يعيش في البلدان الأقل نموا حوالي 1.1 مليار شخص أي 14 في المائة من سكان العالم ولا يزال أكثر من 75 في المائة من هؤلاء الناس يعيشون في فقر. تتعرض أكثر من غيرها لخطر تفاقم الفقر والبقاء في حالة تخلف عن ركب التقدم، كما أنها عرضة للصدمات...
بعد ثلاث سنوات على انتشار فيروس كورونا، تجتمع الأمم المتحدة وشركاؤها في العاصمة القطرية الدوحة- في الفترة من 5 إلى 9 آذار/مارس 2023- لعقد ميثاق تاريخي جديد معني بدعم أكثر البلدان تأثرا بتداعيات الجائحة الصحية العالمية.
يعقد مؤتمر الأمم المتحدة المعني بأقل البلدان نموا كل 10 سنوات، وسيركز اجتماع هذا العام- وهو الخامس من نوعه- على إعادة وضع احتياجات البلدان الأقل نموا وعددها 46 في صدارة جدول الأعمال العالمي ودعمها في جهود العودة إلى مسار التنمية المستدامة.
أولا، ما هي الدولة الأقل نموا؟
البلدان الأقل نموا، المدرجة على قائمة الأمم المتحدة، هي التي تظهر أدنى مؤشرات التنمية الاجتماعية والاقتصادية عبر مجموعة من المؤشرات.
يبلغ نصيب الفرد من الدخل القومي الإجمالي في هذه البلدان أقل من 1018 دولارا؛ مقارنة بحوالي 71 ألف دولار في الولايات المتحدة وفقا لبيانات البنك الدولي.
هذه الدول تسجل درجات متدنية في مؤشرات التغذية، الصحة، الالتحاق بالمدارس، ومهارات القراءة والكتابة.
وفي نفس الوقت تسجل درجات عالية في مؤشرات الضعف الاقتصادي والبيئي الذي يقيس عوامل مثل البعد الجغرافي، بالإضافة إلى الاعتماد على الزراعة ومخاطر التعرض للكوارث الطبيعية.
تضم قائمة البلدان الأقل نموا حاليا 46 بلدا، منهم 6 دول عربية، تقع الغالبية العظمى منها في أفريقيا. تتم مراجعة القائمة كل ثلاث سنوات من قبل المجلس الاقتصادي والاجتماعي للأمم المتحدة. وقد تخرجت ستة بلدان من فئة أقل البلدان نموا بين عامي 1994 و2020.
ثانيا، ما التحديات التي تواجه أقل البلدان نموا؟
يعيش في البلدان الأقل نموا حوالي 1.1 مليار شخص- أي 14 في المائة من سكان العالم- ولا يزال أكثر من 75 في المائة من هؤلاء الناس يعيشون في فقر.
تتعرض أقل البلدان نموا أكثر من غيرها لخطر تفاقم الفقر والبقاء في حالة تخلف عن ركب التقدم، كما أنها عرضة للصدمات الاقتصادية الخارجية والكوارث الطبيعية وتلك التي من صنع الإنسان والأمراض المعدية وتغير المناخ.
درجة حرارة كوكب الأرض في طريقها الآن للارتفاع بحوالي 2.7 درجة مئوية خلال هذا القرن، مما قد يؤدي إلى آثار كارثية في أقل البلدان نموا. وعلى الرغم من أن هذه البلدان لا تساهم سوى بقدر ضئيل في انبعاثات الكربون، إلا أنها تواجه بعضا من أكبر المخاطر الناجمة عن تغير المناخ.
وفي الوقت نفسه، تعد أقل البلدان نموا من بين أكثر البلدان تضررا من فيروس كورونا. فقد شهدت جميع هذه البلدان- باستثناء ثمانية- معدلات نمو سلبية في عام 2020 ومن المتوقع أن تستمر تداعيات الجائحة الصحية لفترة أطول مما هو عليه في البلدان الغنية.
يمثل الدين مشكلة رئيسية بالنسبة لجميع البلدان الأقل نمواً: أربعة منها مصنفة على أنها تعاني من ضائقة ديون (موزمبيق، سان تومي وبرينسيبي، الصومال، والسودان) و16 منها معرضة بشدة لخطر ضائقة الديون. وبالتالي فإن أقل البلدان نموا تتطلب أعلى مستوى من الاهتمام من المجتمع الدولي.
