شيخوخة السكان لا مفر منها والتخطيط المبكر هو الحل، خلال القرن العشرين تضاعف عدد سكان الأرض مرتين، لكن في القرن الحالي لم يتضاعف هذا العدد حتى لمرة واحدة بسبب انخفاض عدد الولادات في العالم، وكشف مؤشر مراقبة شيخوخة السكان العالمي عن شبح يهدد العالم في المستقبل القريب...
شيخوخة السكان لا مفر منها والتخطيط المبكر هو الحل، خلال القرن العشرين تضاعف عدد سكان الأرض مرتين، لكن في القرن الحالي لم يتضاعف هذا العدد حتى لمرة واحدة بسبب انخفاض عدد الولادات في العالم، وكشف مؤشر مراقبة شيخوخة السكان العالمي عن شبح يهدد العالم في المستقبل القريب، ذلك أنه بحلول عام 2050 سيتربع المسنون على قاعدة الهرم السكاني.
على هذا الصعيد ناقش وزراء المالية وحكام المصارف المركزية لدول مجموعة العشرين الأحد للمرة الأولى إشكاليات مرتبطة بشيخوخة السكان وانخفاض الولادات، مثل زيادة تكاليف الرعاية الصحية والنقص في اليد العاملة والخدمات المالية الخاصة بالمسنين، ولم يأت اختيار اليابان التي تترأس قمة فوكوكا (جنوب غرب) لهذا الموضوع بشكل عشوائي، إذ قد تصبح قريبا أكبر بلد "فائق الشيخوخة" في العالم، ما يعني أن 28% من سكانها ستفوق أعمارهم 65 عاماً، على أن تصل نسبتهم إلى نحو 40 بالمئة في عام 2050.
وحرصت اليابان التي تعيق هذه المشكلة نموها الاقتصادي، على نقل خبرتها إلى الدول الأخرى،
ودعت ثالث قوة اقتصادية في العالم شركاءها وبصورة خاصة الاصواق الأقل تطورا إلى التحرك قبل فوات الأوان، وأكد وزير مالية اليابان تارو آسو "ما نقوله هو التالي: إذا بدأت آثار الشيخوخة الديموغرافية بالظهور قبل أن تصبحوا أغنياء، فلن يعود بوسعكم حينها اتخاذ أية إجراءات فعالة".
وقال من جهته الأمين العام لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أنخيل غوريا على هامش الاجتماع المالي إنه إذ كان هذا التوجه يطال "العالم أجمع، فإن مجموعة العشرين إلا ان مجموعة العشرين تشيخ بوتيرة أسرع".
الدول الناشئة أيضاً
تضمّ مجموعة العشرين دولاً ذات مواصفات مختلفة، من اليابان المتقدمة في السن إلى السعودية والهند وإفريقيا الجنوبية ذات المجتمع الشاب، ويسهم طول متوسط العمر المتوقع وتراجع معدل الولادات في زيادة أعداد المسنين بشكل كبير في الدول الغنية مثل ألمانيا وفرنسا وإسبانيا وايطاليا وكوريا الجنوبية، بحسب منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية التي قامت بسلسلة دراسات حول المسألة، وأشارت المنظمة إلى أن هذه المشكلة باتت تطال ايضا الاقتصادات الناشئة مثل البرازيل والصين، وبحلول عام 2050، سيتضاعف عدد السكان الذين تفوق أعمارهم الستين عاماً في العالم، وسيتخطى المليارين.
وفي مذكرة نُشرت بمناسبة قمة مجموعة العشرين، أوضح صندوق النقد الدولي أن "الشيخوخة تزيد الضغط على الميزانيات العامة لأنها تتطلب زيادة في انفاقات التقاعد والصحة" ولليابان خبرة في هذا الاطار، إذ تبلغ نسبة دينها 230% من ناتجها المحلي الإجمالي، ولذلك، يقوم المتقاعدون بادخار أموالهم خشية تخفيض معاشاتهم التقاعدية، فيما يتردد الأصغر سناً في الإنفاق خوفاً من المستقبل، ويؤكد صندوق النقد أيضاً أن "ثروة هذه الدول ستتأثر حتما بالنهاية بينما ينخفض عدد الأشخاص المنخرطين في سوق العمل أكثر وأكثر".
