ترك محمد (أبو تريكه) أثرا يفوق ماتركه بأضعاف نجم المنتخب القومي والنادي الأهلي السابق (محمود الخطيب) فقد إجتمعت صفات وسلوكيات ومستويات فكرية وأخلاقية لدى (أبو تريكه) لاتفوق بالضرورة ما لدى الخطيب، ولكنها تختلف عنها بطريقة تجذب الإنتباه، وتثير المشاعر بطريقة غير مسبوقة في الرياضة المصرية والحياة السياسية في هذا البلد، وإذا كان هناك من يقول، إن الرياضي لايجوز له أن يمارس النشاط السياسي والمعرفي والديني فهو كمن يريد تحويله الى آلة تقوم بمهمتها وهي جامدة.
اللاعب الشجاع الهادئ. يحمل بعضا من صفات (محمود الخطيب) وهو قريب من النجم الإسباني (أميليو بتراجينوا) ولديه من صفات (أنيستا الكتلوني) ولاشك إن النجم ذا السبعة والثلاثين عاما رجل متدين بإمتياز، ولديه ميول قوية نحو طائفة الفقراء والجياع، ولكن هذا لايعني إنه عضو في جماعة الإخوان المسلمين، ولايتيح ذلك للقاضي أن يصنفه ضمن قائمة الشخصيات المتهمة بالإرهاب، ويضعه على قوائم المنع من السفر والترقب، ومصادرة الأموال والممتلكات فهذا أمر يعد نوعا من الصدمة التي تستهدف كامل الشعب المصري، وتعيد ترتيب الأفكار والمشاعر خاصة وإن هذه القضية الشائكة جعلت المؤيدين للإخوان والمعارضين وحتى الذين يتشددون في معاداتهم للجماعة يقتربون من رؤية واحدة تجاه (أبو تريكه) وهذا لم يتكرر منذ 25 يناير 2011 وحتى اليوم. فمن النادر أن يجتمع المصريون على مثل هذا النوع من القضية.
هناك من الأشخاص المتحمسين الذين قالوا، نعم إن (أبو تريكه) إرهابي ويجب أن يلقى القبض عليه، وأن يحاكم، وبالطبع فليس من أحد يحترم القانون والإنسانية يمكن له أن يعترض على إجراءات قانونية ضد من يهدد السلم الأهلي، والواضح أن المصريين لايمكن أن يذهبوا بعيدا في إتهام هذا اللاعب بالإرهاب، فليس من دليل واضح، ولايمكن لممارسات دينية وإنسانية وبعض الأفكار أن تتحول الى تهم وإلا فإن جميع المواطنين يمكن أن يوضعوا في السجون.
بالنسبة لي فإن هذا مؤشر على أن (أبو تريكه) شخص وصل الى مرحلة متقدمة من الشهرة والحضور في مصر، ويمكن بسهولة أن يستخدم بطريقة ذكية في حال حدث حادث جلل ليتم تغيير مسار ما على المستوى السياسي والإعلامي، وهنا يبرز السؤال الصعب، هل إن لقضية جزيرتي صنافير وتيران المتنازع عليهما مع المملكة العربية السعودية علاقة بالأمر بعد أن إنتفض المواطنون والنخب الفكرية والثقافية على الإتفاقية التي تتيح تسليمهما الى الرياض، وتم إلقاء اللوم في ذلك على الحكومة، وليس أفضل من شخصية (أبو تريكة) ليحول الإهتمام الشعبي من الإحتفال بعودة تيران وصنافير بعد حكم المحكمة العليا بذلك الى قضية مرتبطة بلاعب كرة قدم محبوب متهم بالإرهاب، وقد تمر الأيام لتطوى القضية ويعاد (لأبي تريكة) الإعتبار حيث تؤدي تلك الإتهامات الى النتيجة التي أرادتها الجهة التي لعبتها بإحتراف عال، وجعلت المصريين يتحدثون عن لاعب كرة معتزل بدلا من العلاقات مع السعودية وتيران وصنافير، وقصص الزيت والسكر وغلاء الأسعار.
الكارهون سيرددون عبارة مظهر أبو النجا (ياحلاوة) والمحبون سيرددون كلمة المرحوم نجاح الموجي( ياخرابي) وياخرابي لو كان أبو تريكه إرهابي..
اضف تعليق