انتهي عام 2019 بمظاهرات واسعة النطاق، وتفاقمت الفوارق الاجتماعية، وأزمة التمثيل في العديد من البلدان. ويتجه العالم نحو الركود وأزمات جديدة، مع استفحال استنزاف البيئة. ومع ذلك، يمكن للحكومات والمواطنين في نهاية المطاف عكس هذه الاتجاهات المُقلقة في عام 2020. ستقوم 61 دولة بإجراء انتخابات...
بقلم: إيزابيل أورتيز
نيويورك - انتهي عام 2019 بمظاهرات واسعة النطاق، وتفاقمت الفوارق الاجتماعية، وأزمة التمثيل في العديد من البلدان. ويتجه العالم نحو الركود وأزمات جديدة، مع استفحال استنزاف البيئة. ومع ذلك، يمكن للحكومات والمواطنين في نهاية المطاف عكس هذه الاتجاهات المُقلقة في عام 2020.
ستقوم 61 دولة بإجراء انتخابات رئاسية أو برلمانية هذا العام. لقد سئم العديد من المواطنين من السياسات التقليدية المألوفة؛ فهم يريدون إحداث تغييرات، وسيختارون أحزاب جديدة كوسيلة لتحقيق ذلك.
هذه فرصة مهمة لتغيير الوضع الحالي، لكن العديد من القادة الناشئين الجدد هم من الديماغوجيين اليمينيين المتطرفين الذين يلومون سياسات الرعاية الاجتماعية والمهاجرين والفقراء على مشاكل اليوم، بينما يسعون إلى إزالة جميع القيود المتبقية المفروضة على رأس المال. كما هو الحال في المملكة المتحدة، سيصوت العديد ممن يُعانون من الليبرالية الجديدة لصالح هؤلاء السياسيين، مما سيجعل العالم مكانًا غير متكافئ ومحفوف بالمخاطر.
سيتقرر الكثير في الولايات المتحدة، القوة المُهيمنة في العالم حتى الآن. ستكون لكيفية تصويت مواطني الولايات المتحدة (كثيرون منهم ليست لديهم معرفة كافية بالشؤون العالمية) في الانتخابات الرئاسية لعام 2020 عواقب وخيمة على بقية المواطنين في البلدان الأخرى.
أصبح للرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالفعل تأثير كبير على العالم، مما أدى إلى تقويض المؤسسات المتعددة الأطراف والاتفاقيات التجارية والمبادرات العالمية كجزء من نهج "أمريكا أولاً". على الرغم من الخطابات الشعبوية، لم يستفد معظم الأميركيون بشكل كبير. إن التخفيضات الضريبية الهائلة التي فرضها ترامب لصالح الأثرياء، وخفض الرعاية الصحية، وزيادة ميزانية الدفاع الأمريكية هي خطوات تراجعية تؤدي إلى زيادة عدم المساواة.
ومع ذلك، يستمر اليمين في الفوز بالعديد من الأصوات، جزئياً لأنه أصبح أكثر تطرفا، حيث يقدم سياسات غير تقليدية و"غير متوقعة" - من بناء الجدران إلى الخروج من الاتحاد الأوروبي - التي تجذب أولئك الذين يريدون التغيير قبل كل شيء.
إذا فشل الديمقراطيون الاجتماعيون في إيجاد سياسات عامة تقدمية جذرية وجذابة في عام 2020، سيشهد العالم صعود اليمين المتطرف على نحو متزايد، مع التوجه نحو زيادة عدم المساواة، والمخاطر الاقتصادية، والتدهور البيئي.
ليس من الصعب معرفة كيف وصلنا إلى هذا الوضع. أدت أربعة عقود من السياسات الليبرالية الجديدة إلى تآكل الظروف المعيشية في معظم البلدان. اتبعت الحكومات اليسارية واليمينية، بناءً على نصيحة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمات أخرى، سياسات التوريد وركزت على تحسين القدرة التنافسية للأعمال، وخفض الأجور وجعل أسواق العمل "أكثر مرونة" وخفض الضرائب على الشركات وزيادة عدم المساواة في الدخل. في حين زادت الشركات من قدرتها التنافسية، مع انخفاض مستويات المعيشة وارتفاع الديون العامة، ظل الطلب العالمي في حالة ركود.
كما دعمت الحكومات تخفيضات في النفقات الاجتماعية وخصخصة الخدمات العامة. ومن المفارقات، أن معظم المدخرات من هذه التخفيضات قد توجهت نحو دعم الشركات الخاصة من خلال الإعفاءات الضريبية وعمليات الإنقاذ في محاولة لتحقيق النمو. وبالتالي، فإن المواطن العادي قد شهد انخفاضًا كبيرًا في الرفاهية، في حين ظل النمو الاقتصادي بطيئًا، لأن السياسات الليبرالية الجديدة قصيرة الأجل لا تعالج الأسباب الهيكلية الطويلة الأجل للمشكلة: الإفراط في الإنتاج والقدرة الزائدة.
إذا لم يتم تغيير المسار الحالي، فسيتم تنفيذ تدابير تقشفية في عام 2020، مع خفض الرواتب والأجور والبرامج الاجتماعية وحماية العمال. وعندها، ستصبح هذه التدابير "الوضع الطبيعي الجديد"، والذي سيؤثر على 113 دولة أو أكثر من 70٪ من سكان العالم، ويغذي المزيد من السخط الاجتماعي.
من المستغرب أن العديد من الحكومات تقوم بخفض النفقات الاجتماعية، مع زيادة الإنفاق العسكري ودعم الشركات الكبرى بأموال عامة ولوائح محدودة. وبما أن نصف سكان العالم لا يزالون يعيشون في فقر (يكسبون أقل من 5.50 دولارات في اليوم)، فمن المحتمل أن يؤدي ذلك إلى مزيد من الاحتجاجات والصراعات في عام 2020.
إن التدابير التقشفية ليست ضرورية. هناك بدائل حتى في أفقر البلدان. أبلغت منظمة العمل الدولية ومنظمة الأمم المتحدة للمرأة واليونيسيف عن ثمانية خيارات تمويل على الأقل لخلق الموارد بشكل مستدام وتجنب التخفيضات في الخدمات العامة. على سبيل المثال، يمكن للبلدان وقف التدفقات المالية غير المشروعة، وقمع التهرب الضريبي، وجعل النظام الضريبي أكثر تقدميا، وتقليل خدمة الديون عن طريق إدارتها بشكل أفضل، أو خلق بيئة اقتصادية كلية أكثر مرونة. هناك العديد من الأمثلة الناجحة في الآونة الأخيرة.
إذا أنهت الحكومات تدابير التقشف، فقد تتمكن المزيد من الدول في عام 2020 من رفع مستويات الدخل من أجل التنمية الوطنية، وزيادة الاستثمارات العامة التي تعود بالنفع على الناس، ودعم النشاط الاقتصادي الحقيقي والتنمية البشرية، بهدف خلق فرص عمل لائقة وضمان الاستدامة البيئية.
بالإضافة إلى تحسين التنظيم المالي وإعادة تشكيل عمليات التمويل، يمكن لهذه التدابير أن تساعد في تجنب خطر الركود والأزمة الاقتصادية والمالية المحتملة التي تنبأت بها مؤسسات مثل الأمم المتحدة وجي بي مورغان ومودي.
ولكن حتى لو استطاع العالم تجنب الكارثة الاقتصادية في عام 2020، فسوف يستمر الدمار البيئي. يفقد العالم أكثر من 26 مليون هكتار من الأشجار كل عام، وهي مساحة بحجم المملكة المتحدة، معظمها غابات مطيرة استوائية، مما يؤثر على المناخ والحياة البرية. ما لم يتم تنفيذ سياسات فعالة، فمن المتوقع أن ترتفع مستويات إزالة الغابات والإفراط في صيد الأسماك وانبعاثات الكربون وتوليد النفايات في العام المقبل بشكل مؤكد.
هذه ليست مجرد قضايا وطنية. تتطلب المشاكل العالمية إيجاد حلول عالمية وتعزيز تعددية الأطراف وليس إضعافها، للعمل بشكل جماعي على إيجاد حلول مستدامة لتحسين حياة الناس.
يمكن تحقيق مستقبل أفضل للجميع. يمكن للحكومات، والمواطنين في نهاية المطاف، تحسين العالم في عام 2020. لكن إذا استمرت في التركيز على أسعار الأسهم والأرباح الفصلية على حساب رؤية طويلة الأجل، وزيادة الإنفاق الدفاعي وخفض الرفاهية، وإلقاء اللوم على المهاجرين والفقراء، بينما تسمح للأغنياء أن يصبحوا أكثر ثراء وإحداث المزيد من الأضرار البيئية، فسنواجه سنة أخرى طويلة من العيش بشكل خطير.
اضف تعليق