عقد مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية وبالتعاون مع كلية الادارة والاقتصاد جامعة كربلاء، حلقته الحوارية الموسومة (الموازنة العامة في ضوء قيود المورد النفطي وتأجيل المباشرة بالتنويع عبر الصنيع) وهي من اعداد نائب محافظ البنك المركزي العراقي الاسبق، الكاتب والخبير الاقتصادي الدكتور أحمد إبريهي علي، وذلك...
في خضم الاشكاليات التي تطرحها الموازنة العامة في العراق وتركيزها على مصدرا واحد، عقد مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية وبالتعاون مع كلية الادارة والاقتصاد/ جامعة كربلاء، حلقته الحوارية الموسومة (الموازنة العامة في ضوء قيود المورد النفطي وتأجيل المباشرة بالتنويع عبر الصنيع) وهي من اعداد نائب محافظ البنك المركزي العراقي الاسبق، الكاتب والخبير الاقتصادي الدكتور أحمد إبريهي علي، وذلك على قاعة الرافدين- عمادة كلية الادارة والاقتصاد- جامعة كربلاء صباح يوم الثلاثاء الموافق 8 كانون الثاني 2019 بمشاركة عميد وأساتذة الكلية ومدراء مراكز دراسات وبحوث وخبراء اقتصاديين وناشطين مدنيين وصحفيين.
افتتح الحلقة النقاشية الدكتور حيدر حسين أحمد آل طعمة، التدريسي في كلية الإدارة والاقتصاد بجامعة كربلاء، والباحث الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، حيث قال "نعيش ومنذ شهور موسم اقرار الموازنة العامة، والصراع المعتاد بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية، حول بنود وفقرات الايرادات والنفقات العامة، وما زاد المشهد سخونة هذا العام، هو انهيار اسعار النفط وبروز مشكلة خطيرة وهي (ارتفاع حجم المديونية)، فضلا عن مشاكل اقتصادية اخرى، اهمها غياب المقاربات والسياسات الاقتصادية عن بنود الموازنة العامة".
"ولأجل تفكيك هذه المشهد سنتيح للدكتور احمد ابريهي الوقت الكافي لمناقشة وطرح البدائل الممكنة والملزمة للشروع في عملية الاصلاح والتنويع الاقتصادي، خصوصا وأن تفاصيل هذه الورقة تكاد ترقى إلى مستوى اطروحة الدكتوراه وهي بمثابة عملية بحث واستقصاء لمشاكل وابعاد جديدة، تعاني منها الموازنة العامة وافاق وابواب جديدة لمعالجة الوضع الاقتصادي القائم، بسياسات حقيقية فعلية بدل الخطابات الانشائية".
العجز المزدوج خاصية الاقتصاد المعاصر
من جانبه وضح ابريهي "وقبل الخوض في تفاصيل هذا الموضوع المتشعب، كان لابد ان نمر على الدولة الفرنسية والاقتصاد الفرنسي، الذي يعاني الان من موجة غضب شعبي حيال السياسات الاقتصادية التي تتبعها تلك الحكومة، خاصة وأن البيانات الرسمية تؤكد على الانفاق الحكومي نسبة للناتج القومي في فرنسا يبلغ (56%)، عندها يتضح لنا بان الدول المعاصرة ثقلها الاقتصادي كبير جدا".
"وهذا ما لا ينسجم مع جوهر الادعاءات الليبرالية التي تحمل شعار (دعه يعمل ودعه يمر) و(الاقتصاد الحر) و(الملكية الخاصة)، فالدولة اصبحت اكبر اقطاعي حين تستهلك هذا القدر من الانتاج، وحتى الدول الاشتراكية السابقة فان نسبة الانفاق الحكومي إلى الناتج المحلي نجده يشكل نسبة (30%)، اما في فرنسا ودول اخرى الرقم يتضاعف وهم في منتهى الليبرالية، بالتالي الاستنتاج الذي توصلنا إليه ان الحكومة الفرنسية لا تستطيع أن تزيد الانفاق حتى تستجيب للمطالب الشعبية، ولا تستطيع أن تخفض الايرادات لان التزاماتها في الانفاق كبيرة جدا، لذا هي بقيت في هذا المأزق رغم انها دولة متقدمة".
