q

في العالم، يموت نحو 800 ألف شخص منتحراً كلّ عام، أي بمعدّل شخص كل 40 ثانية هذا ما تأكده أرقام منظمة الصحة العالمية التابعة لهيئة الأمم المتحدّة، التي تعتبر الانتحار أحد أهم الأسباب المؤدية إلى الوفاة في فئة الشباب بين 15 و29 سنة ورغم أن معدلات الانتحار بشكل عام منخفضة عربياً، تأتي بعض الدول العربية في مراكز متقدّمة من الدول المسجلة لأعلى حالات الانتحار في العالم، كالسودان التي تقارب نسبة الانتحار فيها نسبة قارّة آسيا كاملةً.

أسباب الانتحار متعددة، وقد يفسّر بعضها هذا الارتفاع في نسب الانتحار في بعض الدول العربية، كالتشرّد وعدم الاستقرار والمشاكل المالية، والتمييز الطبقي أو العنصري الذي يطبّق على المهمّشين والمهاجرين واللاجئين ويأتي الاكتئاب كأحد أهم أسبابه في العالم ويفسّر تقرير لمنظمة الصحة العالمية تحت عنوان "الوقاية من الانتحار ضرورة عالمية" ارتفاع نسبة الانتحار في السودان بعدم الاستقرار، والحرب، والفقر، والتشريد، إذ يعاني الكثير من الشباب السوداني من شعور "عدم الجدوى"، ويقرر وضع حدّ لحياته بنفسه.

لا بد من الإشارة إلى أنّ هذه الأرقام لا تعدّ دقيقة، لأنّ الكثير من حالات الانتحار في العالم العربي هي حالات غير مبلّغ عنها، بسبب الدين والمجتمع اللذين يعتبران الانتحار من المحرّمات وتتعامل المجتمعات العربية المختلفة مع بعض حالات الانتحار على أنّها فضيحة، فتختلق غالباً أسباباً أخرى للوفاة حفاظاً على سمعة الشخص المنتحر وعائلته.

800 ألف ينتحرون سنويا

ذكرت منظمة الصحة العالمية أن أكثر من 4 %من سكان العالم، يعانون الاكتئاب وأن النساء والشباب وكبار السن هم الفئات الأكثر عرضة لتأثيراته المسببة للعجز عن العمل وأضاف المنظمة أن التقديرات تشير إلى أن 322 مليون شخص عانوا من اضطرابات مرتبطة بالاكتئاب في 2015 بزيادة 18.4% في عشر سنوات مع ارتفاع متوسط الأعمار، بحسب ما ذكرته "رويترز".

وذكر التقرير أن الخسائر الاقتصادية على مستوى العالم تتجاوز تريليون دولار سنويًا في إشارة إلى الإنتاجية المفقودة بسبب الخمول أو غياب الحيوية الذي يؤدي إلى عدم القدرة على أداء الوظائف في العمل أو التكيف مع الحياة اليومية وأشار التقرير إلى أن 250 مليون شخص آخرين يعانون من اضطرابات القلق بما ذلك الرهاب ونوبات الهلع والوسواس القهري واضطرابات ما بعد الصدمة، ويعيش نحو 80 % من أولئك الذين أصيبوا بأمراض عقلية في دول منخفضة أو متوسطة الدخل.

وقال الدكتور "دان تشيشولم"، من إدارة الصحة العقلية بالمنظمة في مؤتمر صحفي إن الاكتئاب أكثر شيوعًا مرة ونصف بين النساء عن الرجال وتوجد ثلاث فئات عمرية أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب هي: الشباب والنساء الحوامل أو بعد الولادة وكبار السن وأضاف أن الضغوط على شباب اليوم ربما لم يسبق لها مثيل في جيل آخر وأشار "تشيشولم"، أن النساء الحوامل أو اللاتي وضعن حملهن حديثًا معرضات للاكتئاب الذي أصبح هذه الفترة شائع بدرجة كبيرة للغاية، حيث أن حوالي 15% من النساء سيعانين ليس فقط "انخفاض الروح المعنوية" وإنما حالة يمكن تشخصيها على أنها اكتئاب".

وذكر أن التقديرات تشير إلى انتحار 800 ألف شخص سنويًا حول العالم، وهو رقم مروع للغاية وإنه أكثر شيوعًا بين الذكور في البلدان الأعلى دخلًا لكنه أكثر شيوعًا بين الإناث في البلدان ذات الدخل المنخفض إلى المتوسط.

