انجزت الحداثة كل شيء لشعوب أوربا لكنها سحقت آمال واحلام ودول وثقافات وتاريخ شعوب عديدة وكثيرة وبوسائل القمع والقهر الاكثر عقلانية في الظاهر والاشد بؤسا في الباطن لكنه الوهم والتعلق بالمطلق بالعقل العربي، ومن المهم التذكير به ومعرفته أن البرجوازية ومن ثم الرأسمالية هي من أفرغت العقل الإنساني...

يشكل العقل في تاريخ الإنسان هويته الوجودية وتتبلور المفاهيم حول الإنسان وفق هذه الخصوصية الهائلة في ترتيبه التكويني، وتظل التساؤلات قائمة حول أصول العقل في تكوينه الفطري أو نشأته التطورية وتميل الأديان دائما الى التذكير بالمنحة الإلهية للعقل بينما تطرح العقيدة المادية تصورات حول التطورية في نشأة العقل وازدياد مراحل نضجه في التجربة والتشكيلات التاريخية والثقافية له.

 لقد قدر للعقل الممنوح وفق التصورات الدينية أن يؤسس وينشأ كل الحضارات القديمة التي كانت تستند في فهمها للعقل والفعل الحضاري أنهما هبة إلهية واختيار قدري من جانب الإله الى شعب ما أو عرق معين، فقد كانت فكرة الشعب المختار[1] طاغية على التفكير العام عند الشعوب القديمة وأنها موضع اختيار الآلهة التي كلفتها بالفعل الحضاري والتأسيس المدني للمجتمعات الخاصة بالآلهة وهو ما تعكسه تلك العلاقات المتصورة في الذهنية القديمة بين الملوك والآلهة[2]،

وفي الحضارتين المسيحية والإسلامية التي أعقبت الحضارات الوثنية والحضارات شبه الكتابية ظل العقل منظورا إليه بأنه هبة الله الى الإنسان مع التشذيبات التوحيدية في الإسلامية لهذه الفكرة وصياغة جديدة للعقل أرستها الثقافة الإسلامية في ترسيخ حجية العقل على مستويين أولهما في قبالة الحجة الظاهرة والمعني بها النبوة فكان العقل هو الحجة الباطنة وفق هذه الثنائية الإسلامية وثانيهما حجية العقل في الأصول والاستدلالات الفقهية والكلامية، وتبتني كلا الحجتين في المنظور الإسلامي على مقدمة كبرى وهي أن العقل مخلوقا من الله وهي مكمن حجيته وشرعيته ثم مقدمة كبرى أخرى وهي أن به الثواب والعقاب[3]،

ووفق تلك العلاقة التأصيلية للعقل في انتمائه الإلهي كان العقل الإسلامي عقلا أخلاقيا بامتياز في التعريف العقائدي والثقافي للعقل في الإسلام جاء في تعريف العقل في المصادر الإسلامية العقل روى الشيخ القمي (عن بعض أصحابنا رفعه إلى أبي عبد الله عليه السلام قال: قلت له: ما العقل؟ قال: ما عبد به الرحمن واكتسب به الجنان قال: قلت: فالذي كان في معاوية؟ قال: تلك النكراء تلك الشيطنة وهي شبيهة بالعقل وليست بعقل)[4]، وبذلك فكل ما هو من النكراء ومن السلوك الشيطاني فهو على الضد من العقل وهي إشارة ضمنية وصريحة أيضا في المنحى الاخلاقي للعقل في الإسلام، وقد اقترح بعض كبار الكتاب العرب ان هذا الفهم يتعلق تخصيصا بالعقل في الإسلام، لكن العقل القديم كله كان ينحوا ذلك المنحى الأخلاقي في منظومته الدينية والاجتماعية، ومن هنا كان يعبر عن العمل العقلي بالحكمة وكان عقلاء البشر يطلق عليهم الحكماء وإليهم تكون المشورة والرأي، ولقد كانت الأديان تسير بموازاة العقل وتجيب على ما يعجز العقل عن الإجابة عليه وهكذا كانت العلاقة بين الدين والعقل إجابة مقترحة وتأويل نص وإضاءة حكمية - أخلاقية في التفكير يتزود العقل بها من الدين[5]،

ولكن هذا العقل تعرض الى هزة عنيفة مع الحداثة في القرن الميلادي الثامن عشر الميلادي وفق التصنيفات الغربية والعربية في الحداثة وعاد التساؤل من جديد حول هوية هذا العقل واستحقاقاته وشروط العمل به، ولكن هذا التساؤل كان يمر عبر ظروف تاريخية واجتماعية عنيفة تمر بها مجتمعات محددة في أوربا وهي المجتمعات اليهودية في القرن الخامس عشر الميلادي التي غادرت العقل الديني تحت ضغوط محاكم التفتيش، وهو ما يدعونا الى البحث في الأصول اليهودية في الحداثة باعتبارها بحثا في تاريخ العقل لا سيما الحديث.