"في المقابل عندما نأتي على تونس نجد هناك عجز في الموازنة العامة وعجز في ميزان المدفوعات، هذا مما جعل تونس تحت طاحونة (صندوق النقد الدولي)، الذي بدوره عمد إلى مجموعة من الاجراءات من اجل تقليص العجز الحاصل في ميزان المدفوعات، لذلك هو ارتأى على تونس التقشف من اجل أن ينخفض الطلب الكلي، وعنداك سوف يقل الطلب المشتق على العملة الاجنبية يتقلص ويتحسن ميزان المدفوعات، ولكن هذا الاجراءات قد تتعارض مع حقيقة وواقع المجتمع التونسي الذي يعاني من البطالة ومن الفقر، السودان ايضا هي تعاني من العجز المزدوج، وكذلك الحال بالنسبة للولايات المتحدة الامريكية هي ايضا تعاني من عجز مزدوج، عنداك اصبحت هذه خاصية يمتاز بها الاقتصاد المعاصر وهي خاصية (العجز المزدوج)، فنجدها في البلد الفقير ونجدها في البلد الغني".
"من هنا نستشف وفي كل العالم بأن الاستيرادات تنمو اسرع من الناتج المحلي الاجمالي، بالتالي فان الاستيرادات تنمية بنسبة (1،5) اكثر من الناتج المحلي الاجمالي، وهذا مما جعل بعض الجهات تتبنى فكرة تعويض الاستيرادات، لكن ومع الاسف الشديد الدول التي انتهجت سياسة تقليص الاستيرادات، نجد أن الاستيرادات لديها تنمو اسرع من الناتج المحلي، بالنتيجة نحن لا نستطيع أن تقلص حجم الاستيرادات بالمطلق، بل لا نستطيع خفض معدل النمو بحيث يتقارب مع معدل نمو الناتج المحلي، وهذه ايضا تعتبر خاصية ثانية بالاقتصاد المعاصر كون الاستيرادات من السلع والخدمات تنمو اسرع من الناتج المحلي الاجمالي".
"شرط أن يكون التوازن موجود من خلال طرح فكرة أن تقترض اليوم وتسديد غدا، فعلى مستوى العالم دائما التوازن موجود، وذلك لان (كل الاستيرادات تساوي كل الصادرات) و (كل الانتاج يساوي كل الطلب)، هذا الامر فيه حيز من المرونة على مستوى البلد الواحد ولفترة وجيزة تمتد لخمسة أو ستة سنوات، ولكن ليس إلى ما لا نهاية تستطيع أن تديم عجز في الميزان الخارجي، فتبعا لذلك النقطة المرجعية التي ندور من خلالها وهي (نقطة التوازن)، فعند التوازن الصادرات تنمو بنمو الاستيرادات".
"وبما أنه الاستيرادات تنمو بأسرع من نمو الدخل القومي، فدائما نمو الصادرات يصبح سقف اعلى لنمو الدخل القومي، فعلى على الاساس يتم احتساب معدل النمو الممكن للدخل القومي، وبالتالي هو يقسم معدل نمو الصادرات على مرونة الطلب الدخلية للاستيرادات، فاذا كان على سبيل المثال معدل نمو الصادرات (6) مرونة الطلب الدخلية للاستيرادات (1،2)، فيقسم (6) على (1،2) يكون الناتج (5%) النمو الممكن للدخل القومي، هذا النموذج القائم على (معدل نمو الدخل القومي = معدل نمو الصادرات على مرونة الطلب الدخلية للاستيرادات) هذا النموذج يسمى (فيرال وآل)".
"وهذا المعنى يكاد أن يؤشر إلى نقطة مهمة جدا خصوصا وهو يقارب حالة (السهل الممتنع)، فمعدل نمو الطلب العالمي على النفط يساوي( نصف) معدل نمو الناتج العالمي، علما اننا ومن خلال دراستنا لسعر النفط توصلنا إلى حقيقة مفادها، بان سعر النفط وخلال (العشرين أو الثلاثين) سنة القادمة، بالكاد سيرتفع بما يساوي معدل التضخم العالمي، أي بمعنى عندما يثبت سعر النفط الحقيقي ايرادات صادرات النفط تساوي معدل نمو كمية الصادرات، وعندما يتقسم السوق في الامد البعيد يكون معدل نمو صادراتك يساوي معدل نمو الطلب العالمي على النفط، يعني أن معدل نموك الممكن سوف يكون (ربع معدل نمو الناتج المحلي للعالم)، عندها من الطبيعي سيكون معدل نمو الناتج المحلي في العالم (1%)، وهو اقل من معدل نمو السكان وستتسع الفجوة بين العراق والعالم".
