النبيّ ص دعا الناس إلىٰ عليٍّ في غدير خُمّ وأمر بما تحت الشجرة من الشوك فقُمّ، وذلك يوم الخميس، فدعا عليّاً، فأخذ بضَبعيه، فرفعهما حتّىٰ نظر الناس إلىٰ بياض إبطي رسول الله، ثمّ لم يتفرّقوا حتّىٰ نزلت هذه الآية (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) فقال رسول الله «الله أكبر...
بقلم: العلامة عبد الحسين الأميني
ومن الآيات النازلة يوم الغدير في أمير المؤمنين عليه السلام قوله تعالىٰ:
(الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (۱)
أصفقت الإماميّة عن بَكْرَةِ أبيهم علىٰ نزول هذه الآية الكريمة حول نصّ الغدير بعد إصحار النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بولاية مولانا أمير المؤمنين عليه السلام بألفاظ دُرِّيّة صريحة، تتضمّن نصّاً جليّاً عرفته الصحابة وفهمته العرب، فاحتجَّ به من بلغه الخبر، وصافق الإماميّة علىٰ ذلك كثيرون من علماء التفسير وأئمّة الحديث وحفظة الآثار من أهل السنّة، وهو الذي يساعده الاعتبار ويؤكِّده النقل الثابت في تفسير الرازي (۲) (۳ / ٥۲۹) عن أصحاب الآثار:
أنَّه لَمّا نزلت هذه الآية على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لم يُعمَّر بعد نزولها إلّا أحداً وثمانين يوماً، أو اثنين وثمانين. وعيّنه أبو السعود في تفسيره (۳) بهامش تفسير الرازي (۳ / ٥۲۳).
وذكر المؤرِّخون منهم (٤): أنَّ وفاته صلّى الله عليه وآله وسلّم في الثاني عشر من ربيع الأوّل، وكأنّ فيه تسامحاً بزيادة يوم واحد على الاثنين وثمانين يوماً بعد إخراج يومي الغدير والوفاة، وعلىٰ أيٍّ فهو أقرب إلى الحقيقة من كون نزولها يوم عرفة، كما جاء في صحيحي البخاري ومسلم (٥) وغيرهما لزيادة الأيّام حينئذٍ، علىٰ أنَّ ذلك معتضدٌ بنصوصٍ كثيرة لا محيص عن الخضوع لمفادها، فإلى الملتقىٰ:
۱ ـ الحافظ أبو جعفر محمّد بن جرير الطبريّ: المتوفّىٰ (۳۱۰).
روىٰ في كتاب الولاية بإسناده عن زيد بن أرقم نزول الآية الكريمة يوم غدير خُمّ في أمير المؤمنين عليه السلام في الحديث الذي مرّ (ص ۲۱٥).
۲ ـ الحافظ ابن مردويه الأصفهانيّ:
المتوفّىٰ (٤۱۰)، روىٰ من طريق أبي هارون العبدي عن أبي سعيد الخُدريّ:
أنَّها نزلت علىٰ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يوم غدير خُمّ حين قال لعليٍّ: «من كنتُ مولاه فعليّ مولاه».
ثمّ رواه عن أبي هريرة، وفيه: أنَّه اليوم الثامنَ عشَرَ من ذي الحجّة؛ يعني مرجعه عليه السلام من حجّة الوداع. تفسير ابن كثير (۲ / ۱٤).
وقال السيوطي في الدرّ المنثور (٦) (۲ / ۲٥۹): أخرج ابن مردويه وابن عساكر (۷) بسند ضعيف عن أبي سعيد الخُدري قال:
لمّا نصب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عليّاً يوم غدير خُمّ، فنادىٰ له بالولاية هبط جبرئيل عليه بهذه الآية (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ).
وأخرج ابن مردويه والخطيب (۸) وابن عساكر (۹) بسند ضعيف (۱۰) عن أبي هريرة قال: لمّا كان غدير خُمّ ـ وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجّة ـ قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم:
« من كنتُ مولاه فعليّ مولاه »، فأنزل الله (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ).
وروىٰ عنه في الإتقان (۱۱) (۱ / ۳۱) ـ طبع سنة (۱۳٦۰) ـ بطريقيه.