الحداثة من وجهة نظر المصادر العربية:

 تحيل المصادر الحداثية العربية أصول الحداثة والتنوير دائما الى الاسهامات الأوربية الغربية والى مصادرها في الفلسفة الحديثة التي عبرت عن العقل الأوربي بعد تحولاته أو انفكاكاته عن اللاهوتية المسيحية وانتقالاته عن الفلسفة الإغريقية والأرسطية منها على وجه التحديد، لقد نشأ هذا العقل الأوربي الحديث وفق المصادر العربية الحداثية عبر اسهامات أولية مارسها الفكر المسيحي في انفتاحات ممكنة على العقل واستبدال الفكر الأسطوري والكهنوتي ومن ثم اللاهوتي بالعقل التأملي والتشكيكي مع ديكارت وبالعقل التجريبي مع هوبس وبالعقل الحسي مع جان لوك وبالعقل النسبي مع كانط، وكانت مصادر الحداثة العربية تلك تصدر عن المصادر الأوربية الغربية في تتبع المسارات التاريخية والسيرورات الفكرية للحداثة الأوربية الغربية، وفي كتابه "معرك التنويريين والأصوليين في أوربا" يستند هاشم صالح أحد أشهر مترجمي الحداثة الى العربية الى تودوروف في متابعته التاريخية للحداثة والتنوير في أوربا وضرورة اقتران الحداثة العربية بها أو السير على منوالها التاريخي والاجتماعي[6] وهي لغة ومنهج كل الحداثيين العرب، فأوربا هي الفيصل في العقل وعصر ما قبل العقل وهو مضمون المقارنة الحداثية العربية الدائمة بين عصر الحداثة وما قبل الحداثة.

ان تودوروف وهاشم صالح والحداثيين العرب يذهبون الى انتصارات المعرفة في الحداثة وبهذه الانتصارات حققت أوربا حداثتها ولذلك هي تطلب منا ان ننتصر معرفيا[7] وهي المعرفة المنفصلة عن التنظيرات الدينية للعقل وبنفس الوقت لنوع المعرفة لكن الحقيقة التاريخية تؤكد انتصار أوربا في مجالات الاقتصاد وبفعل تطورات البرجوازية وانجاز الشرط المادي والاقتصادي في التحولات الحداثية في أوربا لتنتصر المعرفة لاحقا، انه اختزال فاضح يقوم به تودوروف في معنى التنوير انه يقول ومعه كل المفكرين الغربيين (التنوير يعني انتصار العقلانية العلمية في المجتمع) طبعا ويضيف اليها القانون والديمقراطية وحقوق الانسان[8]، وهي كلها نتاجات وليس أدوات وهي كلها آثار وليس مؤثرات أساسية او بدئية وقد انساقت المخيلة الحداثية العربية وراء هذا التقليد واستندت الى أسوء قواعد عالم ما قبل الحداثة وهو مبدأ التقليد ولكن هذه المرة انتقلت من تقليد تراث عربي عتيق الى تقليد تراث اوربي، بالنسبة للحداثيين العرب يظل حديثا مهما طال به الزمن ومهما عتق تاريخيا او زمانيا.

 لقد انتقل العقل العربي في سياقاته التقليدية وبطبيعته ماقبل الحداثية الى تمسكاته بالحداثة وبذات السياقات التقليدية، هنا نجد ايمان هذا العقل بالمطلق والابدي والكوني وتخليه عن النسبي والموضوعي حين يصف ممثل العقل الحداثي العربي هاشم صالح الحداثة والتنوير بالمطلقية والكونية والابدية وصلاحها لكل زمان ومكان[9]، ترى ماذا ابقى للأصولية التقليدية لكنها هذه سمة العقل الموبوء بالصراعات مع الآخرين والذي يشكل ثيمة خطيرة في العقل العربي التقليدي الذي ندعو الى تحديثه بالطريقة التي تواكب فهم خاص بواقعنا العربي والاسلامي والتخلي عن استنساخ التجربة الغربية ترى هل بإمكان العقل العربي ذلك؟؟؟

لا اعتقد ان الحداثيين العرب يجيبون بالإيجاب انه القصور او بالأحرى التقصير الذاتي الموروث عن العقل العربي التقليدي الذي يعطل العقل الحداثي العربي عن التفكير بالبدائل.

حديث هاشم عن انتظار المسلمين السعادة في الآخرة وكذلك المسيحين انه كلام تلفيقي ينتمي الى الوهم الحداثي اكثر من انتمائه الى الواقع الانساني فالإنسان ينزع دائما في ان يبحث عن السعادة في الارض وفي حياته الخاصة ولكنها لا تتوفر لديه بتأثير ظروف موضوعية وتاريخية اجتماعية، تعميم هاشم يفتقر الى ابسط استدلال انثربولوجي او ثقافي وانما هو من صياغات الافكار المكتبية او المغرقة في التنظير باطار العزلة والانكفاء على الافكار الخاصة.

نعم قد كان في حديث أهل الأديان وثقافات الأولياء الدينية تلك الهواجس نحو السعادة الأخروية ولكنها لم تكن ذا وجهة في التعميم الثقافي في مجتمعات الإسلام لا سيما المجتمعات العربية التي ظلت وفية لتقاليدها الثقافية العشائرية أكثر من توجهاتها الدينية، يتحدث هاشم عن السعادة المطلقة التي حققتها الحداثة للشعوب ويسهب في تعداد مناقب الحداثة في السعادة التي صنعتها للشعوب لكنها حصرا هي شعوب أوربا، ويغض النظر في الحديث عن البرجوازية وتطوراتها في الرأسمالية في انجاز تلك السعادة المطلقة من وجهة نظره، لأنه يدرك جيدا حجم المأساة والالم الذي سببته للشعوب في اسيا وافريقيا واميركا اللاتينية تلك الانظمة السياسية والاقتصادية الحداثية او محركات الحداثة الاوربية.

 نعم انجزت الحداثة كل شيء لشعوب أوربا لكنها سحقت آمال واحلام ودول وثقافات وتاريخ شعوب عديدة وكثيرة وبوسائل القمع والقهر الاكثر عقلانية في الظاهر والاشد بؤسا في الباطن لكنه الوهم والتعلق بالمطلق بالعقل العربي، ومن المهم التذكير به ومعرفته أن البرجوازية ومن ثم الرأسمالية هي من أفرغت العقل الإنساني من كل توجه قيمي وبعد أخلاقي وكان مع نشوئها وتطورها ينفصم عن العقل تضميناته القيمية والأخلاقية والحكمية التي أسست لها ورعتها الثقافات الإنسانية القديمة والتي كانت تراعي القيم الطبيعية والإنسانية في تضميناتها.

 لقد وضع هاشم محاججة تيودوروف في تنقية الحداثة والتنوير وبصيغتها في المطلق وتبرئتها مما لحق شعوب العالم من آثارها الضارة في الاستعمار والحرب على الحضارات والثقافات واعتبر ذلك حرفا عن مسار التنوير واستغلالا لمبادئ التنوير[10]، وينسب هاشم كل من اختلف مع التنوير الى الاصولية المسيحية او الاصولية الاسلامية في تقمص واضح لسياسات القمع التي لم تتخلى عنها المؤسسات الحداثية الثقافية، ويذكر اسماء منهم ت س يليوت والبابا يوحنا بولس الثاني ودوبونالد المفكر الفرنسي، وكانت نقطة الارتكاز في نقدهم للتنوير والحداثة انها وضعت الانسان محل الله وانه مصدر القيم العليا ووضع العقل محل التراثات الدينية الجماعية، وعند البابا انها انتجت الفاشية والنازية والتولتارية الشيوعية على اثر رفض المسيح[11]، ويعيب هاشم على تلك الآراء انها تتغافل المأساة والمعاناة التي كانت تتعرض لها البشرية قبل الحداثة لا سيما الحروب الاهلية والكراهية الدينية والعنف الديني بين البشر ويحتج بالحرية الدينية الممنوحة للبشر في ظل الحداثة انه يتساءل من يمنعك اذا تصلي او تصوم أو تذهب الى الجامع[12] كما يقول وأيضا يقول لم يعد هناك تعصبا في الدين او في المذهب[13] بفضل التنوير لكنه لم يتحدث عن بقاء وتنامي التعصب العرقي والقومي الذي اخذ يكتسح أوربا مع صعود اليمين القومي والديني.

 لقد وقفت كل المؤسسات التي انتجتها الحداثة من الدولة الى القوانين الى الانظمة السياسية، لقد وقفت كلها ضد ارادة الشعوب واستباحت ثرواتها ومصالحها وثقافاتها ومصائر شعوبها، لكن هاشم وفي رده على تلك النقود يقول ان ما حدث من هذا القبيل هو ما يخالف مبادئ الحداثة والتنوير[14]، وبمثل حجته يمكن القول ان ما حدث في ظل الدولة الدينية التي هي المطعن الأكبر للحداثة الغربية وربيبتها العربية هو ما يخالف مبادئ الاديان فلماذا يقصى الدين ويحصر في دائرة ضيقة من الفردية ولماذا لا نفرق بينه وبين الدولة الدينية في العرف الحداثي والتنويري، وكانت تلك محاججة هاشم تجاه نقد التنوير الذي فاجأ به العالم الكاتب الفرنسي ريجيس دوبريه فقد ذكر أن عصر الأنوار الذي استطاع تحرير أوربا من سلاسل الأصولية الدينية والإقطاع الارستقراطي والاستبداد السياسي قد خلفه عصرا في أوربا كانت فيه مصائب وأهوال ليس أقلها المحرقة اليهودية وهيروشيما وناكازاكي والحروب العالمية والحروب الاستعمارية والمجازر الشيوعية والستالينية[15] كما يقول، ويبرر هاشم انقلاب دوبريه على التنوير بانه انقلاب على الآثار السيئة التي أنتجتها قارة ودول التنوير[16].

 لكن هاشم يتجاهل أو يتغافل عن ارجاع كل تلك القيم السيئة في الحداثة والتنوير الى أصولها والتي نادت منذ البدء وصنعت القطيعة مع القيم الدينية والانسانية العليا او ما يمكن ان نطلق عليه العقل الأخلاقي، وكانت تلك هي صنيعة الحداثة والتنوير اليهودية العلمانية والالحادية وقد تسللت اخيرا الى الحداثة التي تخلت عن اصولها المسيحية لتتلبس باللباس القومي الاوربي وتخرج عن رداء الدين خروجا كليا او الروح الديني الذي كان يتمثله الحداثيون او التنويروين الأوائل.