ثالثا، كيف يمكن للأمم المتحدة والمجتمع الدولي مساعدة أقل البلدان نموا؟
تعود جهود الأمم المتحدة الهادفة لتغيير التهميش المتزايد للدول الأقل نمواً في الاقتصاد العالمي، ووضعها على مسار النمو المستدامة والتنمية إلى أواخر الستينيات.
تضمنت استراتيجية التنمية الدولية لعقد الأمم المتحدة الإنمائي الثاني للسبعينيات تدابير خاصة لأقل البلدان نموا بما في ذلك:
تمويل الجهود المبذولة في التنمية، ولا سيما المنح والقروض من الجهات المانحة والمؤسسات المالية.
نظام تجاري متعدد الأطراف، مثل الوصول التفضيلي إلى الأسواق والمعاملات الخاصة.
الدعم الفني، ولا سيما من أجل تعميم التجارة (الإطار المتكامل المعزز).
عُقد أول مؤتمر لأقل البلدان نمواً في باريس بفرنسا عام 1981، وكان من المقرر عقد المؤتمر الخامس بمناسبة الذكرى الخمسين في آذار/مارس 2022، لكن تم تأجيله إلى العام الحالي بسبب تفشي فيروس كورونا.
رابعا، ماذا تعرف عن برنامج عمل الدوحة؟
برنامج عمل الدوحة هو خارطة طريق التنمية بالنسبة لأقل البلدان نموا، اُتفق عليه في آذار/مارس 2022.
ويتضمن برنامج عمل الدوحة ستة مجالات تركيز رئيسية:
الاستثمار في الناس في أقل البلدان نموا: القضاء على الفقر وبناء القدرات من أجل عدم ترك أحد خلف ركب التقدم.
تسخير قوة العلم والتكنولوجيا والابتكار لمواجهة مواطن الضعف متعددة الأبعاد وتحقيق أهـداف التنمية المستدامة.
دعم التحول الهيكلي بوصفه محركا للازدهار.
تعزيز مشاركة أقل البلدان نموا في التجارة الدولية والتكامل الإقليمي.
مواجهة تغير المناخ، والتدهور البيئي، والتعافي من جائحة كـوفيد-19 وبناء القدرة على الصمود في مواجهة الصدمات المستقبلية من أجل تحقيق تنمية مستدامة واعية بالمخاطر.
تعبئة التضامن الدولي وتنشيط الشراكات العالمية والأدوات والآليات المبتكرة.
سيساعد التنفيذ الكامل لبرنامج عمل الدوحة، أقل البلدان نموا على التصدي لجائحة كورونا وما نتج عنها من آثار اجتماعية واقتصادية سلبية، وتمكينها من العودة إلى المسار الصحيح لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بما في ذلك التصدي لتأثيرات تغير المناخ.
ثورة في دعم البلدان الأقل نموا
اجتمع قادة العالم في العاصمة القطرية الدوحة لحضور مؤتمر أممي مهم يسعى إلى تسريع التنمية المستدامة وإطلاق العنان للإمكانات الكاملة لبلدان العالم الأكثر ضعفا، والمساعدة في وضعها على مسار الازدهار والتنمية.
تعاني أقل بلدان العالم نموا من عوائق هيكلية شديدة أمام التنمية المستدامة بعد ثلاث سنوات على انتشار جائحة كورونا. وهي تعاني أيضا من الهشاشة إزاء الصدمات الاقتصادية والبيئية، وتمر بحالة من عدم اليقين بعد أن وجدت نفسها في خضم موجة من الأزمات المتصاعدة وفوضى المناخ والظلم العالمي المتجذر.
وتحدث الأمين العام أنطونيو غوتيريش في الجلسة الافتتاحية قائلا: "تعاني أنظمة الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية والبنية التحتية وخلق فرص العمل من الضغط الشديد أو أنها غير موجودة أصلا".
وأكد أن النظام المالي العالمي- الذي أنشأته البلدان الغنية لخدمة مصالحها الخاصة- غير منصف بالنسبة للبلدان الأقل نموا، التي يتعين عليها دفع أسعار فائدة يمكن أن تكون أعلى بمقدار 8 مرات مقارنة بالأسعار المتاحة للبلدان المتقدمة.
وأضاف "اليوم، ينفق 25 اقتصادا ناميا أكثر من 20 في المائة من إيرادات الحكومة على خدمة الديون".
