q

سلسلة جرائم القتل المنتشرة في العراق متى تنتهي؟ هكذا يتساءل الناس وهم يستمعون لنشرات الأخبار. في طفولتي كان هناك رجل يقتل الأطفال ويسرق البيوت، أتذكر أنني في حينها كنت أرتعش من الخوف لمجرد سماع مثل هذه الأخبار، فقد سمعت أن هذا المجرم المتمرس يقتل الأطفال بأداة حادة جداً، وبعد عدة جرائم قام بها تم إلقاء القبض عليه وإعدامه حتى يكون عبرة لغيره. بقي الخوف مسيطرا على نفوس الناس لفترة حتى رجعت الحياة كما هي. وظهرت بعدها عصابة الكف الأسود وكانت معروفة بأنها تسرق وتضع في مكان السرقة كف أسود.. لم يمر وقت طويل حتى تم إلقاء القبض عليهم ومحاسبتهم.

في هذه الليلة الغريبة تذكرت أحداث الماضي وحاولت مراراً أن أجمعها مع أحداث اليوم.. نسمات خائفة لم يشعر بها أحد لكنها أشعرتني بشيء من الخوف والقلق.. أتصفح الانترنت لا شيء، لا شيء غير الإجرام والقتل، يتناقلها بعض الأشخاص على صفحاتهم وكأنها أخبار اجتماعية. بين الصدمة والوعي أتساءل هل أصبحت الجريمة باردة؟، لم أعتد رؤية مثل تلك الجرائم التي تناولها الإعلام. كهذه الأم التي قتلت ولدها. وفي محافظة أخرى شاب يقتل عائلته. مكان آخر انتحار شاب وقتل أخيه.. قتل فتاة على يد أهلها.. مقتل شاب بعد اختطافه.. جميعها تتفوق بالقراءة والمشاركة؛ والعجيب إن عدد المعلقين يفوق الألف تعليق.

والفظيع في الأمر أنها غير لائقة في حق المجني عليه. وكأن المجتمع يعيش في حالة فوضى، كل من حولي خائف من القتل أو الاختطاف أو الانفجار، صرختي تعلو وتصمت، بحثتُ حول هذه القصص وشاهدت كل المقاطع، لفت انتباهي أن معظمهم شباب وأطفال، ما السبب الذي دفعهم لارتكاب هذه الخطيئة، المال.. الحقد.. الغضب.. المنصب.. المخدرات.. تقليد المسلسلات الإجرامية.. سمعت في التحقيق ان القاتل كان متعاطي للمخدرات.. عاطلاً عن العمل، بحاجة إلى مال.. غضب من أبيه فقتله .

تشاجر مع عائلته وقتلهم.. من الصعب أن تسمع بأن هذه هي الأسباب الدافعة للجريمة.. والأصعب هي أن ترى قطرات دم تسيل على الأرض لسبب ما.. قد يكون عشائرياً أو عداوة شخصية راح ضحيتها هذا الشاب. لماذا انتشرت الجرائم في وقتنا هذا؟!. ولماذا أصبحنا نستمع للقاتل ونرى صور الضحية، ولم يرف لنا جفن. هل أصبحت قلوبنا قاسية فهي كالحجارة أو اشد قسوة. أم أنها اعتادت على رؤية الدم.

كان عقلي يخبرني بإلحاح أن هناك أمور دفعت هؤلاء المجرمين الى ارتكاب هذه الجرائم البشعة، وباتت تشكل قلق للمواطنين حتى أصبحت البيوت تضع كاميرات المراقبة، من اجل التقاط الأحداث وتقديمها الى الشرطة وبالفعل قد ساعدت كثيراً في معرفة الأشخاص واكتشافهم.

أرقام عالمية لحجم المشكلة

(يُسجّل، كل عام في جميع أنحاء العالم، حدوث نحو 200000 جريمة قتل بين الشباب من الفئة العمرية 10-29 سنة، ممّا يمثّل 43% من العدد الإجمالي لجرائم القتل التي تحدث سنوياً على الصعيد العالمي. هناك، مقابل كل شاب يُقتل، 20 إلى 40 شاباً يتعرّضون لإصابات تقتضي دخولهم المستشفى لتلقي العلاج.. غير أنّ الذكور يشكّلون، في كل البلدان، معظم مقترفي جرائم القتل وضحاياها. أمّا معدلات جرائم القتل المُسجّلة بين الإناث فهي أكثر انخفاضاً بكثير في كل الأماكن تقريباً. انخفضت معدلات جرائم القتل في صفوف الشباب في معظم البلدان بين عامي 2000 و2012 إلا أن مستوى هذا الانخفاض في البلدان المرتفعة الدخل كان أعلى من المستوى المسجل في البلدان ذات الدخل المنخفض والمتوسط. ومن الملاحظ أنّ الشجار والتنمّر من الظواهر الشائعة أيضاً بين الشباب. فقد أظهرت دراسة أجريت في 40 بلداً نامياً أنّ معدلات تعرّض الذكور للتنمّر تراوحت بين 8.6% إلى 45.2% في حين تراوحت معدلات تعرّض الإناث له بين 4.8% و35.8%.) نقلاً عن منظمة الصحة العالمية.

لمواجهة هذا الخطر بطرق سلمية

- رصد الأبناء ومراقبتهم، ومعالجة الشباب من الإدمان بمراكز خاصة وتحت رعاية مؤسسة حكومية .

- محاسبة المجرمين والإعلان عن محاكمتهم أمام الملأ حتى يعتبر الشباب.

- إيجاد فرص عمل للشباب وتوفير حاجاتهم.

- مهارة التعامل مع الشباب أثناء الغضب وتسوية النزاعات العائلية.

- إبلاغ رجال الأمن في حال حصول سرقة أو تهديد.

- الاتصال بالمركز، ومساعدة رجال الأمن في عملهم لسلامتك أولاً وسلامة المجتمع.

- عدم نشر الإشاعات والأخبار غير الصحيحة عن طريق مواقع التواصل حتى لا يفزع الآخرين من الخبر.

- عدم حمل السلاح، وأن يكون حصراً بيد من يملك رخصة بحمله.

- أخذ الحيطة والحذر من المتسولين.

- الانتباه جيداً الى الدار، وعدم الرد على الطارق بعد منتصف الليل.

- لا تتحدث أمام الآخرين عن الأموال أو ورثٍ ستحصل عليه.

- الابتعاد عن النزاعات مع الآخرين وغض النظر عنها.

- قراءة الآيات القرآنية على النفس والأموال والدار للحفظ كما هي موجودة في كتب الأدعية.

- حرمة قتل المسلم في القرآن الكريم والسنة. (أَنَّهُ مَن قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا).

قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر".

وقال أيضا صلى الله عليه وآله وسلم: (لزوال الدنيا أهون على الله من قتل رجل).

اضف تعليق