أوروبا تشهد انخفاضا حادا في عدد السكان
حذرت الأمم المتحدة من أن الانخفاض الحاد في عدد السكان في جنوب شرق أوروبا يهدد قدرة دول المنطقة على الحفاظ على الخدمات الاجتماعية الأساسية في الوقت الذي يسعى فيه شبابها إلى فرص في الخارج، وقالت ألانا أرميتاج مديرة صندوق السكان لشرق أوروبا ووسط آسيا التابع للأمم المتحدة لرويترز إن أحدث الحقائق لدى الأمم المتحدة تشير إلى أن تسعا من الدول العشر الأسرع انخفاضا في عدد السكان توجد في شرق وجنوب شرق أوروبا.
ومن المتوقع أن تفقد بلغاريا ربع عدد سكانها بحلول عام 2050 وسوف ينخفض عدد سكان كل دولة في المنطقة خلال العقود المقبلة لأن من يهاجرون منها أكثر ممن يهاجرون إليها، وكذلك بسبب انخفاض معدل المواليد، وقالت أرميتاج "أطفال أقل وهجرة كبيرة إلى الخارج يعني أن سكان دول جنوب شرق أوروبا يقلون في العدد ويزيدون في العمر، وعلى النقيض من أوروبا الغربية لا أحد يسعى للهجرة إليها لسد الثغرة".
وتظهر التنبؤات أنه بين عامي 1995 و2035 ستتضاعف أعداد السكان الذين يبلغون من العمر 65 عاما فأكثر في معظم تلك الدول، وستبلغ تلك الأعداد ثلاثة أمثال في بعض الدول، وقالت أرميتاج إن معظم تلك الدول تواجه بالفعل أزمات حادة في الأيدي العاملة مما يعيق النمو ويضعف أملها في اللحاق بأوروبا الغربية، وقالت "مع ذلك هناك طريق واعد للمضي فيه للتغلب على تلك المشكلات وضع استراتيجيات تؤدي إلى تعزيز الثروة البشرية وبالتالي تحويل التحديات الحالية إلى فرص"
الصين تدرس إلغاء القيود على أعداد المواليد
نقلا عن أشخاص مطلعين أن الصين تدرس إلغاء القيود على عدد الأطفال للأسرة الواحدة –حسب وكالات- وتزيد أعداد المسنين في الصين بسرعة كبيرة مع تراجع عدد المواليد بنسبة 3.5 بالمئة إلى 17.23 مليون العام الماضي رغم قرار الدولة في أواخر 2015 تخفيف سياسة "الطفل الواحد" المثيرة للجدل والسماح للزوجين بإنجاب طفل ثان.
وأفاد تقرير بلومبرج بأن مجلس الدولة كان قد أمر بإجراء دراسة بشأن إنهاء القيود على عدد المواليد على مستوى البلاد، وأضاف التقرير أن القرار يمكن ان يتخذ السنوات القادمة، وتطبق الصين سياسة الطفل الواحد منذ السبعينات للحد من النمو السكاني لكن السلطات يساورها القلق من أن يؤدي تقلص قوة العمل إلى تقليل قدرتها على دعم شعب تزيد فيه أعداد المسنين، وأدت سياسة الطفل الواحد كذلك إلى خلل حاد في التوازن بين الذكور والإناث فزاد عدد الذكور عن الإناث بفارق 32.66 مليون بحلول نهاية 2017.
تراجع شريحة السكان العاملة في كوريا الجنوبية
تراجعت شريحة عدد السكان الذين هم في سن العمل، للمرة الأولى في تاريخ كوريا الجنوبية، كما أعلنت الوكالة الرسمية للإحصاءات، وقد شهدت البلاد التي دمرتها الحرب الكورية (1950-1953)، تقدما مذهلا في العقود التالية، رفعها الى المرتبة الحادية عشرة على صعيد اقتصادات العالم والمرتبة الرابعة في آسيا.
لكن كوريا الجنوبية تواجه تحدي شيخوخة السكان وفيها أدنى نسبة ولادات في العالم، لأن النساء يفضلن التركيز على حياتهن المهنية، ويفيد الإحصاء السنوي الأخير ان الاشخاص في سن العمل، أي الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و64 عاما، قد تراجع بنحو 116 ألف شخص في 2017 ليصل إلى 36،2 مليون شخص، كما ذكرت الوكالة الرسمية للإحصاءات.
