النصوص الأدبية تعكس ثقافة المجتمع وتتناول قضايا إنسانية شاملة عندما يتم تسليط الضوء عليها ومعالجتها بشكل منهجي. فهي تسهم في نشر الوعي وتعزيز التفاهم بين أفراد المجتمع من خلال قدرتها على نقل الأفكار والقيم والمعتقدات عبر الأجيال، مما يؤثر على تشكيل وتطور العقليات والسلوكيات الاجتماعية...

في عالم الأدب، حيث تتقاطع الكلمات مع المشاعر وتلتقي الأفكار مع الإبداع، تبرز أسماء قليلة تستحق أن تُذكر بأحرف من ذهب. سعاد عبد الكريم السبعاوي، واحدة من أبرز الأسماء التي صنعت فارقًا في الساحة الأدبية، فأسلوبها المميز وأفكارها العميقة استطاعت أن تفتح أمام القراء أبوابًا جديدة للعالم الأدبي. هذه الرحلة الإبداعية التي سنخوضها معًا تكشف لنا عن أسرار حروفها التي شكلت عالم الأدب، وتعكس كيف تمكَّنت من تحويل الحروف إلى أداة قوية تعبر عن مكنوناتها وتغني الفكر العربي. فهيا بنا نغوص في هذا الحوار الذي سيأخذنا إلى قلب تجربة أدبية غنية.

ما الذي ألهمكِ لاختيار العنوان "شاي بارد على رصيف المتنبي"؟ وكيف أثرت أجواء شارع المتنبي وتراثه الثقافي على محتوى المجموعة؟ 

"شاي بارد على رصيف المتنبي" هو عنوان مجموعتي القصصية.

باعتباري أعمل في إعداد الكتب منذ مدة طويلة، أدركت أن العنوان يمثل هوية الكتاب وأحد أهم العناصر التي تجذب القارئ وتثير فضوله.

الإلهام لاختيار هذا العنوان جاء أولًا من حبي لشارع المتنبي، الذي تناولته في بعض قصص المجموعة. أما "الشاي البارد"، فهو تعبير عن التفاصيل اليومية التي يعيشها المثقف في شارع مليء بالكتب والأجواء الثقافية، حيث قد يبرد الشاي من فرط انشغاله بالتنقل بين الكتب والقراءة. كما أحببت أن يحمل العنوان رمزية لوطني العراق، الذي يظل حاضرًا في كل تفاصيل الكتاب.

أما فيما يخص أثر أجواء شارع المتنبي وتراثه الثقافي على محتوى المجموعة، فذلك يتجلى في اقتباس من إحدى قصصي: "أنا كاتبة شغوفة بتطريز الحروف على الورق، أحب الكتب ولطالما كنت قارئة نهمة. أميل لكل ما يتعلق بالكتب والثقافات من أماكن، مكتبات، معارض كتب، ومهرجانات ثقافية.

شارع المتنبي، الذي يقع في وسط العاصمة بغداد، من أقرب الأماكن إلى قلبي. إنه سوق ثقافي مزدهر حيث تجارة الكتب بمختلف أنواعها، ويحيط به العديد من المباني التاريخية كمبنى القشلة. هذا الشارع يضم مكتبات قديمة تعود للقرن التاسع عشر، تحتفظ بدواوين ومخطوطات نادرة.

وفي نهاية الشارع يقع مقهى الشابندر التراثي القديم، الذي يستهويني بتفاصيله العتيقة".

من أجواء المجموعة القصصية:

أذكر ذات صباح، وبعد إنهاء أعمال المنزل والغداء، جلست مع زوجي وبدأت أستعرض صورًا لشارع المتنبي في حسابي على الفيس بوك: صورة لتمثال المتنبي، صورة لبائع كتب محاط بكتبه، وأخرى لفتاة تتصفح كتابًا، وصورة لمقهى الشابندر. كتبت تعليقًا يقول:

"ماذا لو التقينا في بغداد؟ في شارع المتنبي والكتب من كل ناحية، في مقهى الشابندر ورائحة بغداد العبقة، وعلى ضفة النهر العظيم دجلة، نترنم على ألحان الأغاني القديمة...."

