السلوك هو الطريقة التي يتصرّف بها الشخص، وهناك تعريف آخر للسلوك وهو أي عمل داخلي او خارجي يمكن ملاحظته وقياسه من كائن حي، تتحدث الدكتورة (لارا لويد) عن التعلم والسلوك وتاثيره على الانسان فتقول: ان ابحاث الدماغ هي احدى من اهم الافاق لفهم الانسان ككل ولفهم وظائف الاعضاء وللنظر في التعريف بنا كبشر ومن نكون نحن؟، وان دماغ الانسان في تغير مستمر ليس في مرحلة الطفولة فقط ولكن في كل مراحل الحياة وان في كل مرة تتعلم مهارة جديدة فان دماغك يتغير و هو ما يسمى بـ(اللدونه العصبية) او (طواعية الدماغ).
ولقد اظهرت الابحاث ان سلوكياتنا تغير دماغنا بشكل كبير و من الملاحظ ان الدماغ يتغير بثلاث طرق اول هذه الطرق هي التغيرات الكميائية وهي المسؤولة عن الذاكرة القصيرة الامد او التحسن في الاداء على المدى القصير، اما الطريقة الثانية هي تغيير في تركيب الدماغ او اجزاء من الدماغ او التركيب المادي للدماغ وهذه يؤدي الى فترة اطول ومن ثم يؤثر على الذاكرة طويلة الامد وتحسن في المهارات على المدى الطويل، ولكن في الحقيقة ان هذين العاملين متداخلين فيما بينهما ولكي تحصل على التغيرات على المدى الطويل يجب ان تمارس الافعال وتكررها على المدى القصير اي من خلال الممارسة تؤدي التفاعلات الكميائية الى تغيرات تركيبية في دماغ الانسان، اما الطريقة الثالثة في التغيرات التي تحصل فهي في وظائف الدماغ نفسه اي تغيرات وظيفية وهي تؤدي مع الزمن الى وظائف تخصصية لاعمال خاصة بكل انسان.
ان تغيير المرونة او اللدونة العصبية في الدماغ تتم عن طريق عامل مهم جدا و واضح الا وهو (السلوك والعمل) ويتم ذلك عن طريق تحفيز المخ و الحركة وممارسة الرياضة وعوامل اخرى كثيرة ولكن هناك شئ مهم اخر وهو الاختلافات الكثيرة بين مختلف الاشخاص”.
وتقول الدكتورة (لويد) ان اهم الدروس المهمة المستخلصة من خلال البحث في الدماغ ان كثرة الممارسة تؤدي الى المزيد من التعلم ومن ثم الى الكثير من التغيرات التركيبية الثابتة في الدماغ ولكن تلك التغيرات ممكن ان تكون ايجابية مثل الاعمال الجيدة ومهارات جديدة او ممكن ان تكون سلبية مثل النسيان والادمان والشعور بالالام المزمنة، والنتيجة ان المرونة العصبية تتشكل على حد سواء تركيبيا ووظيفيا من خلال ما تفعله من اعمال من خلال سلوكك سواء كانت ايجابية او سلبية وحسب ما تفعله انت ولكن ايضاً من خلال ما لا تفعله”، والشيء الاخر الذي تذكره الباحثة هو انه لا يوجد مقياس ثابت لكل الناس فالناس تختلف في ذلك فيما بينها.
وتتحدث (د لويد) عن السلوكيات اليومية فتقول "السلوكيات التي تستخدم كل يوم مهمة في تغيير العقل لانها تغير الدماغ و تؤدي الى التعلم و تؤثر على الشخص باعتباره متعلما و معلما لانه ينقلها الى الاخرين ”.
ونستنتج من ذلك ان السلوك يغير الدماغ و مع الفترات الزمنية الطويلة سوف تتغير العقول و الادمغة ثم يتغير المجتمع بكامله وبالتالي العالم ككل ولكن بشرط ان يكون السلوك صحيح و عكس ذلك فان السلوك السئ يؤدي الى فساد المجتمعات و العالم باجمعه.
صفحة الصالحات
لقد ذكر كلمة (عمل) ومشتقاتها في القرآن الكريم بما يقارب (360) مرة اي تقريبا بعدد مقارب لايام السنة وكأنه كل ايام السنة يتوجب فيها العمل الجاد، وكانت صفة (الصالحات )ملازمة في اكثر الاحيان للعمل للحث على العمل الصالح والذي يؤدي الى اصلاح المجتمعات، اما بالنسبة للاعمال التي تعمل بوقت قصير وبعمل غير صالح وغيرمتعمد فيمكن للعقل ان يتجاهلها لانها تعتمد على الذاكرة القصيرة ولانها غير متكررة عند الشخص ولقد ذكرت الاية (17) من سورة النساء التوبة على الذين يعملون السوء بجهالة وبشرط التوبة من قريب للدلالة على تقصير االفترة الزمنية حتى لا تتحول الى ذاكرة طويلة و من ثم تؤثر على تركيبة الدماغ الدائمة، لذلك ذكرت الاية (18) من نفس السورة تلك الفترة الزمنية الطويلة من عمل السيئات لتصل الى نهاية الحياة او عند حضور الموت.
