إسلاميات - عقائد

السيد القمني ابيض واسود

المعرفة من حق الجميع ولكن باصولها وفروعها فليس من المنطق ان يمارس المهندس مهنة الطب او يناقش طبيب في مهنته، اما انه يستفسر فله الحق في ذلك.

في كثير من مناقشات واراء السيد القمني مع مخالفيه يأخذ يمينا وشمالا فتارة يجانب الحق واخرى يكون في كبد الحقيقة والمشترك بينهما انه في بعض الاحيان يخونه تعبيره بحيث يقول ما لا يقصد اثارة الطرف الاخر في المسائل الخلافية.

الدكتور القمني نعم التاريخ الاسلامي فيه محطات ظلامية يحاول البعض جعلها بيضاء بل حتى مقدسة، ومنها مثلا مسألة ما تسمى بالفتوحات الاسلامية فإنها ليس اسلامية بل استيطانية.

واما ما يتعلق بالنصوص النبوية فليس من حقك التهجم او النقد على اي نص حتى وان كان ضعيفا، فالاولى بك قراءة ما يفتي به المشايخ وعلى ضوء ذلك تستطيع الانتقاد او الاستفسار، وحتى الانتقاد دائما يكون ممن هو ضليع في هذا العلم فيكون نقده سليم، اما انه يجهل علوم الدراسات الاسلامية (فقه، حديث، تفسير، كلام، اخلاق، عقائد، وغيرها) فيجنح كثيرا الى الخلط بينها فتكون عباراته هجينة تثير حفيظة الاخر الذي سرعان ما يطلق العنان للسانه ليكفر الدكتور وهذا ايضا غير صحيح.

القرآن لكل العصور زمانا ومكانا، ومفهومك يا سيد القمني غير صحيح بجعله بالتبعيض، واما استشهادك بملك اليمين والجواري فانه استشهاد مردود عليك.

وللتوضيح في كل زمان ومكان، ففيهما كل العلوم التاريخ والسياسة والاقتصاد واللغة والتشريع وغيرها وكل هذه العلوم في القرآن، فلو استخدمت آية لظرف معين هل يعني ان الآيات الاخرى لا تصح؟ هنا بدا الخلط لديك يا سيد القمني، واما مسالة الجواري وملك اليمين فهو تاريخ في زمن الجاهلة قبل الاسلام وجاء الاسلام بالتدريج لكي ينظم هذه العملية مع الحث على الغائها وكم من رواية تحث المسلمين على تحرير العبيد وحتى ان بعض انتهاكات المسلم للواجبات الالهية يكون جزاؤها عتق رقبة اي تحرير عبيد، وانظر الى النبي واهل بيته وكثير من الصحابة هل ملكوا العشرات باليمين من الجواري؟ ام تراهم حرروا العشرات من الجواري، الامام علي عليه السلام كان يحفر الابار وبإجوره يحرر العبيد.

فلو لم يذكر هذه الحقبة التاريخية القرآن الكريم لأصبح فيه نقص تستطيع انت ان تتمسك بهذه النقطة للنقد.

لان التفسير هو علم كائن بذاته ولان القرآن فيه المتشابه والمحكم، وهذا المتشابه هو لكثرة مصاديق الآيات القرآنية من حيث احداث العصر فيؤخذ منها فكرة الآية لتصبح اس التشريع، ولكي اقرب المعنى لجنابكم على سبيل المثال لا الحصر، الآية "إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ" الآية تتحدث عن حدث تاريخي نزلت بسببه الآية، فهل يعني انها خاصة بالتاريخ؟ كلا، بل فيها امور نعتمدها في حياتنا اليوم منها مثلا، ليس كل ما يأتي به الفاسق هو كذب، بل يجب التبين منه فلربما يكون صحيح، عدم التبين يؤدي الى اصابة المجتمع بجهالة فلربما نصدقه فنصيب القوم بجهالة، ولربما نكذبه ونبأه صحيح فنصيب القوم بجهالة ايضا، وهذا بعينه ينطبق على الوسائل الاعلامية فمنها وسائل مشهورة بالكذب ولكن لا يصح تكذيب كل ما تبثه فلربما فيها الصحيح.

احد اساليب تفسير القرآن انه يفسر بعضه بعضا، فاقتطاع آية وتفسيرها بمعزل عن آيات اخرى يجعل المفاهيم خاطئة عند السيد القمني، ففي الوقت الذي تحث بعض الآيات على قتال المشركين المعتدين هنالك آيات تؤكد على احترام دين الاخرين بل خطاب الآية يكون للناس والقوم وليس حصرا بالمسلمين، يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ" الخطاب للناس وليس للمسلمين، قال النبي (ص): دعوة المظلوم مستجابة، وإن كانت من فاجر محوب على نفسه (أمالي الطوسي 1/317)، لاحظ اخلاق رسول الله وتعاليمه للبشرية؟

واما الخلاف بخصوص المرتد فهل تعتقد من يرتد عن الاسلام في قلبه ولا يلتزم بالشرائع الاسلامية انه يقتل؟ كلا بل الارتداد هو المصحوب بالعمل وانتهاك معتقدات المسلمين وجحودها، الجحود هو تيقنها وانكارها، ولتقريب الصورة لك يا سيد القمني، انت تزوجت وكونت اسرتك بإرادتك فلو كان هنالك من له رأي سلبي في اختيارك لزوجتك ووقف امامك وقال لك ان زوجتك كذا وكذا فهل ستسكت لتقول انه يعبر عن وجهة نظره ام تعتبره تجاوز على خصوصياتك بل وتعتبره تجاوز على ايمانك بما اقدمت عليه وانت مقتنع؟

اقول فمن لا يؤمن فله ما يريد ولكن التشهير والتجهير والقذف بالكلمات النابية لمعتقدات المسلمين فانه لا يسكت عليه، ومن خلال مطالعتي لما أمكنني منه من كتب التاريخ لم يثبت لدي ان النبي محمد (ص) قتل مرتدا.

واخيرا ارجو التفريق بين الخطاب المذهبي الاسلامي والخطاب الإسلامي.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق