أزمة كوفيد19 جعلت أيضاً أوجه عدم المساواة الموجودة من قبل أسوأ لأنها أضرت بالعمال الضعفاء بشدة. والافتقار واسع النطاق إلى الحماية الاجتماعية على سبيل المثال بين العاملين في القطاع غير المنظم البالغ عددهم ملياري عامل في العالم يعني أن تعطل العمل المرتبط بالوباء كان له عواقب كارثية...
يشير تقييم جديد أجرته منظمة العمل الدولية إلى أن أزمة سوق العمل الناجمة عن كوفيد-19 لم تنته بعد، ولن يكون نمو فرص العمل كافياً لتعويض ما لحق به من خسائر حتى عام 2023 على أقل تقدير
ويتوقع تقرير المنظمة الذي يحمل عنوان "الاستخدام والآفاق الاجتماعية في العالم: اتجاهات 2021" بأن "فجوة فرص العمل" الناجمة عن الأزمة العالمية ستصل إلى 75 مليون فرصة في عام 2021 قبل أن تتراجع إلى 23 مليون فرصة عمل في عام 2022. وتبلغ الفجوة ذات الصلة في ساعات العمل والتي تشمل الفجوة في فرص العمل وتلك المتعلقة بانخفاض عدد ساعات العمل ما يعادل 100 مليون وظيفة بدوام كامل في عام 2021 و26 مليون وظيفة بدوام كامل في عام 2022. ويأتي هذا النقص في فرص العمل وساعات العمل ليضيف إلى المستويات المرتفعة أصلاً وباستمرار لمعدل البطالة ونقص استخدام اليد العاملة وسوء ظروف العمل حتى قبل الأزمة.
ونتيجة لذلك، يُتوقع أن يصل معدل البطالة العالمي إلى 205 ملايين شخص في عام 2022، متجاوزاً إلى حد كبير مستوى الـ 187 مليون شخص المسجل في عام 2019. وهذا يعني أن معدل البطالة يبلغ 5.7 في المائة. وباستثناء فترة أزمة كوفيد-19، كان آخر مرة يصل فيها معدل البطالة إلى هذه النسبة في عام 2013.
وأكثر المناطق تضرراً في النصف الأول من عام 2021 هي أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي وأوروبا وآسيا الوسطى. فقد تجاوزت الخسائر التقديرية في ساعات العمل ضمن هذه المناطق 8 في المائة في الربع الأول و6 في المائة في الربع الثاني، مقارنة بالنسبة العالمية البالغة 4.8 و 4.4 في المائة في الربعين الأول والثاني على التوالي.
ويُتوقع أن يتسارع انتعاش فرص العمل على الصعيد العالمي في النصف الثاني من عام 2021، شريطة ألا يتفاقم الوباء. غير أن هذا سيكون متفاوتاً نظراً لعدم المساواة في الحصول على اللقاح والقدرة المحدودة لمعظم الاقتصادات النامية والناشئة على دعم تدابير التحفيز المالي القوية. كما يُرجح أن تتدهور نوعية فرص العمل المنشأة حديثاً في تلك البلدان.
وقد تُرجم تراجع فرص العمل وساعات العمل إلى انخفاض حاد في الدخل الناتج عن العمل وإلى ارتفاع مقابل في معدلات الفقر. وبالمقارنة مع عام 2019، يُصنَّف الآن 108 ملايين عامل إضافي في جميع أنحاء العالم على أنهم فقراء أو فقراء للغاية (ما يعني أنهم وأسرهم يعيشون على ما يعادل أقل من 3.20 دولار للشخص الواحد يومياً). ويقول التقرير "إن خمس سنوات من التقدم المحرز نحو القضاء على فقر العمال قد تلاشت وكأنها لم تكن"، مضيفاً أن هذا يجعل تحقيق أحد أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة والمتمثل في القضاء على الفقر بحلول عام 2030 أمراً صعب المنال.
ويخلص التقرير إلى أن أزمة كوفيد-19 جعلت أيضاً أوجه عدم المساواة الموجودة من قبل أسوأ لأنها أضرت بالعمال الضعفاء بشدة. والافتقار واسع النطاق إلى الحماية الاجتماعية – على سبيل المثال بين العاملين في القطاع غير المنظم البالغ عددهم ملياري عامل في العالم – يعني أن تعطل العمل المرتبط بالوباء كان له عواقب كارثية على دخل الأسرة وسبل عيشها.
وقد أثرت الأزمة على النساء أكثر من غيرهن. فقد انخفضت فرص عملهن بنسبة 5 في المائة في عام 2020 مقارنة بنسبة 3.9 في المائة للرجال. وخرجت نسبة أكبر من النساء من سوق العمل وأصبحن غير ناشطات. كما أفضت المسؤوليات المنزلية الإضافية الناجمة عن حالات الإغلاق بفعل الأزمة إلى خطر" إعادة إضفاء الطابع التقليدي" على أدوار الجنسين.
وعلى الصعيد العالمي، تراجعت فرص عمل الشباب بنسبة 8.7 في المائة في عام 2020 مقارنة بنسبة 3.7 في المائة للبالغين، وحدث أقصى انخفاض في البلدان متوسطة الدخل. وربما تستمر عواقب تأخر دخول الشباب إلى سوق العمل لسنوات.
وقد وُصفت آثار الوباء على آفاق سوق عمل الشباب بمزيد من التفصيل في موجز لمنظمة العمل الدولية نُشر جنباً إلى جنب مع تقريرها. كما أن المستجدات المتعلقة بآثار أزمة كوفيد-19 على سوق عمل الشباب تبين أن الفجوات بين الجنسين في هذه الأسواق باتت أوضح.
ويقول غاي رايد المدير العام لمنظمة العمل الدولية: "ليس التعافي من كوفيد-19 مجرد مسألة تتعلق بالصحة، بل ينبغي أيضاً التغلب على ما لحق بالاقتصادات والمجتمعات من أضرار جسيمة. فدون بذل جهود فعلية للتعجيل بخلق فرص عمل لائقة ودعم أضعف أفراد المجتمع وإنعاش أشد القطاعات الاقتصادية تضرراً، يمكن أن تستمر آثار الوباء سنوات وتفضي إلى ضياع الإمكانات البشرية والاقتصادية وارتفاع معدلات الفقر وعدم المساواة. ونحن بحاجة إلى استراتيجية شاملة ومتناسقة تقوم على سياسات محورها الإنسان وتستند إلى العمل والتمويل. فلا يمكن أن يحدث انتعاش حقيقي دون استعادة فرص العمل اللائقة".
بالإضافة إلى بحث أمر الخسائر المباشرة في ساعات العمل وفرص العمل والنمو الضائع في فرص العمل، يحدد التقرير استراتيجية للإنعاش تستند إلى أربعة مبادئ هي: تعزيز النمو الاقتصادي واسع النطاق وإيجاد فرص عمل منتجة، ودعم دخل الأسرة وعملية دخول سوق العمل، وتقوية الأسس المؤسسية اللازمة لتحقيق نمو اقتصادي وتنمية شاملين ومستدامين وقادرين على مواجهة الأزمات، واستخدام الحوار الاجتماعي لوضع استراتيجيات للإنعاش محورها الإنسان.