 لكن هاشم ومعه كل الحداثيين العرب ينطلقون في تحديد عصر التنوير أو تاريخ الحداثة في القرن الثامن عشر الميلادي وبدأ مع فولتير وكانت وفاته في العام 1778م، ولم يكن فولتير ملحدا أو مبشرا بانقضاء عصر الدين ولكنه كان متنبأ ومتوقعا انتهاء عصر الكنيسة وانتهاء سلطة رجال الدين المسيحين وانبثاق إيمان جديد يحل محل الإيمان القديم إيمان يقوم على التسامح والحرية، وكان تنوير فولتير يستهدف العقول والمعرفة بالدرجة الأولى وذو مسحة سياسية[17]، وهكذا كان كل مؤسسي ودعاة التنوير والحداثة في مرحلتها المبكرة الأولى، ولكن أين ومتى ظهر التنوير الملحد والحداثة التي تنادي بازدراء واقصاء الدين أو العقل الذي يستمد مقوماته من الدين أو يستمد مقوماته من الحكمة الأخلاقية أو العقل المنبعث من ضرورة المعرفة بالنفس باعتبار تلك المعرفة ضمانة أخلاقية كبرى للواقع والمستقبل الإنساني؟

الأصول اليهودية في الحداثة:

دائما تغفل تلك المصادر العربية أو تتغافل عن التأثيرات والمصدريات اليهودية في ابتكار وابتداع الحداثة واسهاماتها الأولى والمبكرة في الانتقال نحو الحداثة والتنوير والعلمنة، ولعل ذلك التغافل وتخطي الاشارات الى تلك المصادر المبكرة في الحداثة يعود الى الحساسية المفرطة أحيانا تجاه كل ما هو يهودي وهو احساس لم يكن يشكل أصلا في أصول الثقافة والحضارة الإسلامية إلا بعد نكسة حزيران وظهور المشكلة الفلسطينية على أثر استحواذ الحركة الصهيونية على تراثات اليهودية، أو خشية من تشويهات قد تلحق المفاهيم والأفكار في الحداثة والتنوير عند المتلقي العربي والمسلم إذا عرفت أصولها ومصادرها الثقافية–اليهودية، وقد كانت تلك التشوهات حاضرة في الفكر العربي التقليدي ولكنها كانت قاصرة عن تأصيلاتها التاريخية وتحليلاتها الفكرية بل كانت تنتظم في أفكار المؤامرة ومخططات الماسونية المزعومة وهي ما كانت تتسبب في إهمالها الفكري والثقافي في الدراسات والبحوث الفكرية والثقافية العربية.

لكن الكاتبة كارين آرمسترونغ تتحدث عن ثلاثة أحداث وقعت في القرن الخامس عشر الميلادي وتعتبرها مخاضات أولى نحو عالم حديث في أوربا يؤسس للقطيعة مع عالم قديم وتصرح أن القرون الثلاثة أواخر القرن الخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر – الميلادي هي السنوات التي نشأت فيها الحضارة الغربية الحديثة[18]، وأما الأحداث التي كانت تاريخيا تقف خلف هذا التأسيس فهي أولا سقوط غرناطة الإسلامية سنة 1492م على يد جيوش أيبريا المسيحية التي كان يقودها الثنائي المسيحي والملكين الزوجين فريناند وايزابيلا وبعد سبع سنين خير المسلمون بين المسيحية أو الترحيل وفي ذات السنة صدر مرسوم ملكي بتخيير اليهود بين التعميد والطرد من اسبانيا وتعتبر آرمسترونغ أن المرسوم الخاص باليهود هو الحدث الثاني المهم تاريخيا في عملية التحول الحداثي في الحضارة الغربية وأما ثالث هذه الأحداث فهو اكتشاف العالم الجديد على يد الرحالة كولومبوس برعاية شخصية من جانب ملوك اسبانيا الجدد فريناند وايزابيلا.

وتدخل سياسات التنصير أو التعميد التي اتبعها هؤلاء الملكين في اسبانيا من وجهة نظر آرمسرونغ في مخطط خلق الدولة المركزية الحديثة[19] التي باتت نموذجا أوليا في بناء الدولة الحديثة والتي كانت وتظل تشكل الهدف الاستراتيجي في الحداثة وكانت ترافق ذلك التأسيس سياسات القمع والاكراه في عقائد وثقافات المجتمعات غير المسيحية وتؤشر آرمسترونغ بقاء هذه النزعة العدوانية في الحداثة والتي تعتبرها الجانب الأكثر قتامة في الحداثة الأوربية والتي ستمتد الى أنحاء أخرى في الأرض[20]، وكانت آرمسترونغ تعني بتلك الحداثة الاسبانية القدرة العملية المسيحية على تحديث الكنيسة وتحديث الدولة المسيحية في عملية مترابطة الأدوار بين الكنيسة والمملكة، فالنظام أو التنظيم السياسي والإداري الذي انتهجته الكنيسة والمملكة في أدوارهما ووظائفها كان يستند الى عقلانية تهيمن عليها الأساطير المسيحية أو تأويلات بدت حديثة وغير معهودة في التفكير المسيحي الديني والسياسي التقليديين، فكانت الدولة المركزية الحديثة في اسبانيا من نتاج هذه الحداثة المسيحية وكان تنظيم سلطة البابا والأساقفة وعقلنة الطقوس الإيمانية ومنها سر القربان وفق آرمسترونغ نتاج الحداثة المسيحية أيضا، لقد كانت تلك الحداثة المسيحية الاسبانية جزءا من حرث الحداثة المتقدم كما تقول آرمسترونغ نصا[21]، وهكذا يتكشف أمامنا جذرا من جذور الحداثة الغربية طالما صمتت مصادرنا الحداثية – العربية في الحديث حوله، وفي خلال ذلك كله لم يكن الدين موضوعا للنبذ الحداثي بل كان أحد الأسس المقومة للحداثة المسيحية التي كادت أن تنحصر في العمل على إكساب المؤسسة المسيحية الكهنوتية والسياسية مزيدا من التقدم الحداثي وموائمة متغيرات العصر بعد سقوط بيزنطه واستعادة اسبانيا.

وقد تسببت تلك الحداثة المسيحية القاتمة والقمعية أخيرا وأنتجت وبلا إرادة منها محاولات يهودية في التحديث للتفكير الديني اليهودي رصدتها آرمسترونغ في حركات دينية يهودية كانت تنتفض بوجه التراثات اليهودية والتقليدية[22] وتعتمد تأويلات لم تألفها اليهودية التقليدية وكانت تتمثل في الحركات الصوفية الخلاصية وأساطير القبالا[23]، وكانت تلك التأويلات غير المعهودة في اليهودية التقليدية تصنعها الظروف المستجدة في تاريخ اليهود على أثر النفي والتشريد واقتلاع الجذور في الموطن الأكثر اطمئنانا كان لليهود في اسبانيا في ظل الحكم الإسلامي (فقد بدا هذا النفي مرضا مستوطنا وجزاء لابد منه للشرط اليهودي) هكذا تقول آرمسترونغ[24].

 ولكن هناك فصلا آخر في تاريخ النفي اليهودي لم يعتمد تلك التصورات الصوفية الحديثة في الخلاص اليهودي وقد خضع فيه بعض اليهود الى أزمة اللانتماء فهم مسيحيون في الظاهر يهود في الباطن وكانت اسبانيا المسيحية تنظر الى كل اليهود المتحولين الى المسيحية بعين الريبة والشك وقد أسهم هذا التذبذب الداخلي -اليهودي والريب الخارجي– المسيحي الى التخلي عن كلا الدينين اليهودي والمسيحي وبدأ المسيرة ذات الأصول العرقية اليهودية نحو الريبية تجاه الدين وتوجهات الذات اليهودية نحو العلمانية والإلحاد حتى غدت ظاهرة تاريخية في أوربا في القرن السابع عشر الميلادي تكاد أن تختص باليهود المنفيين من اسبانيا وكانت هولندا هي مواقع تلك الأحداث، فقد سمحت امستردام بالحرية الدينية وضمنت لليهود القادمين إليها من الممالك المسيحية في أوربا الحرية في العودة الى دينهم الأول وضمنت لهم الحريات الأخرى لاسيما اعتناق الأفكار والعقائد الشخصية[25].