وذكر البَدَخشي في مفتاح النجا (۱۲) عن عبدالرزّاق الرسعني، عن ابن عبّاس ما مرّ (ص ۲۲۰).
ثمّ قال: وأخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه مثله، وفي آخره:
فنزلت (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) الآية، فقال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم: « الله أكبر علىٰ إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضا الربّ برسالتي، والولاية لعليّ بن أبي طالب ».
ونقله بهذا اللفظ عن تفسيره الإربلي في كشف الغمّة (۱۳) (ص ۹٥).
وقال القطيفي في الفرقة الناجية: روىٰ أبو بكر بن مردويه الحافظ بإسناده إلىٰ أبي سعيد الخُدريّ:
أنَّ النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم دعا الناس إلىٰ غدير خُمّ أمر بما كان تحت الشجرة من شوك فقُمَّ، وذلك يوم الخميس ودعا الناس إلىٰ عليٍّ، فأخذ بضَبْعيه (۱٤)، فرفعهما حتّىٰ نظر الناس إلىٰ بياض إبط رسول الله، فلم يفترقا حتّىٰ نزلت هذه الآية: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ)، فقال... إلىٰ آخر ما يأتي عن أبي نعيم الأصبهاني حرفياً.
۳ ـ الحافظ أبو نعيم الأصبهانيّ: المتوفّىٰ (٤۳۰).
روىٰ في كتابه ما نزل من القرآن في عليّ (۱٥) قال:
حدّثنا محمّد بن أحمد بن عليّ بن مخلد المحتسب، المتوفّىٰ (۳٥۷)، قال: حدّثنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، قال: حدّثني يحيى الحِمّاني، قال: حدّثني قيس بن الربيع، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخُدري رضي الله عنه:
أنَّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم دعا الناس إلىٰ عليٍّ في غدير خُمّ وأمر بما تحت الشجرة من الشوك فقُمّ، وذلك يوم الخميس، فدعا عليّاً، فأخذ بضَبعيه، فرفعهما حتّىٰ نظر الناس إلىٰ بياض إبطي رسول الله، ثمّ لم يتفرّقوا حتّىٰ نزلت هذه الآية: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) الآية. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: « الله أكبر علىٰ إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضا الربّ برسالتي وبالولاية لعليٍّ عليه السلام من بعدي.
ثمّ قال: من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه، أللّهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصُرْ من نَصَره، واخذُلْ من خَذَله ».
فقال حسّان: ائذن لي يا رسول الله أن أقول في عليٍّ أبياتاً تسمعهنّ. فقال: « قُل علىٰ بركة الله ».
فقام حسّان، فقال: يا معشر مشيخة قريش أُتبعها قولي بشهادة من رسول الله في الولاية ماضية. ثمّ قال:
يُناديهمُ يومَ الغديرِ نَبيُّهُمْ
بخُمٍّ فَأَسْمِعْ بالرسول مناديا
يقول فمَن مولاكُمُ ووَليُّكُم
فقالوا ولم يُبدوا هناك التعاميا
إلٰهك مولانا وأنت وليُّنا
ولم تَرَ منّا في الولاية عاصيا
فقال له قم يا عليُّ فإنّني
رَضِيتُك منْ بعدي إماماً وهاديا
فمَن كنتُ مولاهُ فهذا وليُّه
فكونوا له أنصارَ صدقٍ مَواليا
هناك دعا أللّهمّ والِ وليَّه
وكُن للذي عادىٰ عليّاً مُعاديا
وبهذا اللفظ رواه الشيخ التابعي سُلَيم بن قيس الهلالي في كتابه (۱٦)، عن أبي سعيد الخُدري، قال:
إنَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم دعا الناس بغدير خمّ، فأمر بما كان تحت الشجر من الشوك فقمّ، وكان ذلك يوم الخميس، ثمّ دعا الناس إليه، وأخذ بضَبْعِ عليّ بن أبي طالب، فرفعها حتّىٰ نظرتُ إلىٰ بياض إبط رسول الله. الحديث بلفظه.
٤ ـ الحافظ أبو بكر الخطيب البغداديّ: المتوفّىٰ (٤٦۳).