بعدها، نظرت إلى زوجي الذي كان يحتسي الشاي، وسألته بابتسامة:

-أي ساعة نذهب؟

-بعد قليل...

-اتفقنا.

هذا المشهد يعكس روحي الثقافية وشغفي بأجواء شارع المتنبي الذي شكل نواة الإلهام لمجموعتي القصصية.

هل هناك قصة في المجموعة تشعرين بأنها الأقرب إلى قلبكِ؟ ولماذا؟ 

 سؤال صعب في الواقع! فجميع القصص في المجموعة ولدت من رحم أفكاري، وأنا أعارض التفرقة بين الأبناء بشدة. ومع ذلك، هناك بعض القصص التي تستعطفني أكثر قليلاً من أخواتها، حيث تلامس ذكرياتي وطفولتي بشكل خاص، حتى أنني لا أستطيع حبس دموعي كلما قرأتها.

إحدى هذه القصص هي "ماسة"، التي تدور حول حياة فتاة وتجاربها العاطفية بين مرحلتي الطفولة والأمومة. أستطيع القول إنها الأقرب إلى قلبي. سأكتفي بهذا القدر من الحديث عنها، وأترك للقارئ اكتشاف تفاصيلها بنفسه.

 كيف استطعتِ تحقيق التوازن بين الواقعية والخيال في السرد؟ 

في مجموعتي القصصية، التي تضم حوالي ثلاثين قصة قصيرة وقصيرة جدًا، حاولت الحفاظ على التوازن بين الواقعية والخيال. ورغم تنوع القصص في عناوينها ومضامينها، إلا أنها تشترك جميعها في ملامستها للواقع.

بالطبع، كان الخيال حاضرًا في السرد، لكنني اخترت ألا أبحر به بعيدًا عن مرسى الواقع، مما ساعدني في إبقاء الأحداث والشخصيات قريبة من تجربة القارئ.

عند تحليل مضمون القصص، نجد أن أغلبها تدور حول العلاقات الاجتماعية؛ سواء بين الأزواج، الأحبة، العائلة، أو الأصدقاء. لهذا، كان السرد غالبًا محاكيًا للواقع، مع لمسات خيالية تضيف عمقًا وجاذبية للأحداث.

بعض القصص تحمل نهايات حزينة وأخرى سعيدة. كيف تقررين نوع النهاية المناسبة لكل قصة؟ 

النهاية في القصة تُعد أحد أهم العناصر التي تحدد مدى جودة القصة وتأثيرها على القارئ نفسيًا وفكريًا، إذ إن النهاية هي أكثر ما يبقى عالقًا في ذهن القارئ. لذلك، على الكاتب مراعاة تحقيق رضا القارئ دون الإخلال بجوهر القصة.

بطبيعة الحال، يعود قرار نوع النهاية (حزينة أم سعيدة، مفتوحة أم مغلقة) إلى الكاتب نفسه.

-النهاية المغلقة: تكون عندما تصل الأحداث إلى خاتمة واضحة تُشبع فضول القارئ وتجيب عن تساؤلاته، مما يُخفف من ضجيج الأفكار التي قد تشغله.

-النهاية المفتوحة: تُفسح المجال للقارئ ليبحر في تأويلاته الخاصة، مما يمنحه فرصة لصنع نهايته المناسبة للقصة.

أما بالنسبة لي، أركز على أن تحظى كل قصة في مجموعتي بنهاية غير مخيبة للآمال، وأن تحمل رسالتها الخاصة التي تترك أثرًا في نفس القارئ، سواء كانت النهاية حزينة أو سعيدة.

هل واجهتِ صعوبة في كتابة بعض القصص التي تضمنت مشاعر مكثفة كالحزن أو الفقد؟ 

نعم، واجهت بعض الصعوبة في كتابة بعض القصص التي تضمنت مشاعر مكثفة كالحزن أو الفقد. فأنا كقارئة لست سهلة الإرضاء، لذلك عندما أعود لقراءة قصصي، لا أجامِل قلمي أبدًا. أحيانًا أجد نفسي مضطرة للتوقف عن الكتابة لبعض الوقت قبل أن أعود لإكمال القصة لاحقًا، لتتمكن الأفكار والمشاعر من النضوج.

