q
{ }

بهدف تمكين القطاع الخاص لإصلاح الاقتصاد العراقي عقد مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية حلقته النقاشية الشهرية، تحت عنوان (تمكين القطاع الخاص الخيار الاستراتيجي لإصلاح الاقتصاد العراقي)، وذلك بمشاركة عدد من مدراء المراكز البحثية، وبعض الشخصيات الحقوقية والأكاديمية والإعلامية والصحفية في ملتقى النبأ الأسبوعي، الذي يعقد كل سبت في مقر مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام.

وقد بين مدير الجلسة الباحث الأستاذ الدكتور حيدر ال طعمة، منذ قرابة عامين شكل انهيار اسعار النفط والمسار المتعرج تحدي خطير يواجه البلدان النفطية نظرا لارتباط جهود التنمية بتدفق المورد النفطي والمرتبط اساسا بعوامل خارجية والتي تحدد اسعاره، ويبدو ان السياسات الاقتصادية المعتمدة لامتصاص صدمات اسعار النفط لم تخرج عن اطار ردود الأفعال وبدلا من ابتكار سياسات اقتصادية مستدامة، ومعده للوقاية من الصدامات، ومصممة اساسا لاستباق الازمة. وفي العراق كشف انحسار اسعار النفط عن عمق الاختلالات الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد العراقي والناجمة عن عقود من الحروب والهدر الاقتصادي وسوء تخصيص الموارد وبسبب الادمان المفرط على وارد النفط في تمويل الموازنة. وهناك تساؤلات عدة، والإجابة عليها ربما تثري موضوع المناقشة.

أولا: لماذا التركيز على حث القطاع الخاص؟

 لقد اثبتت التجربة بالنسبة للبلدان النفطية، وخصوصا بلدان الخليج أن الاعتماد على نمو النموذج النفطي القائم على الايرادات في تنمية الاقتصاد الوطني هو ركيزة هشة، والدليل ان جهود التنمية حلم يتبدد كلما انخفضت اسعار النفط، وقد بينت العقود الاربعة الماضية كيفية ارتباط جهود التنمية في هذه البلدان بأسعار النفط، شكل ذلك عقبة امام تطور الاقتصاد لأنه يتحرك ليس بسبب سياسات تابعة للاقتصاد المحلي وإنما يكون تحرك الاقتصاد نتيجة او انعكاس لعوامل خارجية تؤثر وتتحكم في اسعار النفط الخام، لذلك لابد من ايجاد نموذج اقتصادي بديل. وقد تم الركون الى نموذج القطاع الخاص باعتباره الاول في قيادة قاطرة النمو والاستقرار في هذه البلدان وإن النفط هو عنصر او عامل متقلب لا يمكن الاعتماد عليه في تحقيق تنمية مستدامة. وهناك مجموعة من العناصر التي تؤكد اهمية ودور القطاع الخاص في قيادة التنمية الاقتصادية في البلدان وأول هذه العناصر هو:

- توفير فرص عمل

 مثلما نعرف ان النموذج القائم على الايرادات النفطية، ادى الى ان تقوم الحكومة بدور مؤسسات التوظيف وبتلبية جميع طلبات الايدي العاملة وهذا الامر لا يمكن ان يستمر لان فرص العمل تحتاج الى مهارات وخبرات متنوعة، وهذا لا يمكن ان تقوم به الحكومة او القطاع العام لوحده لذلك لابد من اعتماد نموذج بديل، وإن القطاع الخاص يوفر جبهة عريضة من فرص العمل المتنوعة من حيث المهارات، والخبرات، والأعمار، وبذلك يمكن ان يساعد الحكومة في توفير فرص العمل.

إن توفير فرص العمل وتحقيق دخول بالنسبة للأفراد يساعد في زيادة الطلب والذي ستؤدي الى زيادة انتاج السلع والخدمات، مما يعني توفير دخول للأفراد وهذه الدخول ستتحول الى زيادة في الإنتاج وهنا سيكون القطاع الخاص هو المولد لنشاط اقتصادي مستدام وليس الانفاق الحكومي الممول الاساس عن طريق الايرادات النفطية هذا الجانب الاول.

 - تخصيص الموارد

ان الحكومة غير قادرة على تخصيص موارد كافية، وهي في الغالب تهدر لأنها لا تعتمد اسلوب الكلفة في رسم السياسات الاقتصادية عكس القطاع الخاص الذي يعتمد هذا الاسلوب عند رسمه لأي سياسة اقتصادية او قيامه بأي مشروع كما ان الاعتماد على القطاع الخاص سيضمن تحقيق تخصيص أمثل للموارد.