 لقد كان عددا من اليهود غير مهتمين بالعودة الى دينهم الأول بسبب انفصالهم عنها في ظل سياسات التعميد بالإكراه ومن ثم نسيانهم للممارسات والطقوس اليهودية ومن ثم بدأت نظرة أخرى تسود بعض الأوساط فيهم إذ تكونت نظرة الشك لديهم في كلا الديانتين نتيجة هذا الارتباك في علاقاتهم الدينية سواء اليهودية القديمة أو المسيحية الجديدة بالنسبة لهم، إن الشك يقود بطبيعته الى التساؤل والتفكير وهنا يكون العقل هو أداة التفكير بعد الشك في أو التخلي عن الكتاب المقدس الذي كان يشكل أداة التفكير الوحيدة في مجتمعات اليهودية والمسيحية في العصور الوسطى، لقد كانت البداية مع داكوستا وفق آرمسترونغ الذي كان من اليهود المنفيين والقادمين الى امستردام في القرن السابع عشر الميلادي فقد (أعلن أنه يؤمن بالعقل البشري وبقوانين الطبيعة... و... وجد أن من المحال أن يعيش وفقا لطقوس لم تكن تعني له شيئا)، وعلى أثرها تعرض للطرد والحرمان الديني من اليهود وتكمن فرادة داكوستا أنه لم يكن باستطاعة فرد في ذلك الزمن أن يعيش خارج جماعة دينية وأن يكون علمانيا[26]، وكان الثاني من اليهود السائرين باتجاه العلمانية والحداثة هو جوان دو برادو الذي وصل الى امستردام سنة 1655م لقد أراد عقلنة اليهودية في قبالة الأساطير التراثية اليهودية واقترح العلة الأولى بديلا عن إله التوراة وكانت محاججته تستند الى العقل وفق تصوره للعقل بديلا عن الكتاب المقدس وتؤشر آرمسترونغ أنها كانت التجربة الأولى أو الصدام كما تسميه بين النظرة الحداثية العقلانية والبناء العقلي الديني الذي ينتجه المعتقد والأسطورة[27]، وقد تعرض برادو أخيرا الى الطرد الديني كسابقة داكوستا وتقول عنهما آرمسترونغ أنهما المبشرين بروح الحداثة وقد شارك العديد من اليهود في تلك التصورات حول دور العقل ومكانته في انتاج تأليهية عقلانية تؤدي الى صوفية مستنيرة وتتراجع معها التأليهية الأسطورية[28]، وفي تلك المناخات من التحولات في اليهودية الاسبانية العابرة الى عالم الحرية في امستردام ولد ونشأ اسبينوزا وكان أبواه قد عادا الى اليهودية بعد مسيحية مرغمة وتلقى تعليما في التراث اليهودي والعلوم التي بدت حديثة في ذلك الزمن في الرياضيات والفلك والفيزياء وقد خلص اسبينوزا الى انكار الوحي وأن الله هو بكل بساطة هو إجمالي الطبيعة ذاتها تلك الطبيعة التي نظر إليها كعالم مقدس بفعل إلوهيتها وأنكر عقيدة الإله المتعال الذي من وجهة نظره يستلب الكائن البشري من طبيعته[29]، لقد كانت نوعا من التأليه الذي يمتزج فيه الإيمان بالإلحاد فإله اسبينوزا إله معطل على مستوى التواصل التشريعي مع الإنسان وأن العقل هو الذي يحل محل الإله في إدارة الشأن البشري وأن وظيفة إله اسبينوزا حصرا هي توفير الجمال والحب، وهو ما يفسح المجال للعقل أن يتبنى إصدار التشريعات وإدارة الشأن البشري وبهذا كان يؤسس لمثال الدولة الديمقراطية العلمانية التي لا تنكر الدين كأصل وجودي لكنه ليس الدين الذي يتكفل بالتشريعات وبالقوانين السياسية والإدارية كما كانت مملكة إسرائيل بل الدين الذي يستند الى قوانين الطبيعة والأخاء والحرية[30]، ومع اسبينوزا ومن سبقه من اليهود المرتدين عن اليهودية في امستردام كان الكثير من اليهود قد توصلوا بحلول القرن السابع عشر الميلادي الى نقطة القطيعة[31] مع الدين والتراث والوحي وبهذا كان ذلك التحول أو بدايات التحول نحو الحداثة وملازماتها الديمقراطية والعلمانية.

 ولكن لماذا كانت تلك الحداثة وتبني القطيعة مع التراث واللجوء الى العقل بديلا عن الوحي والرغبة غير المعهودة في تاريخ ما قبل الحداثة بالدولة العلمانية والديمقراطية تكاد تنحصر في يهود أوربا ولم تكن تعني شيئا بالنسبة لليهود في عالم الإسلام في آسيا وأفريقيا؟ بل إنها لم تكن تعني شيئا حتى بالنسبة للمسيحين في أوربا في تلك الفترة، لقد كانت ضرورة تاريخية يهودية حصرا أنتجتها واستنباطا عن آرمسترونغ ظروف الغيتوات التي كان يعيش فيها اليهود وبعزلة تامة عن الدولة والمجتمع المسيحي في أوربا وكانت تشكل صورا من الاضطهاد الذي كان يتعرض له اليهود في أوساط مجتمعات أوربا وكانت تدار هذه الغيتوات بإدارة يهودية تحكمها قوانين الشريعة اليهودية وينفذها الأحبار حملة التوراة والشريعة ويساعدهم كبار السن من اليهود وبسبب عزلتها وقوانينها الخاصة كانت تلك الغيتوات دولة ضمن الدولة وعالما قائما بذاته غير العالم الخارجي – المسيحي، ونتيجة سياسات القمع والاضطهاد المسيحي – الأوربي وعدم السماح لليهود بالاختلاط بالآخرين كانت الغيتوات تتورم داخليا وتكتظ بسكانها وهم في حالة تزايد مستمر وتسبب ذلك بتدهور الأوضاع الصحية والاجتماعية في تلك المدن أو الدول البائسة فكانت الأمراض والفقر ومنعهم من مزاولة أعمال التجارة باستثناء الخياطة والبيع المتجول قدر اليهود في تلك الغيتوات، ولم يكن هذا الحال ليتوقف عند حدود العزل بل تعرض اليهود الى مذابح مروعة في بعض دول أوربا فقد شنت مجموعات من الفلاحين القوزاق في سنة 1648م هجوما مسلحا على اليهود باتهامهم بتعاونهم مع النبلاء البولنديين وقتل في هذا الهجوم 100000يهودي وتدمير 300000 مجمع يهودي وكانت أخبار تلك المذابح تنتشر بين اليهود في الشرق الإسلامي فكانت تعيد فتح بوابات الخلاص الصوفي على يد القبالي شبتاي زئيفي عند أولئك اليهود من وجهة نظر آرمسترونغ[32]، ولكن يبدو أنها كانت وبشكل متواز تحث الرغبة اليهودية في الدولة غير الخاضعة للقوانين الدينية أو الدولة العلمانية والديمقراطية سواء بين اليهود في امستردام أو بين اليهود في مناطق أخرى من العالم لاسيما في أوربا الشرقية من خلال تبني أفكار الحداثة والتنوير وحتى على مستوى الحركات الدينية الخلاصية - اليهودية، وتذكر آرمسترونغ أن معظم هؤلاء الشبتائين سوف يكونون روادا في حركة التنوير اليهودية أو حركة الاصلاح فيها وتذكر منهم جوزيف الذي استطاع أن ينشر أفكار التنوير في أوربا الشرقية في مطلع القرن التاسع عشر الميلادي[33]، وتتأكد إمكانية القطيعة مع الدين في الحركة الصوفية – الشبتائية أو أتباع المخلص شبتاي هو التخلي التاريخي عن التوراة وعن الدين لاحقا عند عدد من أتباع هذه الحركة فقد تخلوا عن اليهودية الى الإسلام ثم تخلوا عن الإسلام بل ووقفوا ضد كل الأديان لصالح العدمية مع البولندي فرانك الذي قاد حركة التمرد ضد الدين وضد القيم التي تؤسس لها الأديان عامة واعتبر شرط المحاربين في الوصول الى الحرية أن يكونوا بلا دين[34] والقطيعة مع الدين هو المبدأ الأساس الذي تنهض عليه الحداثة الغربية بقوة في تحولاتها الأخيرة وانفصالها عن الجذور المسيحية المبكرة التي أسست لها.