إضافة إلى ذلك، فإن صعوبة القصة القصيرة تكمن في الحاجة إلى دمج مواقف متباعدة وصياغتها في أسطر قليلة ومحدودة، مما يخلق تحديًا في بناء عالم صغير للقارئ داخل قصة واحدة.

 هل استلهمتِ قصصكِ من تجارب شخصية أو حياة الآخرين؟ وكيف نجحتِ في التعبير عن المشاعر العميقة والصراعات الداخلية للشخصيات؟ 

كما ذكرت سابقًا، تحتوي مجموعتي القصصية على ما يقارب الثلاثين قصة قصيرة، تختلف في العناوين والمضمون. بعض القصص استلهمت أفكارها من تجاربي الشخصية، بينما استلهمت أخرى من تجارب أشخاص آخرين أثروا بي وبقيت تجاربهم عالقة في ذاكرتي. لكن، بالطبع، لا أنقل هذه التجارب كما هي، بل أمزج الواقع مع الخيال لصياغة قصة مميزة تحمل رسالة وعبرة.

أما بالنسبة للتعبير عن مشاعر الشخصيات، فأنا في العموم شخص عاطفي، ولدي مهارة الشعور بالآخرين حتى وإن كانوا غرباء عني. فما بالك بشخصيات وُلدت من رحم عاطفتي وخيالي؟

 استغرقتِ سنتين في كتابة هذه المجموعة. كيف انعكست هذه الفترة على تطوير أسلوبكِ الأدبي؟ 

نعم، بالتأكيد. خلال هذه السنتين، شهدت تطورًا ملحوظًا في مستواي الأدبي، ولا يزال هذا التطور مستمرًا. فقد عملت على تحسين تقنيات الكتابة وصقلت أسلوبي بشكل تدريجي. قبل تسليم ملف القصص للطباعة، قمت بمراجعة جميع القصص مرة أخرى وأجريت بعض التعديلات البسيطة التي كانت ضرورية. ومع ذلك، هناك بعض القصص التي تركتها كما هي بأسلوبها الأول، لأنني أحببت بساطتها، وقوة أفكارها، وتميزها في ذات الوقت.

ما هي أصعب لحظة واجهتها أثناء كتابة المجموعة؟ وكيف تجاوزتها؟ 

أصعب لحظة واجهتها أثناء كتابة المجموعة كانت عندما فقدت الشغف بالكتابة أو انشغلت ببعض الأمور الأخرى، مما جعلني أبتعد عن الكتابة لفترة معينة. لكنني كنت دائمًا أعود إلى "حديقتي السرية" التي زرعتها بنفسي، متعطشة للعودة إليها وسقي أشجارها. الكتابة هي عالمي الخاص، حيث أكون خلاقة، شغوفة، ومنتشية. أخلق الجمل وأغرسها في صدور الأوراق، فتزهر وتثمر، وهذا منظر ساحر حقًا.

 كيف تطورين أفكار قصصكِ؟ وهل هناك طقوس محددة تلهمكِ أثناء الكتابة؟ 

أطور أفكاري باستمرار، خاصةً لأنني أقدم دورات تدريبية للكتّاب المبتدئين وأساعدهم في تحسين مستوى أدائهم الأدبي. أول محاضرة عادةً ما تكون بعنوان "طريقة تكوين الأفكار"، حيث أبدأ بتوضيح أنه يمكننا تكوين الأفكار من كل شيء حولنا: الأماكن، الأشخاص، الصور، مواقع التواصل الاجتماعي، الكتب، وغيرها. بالإضافة إلى الخيال، يمكننا مزج كل هذه العناصر بخيالنا لتوليد فكرة جديدة ومميزة، سواء لقصة قصيرة أو نص أدبي أو حتى رواية.

