ان الاعتراف بوجود ازمات ومشاكل داخلية وخارجية متجذرة وعميقة وشائكة يساهم في ايجاد الحلول ولا يعقد المشهد خلاف التعنت والتعالي على الحقيقة لأن مشروعية أي نظام سياسي يحتاج إلى مراجعة شاملة لكل مسيرته مع تشخيص مكامن الخلل والاشتباهات ومواجهتها لتجاوزها ولتجنب المخاطر التي قد تلحق بالنظام السياسي أو التنظيمي لأي تيار أو كيان...

ان الاعتراف بوجود ازمات ومشاكل داخلية وخارجية متجذرة وعميقة وشائكة يساهم في ايجاد الحلول ولا يعقد المشهد خلاف التعنت والتعالي على الحقيقة لأن مشروعية أي نظام سياسي يحتاج إلى مراجعة شاملة لكل مسيرته مع تشخيص مكامن الخلل والاشتباهات ومواجهتها لتجاوزها ولتجنب المخاطر التي قد تلحق بالنظام السياسي أو التنظيمي لأي تيار أو كيان سياسي بعيدا عن الخطابات النرجسية البعيدة كل البعد عن الواقع والتي تكون سببا في كثير من المشاكل وهذا نوع من انواع الانهزامية والهروب غير الموفق وليس حلا بل يعرض النظام أو الحزب أو التشكيل السياسي إلى مواجه ازمة وجودية .

ان الجماهير والتاريخ لا ترحم ولا تمنح فرصة تعويضية للفاعل السياسي الفاشل إطلاقاً، بل نجد الكثير منهم جزء من الازمة وليس من الحل، لذا لا يخرج من مطب الا ووقع باخر، وهذا نتيجة التخاذل والتآمر في ما بينهم وتخادم المصالح المشتركة بين الاطراف التي تقسم البلد حسب العرق والدين والانتماء والولاء، بعيدا عن الوطنية والكفاءة والنزاهة، مما يصعب المشهد ويكون التدهور هو الحاكم في المجتمع، فنجد الفشل في اغلب المفاصل ان لم يكن في جميعها مما يشكل حالة من الصراع المحتدم بين القوة المتنافسة، فيفتح الباب على مصراعيه للتدخلات الخارجية فضلا عن استشراء الفساد وتعطيل القوانين والخدمات وفقدان الدولة هيبتها وسيادتها مما يجعلها ساحة ومرتعا للاخرين لتصفية حساباتهم فيها. 

ان ضعف النظام السياسي أو الحكومي لأسباب متعددة واهما الصراع الداخلي بكل اشكاله وانواعه والتنافس غير الشريف، له تداعيات سلبية على البناء الفكري للمجتمع، لأنه اسير لتلك الحقب الزمنية الفاشلة التي قادتها تلك الاحزاب والانظمة، لأن منظومة الفساد وتشعباته وشبكاته فرضت سيطرتها وبسطت نفوذها على اغلب المفاصل. 

لذا تكون النتيجة الافلاس رغم ما يرفع من شعارات رنانة وهتافات مدوية، لان السند الشعبي والقواعد الجماهيرية تعيش بواد غير واد الطبقة الحاكمة، وهذا ما يجعل الفجوة كبيرة، حيث يفقد النظام مشروعيته وحاكميته، بل يؤسس إلى خلق جيل ناقم يعيش الاغتراب في بلده ويخلق اجواء مناسبة لبروز المعارضة ونشوء حركات مناوئة للسلطة، مما يربك الوضع الداخلي ويدخل الدولة في صراع محتدم تكون نتائجه كارثية، فمحاولة النخب الحاكمة من احتواء الازمات المتكررة بلا جدوى لان تداعيات الفشل وانعدام المشروعية وتفشي الخراب والمحاصصة والمحسوبية والفساد وعدم تسييد القانون عوامل رئيسية لخراب البلدان، وهذه نتيجة طبيعية للفشل في ادارة الدولة.

حيث تكون عاجزة عن ايجاد الحلول - الاحزاب والنخب والزعامات السياسية – في ادارة المرحلة وخصوصا بعد فقدانها الدعم الجماهيري وعجزها عن ترتيب اولويات البناء السياسي والجماهيري والخدمي لانها لاتمتلك المؤهلات التي تجعلها قادرة على قيادة المرحلة بكفاءة لان فاقد الشيء لا يعطيه، لان النتائج تتبع اخس المقدمات، اي ان المخرجات الصحيحة وليدة تلك المقدمات السليمة والعكس كذلك. 

إن تقاسم السلطة وجعلها مرتعا للأحزاب والابناء والولاءات وبسط النفوذ وتردي الخدمات وتفشي الفساد والمحسوبية وتهميش ارادة الاخيار وعدم احترام القانون وتحكم مجموعة مستبدة متعجرفة بمصير البلد يضعف من سيادة الدولة ويفقدها هيبتها مع تزامن عجز النظام عن احتواء المشاكل وانقسام المجتمع، والطامة الكبرى عدم اعتراف بعض القيادات السياسية بفشلها وتخبطها، فعدم قدرة الزعامات على توثيق العلاقة بينها وبين الشعب، انتج حكومة خالية الدسم.

فالتحدي كبير امام النخب، بين المواطن الذي يريد الخدمات وتحقيق المكتسبات والانجازات ورفع مستوى المعيشة، وبين الخصوم والمتنافسين وتدخلات الداخل والخارج والقرارات الدولية والتي باتت تشكل أزمة حقيقية فالتناقض سيد الموقف، والتنافس والمغانم والمحاصصة واضحة لا تحتاج إلى الكثير من العناء والجهد للوصول إلى النتائج المأساوية لأن تفكير بعض القيادات بات واضحة من حيث الضحالة والدونية والحماقة والتسافل والتخلف وضيق الافق وفقدان الاهلية، فاستشراء الفساد والخارجين عن القانون وارساء مبدأ العطاء على قدر الولاء، هو السيد في تقييم الناس فبات المجتمع منقسما بين حاكم مستبد ومحكوم ناقم، فلم تجدي الشعارات نفعا بل حتى الطبقة السياسية باتت تعي انها تعيش في فضاءات بعيدة عن مجتمعها، ففقدان التوازن في تحقيق المنجزات وسيطرت المافيات على مقدرات البلد مستغلة موارد الدولة، اضاع فرصة التقارب والانسجام. 

 نعم اليوم بدأ البلد يتعافى ويسير على خطى ناضجة وفق خطط مدروسة من خلال المنجزات وسيطرة الحكومة الاتحادية على اغلب مناطق الفراغ السياسي والامني والاقتصادي وتحجيم دور الخارجين عن القانون، متزامنا مع تعالي اصوات الاحرار والوطنيين، قد تكون التحديات كبيرة وتحتاج إلى جهد اكبر وتكاتف من الجميع للمشاركة في خلق اجواء مناسبة بعيدة عن الصراعات والتدخلات والتبعية وهذا يحتاج لنكران الذات والتعاضد والتآزر والجد والاجتهاد لينعم الجميع ببلد يحكمه دستور عادل منصف محايد مع ارساء مبدأ العدالة والامن والاستقرار واحترام القانون وعدم التدخل بشؤون الآخرين وحسن الجوار وتسييد القانون والاستفادة من تجارب الماضي واستثمار الفرص المناسبة والامكانات المتاحة لبناء دولة عصرية متحضرة ينعم فيها الجميع بالأمن والامان والسعادة.

اضف تعليق