الرجال أكثر إقبالا على الانتحار من النساء

كشفت دراسة حديثة، أعدها متخصص طوارئ سعودي، أن نسبة الانتحار الرجال تفوق نسبة النساء، وذلك على الرغم من تقلص الفارق بين الاثنين خلال السنوات الأخيرة بحوالي 14%

وأشارت المتخصص السعودي المشرف على الدراسة، إلى أن نسبة الإقدام على الانتحار، كانت تصل عند الرجال إلى 57%، فيما تشكل حالات الانتحار عند النساء 43%، لافتا إلى أنه بالرغم من تزايد حالات الانتحار في المملكة، إلا أنها لا تصل لكونها ظاهرة.

وأوضح أن أغلب حالات انتحار الرجال تتم بالقفز من أماكن مرتفعة، والشنق بالحبال، وحرق الجسد، واستخدام السلاح الناري، فيما تلجأ النساء غالبا إلى تجرع السم، وتناول المواد الكيمائية مثل مواد التنظيف، أو تناول جرعات زائدة من الأدوية الطبية وقال طبيب طوارئ بهيئة الهلال الأحمر السعودية طلال العنزي، في تصريحات لصحيفة "الوطن" السعودية، إن فرق الهلال الأحمر باشرت خلال عام 2015، قرابة 251 محاولة انتحار في مختلف مناطق المملكة، بالرغم أن جميع حالات الانتحار، ليست مسجلة في المملكة، حيث يقدر متوسط إجمالي حالات الانتحار السنوي 450 محاولة، بحسب الأرقام الواردة في التقارير الإحصائية السنوية لوزارة الصحة.

ويرى أن من أهم أسباب تزايد حالات الانتحار هو اختفاء وضعف الوازع الديني، والظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة، بالإضافة للأمراض النفسية وشدد على أن "الانتحار، مشكلة خطيرة يمكن توقيفها بتوفير بيانات دقيقة عنها وضع استراتيجية وطنية شاملة للوقاية منه يشارك فيها جميع القطاعات ذات العلاقة، وتكثيف التوعية الإعلامية، وتدريب العاملين الصحيين غير المتخصصين في تقييم وإدارة السلوك الانتحاري.

لا يكاد يمر أسبوع من دون أن يشهد لبنان جريمة قتل مروعة. 36 جريمة انتحار هزَّته منذ بداية كانون الثاني الماضي حتى آذار. وتشير الأرقام الصادرة عن منظمة الصحة العالمية إلى وفاة شخص كل 40 ثانية انتحاراً. 6 حالات انتحار شهدها قضاء الشوف وحده منذ مطلع العام، وقد خضَّته جرأة شبان في مقتبل العمر على الانتحار، لينضم الى قافلة الأقضية اللبنانية التي لفحتها هذه الظاهرة أخيراً في البترون وبعبدا وصيدا والنبطية والعاصمة بيروت. ظاهرة تكاد تكون غريبة عن الشوف، مما جعلنا نبحث في الأسباب الكامنة وراءها.

غياب الدولة والانحدار الاجتماعي

غياب الدولة والوضع الاجتماعي المؤثر والعنف المتفشي في مجتمعنا ومن حولنا، من الأسباب المؤدية إلى الانتحار بحسب أستاذة قسم علم النفس في الجامعة اللبنانية الدكتورة منى فياض في حديث له أنَّ الانتحار عمل ينتج من الحروب والمشاكل الاقتصادية والاجتماعية كالبطالة والإدمان، إضافة إلى معاناة هؤلاء الشباب هشاشة في حياتهم الشخصية، ليأتي مؤثر خارجي يدفعهم إلى الانتحار.

أما ربط البعض بين الدين والانتحار فمرفوض، لأنَّ رجل الدين ليس مخولاً إيجاد حلول لمشاكل شبان أي طائفة أو منطقة بتنا نخضع للرأي العام وللسلطة السياسية التي تقسمنا كأبناء طوائف لا أبناء دولة، ونعيش انحداراً على كل الصعد، في غياب مؤسسات الدولة ومؤسسات الرعاية الاجتماعية والمدارس، وفي غياب تطبيق القانون الذي يجب أن يحمي من يلتجئ إليه.