أما بالنسبة للطقوس التي تلهمني أثناء الكتابة، في الحقيقة ليس لدي طقوس معينة. كل ما أحتاجه هو الهدوء، ويحبذ لو كانت هناك قهوة لتحسين مزاجي. أحب أن أجلس غالبًا قرب مكتبتي الخاصة حيث الكتب، أو في مكان آخر لطالما ألهمني الجلوس فيه. سأذكر هذا من خلال اقتباس من إحدى القصص:

"جلست قرب الباب حيث الجو كان مناسباً للاستمتاع بأشعة الشمس. إنه مشهد يتكرر معي كثيرًا، حيث أخذت هذا الركن للجلوس في منطقة استراتيجية من المنزل، أراقب منها كل شيء وفي ذات الوقت أقوم ببعض الأمور، كالاتصال بصديقة أو التصفح في مواقع التواصل الاجتماعي. وغالبًا ما يلهمني الهدوء بعض الأفكار، فأميل إلى الكتابة.

وسط بعثرة أوراقي ودفاتري، جلست أكتب رسالة أدبية لغرض المشاركة بها في كتابي الجديد.

ما هذا! هل هذه هي حقًا؟ هل عادت من جديد؟..."

 كيف تعكسين العلاقة بين الفقد والحب في قصصكِ؟ 

دائمًا ما أقول أو أكتب: "الحكايات لا تنتهي، فحين تنتهي حكاية في مكان، تبدأ في مكان آخر بنفس الحكاية مع أشخاص آخرين، وهذه هي الحياة". الفقد والحب أمران متقاربان في بعض النقاط، فنحن لا نعرف متى نحب، ومتى نفقد. كما أننا لا نعرف هل سنفقد من نحب؟ أو نحب من جديد بعد أن نفقد؟

وفي الوقت نفسه، هما مختلفان في نقاط أخرى؛ فأحيانًا نخاف أن نحب خوفًا من فقد من نحب، أو لأننا جربنا الفقد نخشى الوقوع في الحب مرة أخرى. هذه النقاط هي التي أرتكز عليها في كتابة القصص التي تحتوي على مشاهد حب أو فقد.

العلاقة بين الفقد والحب قد تكون طردية في بعض الأحيان، وأحيانًا أخرى عكسية.

ما الرسالة التي أردتِ إيصالها من خلال هذه المجموعة؟ وهل استخدمتِ رموزًا أو إسقاطات معينة لتعزيز هذه الرسالة؟ وما هي الدلالات التي تحملها؟ 

الرسالة التي أردت إيصالها من خلال مجموعتي القصصية، كما ذكرت سابقًا، هي عن العلاقات الاجتماعية ومدى الترابط والتفكك فيها. تتخلل القصص أيضًا بعض النصائح والعبر التي أود أن تصل إلى القارئ وتثمر، بحيث تكون القصص ممتعة ومفيدة في ذات الوقت.

قد لا تكون الرسالة واضحة دائمًا، فقد استخدمت أسلوب الرمزية في بعض الأحيان، حيث أوصلت الفكرة دون ذكرها بشكل مباشر. أعتقد أن هذا الأسلوب يجعل إيصال الرسالة أكثر متعة للقارئ.

أما الدلالة الرئيسية، فهي العدالة الإلهية وكيف أن الدنيا تدور بشكل مستمر، لنعيد الوقوف في نفس الأماكن، لكن بصورة معكوسة. هذه هي ما تسمى بكارما الوجود، وعدالة السماء التي تطمئن الأخيار وتُرعب غيرهم.

برأيكِ، هل القصص القصيرة أكثر قدرة على إيصال الرسائل مقارنة بالروايات الطويلة؟ 

نعم، رغم أنني بدأت منذ مدة في كتابة رواية ولدي ما يقارب 180 نصًا أدبيًا، إلا أنني ككاتبة أميل لكتابة القصة القصيرة. أجد أن القصة القصيرة هي وسيلة جيدة لنقل الرسالة وإيصال الفكرة بصورة مكثفة ومحددة. على عكس الرواية التي تتميز بالتفاصيل الكثيرة، والتشعب، وكثرة الشخصيات والأحداث.

كيف ترين تأثير النصوص الأدبية في مخاطبة قضايا إنسانية شاملة؟ 

النصوص الأدبية تعكس ثقافة المجتمع وتتناول قضايا إنسانية شاملة عندما يتم تسليط الضوء عليها ومعالجتها بشكل منهجي. فهي تسهم في نشر الوعي وتعزيز التفاهم بين أفراد المجتمع من خلال قدرتها على نقل الأفكار والقيم والمعتقدات عبر الأجيال، مما يؤثر على تشكيل وتطور العقليات والسلوكيات الاجتماعية.

