الركود هو انكماش كبير وواسع النطاق ومطول في النشاط الاقتصادي. ويُعد معدل البطالة مؤشرًا رئيسيًا للركود. عندما ينخفض الطلب على السلع والخدمات، تحتاج الشركات لعدد أقل من العمال وقد تسرح الموظفين لخفض التكاليف، مما يضر بالطلب بدوره ويمكن أن يؤدي إلى المزيد من عمليات التسريح. منذ الكساد الكبير، تبنت...
الركود هو انكماش كبير وواسع النطاق ومطول في النشاط الاقتصادي.
يُعرَّف الركود بأنه انكماش مهم وواسع الانتشار في النشاط الاقتصادي وعادة ما يستمر لأكثر من بضعة أشهر.
القاعدة العامة الشائعة هي أن ربعين متتاليين من الانكماش في الناتج المحلي الإجمالي (GDP) يشيران إلى الركود. ومع ذلك، فإن تقييم الركود أكثر تعقيدًا من ذلك بكثير.
النقاط الرئيسية
* يقيس الاقتصاديون طول فترة الركود من ذروة التوسع السابق وصولاً إلى قاع الانكماش.
* قد تستمر فترات الركود لمدة لا تزيد عن ربعين، ولكن قد لا يتعافى الاقتصاد (وربما سوق الأسهم) إلى ذروته السابقة لسنوات.
* غالبًا ما يظل معدل البطالة مرتفعًا بشكل كبير حتى بعد فترة طويلة من التعافي الاقتصادي، مما يجعل المراحل المبكرة من الانتعاش تبدو وكأنها استمرار للركود بالنسبة للكثيرين.
* تستخدم الدول السياسات المالية والنقدية للحد من مخاطر الركود.
كيف يعمل الركود؟
منذ الثورة الصناعية، نمت معظم الاقتصادات بثبات، ولكن فترات الانكماش الاقتصادي لا تزال شائعة
بين عامي 1960 و 2007، كان هناك 122 حالة ركود أثرت على 21 اقتصادًا متقدمًا، وفقًا لصندوق النقد الدولي (IMF).
في السنوات الأخيرة، أصبح الركود أقل تواترًا وأقصر مدة.
يمكن أن تصبح الانخفاضات في الناتج الاقتصادي والتوظيف التي يسببها الركود ذاتية الاستمرار. فمثلاً، قد يدفع انخفاض طلب المستهلكين الشركات إلى تسريح الموظفين، مما يؤثر على القوة الشرائية، ويزيد من ضعف طلب المستهلكين.
يمكن أن تؤدي الأسواق الهابطة (bear markets) التي تصاحب الركود غالبًا إلى عكس "تأثير الثروة"، مما يجعل الأفراد أقل ثراءً فجأة ويقلل من الاستهلاك.
منذ الكساد الكبير، تبنت الحكومات سياسات مالية ونقدية عالميًا لمنع الركود العادي من أن يصبح أسوأ بكثير. بعض عوامل الاستقرار هذه تحدث تلقائيًا، مثل التأمين ضد البطالة، بينما تتطلب إجراءات أخرى إجراءات محددة، مثل خفض أسعار الفائدة لتحفيز الاستثمار.
قياس الركود:
يقيس الاقتصاديون في المكتب الوطني للبحوث الاقتصادية (NBER) الركود بالنظر إلى مؤشرات مثل كشوف المرتبات غير الزراعية، والإنتاج الصناعي، ومبيعات التجزئة، من بين مؤشرات أخرى.
يجب أن يكون الانكماش عميقًا وشاملاً ومستمرًا للتأهل كركود حسب تعريف NBER. ولهذا السبب، يتم تسمية العديد من حالات الركود بأثر رجعي.
غالبًا ما تنخفض أسواق الأسهم قبل حدوث الانكماش الاقتصادي، لذلك قد يفترض المستثمرون أن الركود قد بدأ مع تراكم الخسائر وتراجع أرباح الشركات، حتى لو ظلت مقاييس الركود الأخرى (مثل إنفاق المستهلكين والبطالة) سليمة.
ما الذي يتنبأ بالركود؟
على الرغم من عدم وجود مؤشر واحد مؤكد للركود:
* سبق منحنى العائد المقلوب كل حالة من حالات الركود العشرة في الولايات المتحدة منذ عام 1955. ومع ذلك، لم تتبع كل فترة من منحنى العائد المقلوب ركودًا.
* يكون منحنى العائد طبيعيًا عندما تكون عوائد السندات قصيرة الأجل أقل من عوائد طويلة الأجل، لأن الدين طويل الأجل ينطوي على مخاطر مدة أطول (مثل خطر التضخم المستقبلي أو ارتفاع أسعار الفائدة).
* ينقلب منحنى العائد إذا انخفضت عوائد السندات طويلة الأجل بينما ارتفعت عوائد السندات قصيرة الأجل. السبب وراء انخفاض عائد السندات طويلة الأجل عن السندات قصيرة الأجل هو توقع التجار والمستثمرين لضعف اقتصادي وشيك يؤدي في النهاية إلى تخفيضات في أسعار الفائدة.
* ينظر المستثمرون أيضًا إلى مؤشرات رائدة أخرى مثل مؤشر مديري المشتريات (ISM Purchasing Managers Index) ومؤشر المؤشرات الاقتصادية الرائدة (Conference Board Leading Economic Index).
ما الذي يسبب الركود؟
يمكن تصنيف النظريات التي تفسر الركود على نطاق واسع إلى عوامل اقتصادية، مالية، نفسية، أو مزيج منها. يمكن أن يكون سبب الركود اقتصاديًا، أو ماليًا، أو نفسيًا، أو مزيجًا من هذه العوامل.
