفضة للغاية من حيث القيمة الحقيقية؛ مما يعني –ضمنًا- أنّ توازن المخاطر يمضي في مسار صعودي.
اضف تعليق