يتحدث البعض عن انخفاض نسب الوعي الاجتماعي والانغلاق في ظل الغياب الواضح لفاعلية الأهل في التربية وتحصين أولادهم حالات انتحار طالت منطقة محددة، عزاها البعض إلى غياب اطلاع الشبان على الركائز والتعاليم الدينية، للحد من هذه المحنة التي تجتاح مجتمعنا وشبابنا وفي هذا الإطار، استغرب مستشار شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز الشيخ غسان الحلبي في حديثٍ له ربط الانتحار بعامل الدين، بل ردَّه إلى "عوامل مرتبطة بإدمان المخدرات، والبطالة، والوضع الاقتصادي السيئ، واليأس من الحياة الاجتماعية.

الانتحار في السودان يحتل المقدمة

تزايدت مؤخرًا حوادث الانتحار عالميًا وعربيًا، وعلى عكس طبيعة البلدان العربية، شهدت السنوات الاخيرة ارتفاعًا في معدلات الانتحار بشكل ملحوظ. في التقرير التالي ننقل بعض الحقائق المتعلقة بإحصاءات الانتحار في العالم العربي التي قدمتها تقارير منظمة الصحة العالمية، وبعض المراكز الحقوقية، ونتلو ذلك بعرض أبرز حوادث الانتحار التي طالعتنا في 2016 وعرض الدوافع والأسباب التي أدت إليها.

وفقًا لتقرير منظمة الصحة العالمية، ينهي 800 ألف شخص حياته بالانتحار كل عام، وهو ما يجعل ضحايا الانتحار أكثر من ضحايا الحروب والكوارث الطبيعية وفي الدول العربية، تحتل السودان المرتبة الأولى في نسبة الانتحار حيث بلغت 17.2% حالة لكل 100 ألف فرد، أما أقل دولتين عربيتين من حيث نسبة الانتحار فهما السعودية وسوريا. أما نسبة البلدان العربية تنازليًا كالتالي (النسبة لكل 100 ألف)، السودان: 17.2، جزر القمر 16.9، الصومال 12.4

المغرب: 5.3، قطر: 4.6، اليمن: 3.7، الإمارات: 2.3، موريتنيا: 2، تونس: 2.4

ومع ذلك تقر منظمة الصحة العالمية أن هذه الأرقام ليست معبرة تمامًا، وذلك لأنه من المرجح أن عددًا كبير من محاولات الانتحار تحدث دون أن يُبلغ عنها، كما قد يصنف الانتحار خطأً في أغلب الأحيان على أنه ناجم عن سبب آخر للوفاة في بعض البلدان، حيث يكون ذلك في عديد الأحيان خوفًا من العار في بعض الثقافات، أما في البلدان التي لا يوجد بها تسجيل موثوق للوفيات، فإن المنتحرين ببساطة يموتون دون أن يحصى عددهم.

ورغم أن نسبة الانتحار بالدول المتقدمة (12.7) أعلى من نسبة الدول الفقيرة (11.2) فإن المنظمة ترجع سبب ارتفاع نسبة الانتحار في الدول ذات الدخل المرتفع مقابل الدول منخفضة الدخل إلى أن الدول مرتفعة الدخل (39 دولة) بها بيانات تسجيل حيوية جيدة حيث تسجل نسبة 95% من حالات الانتحار لكن الدول الـ 21 ذات الدخل المنخفض، تمثل بيانات التسجيل الحيوي بها نسبة 8% فقط من جميع حالات الانتحار المقدرة فيها.

وفي التقرير ذاته أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن حالات الانتحار تمثل نسبة 50% من جميع الوفيات الناجمة عن العنف بين الرجال و71% بين النساء، ويعد الانتحار ثاني أهم أسباب الوفاة في الفئة العمرية بين 15 – 29 عامًا. وهناك مؤشرات تفيد بأنه مقابل كل شخص بالغ مات منتحرًا، كان هناك أكثر من 20 شخصًا آخرين حاولوا الانتحار.

وقد شهد عام 2016 ارتفاعًا ملحوظًا في عدد حالات ومحاولات الانتحار في غزة من الشباب مقارنة بالأعوام الماضية، وأيضًا انتحار اللاجئين من السوريين وغيرهم في بلدان مهجرهم. وكانت أبرز أسباب الانتحار الأزمات المالية التي يمر بها من يحاولون الانتحار، والبطالة، والخلافات الأسرية والأزمات العاطفية، والإجبار على الزواج. وكذلك حدث عدد من حالات انتحار الأطفال، لأسباب أبرزها ضغط الأهل على الأطفال لإحراز التفوق الدراسي أو الرياضي، مثل انتحار بطلة المصارعة المصرية "ريم مجدي".