روىٰ في تاريخه (۸ / ۲۹۰) عن عبدالله بن عليّ بن محمّد بن بشران، عن الحافظ عليّ بن عمر الدارقطني، عن حبشون الخلّال، عن عليّ بن سعيد الرملي، عن ضمرة، عن ابن شوذب، عن مطر الورّاق، عن ابن حوشب، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.
وعن أحمد بن عبدالله النيري، عن عليِّ بن سعيد، عن ضمرة، عن ابن شوذب، عن مطر، عن ابن حوشب، عن أبي هريرة، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أنَّه قال:
« من صام يوم الثامن عشَرَ من ذي الحجّة كُتب له صيام ستّين شهراً »، وهو يوم غدير خُمّ لمّا أخذ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بيد عليّ بن أبي طالب، فقال: « ألستُ أولىٰ بالمؤمنين؟ قالوا: بلىٰ يا رسول الله. قال: من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه ».
فقال عمر بن الخطّاب: بخٍ بخٍ يا ابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولىٰ كلِّ مسلم. فأنزل الله (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) الآية.
٥ ـ الحافظ أبو سعيد السجستانيّ: المتوفّىٰ (٤۷۷).
في كتاب الولاية بإسناده عن يحيى بن عبدالحميد الحِمّاني الكوفي، عن قيس ابن الربيع، عن أبي هارون، عن أبي سعيد الخُدري:
أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لمّا دعا الناس بغدير خُمّ أمر بما كان تحت الشجرة من الشوك فقُمّ وذلك يوم الخميس... إلىٰ آخر اللفظ المذكور بطريق أبي نعيم الأصبهاني.
٦ ـ أبو الحسن ابن المغازليّ، الشافعيّ: المتوفّىٰ (٤۸۳).
روىٰ في مناقبه (۱۷) عن أبي بكر أحمد بن محمّد بن طاوان، قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن الحسين بن السمّاك، قال: حدّثني أبو محمّد جعفر بن محمّد بن نصير الخلدي، حدّثني عليّ بن سعيد بن قتيبة الرملي، قال: حدّثني ضمرة بن ربيعة القرشي، عن ابن شوذب، عن مطر الورّاق، عن شهر بن حوشب، عن أبي هريرة... إلىٰ آخر اللفظ المذكور بطريق الخطيب البغدادي.
العمدة (۱۸) (ص ٥۲). وذكره جمع آخرون.
۷ ـ الحافظ أبو القاسم الحاكم الحسكانيّ: المترجم (ص ۱۱۲).
قال (۱۹): أخبرنا أبو عبدالله الشيرازي، قال: أخبرنا أبو بكر الجرجرائي، قال: حدّثنا أبو أحمد البصري، قال: حدّثنا أحمد بن عمّار بن خالد، قال: حدّثنا يحيى بن عبدالحميد الحِمّاني، قال: حدّثنا قيس بن الربيع، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخُدري: أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لمّا نزلت هذه الآية (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) قال:
« الله أكبر علىٰ إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضا الربّ برسالتي، وولاية عليّ ابن أبي طالب من بعدي.
وقال: من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه، أللّهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصُر من نصره، واخذُل من خذله ».
۸ ـ الحافظ أبو القاسم بن عساكر الشافعيّ، الدمشقيّ: المتوفّىٰ (٥۷۱).
روى الحديث المذكور بطريق ابن مردويه عن أبي سعيد وأبي هريرة، كما في الدرّ المنثور (۲۰) (۲ / ۲٥۹).
۹ ـ أخطب الخطباء الخوارزميّ: المتوفّىٰ (٥٦۸).
