بعد صراعات مريرة بين ساسة الفوضى، كاد العراقيين أن يصابوا بخيبة أمل جديدة، بسبب الجو الملغم بالإحداث المفاجئة، والضغوطات التي مورست على بعض الشخصيات لغرض عدم التصويت على القانون، الى ساعات قليلة قبل انعقاد الجلسة، حتى أن رئاسة الوزراء كانت مرتبكة فكانت ستسحب القانون ثم أبقت عليه أخيرا، وكان لحركة زعيم التحالف الوطني عمار الحكيم الدور الأكبر لإقراره، حيث اجتمع بقادة الكتل، في الساعات التي سبقت التصويت لشحذ الهمم، الى أن تم التأكد من تحقق أغلبية الثلثين، وهكذا مر قانون الحشد الشعبي.
ويمكن هنا توضيح عدة نقاط مهمة حول القانون:
أولا: القانون يحفظ حقوق الشهداء والجرحى
منذ انطلاق فتوى السيد السيستاني بالدعوة للجهاد ضد العصابات التكفيرية التي كانت تروم الزحف باتجاه بغداد بمخطط كبير، وبمساندة من فلول البعث، عندها هب الشباب للدفاع عن المدن ودفع الخطر الى حواضنه، وبعد إيقاف توسع الإرهابيين جغرافيا، انطلقت عمليات تحرير المدن بجهد كبير للحشد الشعبي، الى أن وصلنا للخطوة الأخيرة في الموصل، لقلع كيان داعش من الأرض، هذه المسيرة الجهادية أنتجت مئات الشهداء والجرحى، وهم كانوا من دون أي مظلة قانونية، تحفظ حقوقهم وتساعد ذويهم في المحنة، وكنا نسمع ونشاهد معاناة العوائل بعد استشهاد أبنائها، أو جرح الأب أو الأخ وهو المعيل الوحيد للعائلة.
فجاءت الفقرة السادسة من قانون الحشد الشعبي لحفظ الحقوق، حيث تنص المادة على ((يتمتع أفراد ومنتسبو فصائل وتشكيلات الحشد الشعبي وضحايا الأعمال العسكرية منهم – الشهداء والجرحى والمفقودين – بذات الراتب والحقوق التقاعدية والامتيازات التي يتمتع بها أقرانهم من منتسبي وزارتي الدفاع والداخلية)) فالان مع إقرار القانون، يمكن حفظ حقوق عائلة كل شهيد، ويمكن أن يتم معالجة الجرحى،ومن سهل ألان التحصل على رواتب تنفعهم.
ثانيا: تنظيم عمل الحشد مستقبلا
القانون سينظم عمل تشكيلات الحشد الشعبي، وتكون قوة وكيان قانوني، وليست خارجة عن القانون، فلقد اعتبرتها المادة الأولى من القانون بأنها قوة رديف للقوات النظامية، حيث تقول المادة واحد ((تعتبر فصائل وتشكيلات الحشد الشعبي بموجب هذا القانون كيانات قانونية تتمتع بالحقوق وتلتزم بالواجبات باعتبارها قوة رديف وساندة للقوات الأمنية العراقية ولها الحق في الحفاظ على هويتها وخصوصيتها مادام ذلك لا يشكل تهديداً للأمن الوطني العراقي))، وتنظيم العمل لكل تشكيلات الحشد، عبر الارتباط المباشر بمكتب رئيس الوزراء.
بالمقابل أي قوة خارج الحشد ستعتبر قوة خارجة على القانون، وهذا الأمر يجب أن تنتبه له بعض القوى، التي قد تجد في لحظة ما نفسها وحيدة، لذا يجب على كل القوة الشريفة الدخول تحت مسمى الحشد، كي تضمن الغطاء القانوني وتلتزم بما شرع من فقرات.
ثالثا: التزام التعليمات هو مفتاح الحل
المادة الثالثة تنص على ((تمارس فصائل وتشكيلات الحشد الشعبي مهامها وأنشطتها العسكرية والأمنية، بطلب وإيعاز من القائد العام للقوات المسلحة العراقية، وبالتنسيق معه ابتداء واستمرارا، عند وجود تهديدات أمنية تستدعي تدخلها الميداني، لردع تلك التهديدات واجتثاثها))، هذه المادة القانونية مهمتها تنظيم عمل فصائل الحشد، حيث سيكون مثل أي كيان حكومي تحركه وواجباته بأوامر عليا، مما يبعد عنها الفوضى.
هذه المادة القانونية ستزيل مخاوف البعض من تنامي قوة الحشد الشعبي خارج الدولة، بعد عديد الانتصارات التي حققها على الزمر الظلامية، بالاضافة أن القانون يعطي تطمينات ليبدد شكوك الكثيرين، لتساؤلات مشروعة عن وضع الحشد بعد انتهاء داعش.
وستكون هذه الفقرة حماية من أي تفرد بالقرار بعيد عن منظومة الدولة، وهذه أفضل خطوة قام بها برلماننا البائس.
اضف تعليق