حين يهدي الزوج زوجته هدية مع مدحها بكلمة رقيقة كتعبير عن الحب او تثمين لدورها في حياة الاسرة فان هذه السلوكية من شأنها ان تكون سبيلاً لا نهاء الكثير من المشكلات الاسرية مهما بلغ حجم التعقيد فيها، فالهدايا في حياة الازواج تجعل للحياة معنى اخر...
في جميع المراحل العمرية ومهما كنا مختلفين على مستوى الجنس، العلم، الانتماء، فأننا نفرح بالهدايا وترسم بسمة على محيانا وتمحو فينا اثار الخلاف او المشاكل، وتترك اثرا جميلا وود ورغبة في الوصال.
فللهدايا مفعول السحر في النفس البشرية كأنها جواز المرور الى القلوب، فلسنا مبالغين اذا ما قلنا ان الهدايا تزهر بها ذواتنا كما تزهر النباتات وقت الربيع، وتمنحها زهوا ًونشاطاً وتعيد اليها بريقها ولمعانها الذي افقدتها اياه المشاغل والمتاعب والضغوط والازمات التي نتعرض لها يومياً.
فمن منا لا تفرحه هدية مهما كانت قيمتها المادية؟، ومن منا لا ينظر هدية تأتيه ممن يحب سواء اكان زوجا اخ ابا ام صديقا او من هم في دائرة الاصدقاء او الزملاء؟
وتعرف الهدية على انها شيء ما يوهب لشخص بصفة الطوعية بغرض مكافئته او ربما لتبيان مكانته او تعبيراً عن الود والتقدير او الحب له، فتجعل الهادي والمهدي اليه يعيشون نشوة الاهتمام والتقدير والاحترام.
والهدية لها رمزية ودلالة معنوية بعيداً عن قيمتها المادية، فمهما صغر حجمها وزهدت قيمتها المادية فهي تستطيع ان تفعل ما يعجز عن فعله الكثير في كسب ود الناس وجلب حبهم واستمالة تقبلهم ورضاهم.
تعبر الهدية عن تميز المهدى اليه لدى الهادي، فلن يكون اهداء دون قصد او دافع يثيره بهذا الاتجاه، فيمكننا ان نقول "شكراً" عن طريق تقديم الهدايا وهو ما يعتبر لفتة لطيفة يقدّرها الشخص الآخر وتأخذ اثره فيه، كما تعبر في مواقف معينة عن الامتنان لشخص ما لقيامه بفعل ما.
قد توحي الهدية الى الوفاء او الاحسان بين البشر فعبرها يمكن فتح افاق جديدة في التعامل واو بناء علاقات متينة او انهاء حالة خلاف او عداوة فتمحي اثر الحقد والضغينة وتحل الاحترام والحب بديلاً عنه.
في هذا السياق يقول الاخصائي النفسي الدكتور (كاظم ابل): "للهدية قيمة اجتماعية متوارثة عن الآباء والاجداد تقدم في الاعياد والمناسبات او عند ضرورة معينة، فعرفت الهدية منذ نشأة العلاقات الانسانية، وهي اسلوب انساني يكسب الأبناء عادة المشاركة والعطاء ويخلق جوا له القدرة على حل كثير من المشاكل والمتاعب.
فالإهداء يزيد الوصال ويكسب المهدى اليه متعة نفسية لكي يسعده، وثمنها في قدرتها التعبيرية عن المشاعر الانسانية لان الانسان دائما يحتاج الى الدعم النفسي المستمر وخصوصا من اقرب الناس اليه في صور مختلفة تشيع البهجة وتضفي نوعا من التعبير عما تحمله النفس من مشاعر طيبة".
فلو تعود الناس على تبادل الهدايا المادية الملموسة او غير الملوسة (العاطفية) كالابتسامة التي تثير في نفوسنا المحبة او غيرها من الاشارات الدالة عن التقدير لجهد معين كوسيلة لتعزيز ذلك الجهد واعطاء محفز للاستمرار عليه وتحسينه وبذا يشعر الانسان بالإنجاز واحترام ما يقدمه او ينجزه سيما في مجالات العمل.
حين يهدي الزوج زوجته هدية مع مدحها بكلمة رقيقة كتعبير عن الحب او تثمين لدورها في حياة الاسرة فان هذه السلوكية من شأنها ان تكون سبيلاً لا نهاء الكثير من المشكلات الاسرية مهما بلغ حجم التعقيد فيها، فالهدايا في حياة الازواج تجعل للحياة معنى اخر وتضفي جملاً وروحاً مريحة كما تجدد العلاقات الزوجية وتنشطها.
الاطفال هم الاخرون يهتمون بالهدايا ويثمنون قيمتها في حياتهم، فمن اهم عوامل تعديل سلوك الاطفال هو الهدية التي تحفزه على اطفاء السلوك غير المرغوب فيه وتشكيل سلوك اخر محله اكثر مقبولية وصوابيه، فذاكرة الطفل تحتفظ بالذكريات اكثر من غيره لذا نرى الطفل لا ينسى من يهديه هدية ما ويتذكر ما هي هذه الهدية ومناسبتها وتعبر بالنسبة له من الخبرات الجميلة في حياته.
هذه الصورة الجميلة في ذهن الاطفال عن جمال الهدايا التي قدمت اليهم تجعلهم يقلدون سلوك التهادي، فيبادرون الى تقديم الهدايا وللوالدين والى اخوانهم والى اصدقائهم، مما يجعلهم قد اعتادوا التعاطف والود من محيط الاسرة وخارجها فتزداد ثقتهم بأنفسهم وهو ما ينعكس على حياتهم بصورة عامة.
يفترض ان تكون الغاية من الهدية طلباً لمحبة او صداقة او اصلاح او لطلب حاجة مباحة ليست واجبة البذل على المهدى إليه، وليست الغاية هي الظفر بعطية او اسقاط حق او واجب، او ان تكون وراءها مصلحة مباشرة من صاحب سلطة او مدير وغيره، فتخرج من تنصيف الهدية الى الرشوة.
من الذكاء ان ينتبه الهادي الى طبيعة وتفضيل المهدي اليه، فاذا كان يتهم بالماديات يجب ان يهديه هدية فخمة قدر الامكان، واذا كان يهتم بالمعنويات يهديه شيء رمزي اما اذا كان ممن يقرأون فيهيده كتاب على سبيل المثال وكذا الحال بالنسبة للتفضيلات الاخرى.
في تقديم الهدية هدف تربوي ودعوى ذات اثر فعال في تغير سلوك الانسان ونواياه، فكم من عداوة صيرتها صداقة والفة، وكم من قلب امتلئ حقداً وحنقاً ابدلته الهدية حبا ورضا، وكم من ساعات او ايام تناحر تحولت بعد حين ايام لا يراد لا ان تنهي بفعل التحولات التي فرضتها الهدايا ومن ثم تغيير بوصلة القلب وغيرتها معها الكثير من المجريات والنتائج وهذا هو السحر الحلال.
اضف تعليق