قال في المناقب (۲۱) (ص ۸۰):
أخبرنا سيّد الحفّاظ أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي فيما كتب إليّ من همدان، أخبرني أبو الفتح عبدوس بن عبدالله بن عبدوس الهمداني كتابةً [ أخبرني الشريف أبو طالب المفضّل بن محمّد الجعفري بأصبهان، أخبرني الحافظ أبو بكر بن مردويه إجازة، حدّثني جدّي ] (۲۲)، حدّثني عبدالله بن إسحاق البغوي، حدّثني الحسن بن عليل الغنوي، حدّثني محمّد بن عبدالرحمن الزرّاع، حدّثني قيس بن حفص، حدّثني عليّ بن الحسن العبدي، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخُدري أنَّه قال:
إنَّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم دعا الناس إلىٰ غدير خُمّ أمر بما كان تحت الشجرة من الشوك فقمَّ، وذلك يوم الخميس، ثمّ دعا الناس إلىٰ عليٍّ، فأخذ بضَبْعه، فرفعها حتّىٰ نظر الناس إلىٰ إبطيه (۲۳)، حتّىٰ نزلت هذه الآية (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ). الآية... إلىٰ آخر الحديث بلفظٍ مرّ بطريق أبي نعيم الأصفهاني.
وروىٰ فى المناقب (۲٤) (ص ۹٤) بالإسناد عن الحافظ أحمد بن الحسين البيهقي، عن الحافظ أبي عبدالله الحاكم، عن أبي يعلى الزبير بن عبدالله الثوري، عن أبي جعفر أحمد بن عبدالله البزّاز، عن عليّ بن سعيد الرملي، عن ضمرة، عن ابن شوذب، عن مطر الورّاق... إلىٰ آخر ما مرّ عن الخطيب البغدادي سنداً ومتناً.
۱۰ ـ أبو الفتح النطَنْزي:
روىٰ في كتابه الخصائص العلويّة عن أبي سعيد الخُدري بلفظ مرّ (ص ٤۳)، وعن الخُدري وجابر الأنصاري أنَّهما قالا:
لمّا نزلت (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) الآية، قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: « الله أكبر علىٰ إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضا الربّ برسالتي، وولاية عليّ بن أبي طالب بعدي ».
وفي الخصائص بإسناده عن الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام قالا: « نزلت هذه الآية ـ يعني آية التبليغ ـ يوم الغدير، وفيه نزلت (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) قال: وقال الصادق عليهالسلام: أي (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) بإقامة حافظه، (وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي)؛ أي بولايتنا (وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) أي تسليم النفس لأمرنا ».
وبإسناده في خصائصه ـ أيضاً ـ عن أبي هريرة حديث صوم الغدير بلفظ مرّ بطريق الخطيب البغدادي، وفيه نزول الآية في عليٍّ يوم الغدير.
۱۱ ـ أبو حامد سعد الدين الصالحانيّ:
قال شهاب الدين أحمد في توضيح الدلائل علىٰ ترجيح الفضائل:
وبالإسناد المذكور عن مجاهد رضي الله عنه قال: نزلت هذه الآية (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ) بغدير خُمّ، فقال رسول الله ـ صلّىٰ الله عليه وعلىٰ آله وبارك وسلّم ـ: « الله أكبر علىٰ إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضا الربّ برسالتي، والولاية لعليّ ». رواه الصالحاني (۲٥).
۱۲ ـ أبو المظفّر سبط ابن الجوزيّ الحنفيّ، البغداديّ: المتوفّىٰ (٦٥٤).
ذكر في تذكرته (۲٦) (ص ۱۸) ما أخرجه الخطيب البغدادي المذكور (ص ۲۳۲) من طريق الحافظ الدارقطني.
۱۳ ـ شيخ الإسلام الحمّوئيّ، الحنفيّ: المتوفّىٰ (۷۲۲).
روىٰ في فرائد السمطين في الباب الثاني عشر (۲۷) قال:
أنبأني الشيخ تاج الدين أبو طالب عليّ بن أنجب بن عثمان بن عبيدالله الخازن، قال: أنبأنا الإمام برهان الدين ناصر بن أبي المكارم المطرزي إجازة قال: أنبأنا الإمام أخطب خوارزم أبو المؤيّد الموفَّق بن أحمد المكّي الخوارزمي، قال: أخبرني سيّد الحفّاظ فيما كتب إليَّ من همدان... إلىٰ آخر ما مرّ عن أخطب الخطباء الخوارزمي سنداً ومتناً.
