من الاخطاء التي تقع فيها الام المتسلطة في تربية الابناء انها تضع إنموذجا يجب أن يكون الولد مثله، محاولة وضع الطفل في قالب يمكن أن يكون غير واقعي وضيق فيخنقه أو واسعاً فيضيع فيه، وهذا خطأ ترتكبه الام في طريق سعيها لبناء شخصية ترضيها لن تحصد سوى شخصية تابعة ومتمردة...
في التربية عموماً يتخذ الابوين منهجاً يختارونه لأنفسهم او ربما يفرض عليهم في بعض الحالات، فقد تميل الام كما في الغالب الى الين في تعاملها مع ابناءها، بينما تميل نساء اخريات الى الاعتدال بين القسوة والين حسب ضرورة الموقف الذي يتم التعامل معه او فيه، لكن عدد ليس بقليل من النساء يستخدمن القسوة والتسلط مع ابنائهن، اليوم نود نستعرض مؤديات هذا النوع من التربية وكيف سيكون تأثيرها على شخصية الابناء.
ربما الكثير من الامهات يقسين على ابناءهن من دون وعي بالاثار السلبية التي تنتج من هذه المعاملة القاسية المتسلطة، فهي تريد ان تربي ابناءها تربية صالحة ومميزة تختلف ربما عمن سواها من النساء لكنها لم توفق في اختيار الطريقة المناسبة للضفر بهذا التميز، فتقع الكثيرات في فخ التسلط ليربين برأيهن طفلاً مطيعاً ليس على لسانه إلا كلمة حاضر.
هذه الطاعة العمياء التي تريدها الامهات من ابناءهن تؤدي بالنتيجة الى ان ينشأ الطفل بشخصية ضعيفة يملى عليها من اي كان ولا يدافع عن نفسه وعن خططه واهدافه وتطلعاته، ويمكن ان يلازمه الامر طوال فترات حياته المختلفة، فالرضا الذي كان تنشده الام بطاعة ابنها أصبح وبال عليه وعلى مستقبله تتمنى لو انها لم تضغط بهذا الاتجاه.
من صور قساوة الامهات وتسلطها انها ترفض الاعتراف بضرورة ان يتخذوا قراراتهم بمفردهم، كما تمنح نفسها الحق في ابداء آراءها في كل شيء يخص الطفل وقد يصل الحال الى الفرض عليه كفرض الملبس وقصة الشعر ونوع الدراسة وغير ذلك من الامور التي تتدخل فيها ضنناً منها في الحماية له تحت شعار (انت لا تعرف اين مصلحتك) وهذه المقولة المحبط والمدمرة نفسياً تجعل منه غير متحمل لمسؤولية نفسه فيكف سيتحمل مسؤوليات اخرى في المستقبل.
ومن الاخطاء التي تقع فيها الام المتسلطة في تربية الابناء انها تضع انموذجاً يجب أن يكون الولد مثله، محاولةً وضع الطفل في قالب يمكن أن يكون غير واقعي وضيق فيخنقه أو واسعاً فيضيع فيه، وهذا خطأ ترتكبه الام في طريق سعيها لبناء شخصية ترضيها لن تحصد سوى شخصية تابعة ومتمردة.
ومن الامثلة الواقعية التي عشتها ان ام احد الاطفال فرضت على ابنها الاكبر اختيار نوع دراسة معينة بداعي انه ابنها الاكبر وتود ان تراه في هذه الوظيفة بعد التخرج وهو لم يقاوم رغبتها لكنه لم يكن مؤهل لخوض هذا الغمار لإمكاناته الذاتية التي لم تسعفه الى النجاح في التجربة وتخطيها، من ذلك نتج انه فشل دراسياً وترتب على ذلك اصابته احباط عال منعه من الدخول في تخصص دراسي آخر وبالتالي فقد بوصلته وحرم من الحصول على شهادة معينة وبقي يمارس مهن بسيطة يقتات عليها، كل هذا هو نتيجة لحلم امه الذي فرض عليه دونما ارادة وقبول منه.
الاسباب التي تجعل الام متسلطة عديدة اهمها:
محاولة الام تعويض الضغط الذي مورس عليها من قبل ابويها والذي عاشته في مراحل حياتها الاولى لذا يمكن اعتبار حب السيطرة ناشئ عن عقدة نفسية، بينما يرى فريق من النفسيين ان التسلط يتصف به الانسان حين يمنح دلال زائداً وبسبب هذا الدلال يكون متسلطاً لكونه يحصل على كل مايريد ما يدفعه إلى ممارسة سلطته على الأشخاص الذين يرفضون تلبية مطالبه.
والخوف على الأبناء سبباً آخر من اسباب تسلط الامهات، اذ ان الكثير من الأمهات يجرهن حبهن لأبنائهن وخوفهن عليهم للسيطرة عليهم وعلى حياتهم ومستقبلهم، اعتقاداً منهن أنهم بهذه الطريقة يحمونهم من العالم.
في الختام لابد للام المتسلطة ان تعي ان التصرف بطريقة تسلطية على ابناءها والتحكم في اختياراتهم وتفضيلاتهم واهتماماتهم سيجعل منهم سينشؤون غير واثقين من أنفسهم ومن قدراتهم وهو ما يؤثر على جميع خطوات حياتهم، اضافة الى انهم سيفتقرون لمهارات التواصل الاجتماعي، ولابد من وعي حقيقة ان الطفل بحاجة على الاعتماد على أنفسهم تدريجياً وصولاً الى تحمل المسؤولية كاملةً بدون الاعتماد على أحد.
اضف تعليق