أرقام مقلقة عن الانتحار في لبنان

سجلت دراسة أعدها قسم الطب النفسي في المركز الطبي في الجامعة الاميركية وجمعية "إمبرايس" التابعة له، ارتفاعاً ملحوظاً لحالات الوفيات عن طريق الانتحار في لبنان بنسبة 29 في المئة بين العامين 2013 و2014 (70 في المئة منهم من اللبنانيين و30 في المئة من جنسيات أخرى).

أكدت المعالجة النفسية وهي من المؤسسين لجمعية" "إمبرايس" في الجامعة الاميركية في بيروت ميا عطوي لـ"النهار"، أن "الدراسة إستندت إلى محاضر قوى الأمن الداخلي، والتي سجلت بين العامين 2008 و 2013 وفاة ما يقارب الـ100 شخص في العام الواحد بالإنتحار، بينما إرتفعت نسبة هذه الحالات عام 2014 ليصبح عدد الوفيات عن طريق الإنتحار في لبنان 143 شخصاً في العام الواحد معظمهم من الرجال (مقابل كل رجلين تنتحر إمرأة)، ويراوح معدل أعمارهم بين 25 و40 عاماً".

من جهته، لفت الطبيب في قسم الطب النفسي في المركز الطبي في الجامعة الاميركية الدكتور جوزف خوري لـ “النهار" أن" هذه الإحصاءات، التي اعتمدت عليها الدراسة، لا تعكس الصورة الحقيقية للواقع، لأن ثمة حالات انتحار أو محاولة انتحار تبقى قيد الكتمان، حيث تعمد العائلة في بعض الأحيان إلى تغيير إفادة الوفاة الحقيقية بسبب ارتباطها بمعتقدات دينية أو اجتماعية خاصة بها".

ورأى أن الأعداد تميل الى الارتفاع في السنة 2016 في غياب أي مبادرة أو حملة للحد من هذه الحالات" لكنه أكد أن "لبنان يتساوى في نسبة الوفيات عن طريق الإنتحار مع محيطه العربي"

ورداً على سؤال عن تأثير البطالة، الفقر والعلاقات الزوجية الصعبة على قرار أي شخص بالانتحار، قال: "أثبتت دراسات منظمة الصحة العالمية الصادرة عام 2014 أن كل من حاول الإنتحار أو قام به يعاني من واحد أو أكثر من اضطراب نفسي قابل للعلاج، مثل الاكتئاب، الفصام واضطراب ثنائي القطب وسواه".

وأكد أنه "لا يمكن أن نقول إن الفقير يقدم على الإنتحار أكثر من الغني لأن هذا الموضوع يطال أشخاصاً من طبقات اجتماعية مختلفة يعيشون ظروفاً حياتية محددة لها تأثير مباشر على كل حالة".

معدلات الانتحار في المغرب في تزايد مخيف

أسبوعيا وأحيانا يوميا تطالعنا وسائل الإعلام في المغرب بتغطية حوادث الانتحار التي يروح ضحيتها أناس من مختلف الفئات العمرية، بما في ذلك الأطفال هذا السلوك أصبح من أهم الإشكاليات التي تؤرق المجتمع المغربي في الوقت الحالي خاصة مع تفاقم معدلات البطالة والفقر في البلاد.

والانتحار في المغرب لم يعد مقتصراً على المدن الكبرى حيث تكثر الضغوط الاجتماعية والأمراض النفسية، بل امتد ليشمل كذلك المدن والأحياء الصغيرة الهادئة والمناطق الريفية

آخر حوادث الانتحار حصلت في ضواحي مدينة وزان شمال المغرب، عندما أقدم طفل لا يتعدى عمره 15 سنة على الانتحار شنقاً داخل منزل والديه؟ قبله بأيام أقدمت فتاة على الانتحار في مدينةمكناس المغربية بعد إلقاء نفسها من فوق مبنى مكون من 3 طوابق.

هذه فقط أمثلة، فحالات الانتحار في المغرب أصبحت حوادث متكررة بشكل أصبح يثير الرعب داخل العائلات، ومع ذلك مازالت الدولة تتحفظ عن الإقرار بكونها أصبحت ظاهرة اجتماعية يجب معالجتها.

ورغم عدم وجود إحصائيات رسمية ودراسات ميدانية حديثة حول حوادث الانتحار في المغرب، إلا أن بعض الأرقام الصادرة من منظمة الصحة العالمية قبل سنتين صادمة وذكرت المنظمة أن المغاربة يحتلون المركز الثاني من حيث أكثر الشعوب العربية إقبالاً على الانتحار وذلك بنسبة 5.3 في كل 100 ألف مواطن، كما أكدت أن عدد المنتحرين المغاربة تضاعف بين سنتي 2000 و2012.