ونتيجة لذلك، أكد الأمين العام أن "البلدان النامية بحاجة إلى ثورة في الدعم" عبر ثلاثة مجالات رئيسية:
أولا، قال السيد غوتيريش إن البلدان الأكثر ضعفا في العالم تحتاج بشكل عاجل إلى الدعم لتحقيق أهـداف التنمية المستدامة. ويشمل ذلك توفير ما لا يقل عن 500 مليار دولار سنويا للبلدان النامية، بالإضافة إلى تخصيص 0.15 إلى 0.20 في المائة من الدخل القومي الإجمالي للمساعدة التنموية الرسمية من البلدان المتقدمة. كما يجب بذل جهود دولية لمنع التهرب الضريبي والتدفقات المالية غير المشروعة.
وأكد الأمين العام أنه "لا مجال لمزيد من الأعذار"، داعيا شركاء التنمية إلى دعم تنفيذ هذه الإنجازات وتحقيق أهداف برنامج عمل الدوحة، الذي اُتفق عليه في الجزء الأول من المؤتمر في آذار/مارس 2022.
ثانيا، شدد الأمين العام على ضرورة إصلاح النظام المالي العالمي عبر استغلال الفرص ومواكبة التغييرات لإصلاح مؤسسات بريتون وودز (المالية) التي تشمل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.
وأضاف: "يتضمن ذلك توسيع تمويل الطوارئ ودمج الشروط المتعلقة بالكوارث والجوائح في أدوات الديون. يجب على بنوك التنمية متعددة الأطراف تحويل نموذج أعمالها لجذب تدفقات أكبر من التمويل الخاص إلى أقل البلدان نموا".
وأكد على أهمية إيجاد طرق جديدة لقياس اقتصادات البلدان- مثل معايير الإقراض التي تتجاوز الناتج المحلي الإجمالي.
تعتبر الدول الأقل نموا عرضة بشكل خاص لتأثيرات تغير المناخ على الرغم من أنها لا تساهم سوى بقدر ضئيل في انبعاثات غازات الدفيئة.
وفي سبيل توفير الدعم اللازم، حث السيد غوتيريش البلدان المتقدمة على الوفاء بوعدها المالي البالغ 100 مليار دولار للبلدان النامية، وتبسيط الوصول إلى تمويل المناخ، وتفعيل صندوق الخسائر والأضرار، وتمويل التكيف المزدوج، وتجديد صندوق المناخ الأخضر المدعوم من الأمم المتحدة وتوفير نظم الإنذار المبكر لكل شخص في العالم في غضون خمس سنوات.
وأخبر الأمين العام المندوبين أنه سيستضيف قمة طموح المناخ في مقر الأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر للانتقال من الكلمات إلى العمل وتوفير العدالة المناخية لمن هم في الخطوط الأمامية لأزمة المناخ.
أوفوا بوعودكم
وقال الأمين العام: "يجب أن نضع حدا لحقبة النكث بالوعود الآن. دعونا نضع احتياجات البلدان الأقل تطورا حيث يجب أن تكون- في مقدمة خططنا وأولوياتنا واستثماراتنا".
وظلت البلدان الأقل نموا تعاني- منذ بداية انتشار كـوفيد-19- من عدم كفاية الموارد اللازمة لمحاربة الجائحة والديون المتصاعدة التي سببت نكسة في تقدمها التنموي.
ويعاني واحد من بين كل ثلاثة أشخاص في أقل البلدان نموا من الفقر الشديد، على الرغم من الجهود الواسعة لمعالجة هذه الظروف.
بدوره، قال رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، السيد تشابا كوروشي: "أنا واثق من أننا جميعا نريد الوفاء بوعدنا في تحقيق خطة عام 2030 (للتنمية المستدامة) وتحويل اقتصادات البلدان الأقل نموا. لكي يحدث ذلك، من الضروري أن تشعر البلدان بملكية حقيقية لبرنامج عمل الدوحة. يجب أن يحرص شركاء التنمية على الوفاء بوعودهم التي قطعوها لمساعدة أقل البلدان نموا للتغلب على نقاط الضعف".