- توفير السلع والخدمات المحلية

ان توفير السلع والخدمات المحلية سيكون بديلا للاستيرادات الكبيرة التي يعتمدها الاقتصاد النفطي على اعتبار ان ذلك سيؤدي الى الحد من نزيف العملة الأجنبية ومن جانب اخر ان توفير السلع والخدمات في الاقتصاد المحلي سيوفر ما يسمى بالأمن الغذائي بدلا من الانكشاف المذهل للاقتصاد العراقي على الخارج.

 ومن الامور المهمة الحصول على موارد مالية لان القطاع العام يكلف الحكومة موارد مالية كثيرة، وان الشركات التي ضمن التصنيع العسكري وغيرها يتقاضون رواتب عن طريق السلف وهم غير قادرين على الإنتاج وهم يكلفون الحكومة سنويا مبالغ جدا كبيرة فلو حصلت شراكة بينهم وبين القطاع الخاص او بيعت هذه المنشآت الى القطاع الخاص سيوفر مصدرين للبدائل المالية

 المصدر الأول هو الكف عن تمويل هذه المؤسسات الخاسرة بدون فائدة لأنه يؤدي الى زيادة الاموال لدى الحكومة.

المصدر الثاني وجود قطاع خاص نشط وقادر على العمل سيجلب ايرادات ضريبية غزيرة ممكن ان تساعد الحكومة في تمويل نفقاتها المعتمدة اساسا على سعر النفط المتقلب.

ثانيا - ماذا فعلت الحكومة لتحفيز القطاع الخاص؟.

 حقيقة هناك جهود اعلامية من حيث الندوات والمؤتمرات وتشكيل لجان لمتابعة تطوير القطاع الخاص، لكن هذه الجهود عابها مجموعة عناصر

- انها في العادة لم تكن جهود مستمرة تبدأ وتنتهي بعد فترة.

- هذه الجهود لم تكن بشراكة مع القطاع الخاص وكانت من جانب واحد، وان النظر الى كيفية تطوير القطاع الخاص بعدسات حكومية فقط فيه شيء من القصور.

- هذه الامور لم تكن في اطار الدراسة الاستراتيجية، مثال على ذلك عام (اب 2015)، وفي سياق الاصلاح الحكومي شكلت لجان لتطوير القطاع الخاص، وعقد مؤتمر وندوة ولم تكن تتابع الاحداث بشكل مستمر، وهذا من اوجه القصور التي تثبت ان الجهد الحكومي كسول في متابعة هذا الموضوع.

- الشيء البارز ان هذه الجهود تأخذ المد والجزر في كافة البلدان النفطية، وتبرز حين تنحسر اسعار النفط وتختفي حالما ترتفع، وهذا ادى الى ضعف تنفيذ ما تخطط له الحكومة من سياسات لإصلاح القطاع الخاص.

ثالثا - ما الذي يكبح انطلاق القطاع الخاص في العراق

 في هذا المورد بحث مركز المشروعات الدولية الخاصة مع مجموعة من رجال الاعمال التحديات الاساسية لانطلاق القطاع الخاص، وعلى هذا الاساس تم جمع (120) من رجال الاعمال الذين يعملون في العراق او لديهم مشاريع بالإضافة الى ارباب العمل في الخارج وبالذات في الأردن وان المسح شمل كلا من اربيل، والسليمانية، وبغداد، والنجف، وبابل، والبصرة وبالتالي احتوت الاستبانة على مجموعة اسئلة مع التركيز على الامور التي يعاني منها الاقتصاد العراقي وعندها افصحت النتائج عن مجموعة من المعوقات التي تشكل تحديا لانطلاق القطاع الخاص..

 التحدي الأول ضعف التمويل في الاقتصاد العراقي خصوصا وان التمويل هو الاداة الاساسية للاستثمار وان ضعف التمويل له شقان.

 الشق الأول: المصارف في العراق لا تقوم بدورها كجسور لتمويل التنمية وان تنصرف الى انشطة هامشية، ومن ضمنها مزاد العملة.

الشق الثاني: الاستثمارات في العالم تعتمد على الاسواق المالية، وفي السابق الشركات كانت تعتمد على المصارف اما الان فهي تصدر اسهم تتداول في الاسوق المالية هذا من جانب من جانب اخر اذا اصيبت الشركة بعسر مالي تستطيع ان تتغلب عليه من خلال السندات وهذا ما معمول به في كل العالم.

لكن هذين العنصرين بحاجة الى سوق مالية متطورة، إلا ان السوق المالية العراقي متخلف وهي تفتقر الى الشفافية، وحتى الارقام هزيلة بالإضافة الى ذلك حتى دعوات الحكومة لإطلاق سلف في الغالب هي مجرد دعوات، ولم تتابع للأخير علما ان اصحاب الاموال يؤكدون على انهم حاليا يقترضون بـ(20%) فائدة وهذا المبلغ جدا باهظ، في الوقت كل بلدان العالم يسعون الى تخفيض سعار الفائدة حتى يطلقون الاستثمار لأنهم يعانون من ركود وأحيانا يصل سعر الفائدة الى(الصفر والى 1%). وهناك جانبان جديران بالإشارة لهم:

الجانب الاول - يشير ان اغلب الاستثمارات ورغم ارتفاع سعر الفائدة هي غير متوفرة وأنهم يطلبون ضمانات، وادى بهم البحث عن اموال من الاقارب والأصدقاء والمدخرات بشكل شخصي وليس بشكل فني.

الجانب الثاني - مكافحة الاغراق حيث اشار عدد كبير من هؤلاء بان الاغراق يشكل عقبة اساسية في تطوير صناعتهم المحلية، لان السلع تتدفق الى العراق بأقل من كلفتها لذلك اصبح العراق ساحة للتنافس بين مجموعة من دول المنطقة، وهذا اثر بشكل اساسي على الاقتصاد العراقي.

رابعا - النهوض بالبنية التحتية (القطاع الكهربائي) كان عقبة بالنسبة لأرباب الاعمال في العراق.

خامسا - الشفافية وتحسين القوانين: عقبتان ركز عليهما رجال الاعمال ويصطدمون بهما اثناء تنفيذ المشاريع الشيء الاخر التشريعات تتم دون الاستشارة مع القطاع الخاص فالقطاع العام يحدد مجموعة من التشريعات وهي في الغالب معده لقطاع عام مركزي وبالتالي هي تتنافى مع نشاط القطاع الخاص وهذا شكل عقبة كبيرة اخرى امام تطور القطاع الخاص.

وأمام مجموعة من العقوبات التي تحيط بتطور القطاع الخاص وانطلاقه نطرح سؤالين:

السؤال الأول: هل القطاع الخاص قادر على النهوض وتحقيق الآمال المعقودة عليه؟

- الاستاذ احمد جويد مدير مركز ادم للدفاع عن الحقوق والحريات يوضح إن "النقاط التي طرحها مركز المشروعات الدولية هي فعلا النقاط الاساسية التي تعيق عمل القطاع الخاص العراقي وان مفردة التمكين التي جاءت في الورقة هي مفردة دقيقة حتى لا يعتمد القطاع العام على مورد النفط لان من مزاياه القطاع الخاص التقليل من نسب الفساد خاصة وان الشعوب الكسولة تميل نحو التوظيف بالقطاع العام، الى جانب ذلك فان القطاع الخاص دائما ما يقوم على المحاسبة والمراقبة غير المعقدة، والمجدية اكثر من القطاع العام.

ويضيف جويد إن "للقطاع الخاص دورا كبيرا لكن بشرط ان تطبق العناصر المهمة، التي تتعلق بالقوانين وبالتشريعات ومسالة الإغراق، ثم ان القطاع الخاص يستطيع النهوض والحصول على ايدي عاملة، اذا كان المردود المالي اكثر واكبر من المردود في القطاع العام، وبالتالي سوف يحصل على اشخاص اكفاء، وعلى هذا الاساس سيتطور بشكل اعلى من مؤسسات الدولة، بالمقابل تبقى الدولة هي الراعية للقضايا الاساسية، مثل الصحة والتعليم والتي تدخل في خدمة المواطن مباشرة ".

- الدكتور خالد عليوي العرداوي مدير مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية "يصف القطاع الخاص بأنه شريك للقطاع الحكومي، وانه فاشل وفاسد وانه لا يعمل بدافع النوعية والتنافسية، بل يسعى الى الربح فقط، بغض النظر عن طريقة الربح، الشيء الاخر انه قطاع استهلاكي اكثر ما هو قطاع انتاجي، وهذه مشكلة حقيقة، وهو قطاع يحاول دائما العمل بطريقة اللصوص في العراق، لاسيما هو يحاول ان يستفيد من العراق وقاعدة استقراره واطمئنانه خارج العراق".

