الكتاب: طَبائِع الاستِبدَاد ومَصَارع ُالاستِعبَاد
الكاتب: عبد الرحمن الكواكبي
الناشر: مكتبة الاسكندرية
تقديم: مجدي سعيد

 

شبكة النبأ: أصدرت مكتبة الإسكندرية طبعة جديدة من كتاب "طَبائِع الاستِبدَاد ومَصَارع ُالاستِعبَاد" للمفكر العربي عبد الرحمن الكواكبي، وذلك في إطار مشروع "إعادة إصدار مختارات من التراث الإسلامي الحديث في القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين/التاسع عشر والعشرين الميلاديين".

المشروع -الذي تنفذه مكتبة الإسكندرية- نبعت فكرته "من الرؤية التي تتبناها المكتبة بشأن ضرورة المحافظة على التراث الفكري والعلمي في مختلف مجالات المعرفة، والمساهمة في نقل هذا التراث للأجيال المتعاقبة تأكيداً لأهمية التواصل بين أجيال الأمة عبر تاريخها الحضاري"، وذلك كما أوضح الدكتور إسماعيل سراج الدين في تقديمه لسلسلة إصدارات المشروع، ويضيف سراج الدين "لقد وجدنا أن من أوجب مهماتنا ومن أولى مسئولياتنا في مكتبة الإسكندرية أن نسهم في توعية الأجيال الجديدة من الشباب في مصر، وفي غيرها من البلدان العربية والإسلامية، وغيرهم من الشباب المسلم في البلاد غير الإسلامية بالعطاء الحضاري للعلماء المسلمين في العصر الحديث، خلال القرنين المشار إليهما على وجه التحديد".

ويعد اختيار القرنين الثالث عشر والرابع عشر الهجريين/التاسع عشر والعشرين الميلاديين على وجه الخصوص رغبةً من المكتبة في تصحيح الانطباع السائد بأن الإسهامات الكبيرة التي قام بها المفكرون والعلماء المسلمون قد توقفت عند فترات تاريخية قديمة، ولم تتجاوزها.

وحيث الحقائق الموثقة تشير إلى غير ذلك، و تؤكد أن عطاء المفكرين المسلمين في الفكر النهضوي التنويري إنما هو تواصل عبر الأحقاب الزمنية المختلفة، بما في ذلك الحقبة الحديثة والمعاصرة التي تشمل القرنين الأخيرين.

ولد عبد الرحمن الكواكبي في 14 شوال 1271ه – 9 يوليو 1854م في حلب، و كانت حلب وقت ولادة الكواكبي مركز ولاية عثمانية مسماة باسمها يقطنها حوالي مائة ألف من السكان ثلثاهم من المسلمين، والباقي من المسيحيين واليهود، يتحدث أهلها العربية المختلطة ببعض الألفاظ التركية، مع معرفة البعض منهم للفارسية، وإن كان لأهلها عاداتهم وتقاليدهم الشرقية، إلا أن العادات والتقاليد الغربية كانت قد بدأت في التسرب إلى بعضهم خاصة الذين خالطوا الأجانب المقيمين بها والذين كان أغلبيتهم من الفرنسيين والإيطاليين، حيث كانت حلب مركزاً تجارياً عظيماً، وكان لذلك أثر كبير على الكواكبي، فتعلم التركية والعربية والفارسية قبل بلوغه العاشرة من عمره. كان تكوين عبد الرحمن الكواكبي تكويناً دينياً تقليدياً لكنه ذو أفق واسع إذ أتيح له تعلم ثلاث لغات، إضافة إلى العلوم الدينية، كما أنه ألم بثقافة حديثة من خلال مطالعته للآراء والأفكار الغربية وأفكار الأتراك المطالبين بالحرية والدستور عن طريق الصحف التركية. كما عاصر الكواكبي عدداً من مفكري وأدباء حلب الكبار منهم جبرائيل دلال وميخائيل صقال و كامل الغزي، الذي كان من أقرب أصدقاء الكواكبي.

كتاب "طبائع الاستبداد ومصارع الاستِعبَاد" يُعد من المساهمات الأولى في رصد الجذور التاريخية لأزمة الحرية والديمقراطية في الوجدان العربي، وعنوانه من أجمل العناوين وأكثرها دلالة في الفكر العربي الحديث والمعاصر، يتجه مباشرة نحو الموضوع، يجمع بين النظر والعمل، بين البحث عن طبائع الاستبداد والبحث عن مصارع الاستعباد (أي طرق التخلص منه)، وبحث الكاتب في الجذور والطبائع أكثر منه بحثاً في الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

في مقدمة الكتاب يحدد الكواكبي عناصر دراسته للاستبداد وهي تعريف و تشخيص الاستبداد، سببه، أعراضه، إنذاره، و دواؤه. و وفقاً لهذه العناصر يمكننا أن نرى أهم أفكار الكتاب الذي جاء في أسلوب الاقتضاب شكلاً و موضوعاً.

يُنسب للكواكبي الفضل الأكبر في وضع قضية الاستبداد من خلال هذا الكتاب على أجندة البحث في الفكر العربي و الاسلامي. كما أن الكواكبي هو رائد القائلين بمبدأ فصل الدين عن الدولة على صعيد الأئمة والكتاب المسلمين، فلم يبرز أي كاتب مسلم قبله قال بضرورة الفصل بين السلطتين الدينية والسياسية، مما يرجح الاستنتاج بأن الكواكبي هو الذي شق هذه الطريق الطويلة الشاقة، يُذكر أن الكتاب من تقديم الباحث والطبيب الدكتور مجدي سعيد.

اضف تعليق