* العوامل الاقتصادية: يرى بعض الاقتصاديين أن التغيرات الاقتصادية، مثل التحولات الهيكلية في الصناعات، هي الأكثر أهمية. مثال: الارتفاع الحاد والمستدام في أسعار النفط يمكن أن يرفع التكاليف في جميع أنحاء الاقتصاد، مما يؤدي إلى تأثيرات قد تسبب الركود.
* العوامل المالية: تركز هذه النظريات على نمو الائتمان وتراكم المخاطر المالية خلال الأوقات الاقتصادية الجيدة، أو انكماش الائتمان وعرض النقود عند بدء الركود، أو كليهما. (مثال: النظرية النقدية (Monetarism) التي تقول إن الركود ناتج عن نمو غير كافٍ في المعروض النقدي).
* العوامل النفسية: تركز نظريات أخرى على عوامل مثل الإفراط في الحماس خلال الازدهار والتشاؤم العميق أثناء فترات الانكماش. (مثال: الاقتصاد الكينزي الذي يركز على العوامل النفسية والاقتصادية التي يمكن أن تعزز وتطيل أمد الركود).
* يجمع مفهوم لحظة مينسكي (Minsky Moment)، نسبةً للاقتصادي هايمان مينسكي، بين العوامل لشرح كيف يمكن لفرحة السوق الصاعدة أن تشجع على المضاربة غير المستدامة.
الركود والكساد
* شهدت الولايات المتحدة 34 حالة ركود منذ عام 1854، ولكن خمسة فقط منذ عام 1980.
* يمكن أن يتسبب الركود الروتيني في انخفاض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 2%، بينما قد يؤدي الركود الحاد إلى تراجع الاقتصاد بنسبة 5%، وفقًا لصندوق النقد الدولي.
* الكساد (Depression) هو ركود عميق وطويل الأمد بشكل خاص، على الرغم من عدم وجود صيغة مقبولة عمومًا لتعريفه.
* خلال الكساد الكبير، انخفض الناتج الاقتصادي الأمريكي بنسبة 33%، وهبطت الأسهم بنسبة 80%، وبلغت البطالة 25%. خلال ركود 1937-1938، انخفض الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 10% وقفزت البطالة إلى 20%.
ماذا يحدث في الركود؟
* ينخفض الناتج الاقتصادي والتوظيف والإنفاق الاستهلاكي.
* من المرجح أن تنخفض أسعار الفائدة، حيث تقوم البنوك المركزية – مثل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي – بتخفيض أسعارها لدعم الاقتصاد.
* يتسع العجز في الميزانية الحكومية مع انخفاض عائدات الضرائب وارتفاع الإنفاق على التأمين ضد البطالة والبرامج الاجتماعية الأخرى.
حالات الركود الأخيرة
* كانت جائحة كوفيد-19 في عام 2020 مثالاً رئيسياً على صدمة اقتصادية يمكن أن تؤدي إلى الركود. وقد صنفه NBER كركود بسبب عمقه وطبيعته الواسعة الانتشار.
* كان آخر ركود أمريكي في عام 2020، في بداية الجائحة. انتهى هذا الانكماش الذي استمر شهرين في أبريل 2020، وتأهل كركود لكونه عميقًا وشاملاً على الرغم من مدته القياسية القصيرة.
في عام 2022، جادل العديد من المحللين الاقتصاديين حول ما إذا كان الاقتصاد الأمريكي في حالة ركود أم لا، بالنظر إلى تضارب المؤشرات. على سبيل المثال، جادلت شركة "ريموند جيمس" الاستشارية في تقرير صادر في أكتوبر 2022 بأن الاقتصاد الأمريكي لم يكن في حالة ركود على الرغم من ربعين متتاليين من الانكماش في الناتج المحلي الإجمالي، مشيرين إلى أن التوظيف استمر في الزيادة.
أشارت بيانات بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، اعتبارًا من أواخر أكتوبر 2022، إلى أن مؤشرات NBER الرئيسية لا تشير إلى وجود ركود في الاقتصاد الأمريكي.
مدة الركود
متوسط فترة الركود في الولايات المتحدة منذ عام 1857 كان 17 شهرًا.
مع ذلك، فإن حالات الركود الست التي حدثت منذ عام 1980 بلغ متوسطها أقل من 10 أشهر.
الركود هو انكماش كبير وواسع النطاق ومطول في النشاط الاقتصادي. ويُعد معدل البطالة مؤشرًا رئيسيًا للركود. عندما ينخفض الطلب على السلع والخدمات، تحتاج الشركات لعدد أقل من العمال وقد تسرح الموظفين لخفض التكاليف، مما يضر بالطلب بدوره ويمكن أن يؤدي إلى المزيد من عمليات التسريح.
منذ الكساد الكبير، تبنت الحكومات سياسات مالية ونقدية لمنع الركود من التعمق ليصبح كسادًا، مثل التأمين ضد البطالة وخفض أسعار الفائدة.
لتوضيح العلاقة بين البطالة والركود: عندما يضرب الركود الاقتصاد، فإن انخفاض طلب المستهلكين أشبه بإيقاف تشغيل محرك مصنع كبير؛ حيث تتوقف الحاجة إلى العديد من العمال لإنتاج السلع، مما يؤدي إلى تسريحهم. هؤلاء العمال المفصولون لديهم الآن أموال أقل لإنفاقها، مما يؤدي إلى انخفاض الطلب بشكل أكبر، فتزداد حالة المصنع سوءًا، كحلقة مفرغة.



اضف تعليق