ويضيف العرداوي إن "القطاع الخاص مستعد لتقديم الرشوة للقطاع الحكومي وان ينفذ اعمال ضعيفة الجودة، وهذه الحالة طبيعية طالما النظام السياسي بكافة عناصره الفكرية والقيمية، وهو يعاني من إشكالية، فتلقائيا ترك تأثيره على بقية القطاعات الاخرى ومنها القطاع الاقتصادي، كما نلحظ ان النظام السياسي لم يعمل على رعاية المشروع الخاص ولا اي قطاع من قطاعات الدولة، السبب هو في النظام السياسي اضافة الى ذلك لا يوجد قطاع خاص جدير بالاحترام".

- الدكتور قحطان حسين الباحث في مركز المستقبل للدراسات الإستراتيجية "يعتقد ان القطاع الخاص يمتلك المؤهلات والقدرات والإمكانيات، للنهوض بالقطاع الاقتصادي وتحقيق التنمية في العراق، لكن واقع الحال يقول ان الظرف السياسي الذي يمر فيه العراق هو ظرف حرج وغير مستقر، وكل شيء في الحياة هو مرتبط بالظرف السياسي غير المستقر ثم ان البيئة غير مشجعة على النمو الاقتصادي وتفعيل القطاع الخاص، اذا لا زالت التحديات صعبة امام هذا القطاع للقياد بالدور المطلوب".

ويضيف حسين "ممكن ان نذكر الاسباب التي تحول دون تنشيط القطاع الخاص، وهذه الاسباب تتمثل اولا في غياب النظرية الاقتصادية العراقية بشكل واضح، وهل هو اشتراكي ام رأسمالي وهل هل حكومي ام خاص؟ اذا هناك غياب في الرؤية الاقتصادية التي يفهمها المستثمر او رجل القطاع الخاص، ليقوم بالدور المطلوب، ثانيا تداخل التشريعات والقوانين المتعلقة بالاستثمار والتنمية الاقتصادية وعدم وضوحها، ثالثا الفساد الاداري والمالي الذي اخذ يضرب بأطنابه جذور العملية الاقتصادية والنشاط الاقتصادي بشكل عام في العراق، مما جعل رجال الاعمال يعزفون عن القياد بدورهم في التنمية والاستثمار داخل البلد، وأيضا البيئة الاستثمارية في العراق غير مشجعة لدخول الاستثمار الأجنبي، خاصة وان اغلب الدول التي وصلت الى مراحل متقدمة اقتصاديا حققت ذلك من خلال دعم ودخول راس المال الاجنبي.

ويضيف إن "البيئة الاقتصادية العراقية غير مؤهلة وغير مهيأة في الوقت الحالي لدخول رأس المال الاجنبي، وعدم قيام الحكومة بحماية المنتج المحلي شكل رؤية لدى المستثمر مفادها بأن اي مشروع سيقوم به داخل العراق سيكون المنتج داخل في منافسة قوية مع المنتج الأجنبي، الذي هو بالتأكيد له من المزايا مع يجعله قادر على تحقيق النصر على المنتج المحلي".

 ويبن حسين إن "رجال الاعمال لا يمتلكون ثقافة اقتصادية كافية تؤهلهم لخوض تجربة قطاع ناجحة، فعلى سبيل المثال الحكومة في السنوات التي شهد فيها العراق وإرادات نفطية عالية وفائض مالي كبير، عملت على تنشيط القطاع الخاص من خلال تقديم القروض الكبيرة بمليارات الدولارات، لكن توظيف هذه القروض بشكل خاطئ وغير مدروس من قبل رجال الاعمال، والسبب الاخير الذي يحول دون نهوض القطاع الخاص هو غياب السياسة المصرفية الناجحة التي تساعد هذا القطاع على النمو، ثم ان القطاع الخاص في العراق يفتقد الى رأس المال الكبير الذي يمكنه من النهوض بالشكل الامثل ".

- حمد جاسم التدريسي في جامعة كربلاء والباحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الاستراتيجية يشير الى إن "وجود القطاع الخاص قديم بقدم الدولة العراقية، وكان حكرا على المتنفذين، وكان ينشط على المستوى الزراعي والتجاري، اما الان اي بعد (2003) فالقطاع الخاص في العراق موجود إلا ان اكبر عائق لهذا القطاع هو المسؤول، فأي شركة تفتح مشروع في العراق محلية او اجنبية لابد أن تقدم عمولة او رشوة، الى جانب ذلك يوجد لدينا قطاع خاص ناجح، والدليل على ذلك المشاريع التي تقوم بها العتبة الحسينية وهي تكاد تشمل اغلب القطاعات الصناعية والإنشائية والتعليمية والصحية وغيرها، وسبب نجاح هذا القطاع أنه لا يخضع للضغوط".