لكن اليوم قد تكون الأرقام فاقت هذه النسب المسجلة قبل أكثر من سنتين ونصف، حسب المتتبعين لهذه الظاهرة الذين يرون أنها حالات الانتحار في تصاعد بسبب استمرار ظواهر الفقر والبطالة والتفاوت الاجتماعي والطلاق والتفكك الأسري، التي تؤدي كلها إلى فقدان الأمل في تحقيق الطموحات والإحساس بالقهر لدى العديد الذين يجدون في الانتحار حلا لإنهاء حياتهم.

الأردن 28 حالة انتحار من بداية 2017

ارتفعت حالات الانتحار في الآونة الاخيرة في الاردن بشكل ملحوظ، وسجلت منذ مطلع العام الحالي 2017 نحو 28 حالة انتحار، في بداية العام حيث لم يمض من السنة سوى شهرين، وذلك بعد إقدام مواطن على الانتحار في مقر عمله إثر ضغوطات مالية يعاني منها ولا يكاد يمر يوم الا ونسمع خبرا عن انتحار شخص أو محاولة انتحار في العاصمة عمان أو احدى المحافظات.

وعلى الرغم من ان الحالة لم تصبح ظاهرة بعد، الا ان ازدياد عدد حالات الانتحار وعدد محاولات الانتحار بشكل لافت للنظر أصبح يستدعي الوقوف على هذه المشكلة واسبابها، والبحث عن كيفية الحد منها قبل ان تتحول الى ظاهرة يصعب ايقافها.

أقدم 117 شخصا على الانتحار السنة الماضية 2016، بلغت نسبتهم من الذكور 78%، والوسيلة الاكثر استخداما كانت "الشنق"، ووقعت 35 حالة في العاصمة عمان، والتي تشكل 30% من حالات الانتحار في المملكة.

وحسب إحصاءات إعلامية شهد العام 2009، 34 حالة انتحار، وخلال العام 2010 وصلت إلى 49 حالة، وتراجعت خلال العام 2011 إلى 39 حالة، لتعود وترتفع خلال العام 2012 إلى 100 حالة، ووصلت خلال العام 2013 إلى 108 حالات، وارتفعت حالات الانتحار في العام الماضي 2014 إلى 100 حالة انتحار، وقع 36 منها في عمّان، و16 في الزرقاء، و10 في البلقاء، و6 في مأدبا، و4 في الرصيفة، و5 غرب البلقاء، و6 في إربد، و16 حالة غرب إربد والمفرق وجرش وعجلون، بحيث وقعت 4 حالات في كل منطقة. وحسب مصادر خاصة فقد تبين أن غالبية المنتحرين من المرضى النفسيين، والمحبطين عاطفياً، والعاطلين عن العمل، ومن كلا الجنسين.

وتظهر الأرقام أن نحو 7% فقط من المنتحرين من دون عمل، ويتركز ثلث محاولات الانتحار في محافظة العاصمة، وتليها محافظات إربد والبلقاء والزرقاء، وتعتبر هذه الأرقام هي الحالات المبلغ عنها فقط؛ حيث إن هناك العديد من حالات الانتحار ومحاولات الانتحار التي لا يتم التبليغ عنها، لأن الانتحار يعتبر وصمة عار من الناحية الاجتماعية، كما أنه محرم شرعاً، لذا يلجأ الكثيرون إلى التستر على تلك المحاولات خوفاً من العار وتجنباً للمساءلة القانونية.

من حالات الانتحار واحدة تبدو مرعبة لشاب يبلغ من العمر 17 عاما، عثر على جثته معلقة بمروحة منزله في منطقة أبو علندا بعمان، واخرى لإحدى الفتيات السوريات، أقدمت على الانتحار وذلك أثناء تواجدها بمنزلها في اربد بتناول كمية كبيرة من الأدوية، نقلت أثرها الى مستشفى الأميرة بسمة، فيما أقدم شاب يبلغ من العمر 19 عاما على حرق نفسه في الرمثا، لكنه أصيب بحروق من الدرجة الأولى والثانية، وتم تحويله إلى مستشفى الأميرة بسمة بحالة صحية مستقرة.

وحول ظاهرة كثرة محاولات الانتحار يقول أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الاردنية رياض الصرايرة "إن الانتحار ظاهرة تقلق أمن المجتمع، وكل ظاهرة لا بد لها من أسباب، ومن أهم اسبابها هو السبب الاقتصادي".

