من الامثلة على نكران الجميل الذي يدمر قيم المجتمع هي عقوق الوالدين ونكران فضلهما في تربيته وايصاله الى مستوى عال من النضج الجسماني والنفسي فتراهم (الابناء) بكل وقاحة وجرأة وجحود يرسلون آباءهم وأمهاتهم إلى دار المسنين بعدما تمكن منهم الهرم واشتعل الرأس شيبا، اي وحشية هذه واي عقوق هذا؟...
وصفه العرب قديماً بأنه خسة النفس وانحدار الاخلاق، فهو امر يعاب على من يقوم به لأنه يضيع المعروف ويهجر الشكر ويغيب الوفاء ويغيب معه شعور الانسان بإنسانيته ويغدو الانسان المحب للخير والمساعدة متردداً او حتى ممتنعاً عن القيام بها في حال جوبهت مواقفه الخيرة بمثل هذا، انه (نكران الجميل) الذي يمتنع بموجبه الكثير من البشر عن الاقرار بالفضل والاحسان والصنائع الجميلة التي اسديت اليهم، اذا ما علمنا ان النفس البشرية السوية تواقة الى حب الخير والاحسان اليها واحسانها هي الى الاخر النظير.
ولعل اغلبنا يؤيد ان الاحسان يحول مشاعر العدوانية الى موالاة والقطيعة الى تواصل فطبيعة الانسان متغيرة بتغير ظروفها ومعطيات المحيط الذي يعيش فيه وتلك نعمة الله الى الانسان.
نكران الجميل سلوك بشري يشترك فيه الكثير من البشر ولا يكاد يخلو منه مجتمع ولعنا نعيشه بشكل يومي، هذا السلوك يدلل على ان صاحبه غير متصالح مع نفسه وليس لديه القدرة على الشكر وهو عادة ما يتعامل مع المحيط على قدر حاجته اليهم، فهل سيخسر ناكر الجميل جميع من حوله يوماً ما؟، وهل سيعرض ذلك الجحود الانسان الامتناع عن فعل الخير والعطاء؟
يشوه نكران الجميل العلاقات الانسانية ويقوضها ويبدل النزعة الى التراحم والمعونة بسؤال (لماذا) وهذا السؤال المصحوب بالدهشة لدى الافراد يثبط العزيمة على الاستمرار سيما اذا كان من الاقربين، فذاكرتنا البعيدة وحتى القريبة تزدحم بمواقف جمة مثيلة تلك تنفي تقديم العون ومن ذلك تتولد لدينا قناعة بأن أن فعل الخير يجب أن لا يقدم إلا لمن يستحقه لأنك ان اكرمت اللئيم تمردا.
ولا يقتصر نكران الجميل على الاصدقاء وزملاء المهنة بل يصل الى دائرة العائلة وما يحدث فيها من مواقف تجسد النكران بين الفينة والاخرى، فهذه المواقف ومهما كان قرب فاعلها منا، الا ان بقاءها في الذهن يجعل منها جرح يؤذي الانسان ويشعره بالخذلان وتصبح صورة ناكر الجميل في اطار الشخص الاناني الذي يأخذ ولا يعطي بل وحتى لا يحترم من قدم له الخدمة في موقف معين بسيطاً كان او معقداً.
من الامثلة على نكران الجميل الذي يدمر قيم المجتمع هي عقوق الوالدين ونكران فضلهما في تربيته وايصاله الى مستوى عال من النضج الجسماني والنفسي فتراهم (الابناء) بكل وقاحة وجرأة وجحود يرسلون آباءهم وأمهاتهم إلى دار المسنين بعدما تمكن منهم الهرم واشتعل الرأس شيبا، اي وحشية هذه واي عقوق هذا؟
كما وصل الحال بالزوجين الى انكار صفات الجمال في احدهما، فتنكر هي رجولته وشهامته وخدمته لها ولعائلته جميعاً، وهو ينكر فضلها في تربية الابناء وادارة امور المنزل المستمرة متخلياً عن تلك الزوجة التي كانت سنده وجيشه الوحيد عندما كان مكسور الجناح متناسيا تضحياتها الجسام ووقوفها إلى جانبه في السراء والضراء.
يؤكد عالم النفس (باندورا) صاحب نظرية التعلم الاجتماعي في نظريته التعلم الاجتماعي ان اغلب سلوكيات الانسان تكتسب من البيئة الاجتماعية، ومن هذه السلوكيات هي النكران، اذ تفسر هذه النظرية النكران على أنه سلوك ناتج عن المخالطة والمعايشة في الأسرة والمدرسة والمجتمع ولا علاقة للوراثة أبداً فيها بحسب ادعائه.
ومن الاسباب المؤدية الى النكران هو الغيرة من الناجحين حتى وان كانوا هم الذين يقدمون خدمة لنا لان الغيور لا يود ان يرى احد افضل منه وكأنه وصل إلى ما وصل إليه بنفسه دون دعم أحد من الأهل أو الأصدقاء.
وتقول الاستشارية النفسية والأسرية الدكتورة (خولة السعايدة) "أن هذه الطباع تعود لشخصية الإنسان والبعض لديه اعتقاد بضرورة الشكر بالفعل لا بالقول عندما تتاح الفرصة، وآخرون يرون أن هذا حقا مكتسبا وفرضا وواجبا على الأول وبالتالي لا يستحق الشكر.
وهناك صنف يعتبر أن الشكر والاعتراف يقللان من قيمة المرء لذاته، ويجعلانه بموقف ضعف، كما ان هذا يعود للتنشئة الاجتماعية فناكر الجميل لم يتعلم أساسيات التواصل الاجتماعي في منزله، وكيف يشكر الآخر، أو لم يشاهد نماذج حية في أسرته تمتلك هذه المهارة ليقلدها، أو يكون قد سمع عبارات من أسرته تحث على عدم الشكر، لأنه يقلل من قيمته، خصوصا الذكور في مجتمعنا يكونون أقل استعدادا للشكر والامتنان حيث إن التنشئة الاجتماعية تحث المرء على أن يكون قويا وصلبا من خلال عدم قول كلمة “شكرا” أو أي عبارة تقدير للآخرين".
ختاماً قرائنا الكرام نوصي أنفسنا واياكم بجملة توصيات للتعامل مع الاشخاص ناكري المعروف وهي: ضرورة ان يكون العطاء بنية القربة الى الله او ادامة لإنسانية الانسان ورغبته الدائمة في خدمة ابناء جنسه دون انتظار الجزاء والشكر.
وعدم توقع رد الجميل لان ذلك يعطي قوة في مواصلة العطاء ما استطاع، وان لا يكون الجحود مانع له في خدمة من يستحق، وان اراد الفرد تقديم المساعدة لمن هو اهل لها دون اجهاد نفسه في ردود الفعل.
اضف تعليق