هذه الجذور الحداثية في المسيحية بدت متأخرة قياسا الى أصولها اليهودية وتحاول الرؤية الأوربية الغربية وتتابعها المصادر الحداثية العربية أن تعود بالحداثة الى حركات الاصلاح الدينية – البروتستانتية وتحديدا مع مارتن لوثر وجون كالفن وهولدريش زفيغلي في القرن السادس عشر الميلادي الذي نشأ وعاش فيه أولئك المتمردون على الكنيسة الكاثوليكية التي في نظرهم لم توفر لهم الأجواء الروحية والحقائق المسيحية من خلال الكتاب المقدس مباشرة وإنما استند تلك الكنيسة العتيقة الى التفسيرات والتأويلات الشخصية اللاهوتية وجعلت منها معتقدا أو دينا مسيحيا، مما جعل أولئك الذين يطلق عليهم التفكير الأوربي والحداثي اسم المصلحين يرفضون أفكار ومعتقدات تلك الكنيسة والدعوة الى تحصيل ومعرفة العقائد المسيحية من الكتاب المقدس مباشرة وضمنا كانت تعني قدرة العقل على إدراك الحقائق والمعرفة الدينية بدون الحاجة الى رقابة خارجية أو سلطة دينية، هكذا صورت التحليلات الأوربية الغربية تلك الحداثة المسيحية المبكرة وتغاضت الى حد كبير عن مرتكز لوثر في القراءة الحرفية للكتاب المقدس وشدد على أهمية الإيمان ورفض العقل بشدة[35]، وبينما كانت الحداثة المسيحية المبكرة تشدد على أهمية الدين في حياة الإنسان والمجتمع وتدعو الى علمنة الدولة بنفس الوقت[36] وكانت الاكتشافات العلمية في العالم المسيحي لا سيما الفلكية تفسر وفق التضمينات الدينية عند أصحابها من العلماء كوبر وكبلر وغاليلو[37] وكان غاليلو مشغولا بتأليف كتاب بعنوان "الأصول الفلسفية للاهوت غير اليهود" وفيه يسعى الى تأصيل الدين في الإلوهية وتنقيته من الخرافة[38] كانت الحداثة اليهودية تدعو الى نفي الدين عن الدولة والمجتمع والحياة وتؤسس للقطيعة بين الدين والعقل أو للقطيعة بين الوحي والعقل وهو ما انتهت إليه أخيرا الحداثة الأوربية الغربية التي هي شديدة الصلة بالتحولات اليهودية الفكرية لاسيما اليهودية الاسبانية.