كما يمكن للأدب أن يكون وسيلة فعّالة للكُتّاب في التأثير على عقول الشباب وإيصال رسائل إنسانية هادفة، خاصة إذا كان المجتمع يميل إلى القراءة ويقدر الثقافة.

ورغم أننا نعيش في عصر السرعة وتراجع الإقبال على الكتب الورقية، إلا أن الكتابة في مواقع التواصل الاجتماعي والصحف والمجلات الإلكترونية أصبحت وسيلة قوية لنشر الوعي ومعالجة القضايا الإنسانية والاجتماعية، مما يضمن استمرار تأثير الأدب في حياتنا.

 كيف تتوقعين أن يتفاعل القراء مع قصصكِ؟ هل هناك تعليقات أو ملاحظات تلقيتها من قرائكِ أثرت في نظرتكِ للكتابة؟ 

في الواقع، لدي ثقة وتفاؤل كبيران بأن تلاقي مجموعتي القصصية قبولاً ونجاحاً لدى القراء، وأن تنال استحقاقها. أتمنى أن يقتنيها الجميع ويقرؤونها، كما آمل أن تحظى باستحسانهم.

سبق أن وصلتني تعليقات عديدة من الأهل والمعارف والأصدقاء، وجميعها كانت إيجابية وبنّاءة. بالتأكيد، أحرص دائماً على أخذ هذه التعليقات بعين الاعتبار والعمل على تطوير أسلوبي وكتاباتي بما يرضي جمهوري من القراء.

ما النصيحة التي توجهينها للقراء الذين يرغبون في فهم أعمق لرسائل المجموعة؟ 

نصيحتي للقراء الذين يرغبون في فهم أعمق لرسائل المجموعة أن يقرؤوا الكتاب كاملاً، وأن يتبعوا تسلسل القصص، خاصة أن بعضها يتكون من جزئين، مما يجعل القراءة من البداية إلى النهاية أمراً مهماً لفهم السياق الكامل.

كما أنصحهم بأن يتخيلوا أنفسهم أبطالاً لهذه القصص، ليتمكنوا من الوصول إلى عمق المشاعر والتفاعل بشكل أفضل مع الأحداث.

أتمنى لهم أوقاتاً ممتعة ومفيدة خلال قراءة المجموعة.

هل تعتقدين أن الكتابة باللغة العربية تتيح مساحة أكبر للتعبير عن المشاعر والتفاصيل؟ 

نعم، بالتأكيد أعتقد أن الكتابة باللغة العربية تتيح مساحة أكبر للتعبير عن المشاعر والتفاصيل. فهي لغة غنية بالمفردات والتراكيب التي تساعد على وصف الأحاسيس بدقة وإيصال المعاني بعمق.

بالنسبة لي، الكتابة هي نعمة عظيمة؛ فهي وسيلتي لتحسين مزاجي والتعبير عن شعوري وطاقتي على الورق. بعد الكتابة، أشعر وكأنني فراشة خفيفة، أحلق عالياً بلا أي ثقل.

كيف يعكس أدبكِ جزءًا من هويتكِ الشخصية أو الثقافية؟ 

بلا شك، تعكس كتاباتي الأدبية هويتي الشخصية، الاجتماعية، الثقافية، الوطنية، والدينية أيضاً. فأنا لا أستطيع كتابة قصة تميل إلى شخصية لا تتوافق مع معتقداتي ومبادئي، أو تدعم الشر على حساب الخير في أعمالي الأدبية.

أحرص دائماً على أن تعكس كتابات سعاد عبد الكريم شخصيتها، ثقافتها، ومبادئها في كل أشكالها.

هل أثر أي كاتب أو عمل أدبي معين في تشكيل أسلوبكِ؟ 

قبل أن أكون كاتبة، كنت قارئة نهمة لسنوات طويلة، وتأثرت بعدد من الأعمال الأدبية التي أحببتها بعمق، حتى أنني أعدت قراءتها مرات عدة. هذه الأعمال أثرت كثيرًا في بناء شخصيتي الأدبية. من بين هؤلاء الكتاب، تأثرت بكارلوس زافون، فيودور دوستويفسكي، دان براون، كافكا، وغابرييل غارسيا ماركيز. كما تأثرت أيضًا بالكتاب العرب مثل المنفلوطي، جبران خليل جبران، محمود درويش وغيرهم.