وتابع رئيس الجمعية العامة قائلا: "لا يزال من الممكن تحقيق أهدافنا بحلول عام 2030، إذا قمنا بتعزيز الشراكات الحقيقية، وتسخير التكنولوجيا، والابتكار. سيتطلب الأمر قرارات قوية الأثر وإجراءات تحويلية. ويشمل ذلك التركيز على ما يجب أن تركز عليه المؤسسات المالية الدولية، وقياس الثروة والتنمية المستدامة، والاعتماد على العلوم في صنع القرار، وحشد التضامن، وتحسين معايير الحوكمة، وفهم المنافع العالمية المشتركة".
وأضاف السيد كوروشي أن "هذا التقدم لن يكون سهلا، لكنني لا أرى خيارا أفضل للبشرية".
على مدار الأيام القليلة المقبلة، سيعتلي منصة المؤتمر أكثر من 130 من قادة العالم ورؤساء الوفود لتبادل وجهات النظر حول كيفية مواجهة التحديات المشتركة بشكل جماعي وإيجاد حلول مفيدة للبلدان الأقل نموا.
وقالت السيدة رباب فاطمة، الممثلة السامية للأمم المتحدة لأقل البلدان نمواً والبلدان النامية غير الساحلية والدول الجزرية الصغيرة النامية: "لا يتسم تاريخ البلدان الأقل نموا فقط بالمشقة. إنه أيضا تاريخ من المسعى البشري عبر الشدائد والكفاح والتغلب على الصعاب. من خلال تنفيذ برنامج عمل الدوحة، يمكننا بذل المزيد من الجهد لمواجهة هذه التحديات؛ لإعطاء فرص متساوية للجميع؛ وتحقيق النجاح".
وشددت السيدة فاطمة- وهي الأمينة العامة لمؤتمر الأمم المتحدة الخامس لأقل البلدان نموا- على أن المؤتمر أتاح فرصة رائعة لجعل الأهداف الواردة في خطة العمل قابلة للتحقيق ومضت قائلة:
"دعونا جميعا نغتنم الفرصة ونبدأ تلك الرحلة، الآن، هنا في الدوحة. رحلة تبدأ من الإمكانية إلى الازدهار".
إنصاف الدول الأقل نموا
حث الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش المجتمع الدولي - ولا سيما الدول الغنية - على مضاعفة المساعدات التي تقدمها للبلدان الأقل نموا- والتي يقطن بها أكثر من 1.1 مليار شخص- ومساعدتها على الخروج من براثن الفقر.
وقال إن البلدان الأقل نموا هي الأكثر احتياجا: "أنتم تحتاجون إلى هذا الدعم الآن. أنتم تمثلون واحدا من كل ثمانية أشخاص على وجه الأرض. لكن بلدانكم عالقة في حلقات مفرغة تجعل التنمية صعبة، إن لم تكن مستحيلة".
وشدد الأمين العام للأمم المتحدة على أن تكلفة المعيشة أصبحت صعبة بشكل متزايد بسبب الحرب في أوكرانيا، مما أدى إلى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء. ويؤدي ذلك- إلى جانب آثار الصراع والجفاف والجوع والفقر المدقع- إلى خلق بيئة تغذي الفقر والظلم.
وأوضح أن إنهاء هذه العاصفة المثالية يتطلب استثمارات ضخمة ومستدامة، مشيرا إلى أن النظام المالي العالمي صممته الدول الغنية، إلى حد كبير لصالحها.
وأضاف غوتيريش أن البلدان الأقل نموا- وفي غياب تخفيف فعال للديون- تضطر إلى تخصيص حصة متزايدة من الإيرادات الحكومية لخدمة الديون، محذرا من أن البلدان التي تنتقل إلى مرتبة الدخل المتوسط ستفقد المزايا الخاصة بأقل البلدان نموا، الأمر الذي يمثل "عقابا وليس مكافأة".
وتابع السيد غوتيريش قائلا: "لا يمكننا السماح للبلدان بالتراجع عن سلم التنمية بعد بذل مجهود لتسلقه. في خضم هذه المظالم، تعمل الأمم المتحدة معكم لتطوير استراتيجيات انتقال سلسة، بناء على دعم مخصص لعملية التخرج (من قائمة أقل البلدان نموا)".
تقترح حزمة تحفيز أهداف التنمية المستدامة، التي تم إطلاقها في شباط/فبراير، أيضا زيادة التمويل من أجل التنمية المستدامة، ومعالجة التكلفة العالية للديون، وتوسيع نطاق التمويل الطارئ.