نمو الاستيرادات في العراق أكبر من الناتج
"لذا فالمسالة لا تتوقف عند نقطة عدم الاعتماد على النفط، فالقضية برمتها تتعلق في المستقبل، خصوصا وأن الاقتصاد العراقي من الان وإلى المستقبل، سوف يكون مقيدا بمعدل نمو منخفض للصادرات، وهذا الامر مربوط بمجموعة عوامل، لذا فالسؤال المطروح اليوم هو كيف نخرج من هذا المأزق، وقبل الاجابة عن هذا الاستفسار لابد أن نركز على الطلب العالمي على النفط خلال هذه السنة وكم سيزود عن السنة السابقة، هذه الزيادة ستكون بنسبة (1،3) مليون برميل في اليوم، في العام (2018) زاد الطلب العالمي على النفط عن السنة السابقة (1،5) مليون برميل في اليوم، هذه الارقام هي ارقام مهمة وهي اقل من زيادة انتاج النفط خارج اوبك، وهذا يعني أن الطلب غير المشبع من خارج اوبك، سوف يكون في العام (2019) اقل (بمليون برميل) في اليوم مما كان عليه في سنة (2018)".
"وهذا هو جوهر فكرة انخفاض سعر النفط، وليس كما يدعي البعض حينما يروجون لنظرية المؤامرة، اذا مستقبل سوق اوبك سيكون اضيق فأضيق، وهذه واحدة من اسباب انخفاض سعر النفط، خاصة ومع استمرار هذا الانتاج من خارج اوبك، فمعناها لا توجد مقومات موضوعية لحركة السوق، بالإضافة إلى ذلك أن معدل نمو الطلب العالمي على النفط سيكون تحت معدل نمو الناتج المحلي الاجمالي، بالتالي اذا ما استمر العراق على طرح ذات الافكار القديمة وهي (تنمية الزراعة والصناعة واشياء اخرها)، لذا سيكون معدل نمو الناتج في العراق منخفض جدا في المستقبل".
"هذه هي الفكرة الاساسية التي يتمحور حولها هذا الموضوع، وهي تتقاطع مع فكرة عدم الاعتماد على النفط، بل هناك اشياء اخرى لابد أن نعمل عليها، خاصة وأن سعر النفط برنت وجميع المواد الاولية هي دائما ما تشهد تغيرات، وهذه التغيرات بطبيعتها دائما ما تكون عنيفة وهي ذات جانب سلبي قاتل، ومثلما فيها جانب سلبي فيها ايضا جانب موجب، واقرب مثال على ذلك هو وجود تلك المنحنيات الثلاثة، فالأول يرمز لمعدل النمو العالمي على الاستيرادات، يأتي بعد ذلك معدل النمو العالمي على النفط، اما الثالث فيرمز لمعدل الانتاج المحلي وهو اقل من معدل نمو النفط، فهذه حقيقة واقعة يعاني منها العراق حيث الاستيرادات تنمو اكبر من الناتج".
"ايضا هناك حقيقة اخرى لابد من التفات اليها وهي الطلب على الطاقة، فمنذ زمان اصبح الطلب على الطاقة اقل من نمو الناتج العالمي، والسبب يعود (لتكنلوجيا الاقتصاد في الطاقة) فكثافة الطاقة للواحدة الواحدة الاضافية من الدخل القومي تنخفض باستمرار، ولذلك معدل نمو الطلب على الطاقة بالعالم اقل من معدل نمو الناتج، لكن هناك حقيقة اخرى تشير إلى وجود تحولات عنيفة من النفط إلى الغاز، لذا فان معدل نمو الناتج في العالم تصل إلى (3%)، اما الطلب على الطاقة فيصل إلى (2%)، ايضا نمو الطلب العالمي على الاستيرادات(4،6%)، من هنا نستشف بأن العالم بأجمعه لم يستطيع جعل الاستيرادات اقل من معدل نمو الناتج المحلي".
"وهذا مما يحيلنا إلى فكرة تنمية الصادرات التي تقوم على التصنيع، علما أن التنمية الزراعة التي يتشدق بها البعض هي لا تشكل الا (3 أو 4%) من الناتج المحلي في العالم، اما بالنسبة للصناعة التحويلية فمعدل الناتج المحلي في العالم يساوي (74%) من مجموعة الصادرات، وباقي الامور من (التعدين والاستخراج والنفط والغاز والزراعة) كلها تصل نسبتها إلى (26%)، بالتالي فان الصناعة هي التي تسيطر على سلة الصادرات، لذلك نحن لابد أن نرفع شعار(التنمية الاقتصادية بقيادة التصنيع)".