كما يقول لي والدي، "القراءة أثمرت!"، ولكن مع ذلك، أتمسك بأسلوبي الخاص الذي يحاكي الواقع ويلامس هامش الخيال. فأنا دائمًا ما أمزج بين الخيال والواقع، ولا أميل لتقليد أو التشبه بأسلوب كاتب آخر.

هل هناك فكرة تخططين لاستكشافها في مجموعتكِ القادمة؟

نعم، هناك بعض القصص الجاهزة بالفعل. في مجموعتي القصصية الأولى "شاي بارد على رصيف المتنبي"، اكتفيت بطباعة ثلاثين قصة، لكن هناك بعض القصص التي لم يتم طباعتها بعد. بالإضافة إلى ذلك، لدي أفكار لكتابة أجزاء ثانية لبعض القصص.

كما أن هناك بعض القصص التي لم أكمل كتابتها بعد، وسأكمل العمل عليها لتكون جزءًا من سلسلة مع المجموعة الأولى، بإذن الله.

 هل تفكرين في توسيع إحدى قصص المجموعة لتصبح رواية مستقلة؟

في الحقيقة، يمكنني توسيع كل قصة لتصبح رواية مستقلة، إلا أنني لا أفكر في ذلك حالياً. إذا فكرت في توسيع قصصي، فسأميل إلى كتابة جزء ثاني لبعض القصص، وقد جربت هذا بالفعل مع ثلاث قصص في مجموعتي، حيث ستجدونها بجزئين داخل الكتاب.

ومع ذلك، هناك إحدى القصص التي أفكر وآمل أن تتحول إلى فيلم سينمائي، لما تحتويه من أحداث مشوقة ومواقف مؤثرة. أثناء كتابتها، تخيلت أنها قد تصبح فيلمًا.

هذه القصة بعنوان "أحمر الشفاه"، وجزؤها الثاني بعنوان "أحمر الشفاه _ حفل الزفاف". إذا تم دمج القصتين معًا وكتابهما بشكل سيناريو، فقد تتحول إلى عمل سينمائي في المستقبل.

ما هو التحدي الأكبر الذي تأملين التغلب عليه في رحلتكِ الأدبية المستقبلية؟

التحديات التي اواجهها كثيرة، وهي تشمل جميع الكتاب. أولها أن ثقافة القراءة على وشك الاختفاء، وهي بحاجة إلى انتعاش وتثقيف، ونشر الوعي لإعادة إحياء هذه الثقافة التي تأثرت بهجوم الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي. فالجمهور القارئ هو السبب الرئيسي لنجاح العمل الأدبي.

أما على الصعيد الشخصي، فالتحدي الأكبر بالنسبة لي هو النجاح والبروز في الساحة الأدبية، ومن ثم المحافظة على هذا النجاح الأول وتحقيق نجاحات مستمرة ومتزايدة.

وأتمنى أيضًا أن لا أفقد شغف الكتابة مدى الحياة.

وفي ختام هذه الرحلة الأدبية مع السبعاوي، نكون قد استمتعنا بالغوص في عالم من الإبداع والابتكار، حيث لم تكن الكلمات مجرد حروف مترابطة، بل كانت تجسيدًا لأفكار ومشاعر ذات أبعاد أعمق. لقد قدمت لنا الكاتبة نموذجًا فنيًا فريدًا يعكس قدرتها على تحويل المعاناة والتجارب إلى روايات مؤثرة تتحدث عن الإنسان وقضاياه. وفي كل صفحة من صفحات هذا الحوار، أظهرت سعاد السبعاوي كيف أن الأدب ليس فقط وسيلة للتعبير، بل هو سلاح يقوي الوعي ويرسخ القيم. يبقى لنا أن نتساءل: ماذا ستحمل لنا هذه الكاتبة المبدعة في المستقبل؟ وما هي الكلمات التي ستكتبها لتواصل رحلتها في إثراء الأدب العربي؟

اضف تعليق