الانتحار في مصر

تصدرت الأزمات المالية والبطالة دوافع حوادث الانتحار في مصر. حيث أقدم شاب يبلغ من العمر 39 عامًا على الانتحار من فوق نفق محمد نجيب بمنطقة سيدي بشر محافظة الإسكندرية، لسوء حالته النفسية ومروره بأزمة مالية وعدم قدرته على الحصول على عمل.

وفي الرابع من ديسمبر (كانون الأول) أقدم عامل على الانتحار أسفل عجلات القطار لمروره بضائقة مالية وفي التاسع من نفس الشهر انتحر شاب (17 سنة) بالمنوفية شنقًا، حيث كان يعاني من حالة نفسية سيئة لإصابته بحروق قديمة وضرورة إجراء عملية جراحية له تعذر إجراؤها بسبب عدم توافر المال اللازم، مما أدى لإقدامه على الانتحار.

إلى جانب ذلك، شهدت مصر عددًا من حوادث الانتحار بسبب الخلافات الأسرية والضغط الأسري والأزمات العاطفية ففي 17 نوفمبر (تشرين الثاني) أقدمت ربة منزل (32 عام) على الانتحار حيث ألقت بنفسها من نافذة منزلها بالطابق السابع بسبب اعتداء زوجها المتكرر عليها بالضرب، وفي 21 من نفس الشهر، ألقت فتاة في الثلاثينيات من عمرها بنفسها من الطابق الرابع، حيث حبسها والدها وأخوها في المنزل لهروبها منه، فأقدمت على الانتحار وفي الثامن من ديسمبر (كانون الأول) انتحر شاب (21 عامًا) بالتل الكبير في الإسماعيلية شنقًا بغرفته، لمعاناته من حالة نفسية سيئة حيث لم يستطع الزواج بالفتاة التي ارتبط بها لظروفه المادية الصعبة.

انتحار شخص كل 40 ثانية في العراق

تصاعدت مؤخراً ظاهرة الانتحار بين الشباب العراقي بشكل غير مسبوق لتعكس حالة الإحباط نتيجة تدهور الأوضاع في العراق وانعدام الأمل بتغييرها إذ تشير إحصائيات منظمة الصحة العالمية إلى أنها سجلت في العراق 633 حالة انتحار خلال عام 2013 لوحده (من المحتمل جداً أنها إحصائيات حكومية رسمية وهي بالتالي غير دقيقة بالتأكيد) ولا بد من الإشارة إلى أن هذه الأرقام لا تعدّ دقيقة، لأن الكثير من حالات الانتحار في العراق هي حالات غير مبلّغ عنها، بسبب الدين والمجتمع اللذين يعتبران الانتحار من المحرّمات، حيث تتعامل بعض المجتمعات في العراق مع بعض حالات الانتحار على أنها فضيحة، فتختلق غالباً أسباباً أخرى للوفاة حفاظاً على سمعة الشخص المنتحر وعائلته هذا وأشارت إحصائية منظمة الصحة العالمية الى أن ذي قار سجلت أعلى حالات الانتحار في المحافظات العراقية، ومعظمها من الشباب الذين تقل أعمارهم عن ثلاثين عاماً.

من الجدير بذكره أن هناك ما بين 800 ألف إلى مليون شخص تقريباً يموتون كل عام عن طريق الانتحار، أي بمعدل شخص كل 40 ثانية ويعتبر الانتحار ثاني أهم سبب للوفاة بين من تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاما على الصعيد العالمي في عام 2015 كما وتستأثر البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل بنحو 78% من حالات الانتحار في العالم، وأن معدلات الانتحار أعلى في الرجال عنه في النساء، حيث أن الذكور أكثر عرضة لقتل أنفسهم من الإناث بمقدار 3-4 مرات، وهناك ما يقدر بنحو 10 إلى 20 مليون محاولة انتحار فاشلة كل عام، وهذه المحاولات أكثر شيوعاً بين الشباب والإناث هذا وقد تأثرت وتباينت وجهات النظر حول الانتحار بالموضوعات الوجودية العامة مثل الدين والشرف ومعنى الحياة.

ورغم أن معدلات الانتحار بشكل عام منخفضة عربياً، تأتي بعض الدول العربية في مراكز متقدمة من الدول المسجلة لأعلى حالات الانتحار في العالم، كالسودان التي تقارب نسبة الانتحار فيها نسبة قارّة آسيا بأكملها.

