بحضور عدد من الإعلاميين والأكاديميين العراقيين العاملين في الساحة البريطانية، وبدعوة من مؤسسة الحكيم ومركز الدراسات الأنكلوعراقية في المملكة المتحدة (aisc)، التأم في لندن مساء الثلاثاء 27/12/2016م الملتقى التداولي الأولى لمناقشة موضوعة "الإعلام العراقي في ظل المتغيرات الدولية"، في سبيل تحريك الأفكار وما يسمى بالعصف الذهني (Brain Storm).
وكانت لنا مداخلة تمحورت حول الرؤى التالية:
أولا: يعيش العراق منذ عام 2003م انفلاتًا إعلاميا ضاع معه الصواب وتاه فيه المجتمع، وهذا الانفلات ينطبق عليه حديث الإمام علي بن أبي طالب (ع): (إذا ازدحم الجواب خفي الصواب)، فالمشكلة أو المعضلة سياسية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية وما أشبه، تعددت فيها الأجوبة، وكل طرف يرى الصواب معه ويعمل على تسفيه الآخر، مما أضاع الحقيقة، وجعل العراقي يعيش في دوامة وشاهدها وفرة القنوات الفضائية المتعارضة والمتضادة، فالإنفلات الإعلامي هو ردة فعل غير محمودة العواقب للمركزية الإعلامية التي كانت عليها العراق قبل عام 2003م، وكلاهما ضرر على المواطن ومستقبل الوطن.
ثانيا: قبل عام 2003م كانت المخابرات العراقية المتواجدة في السفارات العراقية تقوم في واحدة من مهماتها، بدور المراقب الإعلامي للواقع السياسي في البلد الذي تتواجد فيها السفارة العراقية وتتابع التطورات فيه، ودورها هو دور الملحقية الإعلامية في كل سفارة. والعراق ما بعد 2003م افتقد بشكل شبه تام الى مصدر إعلامي يوفر المعلومة الكافية للحكومة عن كل بلد ومتابعة يومية لسياسته الداخلية والخارجية، وكان بإمكان المراكز الثقافية التي فتحتها وزارة الثقافة العراقية في بعض العواصم أن تقوم بهذا الدور، ولكنها افتقدت الى هذه الآلية، كما أن العجز في الميزانية أصاب هذه المراكز في مقتلة وانتهى الأمر الى غلقها.
ثالثا: من خلال العمل الصحفي أيام وجودي في إيران، حضرت أكثر من مرة في فترة الثمانينات من القرن العشرين مؤتمرات مركز الدراسات الاستراتيجية في شمال طهران التابع لوزارة الخارجية الإيرانية الذي كان يديره حينذاك الدكتور عباس ملكي، وكنت أشاهد عن قرب جمهرة الديبلوماسيين الإيرانيين المنتهية خدماتهم وتم الاستفادة من خبراتهم بتعيينهم كمستشارين في هذا المركز المقسم دوائره حسب القارات والمنظومات والوحدات السياسية العالمية، وهؤلاء الديبلوماسيون سابقا والمستشارون حاليا هم خير معين لوزارة الخارجية في تقديم النصح والمشورة وقاعدة بيانات سياسية عن كل بلد ورسم السياسات المستقبلية، ولا أدري إن كانت الخارجية العراقية تملك مثل هذه السياسة أم لا، ولكن القدر المتيقن أن الحكومة العراقية لا تمتلك مراكز التفكير داخل سفاراتها التي ترصد سياسة ذلك البلد وبوصلة قادته وإعلامه والتحولات السياسية فيه، كما أنها لم تستطع حتى الآن من فتح مراكز دراسات لاستيعاب الطاقات العراقية المفكرة المنتشرة في البلدان أو كحد أدنى دعم المراكز القائمة من أيام المنافي والمهاجر.
رابعا: العراق المديون اليوم هو غير عراق الوفرة المالية قبل عشر سنوات، ولم يعد العراق مغريا للشركات الغربية للاستثمار فيه، ومن أفلس العراق في الحرب العراقية الإيرانية وأفلسه ثانية في حرب الكويت وعمل على تجويع العراقيين أيام الحصار الإقتصادي، يعمل منذ عام 2003م على إفلاسه باستخدام سلاح النفط حتى نزل سعره الى الثلث، فضلا عن دعمه للإرهاب وخلق بؤر سياسية معادية للعملية السياسية، حيث يعيش العراق منذ سقوط نظام صدام حرب أحزاب تخندق فيه الجميع لإسقاط التجربة الجديدة، وتورطت جهات عراقية داخلية في حرب الوجود.
يذكر أن الملتقى التداولي الأول يأتي بمناسبة الذكرى السنوية الأولى لتشكيل مركز الدراسات الأنكلو عراقية ويرأسه الدكتور نديم العبد الله الذي ترعاه مؤسسة الحكيم بلندن التي يرأسها السيد إحسان الحكيم، ويضم المركز مكتبة فيها نحو أحد عشر ألف عنوان كتاب أجنبي تم تأليفه عن العراق خلال المائتي سنة الماضيتين، كما أقام المركز حتى الآن سبع ندوات مختلفة إلى جانب أكثر من 70 مشاركة في فعاليات مختلفة داخل المملكة المتحدة وخارجها.
والمفيد ذكره أن الحلقة النقاشية الأولى، أدارها الدكتور نديم العبد الله والسيد إحسان الحكيم، وحضرها كل من: الخبير العسكري العقيد الركن زياد الشيخلي، الأستاذ خليل كاردة، الأستاذ طالب عواد، الدكتور نضير الخزرجي، الأستاذ دلشاد حافظ، الدكتور تحسين الشيخلي، الإعلامية أنفال الموسوي، الأستاذ جواد كاظم الخالصي، الإعلامية نهى الصراف، الدكتور حسين أبو سعود، الإعلامي ناجي الغزي، الدكتور صادق الحاج حسين الركابي، السيد علي الموسوي، الدكتور عبد الحميد الصائح، والإعلامي أحمد الحلفي.
اضف تعليق