وأضاف الأمين العام أن هناك حاجة أيضا إلى طرق جديدة ومعقولة لقياس اقتصادات البلدان، مثل تطوير معايير الإقراض التي تتجاوز الناتج المحلي الإجمالي.
وقال الأمين العام إن المؤتمر الخامس ينبغي أن يكون "لحظة عدالة" بالنسبة لأقل البلدان نموا وأضاف: "دعونا نعمل معا لتوفير سبل دعم جديدة لشعوبكم. دعونا نصنع تاريخ أقل البلدان نموا".
افتتح القمة السيد لازاروس مكارثي تشاكويرا، رئيس ملاوي ورئيس مجموعة البلدان الأقل نموا.
تعد ملاوي الواقعة جنوب الصحراء الكبرى واحدة من أفقر البلدان في العالم، حيث بلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي 639 دولارا عام 2021، وفقا للبنك الدولي.
وتعاني ملاوي- مثل العديد من البلدان الأقل نموا الأخرى- من الفقر وسوء التغذية، حيث يعيش أكثر من نصف السكان تحت خط الفقر. وتواجه ملاوي أيضا آثار تغير المناخ، حيث تسبب زيادة الفيضانات والجفاف في مزيد من الضرر للمحاصيل وسبل العيش.
وشدد الرئيس تشاكويرا في خطابه على أن التحديات العالمية الفريدة والعقبات متعددة الأطراف التي تواجه أقل البلدان نموا لا يمكن أن "يتغلب عليها أي منا بمفرده"، وأن "معظم الدول تتخلى عن التعددية وتنغمس حول ذاتها، وتدير ظهرها لأخوتها في الإنسانية، ولكن يجب أن نقاوم هذا الإغراء".
ومضى الرئيس الملاوي قائلا: "لم نجتمع هنا للحديث فقط، لدينا عمل حقيقي يتعين علينا القيام به وإنجازات يمكن تحقيقها. معا، سوف ننشئ جامعة عبر الإنترنت؛ ونظاما لتشجيع الاستثمار؛ وآلية لتخزين المواد الغذائية؛ وآلية للتخفيف من حدة الأزمات وبناء القدرة على الصمود؛ وحزمة دعم التخرج التي تضمن الانتقال السلس من فئة أقل البلدان نموا".
وشجع شاكويرا جميع شركاء التنمية "للقيام بدورهم في إزالة العقبات التي تقف في طريقنا".
فرصة للترويج للأفكار وتوليد تعهدات جديدة
تبادل أكثر من اثني عشر من قادة البلدان الأقل نمواً ممن شاركوا في القمة وجهات النظر حول كيفية مواجهة التحديات المشتركة بشكل جماعي وإيجاد حلول مفيدة.
كما قدموا إرشادات واضحة حول كيفية ضمان التنفيذ الفعال وفي الوقت المناسب للأهداف والالتزامات والنتائج المحددة في برنامج عمل الدوحة لأقل البلدان نموا للعقد 2022-2031 وإعلان الدوحة السياسي.
سيجمع مؤتمر الدوحة قادة العالم مع القطاع الخاص والمجتمع المدني والبرلمانيين والشباب للترويج لأحدث الأفكار وتوليد تعهدات جديدة بالدعم وتحفيز تنفيذ الالتزامات المتفق عليها بموجب برنامج عمل الدوحة.
ومن المتوقع أن يعلن المؤتمر عن مبادرات محددة ونتائج ملموسة تتناول التحديات الخاصة بأقل البلدان نموا وتدعم تنفيذ خطة عمل الدوحة.
ستكون المشاركة السياسية رفيعة المستوى حاسمة بالنسبة للمؤتمر الخامس لأقل البلدان نموا لبناء الزخم وصياغة شراكات متجددة ومتعددة لتحقيق الأهداف والغايات والالتزامات الطموحة والمشتركة لخطة عمل الدوحة.
من أجل كافة الأجيال
شهد يوم السبت انعقاد ثلاثة منتديات مخصصة للقطاع الخاص والشباب والبرلمانيين على هامش القمة.
وشارك العشرات من المندوبين الشباب- الذين يمثلون 226 مليون شاب من 46 دولة من أقل البلدان نموا- في أول منتدى للشباب يُعقد على الإطلاق خلال مؤتمرات أقل البلدان نموا. قدم المنتدى فرصة فريدة للشباب لتبادل ما لديهم من حلول وإجراءات وتجارب.