وكانت مفوضية حقوق الإنسان العراقية كشفت عن زيادة معدلات الانتحار في العراق خلال العام 2013 الماضي عن سابقتها بنسبة 60 في المئة ماعدا اقليم كردستان، وأشارت إلى ان محافظة ذي قار سجلت أعلى حالات الانتحار في محافظات العراق بـ (119) حالة.

وقالت المفوضية في بيانها أن "633 حالة انتحار مسجلة بشكل رسمي في العراق خلال عام 2013 الماضي أغلبهم من الشباب، وبزيادة وصلت 60 في المئة عن عام 2012"، ومشيراً إلى أن مشاكل اقتصادية واجتماعية ونفسية، فضلاً عن حالات التفكك الأسري تقف وراء دفع العراقيين إلى الانتحار.

ويتفق باحثون ومعنيون عراقيون على أن اسباب الانتحار في العراق هي نفسية واجتماعية واقتصادية، وإلى أن العوز والفقر وتهميش المرأة تعد من الاسباب التي أدت إلى زيادة أعداد المنتحرين في ذي قار، على سبيل المثال، كما أن التقاليد كثيراً ما تدفع بالمرأة في المجتمعات المغلقة الى الانتحار.

وهناك قضية في غاية الأهمية لم يسلط الضوء عليها، نظراً لحراجتها في المجتمع العراقي، وهي أن بعض حالات الانتحار كانت نتيجة حالات زنا بالمحارم، مما يدفع بالفتاة للانتحار أو أن تقتل ويبرر الفعل بأنه انتحار، وأغلب اللواتي تعرضن لمثل هذه الحالات هن من المراهقات.

وفي جميع الاحوال، تكمن الاسباب الرئيسة للانتحار في شخصية الفرد نفسه وسيكولوجيته داخل البيت والمجتمع.

ويوضح باحث عراقي أن حالات الانتحار تزداد بين الشباب نتيجة حالات الإحباط المستمرة، وبسبب عدم تلبية احتياجاتهم، ومقارنة وضعهم مع وضع أقرانهم أو أصدقائهم، فيشعر الشاب بوجود فجوة كبيرة بينه وبينهم كما أن ظاهرة الانتحار لا تقتصر على طبقة دون أخرى فهي تحدث عند الطبقة الغنية بسبب الفراغ الفكري والثقافي ووجود إحباطات عاطفية، ولدى الطبقة الفقيرة نتيجة العوز والفقر وغيرها.

وبهذا يمكن التأكيد إلى أن دوافع الانتحار تعود إلى جملة من الأسباب، بينها الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والأمنية غير المستقرة التي أشاعت أجواء قاتمة من اليأس في نفوس الشباب، إذ تتفشى البطالة وترتفع معدلات الفقر وتتضاءل فرص التعيين أمام الشباب عموما والخريجين بشكل خاص.

وأشاروا إلى أن الضائقة المالية التي يمر بها الشباب لاسيما المتزوجين منهم تجعلهم عاجزين عن مواجهة الضغوط الحياتية والمتطلبات الأسرية، وبالتالي تدفعهم للانتحار في ظل غياب المعالجات الحكومية الحقيقية لمشكلة البطالة تقر منظمة الصحة العالمية بالانتحار كأحد قضايا الصحة العمومية التي تحظى بالأولوية.

اربعة الاف ألماني ينتحرون سنوياً

ينتحر 10 آلاف ألماني سنوياً بحسب أرقام دائرة الإحصاء المركزية، وهذا رقم كبير ما انفك يزداد سنة بعد سنة، لكن الغريب فيه هو أن عدد المنتحرين تحت عجلات القطارات أكبر من عدد ضحايا حوادث الطرق، وأكبر من عدد ضحايا جرائم القتل، وأكبر من عدد ضحايا تعاطي المخدرات.

وتشكو مديرية السكك الحديدية الألمانية من معاناة شديدة لسائقي القطارات، الذين يشهدون عمليات الانتحار تحت عجلات قطاراتهم، وتمتد اضطراباتهم النفسية بين الاكتئاب والصدمة النفسية وصولاً إلى انتحار بعضهم والمشكلة الأخرى أن حالات الانتحار تحت عجلات القطارات تسبب حالات كثيرة من الاستقالة من العمل، ويميل ربع سائقي القطارات إلى ترك العمل بعد مشاهدة الجثث المفرومة تحت القطارات.