"شرط أن يكون هذا التصنيع متجه للتصدير حتى نضمن تنويع الصادرات، والتنوع اذا لم يكون تنويع للصادرات فهذا قد يؤدي إلى صناعة اثقل واعباء جديدة على المورد النفطي، لذا فان قيد ميزان المدفوعات على التنمية في العراق سيكون مقيدا، والسبب لان الطلب على النفط قليل وسيسجن الاقتصاد العراقي، فاذا لم يتم كسر هذا القيد وهذه الشباك بالطرق الاخرى، فوضع العراق لن يكون بالشكل الصحيح، فعلى هذا الاساس تم ايجاد تجربة تتركز حول (السلاسل الزمنية والدول)، خاصة وأن كل المعادلات التي تم طرحها من خلال تلك التجربة يتراوح عمرها الزمني من العام (1970 إلى 2016)، اما ما قبل هذا التاريخ فغالبية الدول ليس لديها بيانات، علما أن الدراسة شملت (17) متغير".
"الدراسة كانت تستوعب (200) دولة، ليتم ترتيبها بشكل تسلسلي ومن خلال تلك المتغيرات، ففي هذه المرحلة بالذات نحن غير معنين بالتوصل إلى (القدرة الاجمالية التنبئية للمعادلة)، بل ما يهمني هو اكتشاف العلاقة السببية من وجهة النظر الاحصائية، لأنه اذا لم تكون لدي علاقة سببية لن تكون لدي سياسة، ولن تكون لديك مخلفات للتابع ولا للمستقل، دائما وابدا كل المتغيرات الاقتصادية متشبثة ذاتيا، وهي اقرب ما تكون إلى قانون (نيوتن الاول) وهو قانون (قصور العزم الذاتي)، اي يعني انها تقاوم التغيير فتعيد انتاج نفسها باستمرار، لذلك عندما حاولنا أن نعمل جرد على ربط المتغيرات بذاتها، نجد أن ارتباط المتغير مع نفسه هو اقوى من ارتباطه مع اي متغير اخر".
"فلذلك عندما تريد أن تبحث عن العلاقة السببية لابد أن تشتغل بدون متخلفات وتأكد من وجود العلاقة، ومن ثم في مرحلة ثانية تبدأ بالتحسين، فمثلا نموذج معادلة الميزان الخارجي من السلع والخدمات ومن دون اي متخلفات، هذه المعادلة والمعادلات الاخرى نأخذها وندخل عليها المتخلفات مرة اخرى، فيكون عندنا رفع للقدرة التنبئية للمعادلة، ايضا هناك معادلة اخرى حول (التوازن الخارجي)، فنلاحظ أن نسبة صادرات الصناعة التحويلية من مجموع الصادرات، هذا يعتبر متغير جدا حيوي وله علاقة قوية في نمو الصناعة، وايضا له علاقة في دالة الصادرات، بالمناسبة امريكا اللاتينية تعتبر من الدول التي تعتمد تعويض الصادرات، لكن تلك الدول تشهد زيادة في نسبة صادرات الصناعة التحويلية، وايضا نمو الاستيرادات وهو لا يختلف كثيرا عن اسيا".
"بالتالي فان نسبة صادرات الصناعة التحويلية من مجموع الصادرات، ويأتي بعدها معدل نمو الصناعة التحويلية، ثم يليها معدل الناتج القومي، لذلك هناك ثلاثة متغيرات فقط هي التي اعطتني صورة مقربة عن حالة (التوازن الخارجي)، وهكذا تستمر هذه التجارب خاصة ومع وجود معادلات تمس الصناعة التحويلية، وهي ترتبط بنسبة صادرات الصناعة التحويلية من مجموع الصادرات، وكذلك ترتبط بنمو الناتج الاجمالي، وترتبط ايضا بنمو الصادرات من السلع والخدمات، الثالث هو نمو الناتج المحلي الاجمالي، هو ميزان المدفوعات الجارية، والاخر نسبة القيمة المضافة لقطاعات الخدمات إلى مجموع الناتج".
