هناك حاجة في ثقافاتنا وتراثنا وواقعنا المرحلي إلى هذه الشريحة التي نستطيع أن نرتقي بها إلى أوج العظمة، لأنّ هذه اللُبنة هي الأكثر إنتاجاً في المجتمع إذا ما وضعت على المسار الصحيح ورفعها عن المستوى الراكد إلى المثالية المنتجة المفيدة للمجتمع. فكيف يمكن حماية هذه الشريحة...
(التثقيف سبب التغيير إلى الأحسن أو الأسوأ)
الشباب العنصر الأسمى والأهم من عناصر المجتمع، والشريحة التي يقوم على أكتافها بناء المستقبل، ولها أهمية عظمى لا يمكن حصرها في بُعد مرحلي معين فصناعة المستقبل تكون موجهة إليهم فهم يمثلون المستقبل بكل ابعاده.
وأكثر الثورات العالمية بل معظمها قامت على أيدي الشباب الذين غيّروا وجه التاريخ ونقلوا العالم من حال إلى حال وقد وضعوا أرواحهم على اكفهم من اجل إيجاد التغيير في مجتمعاتهم.
وفي خضمّ صراع الإرادات والأيديولوجيات والثقافات نجد أن هناك حاجة في ثقافاتنا وتراثنا وواقعنا المرحلي إلى هذه الشريحة التي نستطيع أن نرتقي بها إلى أوج العظمة، لأنّ هذه اللُبنة هي الأكثر إنتاجاً في المجتمع إذا ما وضعت على المسار الصحيح ورفعها عن المستوى الراكد إلى المثالية المنتجة المفيدة للمجتمع.
فكيف يمكن حماية هذه الشريحة التي تُلاطمها أمواج الرذائل وتُهاجمها آفات الانحطاط الخُلقي وتريد أن تنقضَّ عليها لأنها تراها سهلة الانقياد وسريعة الوقوع في شراكها، نعم يمكن ذلك عندما يتم استخلاص الشباب من خريف العبث الذي يلتهم أعمارهم الى ربيع الجد والخير والمثابرة وطلب العلم وتفهّم معنى تحمّل المسؤولية، حتى يستطيع الناس الاعتماد عليهم في أمورهم ولكي تقوى الثقة بهم.
والعبث عند الشباب ناتجٌ من أسباب هي التي وضعت أقدامهم على شفا حفرة أكساها الخداع بقشّ فتراءى لهم أرضاً خصبة جميلة لذلك سقطوا بها دون أن ينتبهوا.
ومن أهم هذه الأسباب:
1ـ ضعف الحصانة الدينية لأولئك الشباب: وهذا من أهم الأسباب التي تؤدي بالفرد إلى عدم كبح جماح غرائزه المتأججة في داخله، فالإنسان الذي لا يملك الوعي الديني لا يستطيع أن يقف بوجه الصعقات التضليلية الموجهة إليه، التي يقصد منها إخراجه من حالة الوعي الى الاستغراق في الشهوات.
2ـ الترف المادي: بعض الشباب يؤدي بهم الترف المادي إلى الوقوع بالرذائل، فالشاب الذي لديه مال وسيارة والانفعالات النفسية الغريزية تتلاعب به، من الممكن أن تتقد به جمرة السوء والخروج عن ذاته إلى ملذات منفلتة عاقبتها السوء والذل.
3ـ وسائل الإعلام: أصبحت أقوى سلاح موجه ضد الشباب من خلال التلاعب بمشاعرهم وصرف نظرهم من المفيد إلى عدمه ولهوهم بأشياء فارغة المحتوى والمضمون إذ لا معنى لشكل منمق بلا فحوى رصين مفيد.
4ـ مفهوم الثقافة الذي فهمه الناس في هذا الوقت فهماً خاطئاً: المعنى المغاير لمعناه الحقيقي تماماً إذ أصبح من (المعرفة وسعة الإطلاع وطلب العلم والفهم والوعي)، إلى معان فارغة ساذجة يُصطلح عليها بثقافة الحداثة التي ليس فيها من الثقافة إلا الاسم.
5ـ الترف العقلي: الذي يمتاز به كثير من الشباب في هذا العصر وحبُّ (ألانا) المتفشي بين النفوس الضعيفة مما يؤدي إلى التنافر والفرقة ليصبح هناك بون شاسع بين العلماء والناس.
6ـ قلة المؤسسات الحاضنة للشباب: مما أدى إلى صرف نظرهم عن الأجواء العلمية الناتجة التي تكون ذات تأثير بالمجتمع.
وغير ذلك كثير، ويمكن معالجة هذه الأسباب من خلال:
1ـ توعية الشباب توعية دينية بالأخلاق الإسلامية الحميدة التي جاء بها رسول الله (صلى الله عليه وآله) وكما يقول آية الله العظمى السيد محمد الشيرازي (قدس سره) في كتابه "السبيل إلى إنهاض المسلمين": (من الواجب على كلّ مسلم أن ينشر الوعي الإسلامي العقائدي والاقتصادي والسياسي والشرائعي والاجتماعي والتربوي والعسكري والزراعي والصناعي والاستقلالي في كل البلاد الإسلامية بواسطة الإذاعات والصحف والمجلات والكتب والنوادي والمؤتمرات)، والأخلاق المحمدية والتي بها كان من أكثر المسلمين شباباً فما الذي جذبهم إلى الإسلام سوى أخلاق الخاتم (صلى الله عليه وآله) فالشاب لا يستطيع تقبل كلمة (هذا خطأ) بشكل مباشر وإنما التلميح له أقوى من التصريح.
2ـ إرشادهم إلى المشاركة الفاعلة في بناء المجتمع وشحذ هممهم لبناء المستقبل والوصول بهم إلى الغاية السامية المرجوّة.
3ـ تحصينهم إعلامياً وكشف زيف الإعلام المضلل ووضع يدهم على نقاط الضعف والقوة وهذا يتم من خلا المؤسسات البنّاءة.
4ـ تعريفهم بالثقافة الحقيقية الواقعية التي ترتفع بالإنسان إلى الارتقاء لا التدني والانحطاط، يقول السيد الشيرازي في كتابه "السبيل" سالف الذكر (إنّ التثقيف أمر بالغ الأهمية، إذ إنّه سبب التغيير إلى الأحسن أو الأسوأ).
5ـ ليكن حب (الأنا) في الخير والمثابرة والجد لا الهزل والشر والبرود العملي.
6ـ بناء المؤسسات التي تحمل على عاتقها بناء جيل واعي منتج لا يكون همه من الدنيا إشباع غرائزه فقط وإنما يقوم بإشباع عقله ونشر الأفكار التي تنمّي المجتمع.
7ـ الإصلاح: يقول السيد محمد الشيرازي في كتابه "الطموح في حياة الإنسان والمجتمع" (من مقومات الإصلاح: إيجاد الوعي السياسي والاقتصادي والاجتماعي، واليقظة الفردية والجماعية، بين الأمة بكاملها وذلك بقدر الكفاية)، أي انه يريد أن يطبق الآية (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها) على الواقع فكلٌّ يعمل من موقعه للإصلاح من خلال التوعية والتنظيم الصحيح.
وإذا طُبقت هذه عملياً على الواقع نستطيع القول أننا حصلنا على شباب يمكن الاعتماد عليه في بناء المستقبل ونطمح أن نصل به إلى الغايات السامية الناجحة التي لا تُرخيها العقبات ولا تُذللها الصعوبات وهذا ما نتطلع له.
اضف تعليق