نرى بعض الأسر اليوم ابتعدت كثيرا عن التعاليم الإسلامية، وراحت تلهث وراء المغريات الزائلة، مؤثرة بذلك على مصائر الابناء الذين بقوا تحت رحمة الأبوين يخشون الخروج عن المألوف وكسر قرار الأهل، كل عملية تغيير توصف بانها عملية ولادة وموت في نفس الآن...
قبل سنوات من الآن كنا نسكن بمنزل اشبه بتصميم المدارس الحكومية، غرفه متناثرة ولم يكن هنالك تنسيق بين أجزاءه، عندما تنظر اليها تدرك انه لم يبذل اي جهد هندسي لإظهارها بمظهر يليق امام العامة.
هذه الغرف المتواضعة يقطن فيها ثلاث عوائل يصل عددهم الإجمالي أكثر من عشرين فردا بإعمار متفاوتة، وافكار مختلفة أيضا، محدثين حالة من التزاحم خلال حركتهم اليومية، ونوع من الضوضاء لن تهدأ الى حين يخلد الجميع الى النوم بعد يوم طويل من العمل والحركة الدؤوبة.
ونتيجة لتلك الظروف التي خلفت في النفوس انعكاسا سلبيا عن حجم العائلة وما له من افرازات على الأفراد بشكل خاص، جعل الأعم منا يحلم بأن يكون له مكان يشعر فيه بالهدوء والراحة والسكينة بعد الصخب الذي كانت تعج به أيامنا دون تحديد.
هذه الأحلام بقيت ملازمة للكثير من الأشخاص ولم يستطيعوا التخلص منها حتى مع تقدم العمر وتحسن الأوضاع الاقتصادية، لجميع الأسر، اذ أصبحت أقرب ما تكون الى المرض المزمن الذي لم تتمكن العقاقير من تخليص الإنسان منه.
ولم تقتصر هذه الأمنية على الشباب من الرجال فقط، بل تسللت الى النساء اللواتي وضعن شرط توفير منزل مستقل من قبل الشاب المتقدم للزواج، وهذا الشرط أصبح من اهم المعوقات التي وضعت في طريق الشباب الذين اتخذوا قرار الخروج من العزوبية والولوج الى عالم الزوجية.
بالطبع ان لهذا الخيار المجحف بحق الشباب آثار جمة لا يمكن حصرها، وهنا سنعرج على الأهم منها، اذ من المؤكد فان بعض المتقدمين عندما يصطدمون بهذا الحجر وهم يعرفون مدى استحالة تحقيق هذه المطالب، يذهبون صوب العزوف عن الزواج نتيجة خيبة الأمل التي اصابتهم.
ومن نقاط الانعكاس أيضا هي خلق حالة من تزعزع الثقة بالذات الفردية، نجمت بفعل عدم القدرة على ان يكونوا كأقرانهم ممن نجحوا بتكوين أسرة صغيرة تعيش بوئام وسلام، جاءت بفعل توفر العامل المادي الذي أصبح من أقسى العوائق بالنسبة للنموذج الأول من الأفراد.
وكذلك لهذا الأمر انعكاس سلبي على الفتيات أيضا، ذلك بسبب ان اغلب المتقدمين للزواج ليس لديهم القدرة على توفير هذه المتطلبات، فهم لا يزالوا في بداية المشوار الحياتي ولم يتمكنوا من توفير الأموال اللازمة لذلك، ما يدفعهم لترك الأمر وتبقى البنت في دار ابيها.
أضف الى ذلك فان مجرد التفكير بهذا المستوى من قبل الأفراد، (أولياء الامور)، يعد مشكلة بحد ذاته، اذ ان من الطبيعي هذا التفكير لم يتوافق مع تعاليم الشريعة الإسلامية التي حثت وفي أكثر من موقف على عدم وضع العراقيل في طريق الزواج والعمل على تذليل الصعوبات التي تعترض الشباب المسلم، فهي وضعت معيار الدين والاخلاق للمتقدم ولم تذكر ان يكون له منزل بمفرده او صاحب تجارة معينة.
نرى بعض الأسر اليوم ابتعدت كثيرا عن التعاليم الإسلامية، وراحت تلهث وراء المغريات الزائلة، مؤثرة بذلك على مصائر الابناء الذين بقوا تحت رحمة الأبوين يخشون الخروج عن المألوف وكسر قرار الأهل.
كل عملية تغيير توصف بانها عملية ولادة وموت في نفس الآن، فهي موت لتقاليد وموروثات عالقة في ذهن الإنسان يحاول التخلص منها، وكذلك تعد ولادة نحو حياة جديدة صُبت في قالب جديد بمقاسات وإبعاد مخالفة لما كان في السابق، ما جعلهم يعيشون بواقع جديد اشبه ما يكون فيه الفرد بالمولود الجديد.
ولا نغفل اهمية دور المؤسسة الدينية التي غابت او غُيبت في الآونة الاخيرة، اذ لا بد من وضع خطط ومنهجية جديدة تتلاءم وروح العصرية وتتماشى مع تفكير الشباب في الوقت الحالي، لتتمكن من وضع اقدامهم على جادة الصواب التي ما ان ساروا عليها حتى تمكنوا من عيش حياة كريمة، خالية من التناحرات المعهودة بين الاسرة الواحدة.
اضف تعليق