"فالمتغير الاول المؤثر كانت حصة الصناعة التحويلية من الصادرات السلعية، يضاف إلى ذلك متغير جدا مهم وهو حصة قطاعات الخدمة من مجموع الناتج المحلي الاجمالي، فكلما كبر قطاع الخدمات نجد له تأثيرات سيئة على نمو الصناعة ويتكرر باستمرار، ايضا أن نمو الصناعة دالة بنسبة الصناعات التحويلية إلى مجموع الصادرات السلعية، بنمو الصادرات من السلع والخدمات عموما، وبنمو الناتج المحلي الاجمالي، ولكن هناك علاقة ايجابية لوحدة المستوردات سواء من جهة تجهيز مستلزمات الانتاج أو غيرها".
"ايضا وبعد أن نتجاوز تلك التجربة، فان دالة الصادرات هي مرتبطة ايجابيا بنسبة صادرات الصناعة التحويلية من مجموع الصادرات السلعية، وكذلك هي مرتبطة ايجابيا بنمو الناتج، ومرتبطة عكسيا بسعر الصادرات الذي عندما يزداد يؤدي إلى انخفاض الصادرات، وذلك بسبب تقليل قدرتك التنافسية الدولية، ايضا بالنسبة فان العجز متشبث خاصة عندما نقارن العجز في السنوات الاخيرة مع العجز طول المدة، فالارتباط جدا قوي وهو لن يتحرك ما لم تكون هناك سياسة تمس بالجذر".
"ايضا نحن عملنا على فصل متغيرات العجز بين دول العجز ودول الفائض، عنداك تم تجميع كروب خاص بدول العجز واخر بدول الفائض، وقارنا بين الطرفين واخترنا عدد من العلاقات التي تؤشر لدول الفائض ودول العجز كلا على حده، ففي المستقبل تكون دول العجز التي فيها فائض اقل من (2%) فما دون، فهذه الدول من الممكن أن ترجع إلى العجز، ولكن احيانا تجد أن نمو الاستثمار وحتى نمو الناتج يسيء إلى التوازن الخارجي، وذلك من جهة كونه طلب".
"فعلى هذا الاساس لابد أن ندرس لماذا الدول تختلف في تكوين رأس المال الثابت نسبة للناتج المحلي، لذا فان نسبة صادرات الصناعة التحويلية تكون علاقتها جدا قوية مع الصناعة، ايضا أن نسبة القيمة المضافة لقطاع الخدمات كيف يكون اثرها سلبي، فهل من مصلحة العراق أن يسارع في توسيع الخدمات الجواب لا، ايضا أن نمو الصادرات كيف يعين التصنيع، وهذا هو نوع من انواع الترابط ما بين التصنيع بهذا وذاك، ايضا دالة (الاكس بورت) لها علاقة بصادرات الصناعة وايضا له علاقة بالناتج".
"ايضا لابد أن نلاحظ النمو السنوي في استيرادات السلع والخدمات، فهذه هي نسبة الاستيرادات من السلع والخدمات للناتج المحلي الاجمالي فالمتوسط يبلغ (43%)، اما القيمة المضافة لأنشطة الخدمات فالمتوسط لها (50%)، بالتالي وما دام هذه الخيارات مطروحة فلابد أن تبحث عن المستوى الذي يناسبك، خصوصا وأن الدول التي فيها فائض هي الدول الكبيرة مثل الصين، والدول التي فيها عجز يكون عددها كبير، ولان هذه المتوسطات هي ليست متوسطات موزونة".
"لذلك فان ميزان التوازن الخارجي للسلع والخدمات اكبر من عجز الحساب الجاري، اما بالنسبة لدول الفائض فنسب الاستيرادات إلى الناتج المحلي في دول الفائض (46%) اكبر من المجموع، هذه القيمة المضافة لأنشطة الخدمات في دول الفائض (51%)، هذا الحساب الجاري لميزان المدفوعات لحالات الفائض بالمتوسط هي (6%) فائض، وهذا النمو السنوي للناتج المحلي الاجمالي الحقيقي لحالات الفائض (3،6%) بينما المتوسط العالمي يكون وضعه اكبر".
المداخلات:
- الشيخ مرتضى معاش، المشرف العام على مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام، يعتقد "إن العالم يعيش حرب تجارية كبيرة جدا، وهذا العجز من الممكن أن يدخل في خانة الحرب التجارية، فسبب من اسباب شن الحرب التجارية التي يقودها ترامب هو العجز الامريكي الحاصل في الاستيراد والتصدير، وهذا العجز وصل إلى (200) مليار دولار بين امريكا والصين".