ﻧﻤﻮ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ اﻟﻀﺎﺋﻊ
وﻋﻨﺪ اﻟﺘﻄﻠﻊ إﱃ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ، ﺳﻴﻜﻮن ﻧﻤﻮ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ اﻟﻤﺘﻮﻗﻊ ﻏﻴﺮ ﻛﺎفٍ ﻟﺴﺪ اﻟﺜﻐﺮات اﻟﺘﻲ ﻓﺘﺤﺘﻬﺎ اﻷزﻣﺔ. وﻣﻦ اﻟﻤﻨﺘﻈﺮ أن ﺗﺒﺪأ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻻﻧﺘﻌﺎش اﻻﻗﺘﺼﺎدي ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺘﻜﺎﻓﺊ ﻋﲆ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ اﻋﺘﺒﺎًرا ﻣﻦ اﻟﻨﺼﻒ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻋﺎم 2021 ﻓﺼﺎﻋﺪا – ﻣﺪﻓﻮﻋﺔ ﺑﺎﻟﺘﻘﺪم اﻟﻤﺤﺮز ﻓﻲ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺘﻄﻌﻴﻢ واﻹﻧﻔﺎق اﻟﻤﺎﻟﻲ واﺳﻊ اﻟﻨﻄﺎق. وﺳﺘﻈﻞ هذه اﻵﺛﺎر اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﻣﺤﺪودة ﻓﻲ ﻧﻄﺎﻗﻬﺎ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻲ ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﺘﺨﺬ إﺟﺮاءات ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ دوﻟﻴﺔ ﻣﺘﻀﺎﻓﺮة ﺑﺸﺄن ﺗﻮزﻳﻊ اﻟﻠﻘﺎﺣﺎت واﻟﺪﻋﻢ اﻟﻤﺎﻟﻲ ﻋﲆ اﻟﺴﻮاء، ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺗﺨﻔﻴﻒ ﻋﺐء اﻟﺪﻳﻮن. وﻣﻦ اﻟﻤﺮﺗﻘﺐ أن ﻳﺆدي اﻻﻧﺘﻌﺎش، ﻋﲆ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ، إﱃ اﺳﺘﺤﺪاث ﺻﺎفٍ ﻓﻲ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﻗﺪره 100 ﻣﻠﻴﻮن وﻇﻴﻔﺔ ﻓﻲ ﻋﺎم 2021 و80 ﻣﻠﻴﻮن وﻇﻴﻔﺔ إﺿﺎﻓﻴﺔ ﻓﻲ ﻋﺎم .2022 وﻣﻊ ذﻟﻚ، ﺳﻴﻈﻞ ﻣﻌﺪل اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ اﻟﻤﺘﻮﻗﻊ ﻓﻲ ﻋﺎم 2021 أﻗﻞ ﻣﻦ ﻣﺴﺘﻮاه ﻗﺒﻞ اﻷزﻣﺔ. ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ذﻟﻚ، ُﻳﺤﺘﻤﻞ أن ﻳﻘﻞ ﻋﺪد اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﻋﻤﺎ ﻛﺎنُ ﻳﻤﻜﻦ اﺳﺘﺤﺪاﺛﻪ ﻣﻨﻬﺎ ﻟﻮﻻ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﺠﺎﺋﺤﺔ.
وﻣﻊ ﻣﺮاﻋﺎة ﻧﻤﻮ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ اﻟﻀﺎﺋﻊ، ُﻳﺘﻮﻗﻊ أن ﻳﺒﻠﻎ اﻟﻨﻘﺺ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻓﻲ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻷزﻣﺔ 75 ﻣﻠﻴﻮن وﻇﻴﻔﺔ ﻓﻲ ﻋﺎم 2021 و23 ﻣﻠﻴﻮن وﻇﻴﻔﺔ ﻓﻲ ﻋﺎم 2022 (اﻧﻈﺮ اﻟﺸﻜﻞ أدﻧﺎه). وﻳﺒﻠﻎ اﻟﻨﻘﺺ اﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﻓﻲ ﺳﺎﻋﺎت اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﻋﺎم 2021 ﻧﺴﺒﺔ 3.5 ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺋﺔ – أي ﻣﺎ ﻳﻌﺎدل 100 ﻣﻠﻴﻮن وﻇﻴﻔﺔ ﺑﺪوام ﻛﺎﻣﻞ. وُﻳﻔﱢﺴﺮ ﺗﻘﺪم ﺣﻤﻼت اﻟﺘﻄﻌﻴﻢ ﺑﻮﺗﻴﺮة أﺑﻄﺄ ﻣﻤﺎ ﻛﺎن ﻣﺘﻮﻗﻌًﺎ، ﺑﺎﻻﻗﺘﺮان ﺑﻌﻮدة اﻧﺘﺸﺎر اﻟﺠﺎﺋﺤﺔ ﻓﻲ أواﺋﻞ ﻋﺎم 2021، ﻣﺮاﺟﻌﺔ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺪوﻟﻴﺔ اﻟﻨﺰوﻟﻴﺔ ﻟﻼﻧﺘﻌﺎش ﻣﻦ ﺧﺴﺎﺋﺮ ﺳﺎﻋﺎت اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻨﺴﺒﺔ 0.5 ﻧﻘﻄﺔ ﻣﺌﻮﻳﺔ ﻣﻨﺬ ﺻﺪور اﻟﻌﺪد اﻟﺴﺎﺑﻊ ﻣﻦ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣﺮﺻﺪ ﻣﻨﻈﻤﺔاﻟﻌﻤﻞاﻟﺪوﻟﻴﺔ: ﻛﻮﻓﻴﺪ-19 وﻋﺎﻟﻢاﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ أواﺧﺮ ﻛﺎﻧﻮن اﻟﺜﺎﻧﻲ (ﻳﻨﺎﻳﺮ) .2021 وﺗﺸﻴﺮ اﻟﺘﻮﻗﻌﺎت اﻟﺠﺪﻳﺪة إﱃ أن 10 ﻣﻼﻳﻴﻦ وﻇﻴﻔﺔ إﺿﺎﻓﻴﺔ ﻣﺘﻜﺎﻓﺌﺔ ﺑﺪوام ﻛﺎﻣﻞ ﺗﻈﻞ ﻣﻔﻘﻮدة ﻓﻲ ﻋﺎم 2021 ﻟﻴﺼﺒﺢ اﻟﻤﺠﻤﻮع 100 ﻣﻠﻴﻮن وﻇﻴﻔﺔ ﻣﻔﻘﻮدة، ﺑﺎﻟﻤﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ 90 ﻣﻠﻴﻮن ﻗﺒﻞ اﻟﻤﺮاﺟﻌﺔ.