وروىٰ عن سيّد الحفّاظ أبي منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن الحسن الحدّاد المقري الحافظ قال: نبّأنا أحمد (۲۸) ابن عبدالله بن أحمد قال: نبّأنا محمّد بن أحمد، قال: نبّأنا محمّد بن عثمان بن أبي شيبة، قال: نبّأنا يحيى الحِمّاني قال: نبّأنا قيس بن الربيع، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخُدري:
أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دعا الناس إلىٰ عليٍّ... إلىٰ آخر الحديث بلفظ مرّ بطريق أبي نعيم (ص ۲۳۲).
ثمّ قال: حديثٌ له طرق كثيرة إلىٰ أبي سعيد سعد بن مالك الخُدري الأنصاريّ.
۱٤ ـ عماد الدين بن كثير القرشيّ، الدمشقيّ، الشافعيّ: المتوفّىٰ (۷۷٤).
روىٰ في تفسيره (۲ / ۱٤) من طريق ابن مردويه عن أبي سعيد الخُدري وأبي هريرة: أنَّهما قالا: إنَّ الآية نزلت يوم غدير خُمّ في عليّ.
وروىٰ في تاريخه (۲۹) (٥ / ۲۱۰) حديث أبي هريرة المذكور بطريق الخطيب البغدادي. وله هناك كلامٌ يأتي بيانه في صوم الغدير.
۱٥ ـ جلال الدين السيوطيّ، الشافعيّ: المتوفّىٰ (۹۱۱).
رواه في الدرّ المنثور (۳۰) (۲ / ۲٥۹) من طريق ابن مردويه والخطيب وابن عساكر بلفظ مرّ في رواية ابن مردويه.
وقال في الإتقان (۳۱) (۱ / ۳۱) في عدّ الآيات السفريّة:
منها (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) في الصحيح عن عمر أنَّها نزلت عشيّة عرفة يوم الجمعة عام حجّة الوداع، له طرقٌ كثيرةٌ، لكن أخرج ابن مردويه عن أبي سعيد الخُدري: أنَّها نزلت يوم غدير خُمّ. وأخرج مثله من حديث أبي هريرة، وفيه: أنَّه اليوم الثامن عَشَرَ من ذي الحجّة مرجعه من حجّة الوداع وكلاهما لا يصحّ. انتهىٰ.
قلنا: إن كان مراده من عدم الصحّة غميزة في الإسناد، ففيه أنَّ رواية أبي هريرة صحيحة الإسناد عند أساتذة الفنّ، منصوصٌ علىٰ رجالها بالتوثيق، وسنفصِّل ذلك عند ذكر صوم الغدير، وحديث أبي سعيد له طرق كثيرة، كما مرّ في كلام الحمّوئي في فرائده، علىٰ أنَّ الرواية لم تختصّ بأبي سعيد وأبي هريرة، فقد عرفت أنَّها رواها جابر بن عبدالله، والمفسّر التابعيّ مجاهد المكّي، والإمامان الباقر والصادق ـ صلوات الله عليهما ـ وأسند إليهم العلماء مُخبتين إليها.
كما أنَّها لم تختصّ روايتها من العلماء وحفّاظ الحديث بابن مردويه، وقد سمعت عن السيوطي نفسه في دُرّه المنثور رواية الخطيب وابن عساكر، وعرفت أنَّ هناك جمعاً آخرين أخرجوها بأسانيدهم، وفيهم مثل الحاكم النيسابوري، والحافظ البيهقي، والحافظ ابن أبي شيبة، والحافظ الدارقطني، والحافظ الديلمي، والحافظ [ أبي عليّ ] الحدّاد، وغيرهم. كلُّ ذلك من دون غمز فيها عن أيٍّ منهم.
وإن كان يريد عدم الصحّة من ناحية معارضتها لما رُوي من نزول الآية يوم عرفة فهو مجازِفٌ في الحكم الباتّ بالبطلان علىٰ أحد الجانبين، وهب أنَّه ترجّح في نظره الجانب الآخر، لكنّه لا يستدعي الحكم القطعي ببطلان هذا الجانب، كما هو الشأن عند تعارض الحديثين، لا سيّما مع إمكان الجمع بنزول الآية مرّتين، كما احتمله سبط ابن الجوزي في تذكرته (۳۲) (ص ۱۸)، كغير واحدةٍ من الآيات الكريمة النازلة غير مرّةٍ واحدةٍ، ومنها البسملة النازلة في مكّة مرّة، وفي المدينة أخرىٰ، وغيرها ممّا يأتي.
