في نقطة شروع الحديث عن اهم المشاكل التي يتسبب بها الوالدين في تربية ابنائهم ربما من دون قصد علينا التفريق بين الحاجات الاساسية التي يحتاجها كل انسان وبين الرغبات التي يحلم بها، فتحت يافطة الحنان نتبع في بعض الاحيان تدليلاً زائداً لأطفالنا متغافلين او ربما جاهلين...
في نقطة شروع الحديث عن اهم المشاكل التي يتسبب بها الوالدين في تربية ابنائهم ربما من دون قصد علينا التفريق بين الحاجات الاساسية التي يحتاجها كل انسان وبين الرغبات التي يحلم بها، فتحت يافطة الحنان نتبع في بعض الاحيان تدليلاً زائداً لأطفالنا متغافلين او ربما جاهلين ان هذا الافراط ذو نتائج سلبية تنسحب على اغلب مراحل عمر الفرد ان لم يكن جميعها.
في مراحل التربية الاولى يتكسب الطفل سلوكه بواسطة التدريب العملي الذي يأتيه من والديه فيتعلم الاخلاق والقيم والعادات وطريقة التعامل وطريقة الحديث وحتى طريقة حل المشكلات او التعامل معها، وبذا لابد من الاعتناء بالطفل في الاسرة او بالسلوك العائلي فبهما يصنع الجانب الاهم من شخصية الانسان واتجاهاته المستقبلية، وعبر البيئة تتنمى الكثير من المواهب الفردية او تتشكل سلوكيات تكون بمثابة ردات فعل للمثيرات الخارجية وتصبح هذه السلوكيات ثوابت او محددات عمل في المستقبل لذا فإن الإفراط في تدليل الأطفال يتسبب بسلوكيات سلبية يتجاوز تأثيرها محيطه الأسري، إلى المدرسة والى المجتمع وغيرها.
في منظور علم النفس الطفل المدلل هو ذلك الطفل الذي يشتاط غضباً في حال لم تنفذ رغباته، ويجبر والديه على توفير ما يحتاجه بصرف النظر عن ايجابية او سلبية هذه الرغبات، فإصرار الطفل على تناول الايس كريم مثلاً رغم انه يؤذي صحته متبعاً لأسلوب الصراخ مما قد يجبر الام على تلبية رغبته وهذا الاستجابة هي التي كونته عاصياً وعنيداً لأنه ادرك بهذه الطريقة سيوفر له كل ما يريد.
بينت أبحاث أُجريت في الولايات المتحدة الأميركية أن وباء تدليل الأطفال منتشر بشكل كبير بسبب شعور بعض الأهل بالذنب لعدم إمضائهم وقتًا كافيًا مع أطفالهم، لذا يمضون وقت فراغهم القصير مع الطفل ويلبّون له رغباته من دون مراعاة القواعد والحدود.
في هذا السياق يقول الاختصاصي في مجال سلوك الأطفال (دنيس شولمان): "إن الأطفال يترجمون ردود فعل الوالدين إلى سلوكيّات تمكّنهم من تحقيق ما يريدون، ولذا من الخطأ الكبير أن يتعوّد الطفل على تلبية كل طلباته، من المفروض أن يسمع الطفل كلمة (لا) كثيرا، ليكفّ عندها من استخدام الأساليب الملتوية لتحقيق مطالبه".
سلبيات التدليل
من النتائج السلبية التي تنشأ من الافراط في التدليل هي اعتماد الطفل بصورة كاملة على الاسرة وبذلك تكون شخصيته اعتمادية على الآخرين ماديًا ومعنويًا في كل شؤون حياته ويكون عاجزاً عن توفير ما يحتاجه او حتى يكون قاصراً عن حل مشاكله الحياتية البسيطة لسبب انه لم يقوم بإنجاز مهامه وواجباته منذ صغره وقد توافرت له جميع رغباته دون أي تعب أو مجهود.
والاشباع الفوري لكل ما يطلب الطفل من اخطر الامور على مسيرته، فحين يوفر له كل شيء على الفور يضن انه يملك القوة او يتفرد بها ولا يحق لاحد سواه التمتع بها وهذا ما يجعل الطفل يملك قدراً كبيراً من الانانية ويكون محباً لنفسه ومفتقداً الى نعمة العطاء او مساعدة الناس، الامر الذي يتطلب من الاهل الكثير من العناء في المستقبل لتقويم السلوك الأناني لدى اطفالهم.
كما من المساوئ ان تتكون شخصية الفرد منهزمة او غير مواجهة للمواقف التي تتطلب قراراً مصيرياً لان والديه عودوه على رفع المسؤولية عنه دون اعطاءه فرصة في اثبات ذاته او تحمل مسؤولية قرارات كان يجب ان يتخذها ويتحمل نتائجها بنفسه مثل اختيار نوع او دراسته او وظيفته، ووفق هذه المعطيات ستكون الشخصية فوضوية لان الطفل اعتاد الفوضى من صغره.
والتدليل الزائد ايضاً يصنع من شخصية الطفل شخصية متمردة تثور عند كل مرة يتعذر تلبية مطالبه وقد يصل الحال الى الاستهزاء بطريقة معيشتهم وبذا لا يحترم الطفل والديه وحتماً انه لا يحترم مجتمعه ويتمرد عليه ويطغي العنف في اغلب تصرفاته.
اما ما يفترض ان يتبع من الوالدين لكي يكون سلوك الابناء قويماً ومنضبطاً فهي قاعدة (التوازن والاعتدال) ويتم ذلك بالاعتماد على مرجعية تربوية وهذه المرجعية هي التي ترسم خطوط التعامل العامة مع الطفل والتي تحرك الأبوين للمنح بحدود والابتعاد عن اغراق الاطفال بمظاهر الترف لان هذا الترف سيجعلهم غير مكترثين لمن حولهم سواء جاعوا او عروا او مرضوا.
فالموازنة بين متطلبات التكيف مع ظروف الحياة ومتطلبات التطور ضروري، وهذه الموازنة هي من تجعل الانسان يعيش وهو يمتلك مواهب وقدرات تمكنه من الاعتماد على نفسه وتبعده عن ان يكون تافه لا يعي معنى الحياة ولا يستشعر طعهما ولا يعنيه اصلا مفهوم الاستقلال الذاتي وتلك عيوب التربية التي ستبرز بدون الموازنة.
وحسناً جدا ان يتعلم الطفل كيفية التصبر والانتظار في سبيل الحصول على المتطلبات فهذا الصبر والتعب سيجعله يثمن الاشياء ويجهد نفسه في حمايتها والمحافظة عليها، على العكس ممن يغدق عليهم بالهدايا والاموال وكل ما تنطقه السنهم فيكونوا فوضويين غير مهتمين لما سيحصل لأشيائهم او مقتنياتهم لان لم يروا معاناة في استحصالها، وهذه من حسنات الموازنة فالتربية والتي تعتبر الحل الامثل لقتل داء التدليل غير اللطيف.
اضف تعليق