وﺳﻴﻜﻮن ﻧﻤﻮ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ اﻟﻤﺘﻮﻗﻊ أﺿﻌﻒ ﻣﻦ أن ﻳﻮﻓﺮ ﻓﺮص ﻋﻤﻞ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻷﺷﺨﺎص اﻟﺬﻳﻦ أﺻﺒﺤﻮا ﻏﻴﺮ ﻧﺸﻄﻴﻦ أو ﻋﺎﻃﻠﻴﻦ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ أﺛﻨﺎء اﻟﺠﺎﺋﺤﺔ وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻔﺌﺎت اﻷﺻﻐﺮ ﺳﻨًﺎ اﻟﻮاﻓﺪة إﱃ ﺳﻮق اﻟﻌﻤﻞ، اﻟﺘﻲ ﻋﺎﻧﺖ ﻣﻦ ﺣﺎﻻت ﺗﻌﻄﻴﻞ ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ ﺗﻌﻠﻴﻤﻬﺎ وﺗﺪرﻳﺒﻬﺎ. وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﺬﻟﻚ، ﺳﻴﻨﻀﻢ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻌﻤﺎل ﻏﻴﺮ اﻟﻨﺸﻄﻴﻦ ﻓﻲ اﻟﺴﺎﺑﻖ إﱃ اﻟﻘﻮى اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﻟﻜﻨﻬﻢ ﻟﻦ ﻳﺘﻤﻜﻨﻮا ﻣﻦ اﻟﻌﺜﻮر ﻋﲆ ﻓﺮص ﻋﻤﻞ. وﻣﻦ اﻟﻤﺘﻮﻗﻊ أن ﻳﺘﺴﺒﺐ ﻫﺬا ﻓﻲ زﻳﺎدة ﻣﻄﺮدة وﻣﻠﺤﻮﻇﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ: ﻣﻦ 187 ﻣﻠﻴﻮن ﺷﺨﺺ ﻓﻲ ﻋﺎم 2019 إﱃ 220 ﻣﻠﻴﻮن ﺷﺨﺺ ﻓﻲ ﻋﺎم 2020، و220 ﻣﻠﻴﻮن ﺷﺨﺺ ﻓﻲ ﻋﺎم 2021 و205 ﻣﻼﻳﻴﻦ ﺷﺨﺺ ﻓﻲ ﻋﺎم .2022 وﻗﺪ ﺳﺠﻞ ﻣﻌﺪل اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ اﻟﻤﺘﻮﻗﻊ ﺑﻨﺴﺒﺔ 5.7 ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺋﺔ ﻟﻌﺎم 2022 آﺧﺮ ﻣﺮة، ﻗﺒﻞ أزﻣﺔ ﻛﻮﻓﻴﺪ-19، ﻓﻲ ﻋﺎم .2013 وﻋﲆ اﻟﻨﻘﻴﺾ ﻣﻦ اﻟﻮﺿﻊ اﻟﺬي ﻛﺎن ﺳﺎﺋﺪا ﺧﻼل ﺗﻠﻚ اﻟﺴﻨﺔ،ُ ﻳﺘﻮﻗﻊ أن ﺗﺮﺗﻔﻊ اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪان أﻳًﺎ ﻛﺎن ﻣﺴﺘﻮى دﺧﻠﻬﺎ ﻓﻲ ﻋﺎم 2022، ﺣﻴﺚ ﻳﻜﻮن اﻟﻀﺮر أﺷﺪ وﻃﺄة ﻋﲆ اﻟﺒﻠﺪان ذات اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ.
اللامساواة الجغرافية
واﻟﻮاﻗﻊ أن اﻟﺒﻠﺪان ذات اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻤﺮﺗﻔﻊ ﺳﺘﺸﻬﺪ اﻧﺘﻌﺎﺷًﺎ أﺳﺮع ﻧﺴﺒﻴًﺎ. وﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪان ذات اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻤﻨﺨﻔﺾ واﻟﻤﺘﻮﺳﻂ، ﺳﺘﺆدي ﻗﺪرة هذه اﻟﺒﻠﺪان اﻟﻤﺤﺪودة ﻋﲆ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ اﻟﻠﻘﺎﺣﺎت وزﻳﺎدة اﻟﻘﻴﻮد اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ ﻋﲆ اﻹﻧﻔﺎق اﻟﻤﺎﻟﻲ إﱃ ﻛﺒﺢ ﻓﺮص اﻧﺘﻌﺎش اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ. وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ، ﻟﻢ ﻳﻜﻦ أﻣﺎم اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ هذه اﻟﺒﻠﺪان ﻣﻦ ﺧﻴﺎر ﺳﻮى رﻓﻊ ﺗﺪاﺑﻴﺮ إﻏﻼق أﻣﺎﻛﻦ اﻟﻌﻤﻞ ﻓﻲ وﻗﺖ ﻣﺒﻜﺮ، ذﻟﻚ أن اﻟﻌﺠﺰ اﻟﻌﺎم وﻣﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﺪﻳﻮن وارﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪﻻت اﻟﻔﻘﺮ ﺟﻌﻞ ﻣﻦ اﻟﺼﻌﺐ ﻋﻠﻴﻬﺎ اﻹﺑﻘﺎء ﻋﲆ ﻋﻤﻠﻴﺎت اﻹﻏﻼق ﻟﻔﺘﺮات ﻃﻮﻳﻠﺔ.
وﻣﻤﺎ ﻳﺰﻳﺪ اﻟﻄﻴﻦ ﺑﻠﺔ أﻧﻪُﻳﺘﻮﻗﻊ أن ﺗﻜﻮن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻟﻤﺴﺘﺤﺪﺛﺔ ﺣﺪﻳﺜًﺎ ﻣﺘﺪﻧﻴﺔ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ وردﻳﺌﺔ اﻟﻨﻮﻋﻴﺔ. وﻣﻦ اﻟﻤﺮﺗﻘﺐ أن ﻳﻨﺨﻔﺾ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻣﻌﺪل ﻧﻤﻮ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻴﻦ ﻋﺎﻣﻲ 2019 و2022 إﱃ ﻣﺎ دون ﻣﻌﺪل ﻣﺎ ﻗﺒﻞ اﻷزﻣﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺒﻠﺪان ﻣﺎ ﻋﺪا اﻟﺒﻠﺪان ذات اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻤﺮﺗﻔﻊ. وﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻠﻨﻤﻮ اﻟﻤﻨﺨﻔﺾ ﻓﻲ اﻟﻨﺎﺗﺞ اﻟﻤﺤﻠﻲ اﻹﺟﻤﺎﻟﻲ واﻟﺰﻳﺎدة اﻟﻘﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﻋﺪد اﻟﺴﻜﺎن ﻓﻲ ﺳﻦ اﻟﻌﻤﻞ، ﺳﺘﺸﺘﺪ ﺣﺪة اﻻﻓﺘﻘﺎر إﱃ ﻓﺮص اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ اﻟﻤﻨﺘﺠﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻠﺪان ذات اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻤﻨﺨﻔﺾ. وﻣﻦ اﻟﻤﺘﻮﻗﻊ أن ﻳﻨﺨﻔﺾ ﻣﺘﻮﺳﻂ ﻧﻤﻮ إﻧﺘﺎﺟﻴﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺴﻨﻮي ﻓﻲ هذه اﻟﺒﻠﺪان ﻣﻦ ﻧﺴﺒﺔ 0.9 ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺋﺔ اﻟﻀﺌﻴﻠﺔ أﺻﻼً ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻔﺘﺮة 2019-2016 إﱃ ﻣﻌﺪل ﺳﻠﺒﻲ ﻗﺪره 1.1 – ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺋﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻔﺘﺮة .2022-2019 وﻫﺬا اﻟﺘﻄﻮر اﻟﻤﺜﻴﺮ ﻳﺠﻌﻞ ﻫﺪف اﻟﻘﻀﺎء ﻋﲆ اﻟﻔﻘﺮ ﺑﺤﻠﻮل ﻋﺎم 2030 أﺑﻌﺪ ﻣﻨﺎﻻً.