الانتحار حقائق لا تعرفها عن شعب اليابان

الكدّ في الحياة، والنزاهة، والقدرة على إنشاء خليَّة من النحل في مناخ العمل، والتعداد السكانيّ الضخم؛ الذي يعمل على بناء إمبراطورية كبيرة باستخدام العوامل السابقة تلك هي صورة اليابان في أذهان معظم العرب، إذ يراها الكثير رائدةً في الصناعة والتجارة وإتقان العمل، ولكنّ تلك المفاهيم كلها مغلوطة، والوضع في اليابان لا يقترب حتَّى من هذه الصورة، بل إنّ هذه الصورة هي نقطة بعيدة عن مستوى نظر اليابانيين، وبعضهم لا يراها من الأساس بسبب خطر الانقراض الذي يهددهم؛ لأسبابٍ كثيرة سنقوم بشرحها.

تشير الإحصائيات: في خلال الخمسين عامًا القادمة سيصل تعداد السكان في اليابان إلى الثلث عادة ما تستخدم وسائل الإعلام العربية، اليابان، مثالًا يجب أن يحتذى به في النزاهة والالتزام من قبل مؤسساتها وموظفيها، وخلوّ طرفهم من الفساد الإداري وربما نتذكر قضية السوليتير التي انتشرت في وسائل الإعلام المصرية في بداية هذا العام، عندما قام أحد الموظفين في اليابان بتقديم شكوى ضد رئيسه، الذي يلعب تلك اللعبة على الحاسب الآلي الخاص بالعمل في أوقات العمل الرسمية، وتداولت أكثر من وسيلة إعلام عربية تلك الوقعة على أنها رمزٌ لنزاهة وإخلاص اليابانين في العمل، ومحاربتهم للفساد، طالبين من المصريين والعرب أن يرتقوا إلى هذا المستوى من الالتزام، متجاهلين عن قصد أو دون قصد وقائع وقضايا الفساد التي تسري في الشرايين الرئيسية لجسد تلك الإمبراطورية العظيمة.

لماذا ينتحر 70 يابانيًّا يوميًّا؟

هذا العدد الكبير من حالات الانتحار في اليابان؛ يهدد التعداد السكاني، ويضع اليابان تحت ضغط اقتصادي، فقد تكبد الاقتصاد خسارةً تزيد على 30 مليار دولار لهذا السبب، خاصة وأنّ النسبة الأكبر من المنتحرين، رجال تتراوح أعمارهم بين الـ20 والـ40 عامًا، فالذي رفض الاستسلام منهم، ولم ينتحر تحت الضغوط الاقتصادية والاجتماعية التي يتعرض لها، فإن ال"كاروشي" تكفلت به والكاروشي هي كلمة يابانية تعني "الموت الناتج من الإفراط في العمل"، إذ يموت الموظف فجأة بالأزمة القلبية من شدة الإرهاق بالعمل.

الضغوط التي يقعُ تحت وطأتها المواطن الياباني منذ أن يبدأ دراسته؛ كفيلة بأن تحوِّل حياته إلى السعي في دائرة مفرغة حتى يسقط ميتًا، ويكفينا ذكر أن امتحان القبول في الجامعات اليابانية شديد الصعوبة لدرجة تسميته بـ "امتحان الجحيم"، وإن لم ينجح الطالب في المرور من هذا الجحيم سالمًا متفوقًا، ستنتظره سنة كاملة من المذاكرة للتقدم لامتحان القبول مرة أخرى.

وإن نجح فيه، ونجا من سنوات الدراسة التي لا تقل صعوبة عن امتحانات القبول، فهناك جحيمٌ آخر ينتظره، وهو عدد ساعات العمل غير الآدميَّة في مؤسسات اليابان، والتي يتخلَّلها فترات راحة قليلة جدًّا، وعلى الرغم من أن الحكومة اليابانية من حقها معاقبة مدير الشركة الذي يستغل موظفيه بالعمل ساعات إضافية دون أجر إضافي، إلا أن صعوبة الحصول على وظيفة مرموقة اجتماعيًّا، تجعل الكثير من الموظفين يخشون الطرد من العمل إذا قاموا بالشكوى؛ مما يضعهم تحت ضغط عصبي شديد.

مركز النبأ الوثائقي يقدم الخدمات الوثائقية والمعلوماتية
للاشتراك والاتصال [email protected]
او عبر صفحتنا في الفيسبوك (مركز النبأ لوثائقي)

................................................
المصادر
صحيفة سبق الإلكترونية‎
العربية. نت
ايلاف
موقع مشاهد
رصيف22
موقع مصراوي
صحيفة النهار
صحيفة المرصد الليبية

اضف تعليق