q
انه كل سلوك يعبر به الفرد عن رفضه ومخالفته للسلطة المتمثلة بالأسرة أو المدرسة أو المجتمع بسبب محاولات تقييد حريته الفكرية والسلوكية، أو محاولة استعادة حريته الشخصية الذي يعتقد بأنها مسلوبة منه، وهنا اود الاشارة الى ان التمرد ليس سلبياً دائماً كما تقدمه بعض وسائل الاعلام...

لكل فعل ردة فعل تساويها بالمقدار وتعاكسها بالاتجاه قاعد فيزيائية استمد منها علم النفس تفسيره للتمرد الذي يقول ان الرد الطبيعي للضغط والكبت والاستهتار بالحقوق هو التمرد الذي عرفه علماء علم النفس "على انه كل سلوك يعبر به الفرد عن رفضه ومخالفته للسلطة المتمثلة بالأسرة أو المدرسة أو المجتمع بسبب محاولات تقييد حريته الفكرية والسلوكية، أو محاولة استعادة حريته الشخصية الذي يعتقد بأنها مسلوبة منه"، وهنا اود الاشارة الى ان التمرد ليس سلبياً دائماً كما تقدمه بعض وسائل الاعلام كصورة نمطية يراد بها تسقيط من يتمردون على السلطة من أجل حقوقهم المسلوبة.

ليس هذا التعريف هو الذي يبين ماهية التمرد فهناك الكثير من التعريفات المختلفة غير انها في اطارها العام تتفق على انه شكل من اشكال الرفض الذي يمارسه الانسان حينما يصل الى مرحلة الا حل.

مظاهر التمرد تتنوع بتنوع من يمارس الضغط كالسلطة واشكالها، وعادة ما يكون التمرد وليد شعورنا بالظلم والانصياع غير المحق للقرارات التي تفرض او القوانين التي توضع لخدمة من يضعها او الاعراف التي تفصل لغرض من وراءها أو كل ما يحول دون ممارسة الإنسان لتطلعاته ورغباته، لذا يأخذ التمرد شكلا اجتماعياً وهو النوع الذي يرفض فيه جمع من الناس العادات والتقاليد المتخلفة او التي لا تعبر عن رغبتهم في العيش والتعايش كأفراد اجتماعيين.

او قد يلبس لباس السياسة (الوقوف بوجه السلطات) وهذا الضرب يحدث لعدم توفر فرص العمل او العيش الكريم من متطلبات العيش البسيطة والمهمة في الوقت ذاته كالصحة والتعليم وغيرها والتي ادت الى تغيير انظمة وحكومات، كما الحال في الكثير من البلدان الاوربية والعربية ومنها العراق غير ان الفرق ان في العراق يجابه التمرد بقتل المطالبين بحقوقهم والتعامل معهم كعملاء، كما يمكن ان يأخذ طابعاً فكرياً حين تتعرض افكارنا ومعتقداتنا وآراءنا الى التسلط والقمع والتهميش.

ويأتي التمرد فردياً أو جماعياً الفردي يحدث حينما يتمرد فرد واحد في موقف معين مثل تمرد احد الابناء على أسرته حين لا يحترمون وجوده وقرارته وتفضيلاته او تمرد عامل على صاحب المصنع لعدم اعطاءه اجور عمله، اما الجماعي فهو الذي يشترك فيه مجموعة من الناس تجمعهم الرغبة في الرد التسلط والظلم والاهانة تغيرها لصالحهم ليس هناك حصراً لهذه الجماعة فقد تكون جماعة عمل او طلبة او حتى افراد عائلة واحدة المهم ان ما تمردوا عليه يمثل نقطة اجتماع بالنسبة اليهم.

من اهم السمات التي يمكن نميز عبرها ان هذا الفرد متمرد من بقية اقرانه هي:

عدم قدرته على إقامة علاقات جيدة مع الزملاء والمدرسين اذا كان قد تعرض للظلم وشعر بالظلم مع تواطئ الزملاء مع الجهة المتسلطة، كما انهم قليلي الرضا عن عائلاتهم سيما آبائهم لكونهم في العادة هم من يمتلكون زمام القرار في المنزل، وميلهم الى الاسراف الكبير في الانفاق وفي اماكن لا تستحق هذا الاسراف، كما انهم لا يجتهدون في الجانب الدراسي كأسلوب عقابي لوالديهم او لمعلميهم، ويمارسون العناد مع من يتعقدون انهم تسببوا لهم بأذى معنوي او مادي وقد يصل الامر الى الامتناع عن تأدية الواجبات سواء المدرسية او المهنية او غيرها، وهم يفضلون ايضاً تكوين علاقات مع زملاء غير منضبطين اجتماعياً او اقامة علاقات عاطفية مشبوهة كعلامة على التمرد والخروج على بيئتهم.

ينحى التمرد في حياة الانسان منحيين اثنين متضادين اولهما سلبي هدام وضار وهذا الذي ينشأ في الاغلب عند الشباب والمراهقين، وقد يكون التمرد ليس استجابة لضغط بالضرورة بل قد يكون بدافع ابراز العضلات والقوى سيما ان هذه الفئات العمرية ترى في نفسها الافضل الاقوى ولا احد يمكن يقف بوجهها مهما كانت صفته ومهما كان قربه منهم، ومن مظاهره رفض اوامر الابوين، وعدم ارتداء الزي الرسمي او التأخر عن المحاضرات وعدم الاكتراث لعلمية التعليم وما يهمه هو الاستعراض كما في المدرسة او الجامعة، كما قد يتمردون في هذه المرحلة على القانون والسلطة والمجتمع.

اما الاتجاه الاخر المختلف تماما فهو الاتجاه الايجابي الذي يريد من خلاله المتمرد الانتصار لنفسه ولمجتمعه والدفاع عن مصلحته، كما الرغبة في اتجاه الاستقلال والتمكن من القرار الذاتي او الشخصي، والمنطق يقول ان بقدر ما يملك المجتمع من حيوية الشباب وحركته في المجتمع تكون قدرة المجتمع على تجاوز الحدود التي بلغها والانطلاق نحو آفاق جديدة، وفي جميع البلدان التي نهضت تجد بصمة لأناس تمردوا على انحلال المجتمع وقسوة السلطة وتجبرها واعادوا الامور الى نصابها.

في الخلاصة ان التمرد هو نتيجة لا سبب ولكي نقلل من حجمه لابد من تخفيف اسبابه والتعامل بتوازن في التربية والادارة سواء المنزلية او الوظيفية او غيرها، وهذا التوازن هو من يعيد الافراد المتمردين الى طبيعتهم البشرية المرتكزة.

اضف تعليق