- الاستاذ حيدر الجراح مدير مركز الإمام الشيرازي للدراسات والبحوث يعتقد إن "اي سياسة اقتصادية ستكون خاضعة لرغبات اللجان الاقتصادية التابعة للحركات والأحزاب الموجودة في السلطة، أضف الى ذلك هناك مجموعة سياسات يمكن ان تؤشر الى حقيقة الواقع الاقتصادي في العراق، وما سيكون عليه مستقبلا. في ثمانينيات القرن الماضي، الدكتاتوري ابتاع بعض المنشئات والمؤسسات الاقتصادية للقطاع الخاص، والغريب ان البطانة التي تحيط بالسلطة الحاكمة، هي من اشترت تلك المؤسسات وفي الوقت الحاضر ننتهج ذات الاسلوب فجميع المفاصل المهمة تسيطر عليها اللجان التابعة للأحزاب، والشخصيات النافذة في الحكومة الان".

- حامد عبد الحسين خضير باحث في مركز الفرات للتنمية والدراسات الإستراتيجية "يدعو الى تحجيم دور السياسة حتى نستطيع من خلال ذلك ان نحقق واقع اقتصادي معافى، خصوصا وان هناك علاقة وترابط فكلما نحقق نظام سياسي مستقر نفسح المجال امام القطاع الخاص كي ينهض".

- الشيخ مرتضى معاش رئيس مجلس إدارة مؤسسة النبأ للثقافة والإعلام يوضح إن "الاقتصاد الحقيقي، هو اقتصاد الناس وليس الدولة وان يبدأ من القاعدة وليس من القمة. الى جانب ذلك هل توجد ارادة حقيقية لاقتصاد ناشط؟ وهل هناك محاولة امكانية لتمكين القطاع الخاص؟ دائما السلطات عندما تأتي تريد ان تهيمن على الاقتصاد وتحاول ان تنمي الثقافة الاقتصادية التي تنشرها من خلال السيطرة على الناس والهيمنة عليهم بحيث يصبح اقتصاد الناس تبعي لاقتصاد الحكومة، نحن في أزمة مالية كبيرة والدول التي ليس فيها حركة اقتصادية او قطاع خاص تصبح اسيرة بيد الدولة وفيها مجاعات، وعندما نتكلم عن التمكين خصوصا واننا امام قاعدة في اصول الفقه تقول (تحقق العلة التامة يتوقف على وجود المقتضي وفقدان المانع)".

ويكمل معاش إن "المقتضى في قضية تمكين القطاع الخاص تعتمد على الثقافة الاقتصادية عند الناس، فلابد ان يتخلص الناس من التبعية للدولة، وهذا يحتاج الى تغيير ثقافي، وحتى يكون لدينا نوع من الاستقلالية، بالإضافة الى الصورة النمطية الموجودة عند الناس حول القطاع الخاص، وانه قطاع نفعي وعبارة عن عصابات ومافيات، وهذه صورة خاطئة، فنحن نتكلم عن اقتصاد الناس، والمشكلة في مكان اخر فالهيمنة التي عند السلطة هي التي تؤدي الى فساد القطاع الخاص".

ويضيف معاش إن "التحالف الموجود نتيجة السوق السوداء والأسواق الموازية غير الرسمية، تجعل بعض الجهات تستفيد من علاقتها السياسية مع الدولة، لتحقيق تحالفات مالية سياسية اقتصادية، ومن ثم الهيمنة لعدم وجود تمكين للقطاع الخاص".

السؤال الثاني: لماذا لم تبذل حكومات ما بعد (2003) الجهود المرجوة لإحياء القطاع الخاص، وهل يعد الاهمال الحكومي مقصودا من احزاب السلطة لمصالح محلية ودولية؟ وهل هناك قصد لإبقاء الوضع على ما عليه؟

- احمد جويد إن "الواقع العراقي ومنذ عام (2003) والى الان يعيش حالة عدم استقرار في القطاعات كافة، وهناك ثمة عوامل خارجية وداخلية، ادت الى عدم الاهتمام بالقطاع الخاص، وطبعا ان الاقتصاد له اثر في الاستقرار خاصة الاستقرار الامني، فلو كانت فرص العمل موجودة ضمن القطاع الخاص لكان هناك استقرار في جذب هذا القطاع للكثير من الايدي العاملة، والخلاص من الكثير المشاكل، ومنها شيوع المخدرات والجريمة وانخراط البعض في عمليات ارهابية من اجل جني المال".