اﻟﻌﻤﻞ ﻟﻠﺤﺴﺎب اﻟﺨﺎص
ﻛﻤﺎ أن اﻟﺘﺤﻮل ﻧﺤﻮ اﻟﻌﻤﻞ ﻟﻠﺤﺴﺎب اﻟﺨﺎص –اﻟﺬي ﻳﺘﺴﻢ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻨﺎﺳﺐ ﺑﺎﻧﺨﻔﺎض اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ واﻟﻌﻤﻞ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻨﻈﻢ– ﻳﻤﺜﻞ ﻋﻼﻣﺔ أﺧﺮى ﻋﲆ ﺗﺪﻫﻮر ﻧﻮﻋﻴﺔ اﻟﻌﻤﻞ. وﻓﻲ 14 ﺑﻠﺪًا ﻣﻦ اﻟﺒﻠﺪان ذات اﻟﺪﺧﻞ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﺑﺸﺄﻧﻬﺎ ﺑﻴﺎﻧﺎت، اﻧﺨﻔﺾ ﻣﻌﺪل اﻟﻌﻤﻞ ﻟﻠﺤﺴﺎب اﻟﺨﺎص ﺑﻮﺗﻴﺮة أﻗﻞ ﻓﻲ اﻟﺮﺑﻊ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻋﺎم 2020 ﺑﺎﻟﻤﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﺑﺄﺟﺮ أو راﺗﺐ. وﻋﻨﺪﻣﺎ اﻧﺘﻌﺸﺖ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ ﻓﻲ اﻟﺮﺑﻊ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﻋﺎم 2020، ارﺗﻔﻊ ﻣﻌﺪل اﻟﻌﻤﻞ ﻟﻠﺤﺴﺎب اﻟﺨﺎص ﻣﺮة أﺧﺮى ارﺗﻔﺎﻋًﺎ ﻗﻮﻳًﺎ. وُﻗﺪرت ﺣﺎﻻت ﻓﻘﺪان اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﻓﻲ ﺻﻔﻮف اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﻴﻦ ﺑﺄﺟﺮ أو راﺗﺐ ﻋﲆ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻓﻲ ﻋﺎم 2020 ﺑﻤﻘﺪار ﺿﻌﻒ اﻟﺨﺴﺎﺋﺮ اﻟﻤﺴﺠﻠﺔ ﻓﻲ ﺻﻔﻮف اﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﻟﺤﺴﺎﺑﻬﻢ اﻟﺨﺎص، ﻣﻤﺎ ﺗﺴﺒﺐ ﻓﻲ ﺣﺪوث ﺗﺤﻮل ﻓﻲ ﻫﻴﻜﻠﻴﺔ اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ.
ﻟﻘﺪ أﻋﻠﻨﺖ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺸﺂت، ﻻ ﺳﻴﻤﺎ اﻟﻤﻨﺸﺂت اﻟﺼﻐﻴﺮة وﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺼﻐﺮ، ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ إﻓﻼﺳﻬﺎ أو ﺑﺎﺗﺖ ﺗﻮاﺟﻪ ﻣﺴﺘﻘﺒﻼً ﻳﺸﻮﺑﻪ اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻧﻌﺪام اﻟﻴﻘﻴﻦ، ﻣﻊ ﻣﺎ ﻳﺘﺮﺗﺐ ﻋﲆ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﻋﻮاﻗﺐ ﺳﻠﺒﻴﺔ ﻋﲆ إﻧﺘﺎﺟﻴﺘﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ وﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﲆ اﺳﺘﺒﻘﺎء اﻟﻌﻤﺎل. واﻟﻤﺸﻜﻠﺔ أدﻫﻰ ﻓﻲ ﻗﻄﺎﻋﺎت اﻟﻨﺸﺎط اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻀﺮرا ﻣﻦ اﻷزﻣﺔ، وﻫﻲ ﻗﻄﺎﻋﺎت اﻟﺴﻜﻦ وﺧﺪﻣﺎت اﻟﻄﻌﺎم وﺗﺠﺎرة اﻟﺠﻤﻠﺔ واﻟﺘﺠﺰﺋﺔ واﻟﺒﻨﺎء واﻟﺘﺼﻨﻴﻊ، وﻓﻲ اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻤﺎرس ﻓﻴﻬﺎ اﻟﻤﻨﺸﺂت اﻟﺼﻐﻴﺮة أﻋﻤﺎﻟﻬﺎ ﺑﺄﻋﺪاد ﻛﺒﻴﺮة.
وﻳﻘﻞ اﺣﺘﻤﺎل اﻣﺘﻼك هذه اﻟﻤﻨﺸﺂت ﻟﻠﻤﻮارد اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ اﻟﻼزﻣﺔ ﻟﺘﺤﻤﻞ ﺣﺎﻻت اﻟﺘﻌﻄﻴﻞ اﻟﻤﻄﻮﻟﺔ ﻟﻌﻤﻠﻴﺎﺗﻬﺎ اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ. وﻗﺪ أﺻﺒﺤﺖ اﻟﻤﻨﺸﺂت اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻮﻗﻒ ﻧﺸﺎﻃﻬﺎ ﻣﺜﻘﻠﺔ ﺑﻤﺴﺘﻮﻳﺎت ﻋﺎﻟﻴﺔ ﻣﻦ اﻟﺪﻳﻮن اﻟﺘﻲ ﺗﻀﺮ ﺑﻨﻄﺎق اﺳﺘﺜﻤﺎراﺗﻬﺎ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ وﻧﻤﻮ اﻹﻧﺘﺎﺟﻴﺔ. ووﻓﻘًﺎ ﻟﺪراﺳﺔ اﺳﺘﻘﺼﺎﺋﻴﺔ أﺟﺮﺗﻬﺎ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﺑﺸﺄن 4 520 ﻣﻨﺸﺄة ﻓﻲ 45 ﺑﻠﺪا ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ أﻧﺤﺎء اﻟﻌﺎﻟﻢ ﻓﻲ اﻟﺮﺑﻊ اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﻋﺎم 2020، واﺟﻬﺖ ﻧﺴﺒﺔ 80 ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺸﺂت ﺑﺎﻟﻐﺔ اﻟﺼﻐﺮ وﻧﺴﺒﺔ 70 ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﺸﺮﻛﺎت اﻟﺼﻐﻴﺮة ﺻﻌﻮﺑﺎت ﻣﺎﻟﻴﺔ ﻛﺒﻴﺮة. وﺗﻌﺎﻧﻲ اﻟﻤﻨﺸﺂت ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ ﻣﻦ أﺷﺪ اﻷوﺿﺎع ﺗﺮدﻳًﺎ ﻧﻈﺮا ﻟﻌﺪم ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﲆ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ اﻟﺪﻋﻢ اﻟﺤﻜﻮﻣﻲ أو ﺧﻄﻮط اﻻﺋﺘﻤﺎن اﻟﺮﺳﻤﻴﺔ اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻜﻮﻓﻴﺪ-.19
اﻟﻘﻄﺎع ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻨﻈﻢ
ﻛﻤﺎ ﺗﻀﺮر اﻟﻌﻤﺎل ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻨﻈﻤﻴﻦ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻦ اﻷزﻣﺔ. وﻗﺪ ﻛﺎن ﻳﻌﻤﻞ ﻣﺎ ﻳﻘﺮب ﻣﻦ ﻣﻠﻴﺎري ﻋﺎﻣﻞ – أو 60.1 ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﻴﻦ ﻋﲆ اﻟﺼﻌﻴﺪ اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ – ﻓﻲ اﻟﻘﻄﺎع ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻨﻈﻢ ﻓﻲ ﻋﺎم .2019 وزاد اﺣﺘﻤﺎل ﺗﻌﺮض اﻟﻤﺴﺘﺨﺪﻣﻴﻦ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻨﻈﻤﻴﻦ ﻟﻔﻘﺪان اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﺑﻤﻘﺪار ﺛﻼث ﻣﺮات ﻋﻦ ﻧﻈﺮاﺋﻬﻢ اﻟﻤﻨﻈﻤﻴﻦ، وﺑﻨﺴﺒﺔ 1.6 ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺋﺔ ﻋﻦ اﻟﻌﺎﻣﻠﻴﻦ ﻟﺤﺴﺎﺑﻬﻢ اﻟﺨﺎص، ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻸزﻣﺔ، ﻣﻤﺎ أدى ﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ إﱃ إﺳﻬﺎﻣﻬﻢ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻮل اﻟﻤﻠﺤﻮظ ﻧﺤﻮ اﻟﻌﻤﻞ ﻟﻠﺤﺴﺎب اﻟﺨﺎص. ﻋﻼوة ﻋﲆ ذﻟﻚ، وﺑﺴﺒﺐ وﺿﻌﻬﻢ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻨﻈﻢ، ﻗﻠﺖ ﻓﺮص اﺳﺘﻔﺎدﺗﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ.
وﺑﺎﻟﻨﻈﺮ إﱃ أن اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ ﻫﺆﻻء اﻟﻌﻤﺎل ﻟﺪﻳﻬﻢ ﻣﻌﺪﻻت ادﺧﺎر ﻣﺘﺪﻧﻴﺔ، ﻓﻘﺪ زاد اﺣﺘﻤﺎل وﻗﻮﻋﻬﻢ ﻓﻲ ﺑﺮاﺛﻦ اﻟﻔﻘﺮ اﻟﺸﺪﻳﺪ. وﻗﺪ ﻳﻀﺮ وﺿﻌﻬﻢ اﻟﺴﻴﺊ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ واﻟﺘﻌﻄﻞ اﻟﺸﺪﻳﺪ ﻟﺤﻴﺎﺗﻬﻢ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻣﺴﺎراﺗﻬﻢ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﺳﻮق اﻟﻌﻤﻞ. ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ذﻟﻚ، ﻓﺈن اﻟﺘﺒﺎﻳﻨﺎت اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ اﻟﻜﺒﻴﺮة ﻓﻲ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﺴﻤﺔ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ أﺳﻬﻤﺖ ﻓﻲ اﻷﺛﺮ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﺘﻜﺎﻓﺊ اﻟﻜﺒﻴﺮ ﻷزﻣﺔ ﻛﻮﻓﻴﺪ-19 ﻣﻦ ﺑﻠﺪ إﱃ آﺧﺮ.
ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻤﻬﺎرات والعمل عن بعد
وﻋﲆ ﻏﺮار ذﻟﻚ، ﻓﺈن اﻷﺛﺮ ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻮﺣﺪ ﻟﻸزﻣﺔ ﻳﺘﻔﺎﻋﻞ ﻣﻊ ﻣﺴﺘﻮى اﻟﻤﻬﺎرات، وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲُ ﻳﻔﺎﻗﻢ أوﺟﻪ اﻧﻌﺪام اﻟﻤﺴﺎواة اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل ﻗﻨﺎة أﺧﺮى. وﻋﺎدة ﻣﺎ ﻳﻌﻤﻞ اﻟﻌﻤﺎل ذوو اﻟﻤﻬﺎرات اﻟﻌﺎﻟﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻬﻦ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﺘﻀﺮر ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ ﺣﺎﻻت ﻓﻘﺪان اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ واﻟﺘﻲ اﺳﺘﻔﺎدت ﻣﻦ ﺧﻴﺎرات اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻦ ﺑﻌﺪ. وﻗﺪ أدت اﻟﻘﺪرة ﻋﲆ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺰل ﻓﻲ اﻟﻤﻬﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻄﻠﺐ ﻣﻬﺎرات أﻋﲆ وﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻤﺘﻊ ﺑﺴﻬﻮﻟﺔ اﻟﻮﺻﻮل إﱃ اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ، إﱃ ﺗﻔﺎﻗﻢ أوﺟﻪ اﻧﻌﺪام اﻟﻤﺴﺎواة ﺑﻴﻦ ﺑﻠﺪان اﻟﺸﻤﺎل واﻟﺠﻨﻮب وﺑﻴﻦ اﻷﺳﺮ اﻟﻤﻌﻴﺸﻴﺔ ذات اﻷوﺿﺎع اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ وﺑﻴﻦ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺮﻳﻔﻴﺔ واﻟﺤﻀﺮﻳﺔ.
وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ، ﺗﺜﻴﺮ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎل إﱃ اﻟﺒﻴﺌﺔ اﻹﻟﻜﺘﺮوﻧﻴﺔ ﻣﺴﺎﺋﻞ ﺗﺘﻌﻠﻖ ﺑﻈﺮوف اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻨﺪ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺰل – ﻻ ﺳﻴﻤﺎ اﻟﺸﻮاﻏﻞ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﻄﻤﺲ اﻟﺤﺪود اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﺑﻴﻦ اﻟﻌﻤﻞ واﻟﺤﻴﺎة اﻟﺸﺨﺼﻴﺔ، وزﻳﺎدة اﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ اﻷﻃﻔﺎل. ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ذﻟﻚ،ُﻳﺤﺘﻤﻞ أن ﻳﺆدي اﻟﺘﺤﻮل إﱃ اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ اﻟﻤﻨﺰل إﱃ إﺿﻌﺎف اﻟﺘﻤﺎﺳﻚ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، ذﻟﻚ أن أﻣﺎﻛﻦ اﻟﻌﻤﻞ دأﺑﺖ ﻋﲆ ﻟﻌﺐ دور ﻣﻬﻢ ﻛﻤﺴﺮح ﻟﻠﺘﻔﺎﻋﻼت اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ.
المرأة
وُﺗﻬﺪد اﻷزﻣﺔ ﺑﺘﻘﻮﻳﺾ اﻟﺘﻘﺪم اﻟﻤﺤﺮز ﻓﻲ ﻣﺠﺎل اﻟﻤﺴﺎواة ﺑﻴﻦ اﻟﺠﻨﺴﻴﻦ، ﺣﻴﺚ ﻋﺎﻧﺖ اﻟﻨﺴﺎء ﻣﻦ ﺣﺎﻻت ﻓﻘﺪان اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣﻊ زﻳﺎدة ﺳﺎﻋﺎت اﻟﻌﻤﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﺪﻓﻮﻋﺔ اﻷﺟﺮ. وﺧﻠﻒ ﺗﻌﻄﻞ أﺳﻮاق اﻟﻌﻤﻞ ﻋﻮاﻗﺐ وﺧﻴﻤﺔ ﻋﲆ اﻟﺮﺟﺎل واﻟﻨﺴﺎء ﻋﲆ اﻟﺴﻮاء، إﻻ أن ﻋﻤﺎﻟﺔ اﻟﻨﺴﺎء اﻧﺨﻔﻀﺖ ﺑﻨﺴﺒﺔ 5 ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺋﺔ ﻓﻲ ﻋﺎم 2020 ﺑﺎﻟﻤﻘﺎرﻧﺔ ﻣﻊ 3.9 ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺋﺔ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﺮﺟﺎل. ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ذﻟﻚ، ﻏﺎدرت ﻧﺴﺒﺔ 90 ﻓﻲ اﻟﻤﺎﺋﺔ ﻣﻦ اﻟﻨﺴﺎء اﻟﻼﺋﻲ ﻓﻘﺪن وﻇﺎﺋﻔﻬﻦ ﻓﻲ ﻋﺎم 2020 اﻟﻘﻮى اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ، ﻣﻤﺎ ﻳﺸﻴﺮ إﱃ اﺣﺘﻤﺎل ﺗﻌﻄﻞ ﺣﻴﺎﺗﻬﻦ اﻟﻌﻤﻠﻴﺔ ﻟﻔﺘﺮة ﻣﻄﻮﻟﺔ ﻣﺎ ﻟﻢ ﺗﺘﺨﺬ ﺗﺪاﺑﻴﺮ ﻣﻨﺎﺳﺒﺔ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻟﺸﺄن.