متحدثا لأخبار الأمم المتحدة، قال حمزة عبد الوهاب، مندوب الشباب من الصومال إن عدم الاستقرار السياسي يمثل مشكلة مشتركة لأقل البلدان نموا في منطقته، مما يؤثر على العديد من القضايا المتعلقة بجودة التعليم والفقر.
عانت 24 من أصل 46 من أقل البلدان نموا من صراعات نشطة حتى عام 2019. وتمر ثلاثة من أربعة من أقل البلدان نموا بحالات الصراع وما بعد الصراع، وفقا للأمم المتحدة.
وقال حمزة: "أعتقد أننا كشباب يجب أن نشارك في صنع القرار حتى نتمكن على الأقل من تحقيق الاستقرار السياسي وكي نتمكن من تحقيق أهداف التنمية المستدامة في السنوات السبع المقبلة".
بدورها، أكدت أرميل أزهار سليفانيا، مندوبة شابة من جزر القمر ما قاله الشاب الصومالي حمزة.
وقالت لأخبار الأمم المتحدة: "إذا كانت حكوماتنا على استعداد للاستماع إلى الشباب وتحويل حلولنا التي نقدمها إلى أفعال حقيقية على الأرض، فسوف تساعد حقا في حل جميع المشكلات التي نواجهها في بلادنا".
ناقش المشاركون الشباب من أقل البلدان نموا مجموعة من قضايا التنمية التي تؤثر عليهم وعلى بلدانهم - بما في ذلك التعليم وتنمية المهارات، والصحة، والتوظيف، وتغير المناخ، والسلام والأمن، وحقوق الإنسان، والهجرة.
اعتمد منتدى الشباب إعلان الشباب بعنوان "من أجل كافة الأجيال"، والذي يعبر عن التزام الشباب بالمساهمة في مستقبل أفضل في البلدان الأقل نموا وخارجها.
إعلان الشباب هو نتيجة لسلسلة من المشاورات التي جمعت الشباب من أقل البلدان نموا.
وقد تم استخدامه كوثيقة مناصرة للتأثير على مفاوضات خطة عمل الدوحة، وسيتم تقديمه لقادة العالم خلال المؤتمر الخامس لأقل البلدان نموا.
وتشمل قائمة الدول الأقل نموا، 6 دول عربية هي: السودان، الصومال، اليمن، جزر القمر، جيبوتي وموريتانيا.
معلومات أساسية
في أواخر الستينيات، بدأت الأمم المتحدة في إبداء اهتمام خاص بالدول الأقل نمواً، معترفة بأن تلك الدول هي الأكثر ضعفًا بين المجتمع الدولي. تضمنت استراتيجية التنمية الدولية لعقد الأمم المتحدة الإنمائي الثاني للسبعينيات تدابير خاصة الدول الأقل نمواً.
تم إنشاء فئة أقل البلدان نمواً (LDCs) رسمياً في عام 1971 من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة بهدف جذب دعم دولي خاص لأفراد أسرة الأمم المتحدة الأكثر ضعفاً وحرماناً.
عُقد مؤتمر الأمم المتحدة الأول المعني بأقل البلدان نمواً في باريس في عام 1981 وذلك من أجل إثارة الاهتمام الدولي واتخاذ إجراءات لعكس مسار التدهور المستمر في الحالة الاجتماعية والاقتصادية لهذه الدول الأكثر ضعفاً. واعتمد المؤتمر برنامجاً جوهرياً جديداً شاملاً للعمل في الثمانينيات لصالح أقل البلدان نمواً .
وعُقد مؤتمر الأمم المتحدة الثاني المعني بأقل البلدان نمواً (LDC-II) كذلك في باريس في عام 1990 لمواصلة التركيز على الحاجة إلى اتخاذ تدابير خاصة لهذه الدول، حيث اعتمد إعلان وبرنامج عمل باريس لصالح أقل البلدان نمواً للتسعينيات.
عُقد مؤتمر الأمم المتحدة الثالث المعني بأقل البلدان نمواً (LDC-III) في عام 2001 في بروكسل، واستضافه الاتحاد الأوروبي. وقد اعتمد إعلان وبرنامج عمل بروكسل لأقل البلدان نمواً للعقد 2001-2010. في أعقاب المؤتمر الثالث المعني بأقل البلدان نمواً، أنشأت الجمعية العامة مكتب الأمم المتحدة للممثل السامي لأقل البلدان نمواً والدول النامية غير الساحلية والدول الجزرية الصغيرة النامية (UN-OHRLLS).