علىٰ أنَّ حديث نزولها يوم الغدير معتضد بما قدّمناه عن الرازي وأبي السعود وغيرهما من أنَّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يعمّر بعد نزولها إلّا أحداً أو اثنين وثمانين يوماً. فراجع (ص ۲۳۰)، والسيوطي في تحكّمه هذا قلّد ابن كثير، فإنّه قال في تفسيره (۲ / ۱٤) بعد ذكر الحديث بطريقيه: لا يصحّ هذا ولا هذا. فالبادي أظلم.
۱٦ ـ ميرزا محمد البَدَخْشيّ،
ذكر في مفتاح النجا (۳۳) ما أخرجه ابن مردويه كما مرّ في (ص ۲۳۱).
وبعد هذا كلّه، فإن تعجب فعجبٌ قول الآلوسي في روح المعاني (۳٤) (۲ / ۲٤۹):
أخرج الشيعة عن أبي سعيد الخُدري أنَّ هذه الآية نزلت بعد أن قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم لعليٍّ ـ كرّم الله وجهه ـ في غدير خُمّ: « من كنتُ مولاه فعليٌّ مولاه ». فلمّا نزلت قال ـ عليه الصلاة والسلام ـ: « الله أكبر علىٰ إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضا الربِّ برسالتي، وولاية عليّ ـ كرّم الله تعالىٰ وجهه ـ بعدي »، ولا يخفىٰ أنَّ هذا من مُفترياتهم، وركاكة الخبر شاهدٌ علىٰ ذلك في مبتدأ الأمر. انتهىٰ.
ونحن لا نحتمل أنَّ الآلوسي لم يقف علىٰ طرق الحديث ورواته حتّىٰ حداه الجهل الشائن إلىٰ عَزْو الرواية إلى الشيعة فحسب، لكن بواعثه دعته إلى التمويه والجَلَبة أمام تلك الحقيقة الراهنة، وهو لا يحسب أنَّ وراءه من يناقشه الحساب بعد الاطّلاع علىٰ كتب أهل السنّة ورواياتهم.
ألا مُسائِلٌ هذا الرجل عن تخصيصه الرواية بالشيعة؟ وقد عرفت من رواها من أئمّة الحديث وقادة التفسير وحملة التاريخ من غيرهم.
ثمّ عن حصره إسناد الحديث بأبي سعيد؟ وقد مضت رواية أبي هريرة وجابر ابن عبدالله ومجاهد والإمامين الباقر والصادق عليهما السلام له.
ثمّ عن الركاكة التي حسبها في الحديث، وجعلها شاهداً علىٰ كونه من مُفتريات الشيعة: أهي في لفظه؟ ولا يعدوه أن يكن لِدَةَ سائرِ الأحاديث المرويّة، وهو خالٍ عن أيّ تعقيد، أو ضعف في الأسلوب، أو تكلّف في البيان، أو تنافر في التركيب، جارٍ علىٰ مجاري العربيّة المحضة.
أو في معناه؟ وليس فيه منها شيء، غير أن يقول الآلوسي: إنَّ ما يُروىٰ في فضل أمير المؤمنين عليه السلام وما يُسند إليه من فضائل كلّها ركيكة؛ لأنّها في فضله، وهذا هو النّصب المُسِفُّ بصاحبه إلىٰ هُوّة الهلكة، وليت شعري ما ذنب الشيعة إن رووا صحيحاً وعضدتهم علىٰ ذلك روايات أهل السنّة؟ غيرَ أنَّ الناصب مع ذلك يتيه في غلوائه، ويجاثيك على العناد، فيقول: أخرج الشيعة... ولا يخفىٰ أنَّ هذا من مُفترياتهم...
وبوسعنا الآن أن نسرد لك الأحاديث الركيكة التي شحن بها كتابه الضخم؛ حتّىٰ يميز الناقد المنصفُ الركيكَ من غيره، لكنّا نمرُّ عليها كراماً.
(كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ * فَمَن شَاءَ ذَكَرَهُ * وَمَا يَذْكُرُونَ إِلَّا أَن يَشَاءَ اللَّـهُ) (۳٥)
اضف تعليق