وﻣﻦ اﻟﻤﺴﺎﺋﻞ اﻟﻤﺸﺘﺮﻛﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ اﻟﻨﺴﺎء ﻓﻲ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﺒﻠﺪان واﻟﻘﻄﺎﻋﺎت واﻟﻤﻬﻦ وأﻧﻮاع اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ أن ﻋﺐء اﻷﻧﺸﻄﺔ اﻟﻤﻜﺜﻔﺔ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺮﻋﺎﻳﺔ اﻷﻃﻔﺎل واﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﻤﻨﺰﻟﻲ ﻳﻘﻊ ﻋﲆ ﻋﺎﺗﻘﻬﻦ ﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﻏﻴﺮ ﻣﺘﻨﺎﺳﺐ، ﻣﻤﺎ ﻳﺆدي إﱃ زﻳﺎدة ﺳﺎﻋﺎت اﻟﻌﻤﻞ ﻏﻴﺮ ﻣﺪﻓﻮﻋﺔ اﻷﺟﺮ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻟﻨﺴﺎء، وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﻌﺰز اﻷدوار اﻟﺠﻨﺴﺎﻧﻴﺔ اﻟﺘﻘﻠﻴﺪﻳﺔ. ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ذﻟﻚ، ﻛﺜﻴﺮا ﻣﺎ ﺗﻌﻤﻞ اﻟﻨﺴﺎء ﻓﻲ اﻟﻤﻬﻦ اﻟﻤﻀﻄﻠﻊ ﺑﻬﺎ ﻓﻲ اﻟﺨﻄﻮط اﻷﻣﺎﻣﻴﺔ، ﻣﻦ ﻗﺒﻴﻞ ﻋﻤﺎل اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ وﻋﻤﺎل اﻟﺒﻘﺎﻟﺔ، واﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻪ ﻣﺨﺎﻃﺮ ﺻﺤﻴﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ وﻇﺮوف ﻋﻤﻞ ﺻﻌﺒﺔ. وﺗﺸﻜﻞ اﻻﻧﺘﻜﺎﺳﺎت ﻓﻲ اﻟﻨﻬﻮض ﺑﺎﻟﻤﺴﺎواة ﺑﻴﻦ اﻟﺠﻨﺴﻴﻦ إﺷﻜﺎﻟﻴﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﺎص ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﺗﻔﺘﺄ ﺗﺘﺴﻊ ﻓﻴﻬﺎ اﻟﺜﻐﺮات ﺑﻴﻦ اﻟﺠﻨﺴﻴﻦ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻗﺒﻞ اﻷزﻣﺔ.
الشباب
وﻗﺪ أﺛﺮت اﻷزﻣﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺸﺒﺎب ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﺣﺮﺟﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻬﻢ، ﻣﻤﺎ أدى إﱃ ﺗﻌﻄﻞ ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻧﺘﻘﺎﻟﻬﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﺪرﺳﺔ أو اﻟﺠﺎﻣﻌﺔ إﱃ اﻟﻌﻤﻞ. وُﺗﺒﻴﻦ اﻷدﻟﺔ اﻟﻤﺴﺘﺨﻠﺼﺔ ﻣﻦ اﻷزﻣﺎت اﻟﺴﺎﺑﻘﺔ أن وﻟﻮج ﺳﻮق اﻟﻌﻤﻞ ﺧﻼل ﻓﺘﺮة اﻻﻧﻜﻤﺎش ﻳﺆدي إﱃ ﺗﺪﻧﻲ اﺣﺘﻤﺎﻻت اﻻﺳﺘﺨﺪام ﻋﲆ اﻟﻤﺪى اﻟﻄﻮﻳﻞ واﻷﺟﻮر وآﻓﺎق ﺗﻨﻤﻴﺔ اﻟﻤﻬﺎرات أﺛﻨﺎء اﻟﻌﻤﻞ. وذﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ ﻗﻠﺔ ﻋﺪد اﻟﻮﻇﺎﺋﻒ اﻟﻤﺘﺎﺣﺔ وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ ارﺗﻔﺎع ﻣﻌﺪﻻت اﻟﺒﻄﺎﻟﺔ، وﻛﺬﻟﻚ ﺑﺴﺒﺐ زﻳﺎدة اﺣﺘﻤﺎل اﺳﺘﺨﺪام اﻟﺸﺒﺎب اﻟﺬﻳﻦ ﻳﺠﺪون ﻋﻤﻼً ﻓﻲ وﻇﺎﺋﻒ ﻣﺆﻗﺘﺔ ﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ اﻟﺬي ﺗﻈﻞ ﻓﻴﻪ ﺛﻘﺔ ﻗﻄﺎع اﻷﻋﻤﺎل ﻣﻬﺰوزة. وﻋﲆ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ أن ﺣﺎﻻت اﻟﺮﻛﻮد ﻗﺪ ﺗﺪﻓﻊ أﻳﻀًﺎ اﻟﻌﻤﺎل اﻟﺸﺒﺎب إﱃ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﺑﻘﻮة أﻛﺒﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ اﻟﺮﺳﻤﻲ، ﻓﺈن ﻧﺴﺒﺔ اﻟﺸﺒﺎب ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻠﺘﺤﻘﻴﻦ ﺑﺎﻟﻌﻤﺎﻟﺔ أو اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ أو اﻟﺘﺪرﻳﺐ زادت ﺑﻴﻦ ﻋﺎﻣﻲ 2019 و2020 ﻓﻲ 24 ﻣﻦ أﺻﻞ 33 ﺑﻠﺪًا ﺗﺘﻮﻓﺮ ﺑﺸﺄﻧﻬﺎ ﺑﻴﺎﻧﺎت. ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﱃ ذﻟﻚ، ﻋﻄﻠﺖ اﻟﺠﺎﺋﺤﺔ ﺑﺸﻜﻞ ﺧﻄﻴﺮ اﻟﻔﺮص اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻴﺔ، ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻟﻢ اﻟﺘﻲ ﺗﻔﺘﻘﺮ إﱃ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ اﻟﺮﻗﻤﻴﺔ واﻟﻘﺪرة ﻋﲆ اﻟﺘﺤﻮل إﱃ اﻟﺘﻌﻠﻢ ﻋﻦ ﺑﻌﺪ.
العمال مهاجرون
وﺳﻠﻄﺖ أزﻣﺔ ﻛﻮﻓﻴﺪ-19 ﻣﺰﻳﺪا ﻣﻦ اﻟﻀﻮء ﻋﲆ ﺣﺎﻟﺔ اﻻﺳﺘﻀﻌﺎف اﻟﺘﻲ ﻳﻌﻴﺸﻬﺎ اﻟﻌﻤﺎل اﻟﻤﻬﺎﺟﺮون. وﻗﺪ ﻋﺎﻧﻰ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻨﻬﻢ ﻣﻦ ﺟﺮاء اﻹﻧﻬﺎء اﻟﻤﻔﺎﺟﺊ ﻟﻌﻼﻗﺔ اﺳﺘﺨﺪاﻣﻬﻢ إﱃ ﺟﺎﻧﺐ ﻋﺪم ﺗﻮﺻﻠﻬﻢ ﺑﺄﺟﻮرﻫﻢ أو ﺗﺄﺧﺮ ﻣﻮﻋﺪ ﺗﻠﻘﻴﻬﺎ، وﻓﻲ اﻟﻮﻗﺖ ﻧﻔﺴﻪ ﻛﺎﻧﻮا ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻷﺣﻴﺎن ﻳﻔﺘﻘﺮون إﱃ ﻓﺮص اﻟﻮﺻﻮل إﱃ إﻋﺎﻧﺎت اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﻌﻮض ﺧﺴﺎﺋﺮ اﻟﺪﺧﻞ ﻟﺪﻳﻬﻢ. وأدى ذﻟﻚ إﱃ ﺗﻔﺎﻗﻢ أﺛﺮ اﻷزﻣﺔ ﻓﻲ ﺑﻠﺪان اﻟﻤﻘﺼﺪ وﺑﻠﺪان اﻟﻤﻨﺸﺄ ﻋﲆ اﻟﺴﻮاء. وﻓﻲ ﺑﻠﺪان اﻟﻤﻘﺼﺪ، ﻛﺎﻓﺤﺖ اﻟﻘﻄﺎﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺘﻤﺪ ﻋﲆ اﻟﻌﻤﺎل اﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ اﻟﻤﻮﺳﻤﻴﻴﻦ ﻟﻠﺤﻔﺎظ ﻋﲆ ﻗﻮاﻫﺎ اﻟﻌﺎﻣﻠﺔ ﺑﺴﺒﺐ اﻟﻘﻴﻮد واﺳﻌﺔ اﻟﻨﻄﺎق اﻟﻤﻔﺮوﺿﺔ ﻋﲆ اﻟﺴﻔﺮ. وأﺛﺮ اﻧﺨﻔﺎض اﻟﺘﺤﻮﻳﻼت ﺗﺄﺛﻴﺮا ﺳﻠﺒﻴًﺎ ﻓﻲ ﺑﻠﺪان اﻟﻤﻨﺸﺄ. وُﺗﻌﺘﺒﺮ اﻟﺘﺤﻮﻳﻼت ﻣﺼﺪًرا رﺋﻴﺴﻴًﺎ ﻟﻠﺪﺧﻞ ﻓﻲ اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺒﻠﺪان اﻷﻛﺜﺮ ﻓﻘﺮا، واﻟﺘﻲ ﺗﻜﺘﺴﻲ ﻓﻴﻬﺎ هذه اﻟﺘﺤﻮﻳﻼت أﻫﻤﻴﺔ أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻟﺪﻋﻢ ﻣﺪاﺧﻴﻞ اﻷﺳﺮة اﻟﻤﻌﻴﺸﻴﺔ واﻟﻄﻠﺐ اﻟﻤﺤﻠﻲ ﻋﲆ اﻟﺴﻮاء. وﺑﺎﻟﺘﺎﻟﻲ، ﻓﻘﺪ أدى ﺗﻘﻠﺺ ﺗﺪﻓﻖ اﻟﺘﺤﻮﻳﻼت إﱃ ﺗﻔﺎﻗﻢ اﻟﻔﻘﺮ ﻓﻲ ﺑﻠﺪان ﻣﻨﺸﺄ اﻟﻤﻬﺎﺟﺮﻳﻦ.
ﻟﻘﺪ ﺣﻮﻟﺖ ﻣﻮاﻃﻦ اﻟﻌﺠﺰ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻼﺋﻖ وأوﺟﻪ اﻧﻌﺪام اﻟﻤﺴﺎواة ﺟﺎﺋﺤﺔ ﻛﻮﻓﻴﺪ-19 ﻣﻦ أزﻣﺔ ﺻﺤﻴﺔ ﻋﺎﻣﺔ إﱃ أزﻣﺔ ﻋﻤﺎﻟﺔ وأزﻣﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ أﺛﺮﺗﺎ ﺗﺄﺛﻴﺮا ﺷﺪﻳﺪا ﻓﻲ ﺳﺒﻞ ﻋﻴﺶ ﻣﻼﻳﻴﻦ اﻟﻌﻤﺎل. واﻟﺨﻄﺮ اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ اﻟﻘﺎﺋﻢ ﻫﻮ أﻧﻪ ﺑﺪون ﺟﻬﻮد ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ وﻣﺘﻀﺎﻓﺮة، ﺳﻴﺴﺘﻤﺮ ازدﻳﺎد اﻧﻌﺪام اﻟﻤﺴﺎواة وﺗﻀﺎؤل اﻟﺘﻘﺪم اﻟﺸﺎﻣﻞ اﻟﻤﺤﺮز ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ اﻟﻌﻤﻞ ﻋﺒﺮ اﺑﻌﺎد ﻣﺘﻌﺪدة. وﻫﻨﺎك ﺣﺎﺟﺔ إﱃ إﺟﺮاءات ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ دوﻟﻴﺔ ﻟﻀﻤﺎن اﻟﻮﺻﻮل اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ إﱃ اﻟﻠﻘﺎﺣﺎت واﻟﻤﺴﺎﻋﺪة اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ ﻟﻠﺒﻠﺪان اﻟﻨﺎﻣﻴﺔ – ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﻣﻦ ﺧﻼل إﻋﺎدة ﻫﻴﻜﻠﺔ اﻟﺪﻳﻮن.
وﻻ ﺑﺪ ﻟﻠﺤﻜﻮﻣﺎت، ﺑﺎﻟﺘﺸﺎور ﻣﻊ ﻣﻨﻈﻤﺎت أﺻﺤﺎب اﻟﻌﻤﻞ وﻣﻨﻈﻤﺎت اﻟﻌﻤﺎل، ﻣﻦ أن ﺗﻐﺘﻨﻢ اﻟﻔﺮﺻﺔ وﺗﻌﺎﻟﺞ ﻣﻮاﻃﻦ اﻟﻌﺠﺰ ﻃﻮﻳﻠﺔ اﻷﻣﺪ ﻓﻲ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻼﺋﻖ ﺣﺘﻰ ﺗﺘﺴﻨﻰ إﻋﺎدة ﺑﻨﺎء أﺳﻮاق اﻟﻌﻤﻞ ﺑﻄﺮﻳﻘﺔ أﻛﺜﺮ إﻧﺼﺎﻓًﺎ واﺳﺘﺪاﻣﺔ. وﻋﲆ ﻧﺤﻮ ﻣﺎ ورد ﻓﻲ إﻋﻼن ﻣﺌﻮﻳﺔ ﻣﻨﻈﻤﺔ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻣﻦ أﺟﻞ ﻣﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻌﻤﻞ (2019)، ﻓﺈن ﻫﺬا اﻟﻤﺴﻌﻰ ﻳﺸﻤﻞ "وﺿﻊ ﺣﻘﻮق اﻟﻌﻤﺎل واﺣﺘﻴﺎﺟﺎت ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻨﺎس وﻃﻤﻮﺣﺎﺗﻬﻢ وﺣﻘﻮﻗﻬﻢ ﻓﻲ ﺻﻤﻴﻢ اﻟﺴﻴﺎﺳﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺒﻴﺌﻴﺔ".
ﻟﺬﻟﻚ، ﻳﻨﺒﻐﻲ أن ﻳﺴﻌﻰ اﻻﻧﺘﻌﺎش اﻟﻤﺘﻤﺤﻮر ﺣﻮل اﻹﻧﺴﺎن إﱃ ﻣﺎ ﻳﻠﻲ:
(1) ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻟﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﺳﻊ اﻟﻨﻄﺎق واﺳﺘﺤﺪاث اﻟﻌﻤﺎﻟﺔ اﻟﻤﻨﺘﺠﺔ، ﻣﻦ ﺧﻼل اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻓﻲ اﻟﻘﻄﺎﻋﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﻤﻜﻦ أن ﺗﺸﻜﻞ ﻣﺼﺪرا ﻟﻠﻮﻇﺎﺋﻒ اﻟﻼﺋﻘﺔ واﻟﺘﻲ ﺗﺪﻋﻢ اﻻﻧﺘﻘﺎل اﻟﻌﺎدل واﻟﻤﺴﺎواة ﺑﻴﻦ اﻟﺠﻨﺴﻴﻦ وأﺳﻮاق اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻨﺸﻄﺔ. إن ﺿﻤﺎن ﺗﻤﺘﻊ اﻟﺒﻠﺪان ﺑﺤﻴﺰ ﻣﺎﻟﻲ ﻛﺎفٍ ﻟﺴﺪ اﻟﺜﻐﺮات اﻟﻘﺎﺋﻤﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ اﻟﻤﺎدﻳﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، وﺗﻤﺘﻊ اﻻﻗﺘﺼﺎدات ﺑﺴﻴﻮﻟﺔ ﻛﺎﻓﻴﺔ ﻟﺪﻋﻢ وﺻﻮل اﻟﻘﻄﺎع اﻟﺨﺎص إﱃ اﻻﺋﺘﻤﺎن اﻟﻼزم، أﻣٌﺮ ﻻ ﻏﻨﻰ ﻋﻨﻪ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻻﻧﺘﻌﺎش.
(2) دﻋﻢ ﻣﺪاﺧﻴﻞ اﻷﺳﺮ اﻟﻤﻌﻴﺸﻴﺔ وﻋﻤﻠﻴﺎت اﻻﻧﺘﻘﺎل ﻓﻲ ﺳﻮق اﻟﻌﻤﻞ، ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ إﱃ اﻷﺷﺨﺎص اﻷﻛﺜﺮ ﺗﻀﺮًرا ﻣﻦ اﻷزﻣﺔ، ﻣﻦ ﺧﻼل ﺳﻴﺎﺳﺎت ﺳﻮق اﻟﻌﻤﻞ اﻟﻨﺸﻄﺔ وإدارات اﻻﺳﺘﺨﺪام اﻟﻌﺎﻣﺔ وﺧﺪﻣﺎت اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻋﺎﻟﻴﺔ اﻟﺠﻮدة. وُﻳﺴﻬﻞ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر ﻓﻲ هذه اﻟﻤﺠﺎﻻت ﻣﺸﺎرﻛﺔ اﻟﻌﻤﺎل ﻓﻲ ﺳﻮق اﻟﻌﻤﻞ وﻳﺴﻤﺢ ﻟﻬﻢ ﺑﺘﺤﺴﻴﻦ آﻓﺎﻗﻬﻢ ﻓﻲ ﺳﻮق اﻟﻌﻤﻞ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻛﺘﺴﺎب ﻣﻬﺎرات أﻋﲆ.
(3) ﺗﻌﺰﻳﺰ اﻷﺳﺲ اﻟﻤﺆﺳﺴﻴﺔ ﻟﻠﻨﻤﻮ اﻻﻗﺘﺼﺎدي واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﺸﺎﻣﻠﻴﻦ واﻟﻤﺴﺘﺪاﻣﻴﻦ واﻟﻘﺎدرﻳﻦ ﻋﲆ اﻟﺼﻤﻮد، ﻣﻦ ﺧﻼل ﺗﻌﺰﻳﺰ ﻧﻈﻢ اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﺗﺸﺠﻴﻊ ﻋﻤﻠﻴﺔ إﺿﻔﺎء اﻟﺴﻤﺔ اﻟﻤﻨﻈﻤﺔ وﺿﻤﺎن ﺗﻤﺘﻊ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻌﻤﺎل، ﺑﺼﺮف اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺗﺮﺗﻴﺒﺎﺗﻬﻢ اﻟﺘﻌﺎﻗﺪﻳﺔ، ﺑﺎﻟﺤﻖ ﻓﻲ اﻟﺤﺮﻳﺔ اﻟﻨﻘﺎﺑﻴﺔ واﻟﻤﻔﺎوﺿﺔ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ واﻟﺘﻤﺘﻊ ﺑﻈﺮوف اﻟﻌﻤﻞ اﻵﻣﻨﺔ واﻟﺼﺤﻴﺔ واﻟﺤﺼﻮل ﻋﲆ اﻟﺤﺪ اﻷدﻧﻰ اﻟﻤﻨﺎﺳﺐ ﻟﻸﺟﻮر.
(4) اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓﻲ اﻟﺤﻮار اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﻟﻮﺿﻊ اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺎت اﻻﻧﺘﻌﺎش اﻟﻤﺘﻤﺤﻮرة ﺣﻮل اﻹﻧﺴﺎن وﺿﻤﺎن ﺗﻨﻔﻴﺬﻫﺎ ﺗﻨﻔﻴﺬا ﻓﻌﺎﻻً. وﺗﻜﻮن هذه اﻻﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺎت أﻓﻀﻞ ﺗﺼﻤﻴﻤًﺎ وأﻛﺜﺮ ﻓﻌﺎﻟﻴﺔ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗﻜﻮن ﺛﻤﺮة ﻟﻌﻤﻠﻴﺎت اﻟﺤﻮار واﻟﺘﻔﺎوض ﺑﻴﻦ اﻟﺤﻜﻮﻣﺎت وﻣﻨﻈﻤﺎت أﺻﺤﺎب اﻟﻌﻤﻞ وﻣﻨﻈﻤﺎت اﻟﻌﻤﺎل. وﻣﻦ اﻟﻀﺮوري إﺟﺮاء ﻣﻔﺎوﺿﺎت ﺛﻨﺎﺋﻴﺔ وﺛﻼﺛﻴﺔ ﻟﻤﻌﺎﻟﺠﺔ ﺟﻮاﻧﺐ أﻣﺎﻛﻦ اﻟﻌﻤﻞ اﻟﺤﺎﺳﻤﺔ، ﻻﺳﻤﻴﺎ اﻟﺴﻼﻣﺔ واﻟﺼﺤﺔ اﻟﻤﻬﻨﻴﺘﺎن.
اضف تعليق