 ولم يكن ذلك مبدأ الحداثة المسيحية الأوربية لقد كانت تلك الحداثة موجهة بشكل واضح وصريح في قطيعتها مع النظريات المعرفية الإغريقية القديمة ومع التأويلات للكتاب المقدس المستندة الى الأرسطية والسكولائية الإغريقية لم تكن ضد الدين ولم تسعى الى إزاحته الى خارج الوجود البشري أو حتى الى دائرة الفرد الخاصة كما حدث لاحقا مع الحداثة الأوربية الغربية، لقد وقفت الحداثة المسيحية في القرن السابع عشر مع العقل ضد الأسطورة لكنه العقل الذي لم يخرج عن أزار الدين أو ضرورة الدين في الحياة كان غاليلوا يمقت الأسطورة ولا يرضى بتأويلات التثليث وكان يقول (ياالله أنا أفكر بأفكارك بعدك)[39]، وعلى طريق التخلي الحداثي المسيحي عن الأسطورة كان فرانسيس بيكون مؤسس العلم الإمبريقي يدعو الى إخضاع كل الأفكار والتصورات ومحتويات الأساطير الى النقد العلمي التجريبي ويبشر بعصر العلم ويحيل هذا العصر الموعود الى الألفية التي كان يتنبأ بها أنبياء الكتاب المقدس وكان لا يرى أي صراع بين الإنجيل والعلم[40] وهو ما يبرر وصف وتصنيف ذلك التطور الحداثي بالمسيحي أو توصيف وتصنيف الحداثة المبكرة بالمسيحية – الدينية.

لقد كان ديكارت في القرن السابع عشر الميلادي يمثل ذروة المواجهة أو الحرب على الأسطورة فهو رغم ايمانه بالله لم يكن على استعداد أن يركن الى بصائر الأنبياء والنصوص المقدسة وفق ما تقول آرمسترونغ[41] التي ناقشت تحولات الحداثيين الأوربيين الغربيين ضمن التحولات التي شهدها الفكر الديني الديني – المسيحي في القرن السابع عشر الميلادي وفي سيرورات التحولات الحداثية – المعرفية المبكرة التي أحالت المعرفة الى مصادرها في العقل لكنها لم تضعها بديلا عن الكتاب المقدس بالقدر الذي وضعتها بديلا عن تأويلات وتفسيرات المدارس والفلسفات الإغريقية وبديلا محددا عن الأساطير الموروثة عن الحضارات القديمة.

 * باحث في مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث/2002–Ⓒ2024

http://shrsc.com

......................................

[1] - لقد ورثت اليهودية تلك الفكرة عن الثقافات القديمة واجتهدت في تأويلات غير عقلانية في تنظيم علاقتها بإلهها يهوه وفق مقولة "الشعب المختار"

[2] - من ألواح سومر، صمويل كريمر، ترجمة طه باقر، بيت الوراق – بغداد، الطبعة الأولى، السنة 2010م، ص276- يكشف كريمر عن ترجمة أسطورة عراقية قديمة تتحدث عن نزول الملكية والتاج والعرش الخاص بها من السماء واختيار الآلهة خمس مدن لتكون مراكز لمدن الحضارات الآولى.

[3] - ورد في الحديث القدسي (أن الله لما خلق العقل قال له أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر فقال وعزتي وجلالي ما خلقت خلقا أعز علي منك بك أثيب وبك أعاقب) -

[4] - معاني الأخبار، للشيخ الجليل الأقدم الصدوق أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن بابويه القمي، تصحيح علي أكبر، انتشارات إسلامي – قم، السنة 1379هـ،ص240-

[5] - راجع محاورات افلاطون – الخطيب، ترجمة د.أديب نصّور، دار صادر – بيروت، السنة 1966م، ص164- 172-

[6] - معارك التنويريين والاصوليين في أوربا، هاشم صالح، دار االساقي – بيروت – لندن، الطبعة الأولى، السنة 2010م، ص21ومابعدها-

[7] - المصدر نفسه، ص26-

[8] - المصدر نفسه، ص26-

[9] - المصدر نفسه، ص27-

[10] - المصدر نفسه، ص30-

[11] - المصدر نفسه، ص31-

[12] - المصدر نفسه، ص32-

[13] - المصدر نفسه، ص32-

[14] - المصدر نفسه، ص41-

[15] - المصدر نفسه، ص41-

[16] - المصدر نفسه، ص45-

[17] - المصدر نفسه، ص52-

[18] - النزعات الأصولية في اليهودية والمسيحية والإسلام، كارين آرمسترونغ، ترجمة محمد الجورا، دار الكلمة – دمشق، الطبعة الأولى، السنة2005م، ص17-

[19] - المصدر نفسه، ص18-

[20] - المصدر نفسه، ص18

[21] - المصدر نفسه، ص20-

[22] - المصدر نفسه، ص23-

[23] - المصدر نفسه، ص24-27-

[24] - المصدر نفسه، ص22-

[25] - المصدر نفسه، ص32-

[26] - المصدر نفسه، ص35-

[27] - المصدر نفسه، 36-

[28] - المصدر نفسه، ص37-

[29] - المصدر نفسه، ص38-

[30] - المصدر نفسه، ص38-39-

[31] - المصدر نفسه، ص39-

[32] - المصدر نفسه، ص40- 41-

[33] - المصدر نفسه، ص45-

[34] - المصدر نفسه، ص45-46-

[35] - المصدر نفسه، ص82-83-

[36] - المصدر نفسه، ص83-

[37] - المصدر نفسه، ص64-

[38] - المصدر نفسه، ص86-

[39] - المصدر نفسه، ص86-

[40] - المصدر نفسه، ص87-

[41] - المصدر نفسه، ص88-

اضف تعليق