من المفترض ان تتبع الحكومة المحلية في كربلاء بعض الاجراءات لكي تضمن تدفق الايرادات المالية لها ومن ثم صرفها في تطوير المعالم السياحية، كأن تفرض مبالغ رمزية على الوافدين الى المدينة، وهذا الاجراء ليس بغريب، اذ تتبعه العديد من دول شريطة الا يؤثر على ميزانية الفرد وينفع الميزانية...
مدينة يؤمها الملايين من مختلف انحاء العالم واصبحت قبلة للمحبين لآل البيت عليهم السلام وغيرهم، فهم يقصدوها لما تتمتع به من مكانة دينية واجواء روحانية مميزة، الى جانب كونها متنفس سياحي ديني فريد من نوعه.
مدينة كربلاء المقدسة يمكن ان نعدها مرفئها سياحيا مهما بالنسبة للكثير من السكان لكنها في الوقت ذاته تعاني اليوم من تقصير واهمال واضح من المعنيين في ادارة المؤسسات الحكومية فيها.
في جميع دول العالم عندما تتمتع مدينة معينة بمكانة دينية او تاريخية فمن المؤكد يزداد الاهتمام بها بشكل او بآخر، وينصب هذا الاهتمام في بناء بنى تحتية قادرة على استيعاب الاعداد التي تفد اليها، اذ يتم تأهيل طرق خاصة لمسير السياح واماكن راحة لهم تأتي ضمن عوامل الجذب السياحي فضلا عن وضع التسهيلات في اجراءات الدخول وغيرها من الامور التي بدورها تعمل على طيب الاقامة.
وعلى خلاف ذلك فأن مدينة كربلاء لا تزال تعاني من نقص فظيع في المرافق الخدمية التي من الواجب توفرها كونها تستقبل يوميا مئات الزائرين وفي اماكن مختلفة منها، اذ نشاهد الوافدين في المراقد المقدسة وكذلك في الاماكن التاريخية والسياحية المتناثرة فيها بشكل واسع.
من المفترض ان تتبع الحكومة المحلية في كربلاء بعض الاجراءات لكي تضمن تدفق الايرادات المالية لها ومن ثم صرفها في تطوير المعالم السياحية، كأن تفرض مبالغ رمزية على الوافدين الى المدينة، وهذا الاجراء ليس بغريب، اذ تتبعه العديد من دول شريطة الا يؤثر على ميزانية الفرد وينفع الميزانية العامة في المحافظة في آن.
لا حظنا وسمعنا عن بعض الضوابط التي تضعها الدول من اجل ديمومة وانعاش الحركة السياحية، اذ يندرج ضمن تلك الضوابط هو فرض رسم محدد على العجلات الداخلة الى المدينة كل حسب حجمها وتخصص تلك المبالغ لتطوير شبكة الطرق الموجودة في المحافظة، الى جانب الحرص على انشاء شبكة طرق جديدة تستوعب الزيادة الحاصلة في اعداد العجلات والزائرين بشكل سنوي.
من المؤسف حقا ان مدينة كربلاء تشهد مناسبات دينية مليونية ومنذ تغيير نظام الحكم لم نر التفاتة حقيقة لحل مشكلة النقل فيها، فلا تزال الحلول المتبعة آنية الى جانب كونها غير حضارية، فمن المعيب ان يتم نقل الجموع المليوينة في عجلات خصصت لنقل السلع والبضائع، او الاعتماد على الاساطيل العسكرية في التخفيف عن مركز لمدينة المكتظ بالزائرين.
لو يتم استثمار دخول تلك الاعداد منذ عام 2003 ولغاية اليوم لكانت اوضاع كربلاء افضل بكثير مما هي عليه اليوم، لكان من الممكن ان تفتح طرق اضافية وتوفير ساحات لوقوف السيارات، وتخليص الوافدين من حيرة الوقوف العشوائي غير المنتظم.
كنا نتامل بأن يحدث في كل عام تطوير وتجديد للمعالم السياحية في المدينة، لكن ما حصل هو خلاف ذلك تماما، فلا تزال المناطق تعاني من رداءة الطرق، فضلا عن غياب الرؤية المستقبلية للنهوض بهذا القطاع المهم والحيوي في نفس الوقت.
وهنا من غير الصحيح ان نلقي باللائمة على الجهات الحكومية دون المرور بالتقصير الحاصل من قبل اصحاب الاماكن الترفيهية التابعة للقطاع الخاص.
هنالك بعض الامور من الواجب اتباعها من قبل مالكي هذه المرافق لضمان ارتياد السائحين لها ومن اهمها هو بذل ما بوسعهم من اجل راحة الوافدين، كأن يكون الاهتمام بالنظافة العامة او الاعتناء بشكل أكبر في الاطعمة المقدمة مع مراعاة تنوعها، فلا يصح الاكتفاء بنظام طعام معين بعيدا عن تلبية رغبات المتواجدين، وهو ما لا حضناه في اغلب المناسبات التي تحدث هو اجبار الوفود على تناول الاطعمة المعدة دون الاخذ بعين الاعتبار رغبتهم او ذوقهم العام.
هذا بالتأكيد سيخلق حالة من عدم الرضى او الارتياح من قبل الافراد وقد يكون قرارهم هو عدم القدوم لمثل هذه الاماكن، والنتيجة هو خسارة للطرفين الاول اصحاب تلك المرافق كونهم جنوا على أنفسهم من خلال اسهامهم في نفور السائحين من المكان وحرمانهم من ايرادات مالية مستمرة، اما الطرف الثاني فهي الاعداد الاخرى التي كانت من المؤمل ان تزروا المدينة بعد عودة الوجبة الاولى.
في كربلاء تحديدا توجد الكثير من الاماكن التي تعتبر متنفسا جميلا ومكانا يبعث الطمأنينة في النفوس، وهنا اقصد المكان الممتد بالتوازي مع بحيرة الرزازة، هذا المكان يعاني هو الآخر من التناسي، في حين نشاهد عشرات الاسر تقصده في عطلة نهاية الاسبوع وكذلك الايام الاخرى لتقضي فيه وقتا سعيدا بصحبة الاهل والأحبة.
ما ينقص هذا المكان هو التخطيط السليم من قبل الجهات المعنية بالجانب السياحي، ولا اعتقد الامر يحتاج الى الكثير من الاموال ليكون ملائما لحاجة الناس الفاقدة لمثل اجواءه وهدوئه الجميل.
ليس صعبا ان نستقدم احدى الشركات المعنية بتطوير المرافق السياحية واعطائها الوقت الكافي والمخططات المنسجمة وطبيعة المدينة المقدسة ومتماشية والذوق السائد في المحافظة لكنها في الوقت نفسه يجب ان يراعى فيها التطور العصري الحاصل في المجال السياحي مقارنة بالبلدان صاحبة الباع الطويل في هذا المجال.
هذه المسألة في حال تم اتباعها ستكون بمثابة الصدمات الكهربائية التي تعيد لقطاع السياحة الدينية حيويته والخروج من حالة الركود الذي يعانيه منذ سنوات طوال.
اضف تعليق