وفي عام 2008، قررت الجمعية العامة عقد مؤتمر الأمم المتحدة الرابع المعني بأقل البلدان نموًا (LDC-IV)، حيث عُقد ذلك المؤتمر بعد ثلاث سنوات في اسطنبول، تركيا، في المدة من 9 إلى 13 مايو 2011 من أجل تقييم تنفيذ أقل البلدان نمواً وشركائها في التنمية لبرنامج عمل بروكسل.
يعقد مؤتمر الأمم المتحدة الخامس المعني بأقل البلدان نمواً (LDC5) في الدوحة في يناير 2022 للمساعدة في بناء برنامج عمل جديد وطموح لأقل البلدان نمواً، ويعتبر توقيت عقد هذا المؤتمر حرجًا حيث ان عقد عمل خطة 2030 يكتسب وتيرة أسرع.
ما هي أقل البلدان نمواً؟
لجنة السياسات الإنمائية (CDP)، وهي هيئة فرعية تابعة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي، مسؤولة عن استعراض حالة أقل البلدان نمواً ورصد التقدم المحرز بعد خروجها من هذه الفئة. وقد تخرجت ستة دول حتى الآن من فئة أقل البلدان نمواً وهم: بوتسوانا في 1994، والرأس الأخضر (كابو فيردي) في 2007، وجزر المالديف في 2011، وساموا في 2014، وغينيا الاستوائية في 2017، وفانواتو في 2020.
تضم أقل البلدان نمواً الـ 46 الحالية حوالي 880 مليون نسمة، أي 12 في المائة من سكان العالم. حيث تواجه هذه أقل البلدان نمواً عوائق هيكلية خطيرة أمام النمو وتمثل أقل من 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي وحوالي 1 في المائة من التجارة العالمية. تقوم لجنة السياسات الإنمائية بمراجعة قائمة أقل البلدان نمواً كل ثلاث سنوات. تشمل قائمة لأقل البلدان نمواً 46 دولة مدرجة حاليًا وهم ما يلي:
أفغانستان، أنغولا، بنغلاديش، بنين، بوتان، بوركينا فاسو، بوروندي، كمبوديا، جمهورية أفريقيا الوسطى، تشاد، جزر القمر، جمهورية الكونغو الديمقراطية، جيبوتي، إريتريا، إثيوبيا، غامبيا، غينيا، غينيا بيساو، هايتي، كيريباتي، جمهورية لاو الديمقراطية الشعبية، ليسوتو، ليبيريا، مدغشقر، ملاوي، مالي، موريتانيا، موزمبيق، ميانمار، نيبال، النيجر، رواندا، سان تومي وبرينسيبي، السنغال، سيراليون، جزر سليمان، الصومال، جنوب السودان، السودان، تيمور الشرقية، توغو، توفالو، أوغندا، جمهورية تنزانيا المتحدة، اليمن، زامبيا.
تستخدم لجنة السياسات الإنمائية المعايير الثلاثة التالية لتحديد حالة أقل البلدان نمواً:
الدخل الفردي (الدخل القومي الإجمالي للفرد)
الأصول البشرية (مؤشرات التغذية والصحة والالتحاق بالمدارس ومحو الأمية)
الضعف الاقتصادي (مؤشرات الصدمات الطبيعية التي تؤثر على التجارة، والتعرض المادي والاقتصادي للصدمات، والتقليص والبُعد).
يتم تحديد أقل البلدان نمواً بشكل دوري وإبراز مشاكلها الهيكلية ومن خلال ذلك تعطي الأمم المتحدة إشارة قوية إلى المجتمع الدولي بشأن الحاجة إلى امتيازات خاصة لدعم أقل البلدان نمواً.
تشمل الامتيازات المرتبطة بأقل البلدان نمواً مزايا في المجالات التالية:
تمويل الجهود المبذولة في التنمية، ولا سيما المنح والقروض من الجهات المانحة والمؤسسات المالية.
نظام تجاري متعدد الأطراف، مثل الوصول التفضيلي إلى الأسواق والمعاملات الخاصة.
الدعم الفني، ولا سيما من أجل تعميم التجارة (الإطار المتكامل المعزز).
اضف تعليق