من يفهم هذه المعادلة شديدة الحساسية للمصالح الخارجية والتدخلات على السيادة في العراق، يمكن أن يفهم الفارق بين مستنقع الاحتلال وسلطة القرار، وما يمكن أن يكون من طرفي المعادلة لزيادة هشاشة سلطة القرار، ما دام الواقع يمضي بنموذج كل حزب بما لديهم فرحون...
يكذب من يعتقد ان سلطة القرار السيادي كانت بيد الملك او رئيس الوزراء بوجود اتفاقات عسكرية تمنح القوات المسلحة البريطانية حق استخدام قاعدتي الحبانية والشعبية التي اسست من قبل هذه القوات بعد الحرب العالمية الأولى.
كذلك لا يفقه بالعلوم السياسية من يعتقد ان واشنطن بضوء الاتفاق الامني المنفرد مع العراق ضمن اتفاقات الإطار الاستراتيجي وايضا الجماعي في التحالف الدولي لمواجهة الإرهاب تختلف عن ذات الاعتبارات التي توفرت للقوات البريطانية خلال الحرب العالمية الثانية في استخدام المنشآت العسكرية على الأراضي العراقية... خلال اي تصعيد يمكن أن يعيده تحت الاحتلال الأمريكي المباشر!!
السؤال المكرر في مصفوفة تحليل واقع العملية السياسية ووضعها الإقليمي والدولي.. ان هشاشة سلطة القرار السيادي محدد بخصوصية إقليم كردستان المحمي كليا من الولايات المتحدة الأمريكية وربما تكون الحماية ذات الاولوية الثانية بعد حماية الكيان الصهيوني..
النقطة الأخرى ان علاقات التعاون الاستراتيجية مع ايران والعراق لا يفترض التقاطع الشامل او الاتفاق الكلي على الوجود الأمريكي في العراق.. بل ان التحدي الإيراني كما يراه الكثير من القوى السياسية العراقية يجعلهم يستجيرون برمضاء الاحتلال الأمريكي.!!
وما يشجع على ذلك السقوط الشنيع لغرف التخطيط الاعلامي في اعلاء الخطاب الطائفي ولغة التخوين في منهج أقرب إلى إشعال أعواد الحرب الأهلية كبخور على مذبح الولاء والبراء لاي من الطرفين سواء إيران وما تصدر من خطاب محور المقاومة الإسلامية الذي تموله بالسلاح الإعلامي كما تزوده بالصواريخ والمسيرات.. في مقابل خطاب مضلل اهوج فقط كردود أفعال من بعض القوى التي تبشر بالاقليم السني على سبيل المثال.. او الغباء الاهوج التي يكرر ذات معايير الخطاب الصهيوني كنموذج للتخلص من كهنة معبد العملية السياسية التي بات مطلوب منهم إعادة النظر الجدية بكل ذلك.
القول الفصل.. لا من ركب القطار الأمريكي في احتلال العراق كان موقفه صحيحا في استمراء رؤية الدبابات الأمريكية في مدنه وأمام المراقد المقدسة.. ولا من يريد ركوبه مجددا يمتلك الفطنة والاخلاق العراقية المعروفة.. كلاهما وقع في مستنقع الاحتلال وان كان ثمة من يعتقد ان الحكم شيعيا ولن يسقط... السؤال من المسؤول ومن المستفيد على مستوى سلطة القرار في خوض معركة الحرب والسلام على الأرض العراقية في حدودها السيادية المعترف بها في الأمم المتحدة.؟؟
نعم العواطف الشعبية العراقية تدعم القضية الفلسطينية.. وايضا نعم هناك متغيرات كبرى قد وقعت في اتفاقات اوسلو وطرح حل الدولتين.. كذلك نعم الصهيونية العالمية تتعامل مع تثبيت وقائع الحرب المفتوحة كفرضيات للتوصل إلى تلك الاهداف التي ذكرت في أكثر من كتاب دونت فيه مذكرات بن غورين وشارون وبيغين وغيرهم من مجرمي عصابات الهاجانا التي اسست نواة القوات الإسرائيلية ثم حكام كيانها المغتصب..
كل ذلك حصل ويحصل وسبحصل..ما دام ليس هناك اتفاق وطني بوصلته عراق واحد وطن الجميع.. يعيد الاختبار النهائي لعقد اجتماعي جديد يلغي نظام مفاسد المحاصصة والمكونات بدولة المواطنة الفاعلة.
اما سياق المقارنة فإنه ينحصر في نموذج الاستنزاف لحرب مفتوحة بلا نهاية مقبولة من أطراف النزاع.. هشاشة واقع عراق اليوم لا تجعله قابلا للبقاء في أضعف حالات تماسكه لان عوامل الجذب وشد أطرافه متوفرة داخل مؤسسات الدولة وليس خارجها..
من يفهم هذه المعادلة شديدة الحساسية.. يمكن أن يفهم الفارق بين مستنقع الاحتلال وسلطة القرار.. وما يمكن أن يكون من طرفي المعادلة لزيادة هشاشة سلطة القرار.. ما دام الواقع يمضي بنموذج كل حزب بما لديهم فرحون.. ويبقى من القول لله في خلقه شؤون!!!
اضف تعليق