يضيف جويد إن "غياب الرؤية الاقتصادية عن جميع الحكومات التي حكمت العراق بعد (2003) وعدم وجود خطة سنوية، لذا على الحكومة ان تفكر مليا في النهوض بالقطاع الخاص ومحاولة رسم سياسة اقتصادية واضحة، والتخفيف من وطأة التشريعات التي تؤدي الى روتين قاتل".

- حيدر الجراح قال: اذا كنا سابقا نعاني من الاقتصاد الريعي الان نعاني من الاقتصاد الريعي المافيوي، ثم ان هدف الاقتصاد عادة هو تحقيق غايتين الغاية الخارجية هي تصدير المنتج خارج البلد والغاية الداخلية هي اشباع الحاجات، فيما يتعلق بالاقتصاد العراقي لا يوجد لدينا سلعة ممكن تصديرها وتنافس سلع اخرى، ولا توجد لدينا منظومة لحماية الصناعات الموجودة في العراق من البضائع الأجنبية".

- قحطان حسين يشير الى إن "الحكومة العراقية ومنذ العام (2003) والى الان تمر بحالة صراع على السلطة بين المكونات وصراع على الوجود، ورتبت اولوياتها حتى جاءت قضية تنشيط القطاع الخاص في ذيل الأولويات، وان الجدية من عدمها مرتبطة بمدى تحقق مصلحة مكونات الحكومة بهذا الخصوص، فإذا كانت هناك مصلحة لمكونات الحكومة في تنشيط القطاع الخاص حينها الحكومة لن تتأخر بهذا المجال، فعلى سبيل مصنع السكر في محافظة بابل من المصانع المهمة الا انه تعطل لفترة معينة، بعد أن رفضت وزارة التجارة التعاقد معه لصالح جهات أجنبية، وبعد تدخل العديد من الجهات عمل هذا المصنع من جديد ".

- حامد عبد الحسين خضير يرى إن "وزارة التخطيط اعدت الكثير من الخطط والبرامج الاقتصادية، لكن المشكلة في النظام الاقتصادي الذي لا يفكر إلا في مصالحه الخاصة، وهذا مما يقف عائقا امام تنفيذ القطاع الخاص لبرامجه".

- الشيخ مرتضى معاش يجد إن "الانتخابات والديمقراطية والتداول السلمي للسلطة يعتمد على وجود اقتصاد مستقل، فعلى ضوء الاقتصاد المستقل يمكنك ان يتشكل نظام سياسي فيه نوع من المهنية، وبسبب عدم وجود اقتصاد حقيقي مع وجود آخر ريعي انت امام نظام سياسي وديمقراطي مشوه، وبالنتيجة الانتخابات تعني اصوات وتفكير الناس بالدولة الريعية وبالبطاقة التموينية، وليس لديهم ثقة بالقطاع الخاص".

ويضيف معاش "هناك تفكير اقتصادي خاطئ عند الناس وعند السلطة والمشكلة اننا نبحث عن الربح السريع، وهذا هو اهم اسباب مرض الرأسمالية وإنتاجها لازمات مالية واقتصادية كبيرة، وتدمير البيئات الحاضنة السليمة للاقتصاد، ثم ان النخب السياسية ليس لديها تفكير اقتصاد ولا خطط ولا عقيدة اقتصادية، ولم توفر بنية وحاضنة حقيقية للاقتصاد، بالإضافة الى ذلك نحن استهلاكيون وليس منتجون ولدينا قلق وخوف من المستقبل ".

 التوصيات

- لابد من تمكين القطاع الخاص العراقي من خلال توفير الملاذات الامنية والقانونية

- على الحكومة والقطاع الخاص ان يعوا جيدا ان التنمية في اي بلد لا يمكن ان تتم بغياب القطاع الخاص

- ان تكون لنا شراكات استثمارية واقتصادية مع دول اخرى

- القطاع الخاص ركن اساسي لبناء الدولة الديمقراطية

- بناء مناخ استثماري جاذب يحفز القطاع الخاص على قيادة الاقتصاد العراقي

- حماية المنتوج الوطني

- ضرورة تكافئ الفرص في القطاع الخاص

- تشجيع الثقافة الاقتصادية

- لابد ان تكون هناك مكافحة حقيقية للفساد

اضف تعليق