اضاف معاش "لذا يمكن طرح السؤال التالي هل ترامب محق ام لا؟، السؤال الاخر اذا كان العالم كله مستورد فمن هو الرابح في تلك الحرب التجارية؟، النقطة الاخرى دعوة العراق كي يكون صناعيا وهذا عنوان معقد جدا، فما هي العناصر الجيواستراتيجية التي يملكها العراق حتى يكون بلدا صناعيا؟
- الدكتور خالد عليوي العرداوي، مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية، يؤكد "على إن صانع القرار الحكومي دائما ما يصرح عن وجود (30) الف مشروع متوسط وكبير عاطل عن العمل، وعندنا ايضا (60) الف مشروع صغير حاليا متوقف، وعندنا تقريبا (170) شركة قطاع عام، وهي لا تعمل حاليا بل اصبحت عالة على الدولة وعلى اقتصاد الدولة، هذه كلها تمثل مخاطر اقتصادية، اليوم وفي ضوء خبرتكم وفهمكم للصورة الكاملة للاقتصاد العراقي، ما هي المخاطر الاقتصادية التي تنتظر الاقتصاد العراقي، اذا بقي الحال على ما هو عليه؟.
الرد على المداخلات
يرد الدكتور ابريهي على الاستفسارات بشكل متسلسل، "العراق لابد أن ينطلق من النفط والغاز لأنه بلد موارد، فالعراق يمتلك البتروكيميائيات واشباه البتروكيميائيات وثانيا الصناعات الكثيفة الطاقة، بالتالي هذه الامور ممكن أن تشكل نقطة انطلاق مهمة، اما بخصوص كيفية التصنيع فهذا سؤال كبير جدا ويحتاج للمزيد من البحث والتقصي، اما موقف ترامب من الصين فالموقف غير صحيح خاصة وأن العجز الحاصل ليس سببه الصين".
"اما بخصوص السعر الرسمي للصرف فهو مثبت اسمي ولا نمتلك غيره، ففي حال تجاوزنا هذا المعنى فان سعر الفائدة غير فعال ولا نستطيع استهداف التضخم مباشرة، الحجة الثانية السياسة الاقتصادية عموما هي تستهدف مزاج المستهلك، اما بالنسبة لرأي الشخصي فان سعر الصرف له وظيفة اقتصادية، فلابد أن نهيئ مقومات تشغيل هذه الوظيفة الاقتصادية حتى تستعمل لهذا الغرض، بالتالي نحن حتى لو اردنا ان نتعامل بالوظيفية الاقتصادية لسعر الصرف فالمقومات غير متهيأة، بالإضافة إلى ذلك التعرفة الكمركية لها دور كبير في التصنيع، وكذلك سعر الصرف العملة الاجنبية له اثر ايجابي في التصنيع وفي النمو".
"نحن العراقيين بشر وهناك تماثل في الطبيعة البشرية، وهذا مما يجعل العراق رهين للتجارب العالمية الاخرى، بالتالي المرجعية الحقيقية هي المرجعية التجريبية، التي من خلالها استطاع العالم ان يتطور، اما مسالة المعامل المعطلة في العراق فالدراسات تؤكد على أن التعطيل اجدى، اما موضوع المغالاة في تكاليف الانتاج فقد تم الانتهاء من هذا الموضوع من جراء استقدام العمالة الاسيوية الرخيصة".
"اما بالنسبة لتأثيرات دول الجوار على القطاع الصناعي في العراق، فنحن واقعا نبحث عن مقومات للقدرة العراقية على المنافسة الدولية، اي لابد من تخليق امكانيات اقتصادية جديدة، او زرعة بذور تنتج شيئا في المستقبل، هذه المقومات قدرة تنافسية دولية للعراق، اما بخصوص معادلة الكثافة السكانية والقدرة التنافسية، فيمكن أن نذهب نحو المقايضة في الامد القصير والمقايضة الاخرى في المدى المتوسط والبعيد".
"فالمقايضة ما بين التشغيل والتكنلوجيا المتقدمة تعمل في الامد القصير والمتوسط، اما في الامد البعيد فسيكون هناك انسجام، لان النمو المرتفع هو ايضا يولد طلب مرتفع على القوى العاملة في الامد البعيد، اما في الامد القصير فيمكن معالجتها من خلال نفس الآلية التي تتبعها الحكومة اليوم وهي تحاول تشغيل(4) ملايين مواطن وتعطيهم اجورهم، من اجل تلافي الوضع الراهن ولسنوات قادمة قريبة".
اضف تعليق