وازداد إجمالي عدد السكان بنسبة 0،3% ليصل الى 51،4 مليون نسمة ويشكل الأشخاص في سن 65 عاما او أكثر، 14،2%، وأعلنت الحكومة قبل أسابيع عن تراجع بنسبة 12% في عدد الولادات في 2017 الى 357،771، وهذا أدنى مستوى تاريخي.
وتراجعت أيضا في 2017 نسبة الخصوبة، أي عدد الأطفال الذين يتوقع انجابهم، إلى أدنى مستوياتها في كوريا الجنوبية، اي 1،05 ويُعتبر ان استقرار شعب مضمون نظريا من خلال نسبة خصوبة تبلغ 2،1.
ماذا يعني عدد سكان فرنسا؟
بلغ عدد سكان فرنسا 67,2 مليون نسمة في الأول من كانون الثاني/يناير 2018، حسب إحصائيات نشرها المرصد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية وبينت هذه الإحصائيات أن فرنسا، رغم كونها الدولة الأكثر خصوبة في الاتحاد الأوروبي، إلا أن معدل الولادات فيها قد انخفض بنسبة 2,1% خلال عام 2017.
أعلن المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية أن عدد سكان فرنسا قد بلغ 67,2 مليون نسمة في الأول من كانون الثاني/يناير 2018 وجاء في الإحصائية أن عدد المواليد قد بلغ 767 ألف مولود عام 2017، ما يمثل تراجعا بنسبة 2,1% عن العام السابق بالمقابل ارتفع معدل الوفيات في البلاد ليصبح معدل الزيادة السكانية في مستوى تاريخي من الانخفاض.
وهذه السنة الثالثة على التوالي التي يشهد فيها عدد المواليد في فرنسا انخفاضا، ليصبح متوسط الإنجاب 1,88 طفلا للمرأة الواحدة، وفي حين بقيت فرنسا البلد الأكثر خصوبة في الاتحاد الأوروبي متقدمة على إيرلندا، وثاني دول الاتحاد سكانا بعد ألمانيا، إلا أن معدل عمر الأم الفرنسية ارتفع، حيث يبلغ معدل عمر المرأة في فرنسا عند إنجاب طفلها الأول 30,6 عاما، مقارنة بـ29,8 قبل عشر سنوات.
وشأنها شأن بقية الدول الغربية، فقد ارتفع متوسط الأعمار في فرنسا، ما يمثل مشكلة اقتصادية، إذ إن عدد السكان في سن العمل يتناقص في الوقت الذي يزداد فيه عدد المتقاعدين. ووصلت نسبة السكان الذين تزيد أعمارهم عن 65 عاما إلى 19,6%، مقارنة بـ15,5 منذ عشرين عاماً
تايلاند: "الأقراص السحرية" لزيادة معدل المواليد
تشهد تايلاند، مثل غيرها من دول آسيا، زيادة أعداد كبار السن من سكانها وانخفض معدل المواليد بحدة من أكثر من ستة أطفال لكل امرأة في عام 1960 إلى 1.5 في 2015 وفقا لبيانات البنك الدولي، وفي بانكوك قدم مسؤولو الصحة أقراص الحديد وحمض الفوليك في علب وردية اللون بمناسبة عيد الحب في ستة مواقع لتشجيع الأزواج على الاستعداد للإنجاب وقدموا نشرة مع الأقراص تشرح كيفية الاهتمام بالصحة العامة من أجل الإنجاب.
تظهر بيانات البنك الدولي أن تايلاند، إلى جانب الصين، لديهما أعلى نسبة من كبار السن في الدول النامية في شرق آسيا، اذ بلغ عدد السكان في تايلاند ذروته وسيبدأ في التناقص بحلول عام 2030 مما يشير إلى مشكلات اقتصادية محتملة مثل نقص العمالة وتقلص قاعدة دافعي الضرائب مع تراجع عدد السكان في الشريحة العمرية القادرة على العمل، وطرحت الحكومات المتعاقبة خططا مختلفة لتشجيع الإنجاب لكنها لم تحقق نجاحا يذكر كما حدث في سنغافورة المجاورة التي تشهد واحدا من أدنى معدلات المواليد في العالم، وطرحت تفسيرات مختلفة لتراجع معدل المواليد في تايلاند منها ارتفاع تكاليف المعيشة والتزامات العمل وابتعاد السكان عن حياة الريف، التي كانت تتطلب أسرا كبيرة، وانتقالهم للعيش في المراكز الحضرية.
اضف تعليق