وذكرت الاية( 62) من سورة المائدة الذين يسارعون في الاثم و العدوان واكل السحت ونلاحظ كلمة (يسارعون ) وكانما اصبحت لديهم عادة سهلة لعمل ذلك ولهذا ذكرت الاية انه من العمل البائس في الحياة.
واما الاعمال التي تذهب العقل و تؤثر فيه او ان العقل اصلا لا يتدخل في حلها فهي رجس من عمل الشيطان وقد ذكرتها الاية (90) من سورة المائدة هذه الاعمال مثل الخمر والميسر ولذلك حثت الاية على اجتنابها حفظا لوظيفة العقل العظيمة.
اما اذا عمل الانسان سوء بجهالة ثم تاب فيجب عليه ان يصلح بعد ذلك لكي لا يتحول عمل السوء الى شيء دائمي و ثابت في عقل الانسان كما ذكرت ذلك الاية (54) من سورة الانعام.
و يعتبر السحر عمل مفسد لانه ضار بالانسان وخارج عن قدرة الانسان وان الله سبحانه سيبطله و لا يصلحه كما ذكرت الاية (81) من سورة يونس، و العمل هو المكون الرئيسي للانسان سواء كان صالح او غير صالح حتى كانما يصبح الانسان كله عمل لذلك ذكرت الاية (46) من سورة هود ان ابن النبي نوح عليه السلام هو عمل غير صالح وانه ليس من اهله فسمت الابن بعمل لطلالة على ان الانسان بفعله.
ومكانة الانسان بعمله فاذا كان العمل صالح فان الانسان صالح واذا كان العمل غير صالح فان الانسان كذلك و هذا ما اوضحته الاية (121) من سورة هود، كذلك يكون العمل على الشاكلة لان كل انسان يعمل على ما يتشكل في داخل عقله فهو اذا يعمل على شاكلته التي هُو قام بتشكيها كما ذكرت ذلك الاية (84) من سورة الاسراء.وانا عمل الخبائث فقد جاء من الذين هم كانوا قوم سوء و قوم فاسقين وهم قوم لوط كما ذكرت الاية (74) من سورة الانبياء.
وقد سخر الله سبحانه الشياطين للغوص للنبي سليمان عليه السلام وقد عملوا عملاً دون ذلك، لان عمل الشياطين ضعيف فهو دون اعمال البشر كما ذكرت ذلك الاية (82) من سورة الانبياء، كما ان عمل الشيطان قد يكون بالقتل الخطأ لان القتل يكون ليس بتدبر الذي قام بالعمل من البشر وانما حدث بطريق الخطأ و بتدبير من الشيطان نفسه الذي هو عدو ومضل ومبين كما ذكرت ذلك الاية (15) من سورة القصص وهي ان نبي الله موسى وكز الذي من عدوه فقضى عليه، و قد يتحول العمل الى شكر دائم مثل عمل الـ داوود كما في عمل الجن بين يدي سليمان عليه السلام للمحاريب والتماثيل و الجفان و القدور وهنا هذه الاعمال الكبيرة تحتاج الى شكر لان تحتاج الى قوة هائلة يقوم بها الجن بأذن الخالق سبحانه وكما ذكرته الاية (13) من سورة سبأ، ويرتبط العمل الصالح بالذاكرة الطويلة الامد و بعمر الانسان الطويل كما ذكرت ذلك الاية (37) من سورة فاطر عندما يصطرخ اهل النار للخروج ليعملوا عملاً صالحاً ولكنه تذكر الاية الكريمة انهم طال عمرهم في الدنيا لفترة طويلة حيث يستطيع ان يتذكر الانسان بعمره الطويل العمل الصالح بما فية الكفاية من الزمن.
وذكرت صفات الله سبحانه مع العمل مثل ( بصير بما يعملون) و(بما تعملون خبير) و( بما تعملون عليم) و( شهيد على ما يعملون) و(بما يعملون محيط)، لانه سبحانه احاط باعمال العباد بعلمه وهو الحق سبحانه شهيد عليهم و عليم بهم و بصير و خبير بما يعملون.
اضف تعليق