ان معرفة بنية العدو، بنية الشخصية الصهيونية، البناء الفكري والسياسي والمعنوي، البنية العسكرية والاقتصادية، مراكز الفكر والبحث العلمي، ومراقبة الاحزاب والتيارات السياسية والفكرية والاجتماعية، صارت مهمة لا تحتمل التأجيل، لكل من يريد الدخول في مواجهة شاملة مع الكيان الصهيوني...
لقد شاخ جيل المهاجرين من اليهود الشرقيين (السفارديم) واليهود الغربيين (الاشكناز) وذابت الفوارق العنصرية بين ابناء الجيل السائد الجديد الذي يسمى جيل الصابرا (Sabra generation) .وهو مصطلح يشير إلى الجيل الأول من اليهود الذين وُلدوا في فلسطين، وهم مختلفون عن الجيل السابق الذين جاءوا كمهاجرين. و يُطلق على الجديد “الصابرا” نسبة إلى نبات الصبّار (أو التين الشوكي) الذي ينمو في المنطقة، حيث يتميز هذا النبات بقشرته الشائكة من الخارج ولكن داخله ناعم وحلو. هذا الوصف يعبر عن الصورة التي يراها البعض لهذا الجيل: صلب من الخارج ولكن بداخله حساس وودود كما يدعون.
لذا فان هؤلاء الصابرا يُمثلون الجيل الذي تربى في فلسطين بعد الهجرة اليهودية الكبيرة وقبل إعلان قيام الكيان الاسرائيلي في العام 1948 أو بعده بقليل.
ويعد هذا الجيل أكثر اندماجًا في الأرض، وأقل ارتباطا بالثقافات الأوروبية والشرقية التي جاء منها آباؤهم وأجدادهم .
حيث ان عامل اللغة العبرية المشتركة جسد الثقافة الموحدة المستقرةً للكيان الاسرائيلي الذي توحد ايضا في نسق تلمودي عنصري بالغالب في ارض الميعاد. فأصبحت اسرائيل ليست (محطة) ارض الميعاد بل هي (ارض الوطن اليهودي) الذي ولد فيها اليهود وتعلموا الانسجام من لغتها العبرية الموحدة.
وهو جيل يرى أمامه شعب فلسطين مقتل مهاجر ومشرد .. يدعمهم عالم يزيد على مليار ونصف مسلم دون جدوى ودول الطوق المحيطة خاملة او مطبعة عدا استثناءً، في حين يدعم اسرائيل مليارات بشرية من الديانات الأخرى ولاسيما الإنجيليون ومن امم امبريالية قوية هي من اوجدتها، وظلت القضية الفلسطينية قضية راي عام رافقتها حروب كان الانتصار فيها للكيان الاسرائيلي الا استثناءً أيضاً .
وفي هذا السياق تناول المفكر السياسي الكبير ابراهيم العبادي مقالاً بعنوان: حرب إسرائيل الطويلة، بالقول: ((…ان معرفة بنية العدو، بنية الشخصية الصهيونية، البناء الفكري والسياسي والمعنوي، البنية العسكرية والاقتصادية، مراكز الفكر والبحث العلمي، ومراقبة الاحزاب والتيارات السياسية والفكرية والاجتماعية، صارت مهمة لا تحتمل التأجيل، لكل من يريد الدخول في مواجهة شاملة مع الكيان الصهيوني، ولا ينبغي الاكتفاء بالمعلومات والافكار التي صارت ثوابت في الفكر العربي عموما.
المجتمع الصهيوني يتغير، وقد تغير كثيرا عن جيل المؤسسين، وهو في طريقه الى مزيد من التغيير مندفعا بطموح توسيع رقعة الهيمنة والنفوذ، والريادة العلمية والتقنية، هذا لا يعني ان هذا المجتمع غير قابل للضربات ومنيع امام الهجمات، فهو كأي تجمع بشري يسوده التعصب والانغلاق الهوياتي والعنصرية والاستعلاء والبحث عن التفوق بأي ثمن، معرض للانتكاسات والضربات، والتخطيط لمواجهته ومنع عدواناته وتعدياته وخططه يستدعي معرفة دقيقة به لبناء استراتيجية مضادة بعيدة المدى، فالمواجهة معه تحتاج بناء معرفيا ودولتيا ذكيا ومتينا .وليس بناءات مهلهلة وافكار متعجلة )).
وبذلك نرى هكذا كيان يمتلك البوم الاسلحة النووية ومختلف الوسائل التكنولوجية الحديثة والرقمية التي يصنعها بنفسه او يقدمها الغرب له حقاً، فترى بلاشك ان الحروب الجيلية Generation Wars الراهنة قد اختلفت وتكيفت، فالمقاتلون اليهود الاوائل كانوا مهيئين على حروب خاطفة وحققوا الغلبة على الجيوش الرسمية العربية منذ العام 1948، في حين ان اليهود من الجيل الراهن وهم جيل ( الصابرا ) باتوا اكثر عددا واكثر تقانة في التكنولوجيا رقمية المتاحة لهم داخليا او خارجيا دون اي عواقب .
وحتى اللحظة فالسماء في منطقة الشرق الاوسط جلها تحت قوة الكيان الصهيوني، تؤازرها غيرها من دول حليفة لها عبر تنسيق مشترك … وهكذا فان اسرائيل تقاتل بجيل الصابرا الاكثر عنصرية وتشددا بالوطن الصهيوني والاكثر تقنية عسكرية رقمية …انها حروب النفس الطويل بلاشك ..جيل الصابرا ..جيل التقنيات الرقمية ..جيل الحرب الطويلة.
اضف تعليق