لهذا المصطلح جمهور من المثقفين ومن الدراويش.. ومن المتفلسفين (لا تظنّنّي منهم!! تحمّل كلماتي أدامك الله)، وقد إنتشر هذا المصطلح مع إنتشار فايروس خطير إسمه فايروس الدّجل واللاعبين على حبال التلبّس والتقمّص والتلحّف والتبطّن (من اللباس والقميص واللحاف والبطانيّة!! ولك ما شئت من القطع النسيجيّة والقطنيّة لأغراض التلبّس والدّفء!) وقد تمدّد هذا المصطلح ليصل من مواقعنا الالكترونية الى فضائيات تصرف عليها الملايين من قوت الشعوب المشرّدة والمنتشرة في بقاع من أرضنا الغنيّة بالمواد الأوليّة والتي تسرّبت عبر مرشّحات ملكيّة وأميريّة ومشيخيّة ورئاسيّة الى جيوب الدجّالين والسرّاق!

والصعاليك قد أخذ تأريخا كما كل الطلاسم والكلمات، من معاناة كبيرة، والصعاليك قد شذّوا ملء إرادتهم عن خط الظلم القبليّ الإستبدادي الذي عمّ أرض العرب، شمال وجنوب الجزيرة (ليست قناة الجزيرة التي يختلف إستبدادها عن باقي إستبداد القبائل، إلاّ أنّ صعلكتها قطباً سالباً يبعث إلكترونات التطاحن العربيّ الى المحيط العربيّ)، وقد إنتشر هذا التمرّد على التقاليد البالية الى ان إستغرق فيه الزمن وإستغرق الزمن في عنوانه ليصل الى معان متأرجحة في المفهوم وحتى في الممارسة!

فالصعلوك في الجاهلية غير الصعلوك في الزمن الحالي بل أكاد أجزم ان لهذا المصطلح اليوم معان ايجابية كبيرة عند الكثير من المثقفين وحتى انصافهم ممّن يدّعي الثقافة للوصول الى غاية جلّى هي ان يوصم بالصعلكة والتصعلك!! مقابل ذلك هناك صعلكة تدل في ما تدلّ على مثالب كثيرة بل ورفض كبير من الاخلاق العامّة والسلوكيّات المقبولة والمتّفق عليها على الأقل إنسانيّاً (من الإنسانيّة التي لا تقف عند دين أو مذهب أو طريق أو مدرسة فكريّة معيّنة!).

لقد إنتشر المفهوم في صفحات الثقافة المتعددة ويشير بها بعضهم على شيء من التمرّد على التقاليد الثقافية في التعبير وفي الحديث وفي تلاوة الكثير من الكلمات الطلسميّة وغير المفهومة ليوصل بها الاخر الى مرحلة يعترف بها بجهله امام المتصعلك! ليظهر المتصعلك انتصاره في النتيجة! وسوف لن ادخل اكثر في حيص بيص الصعلكة، الا انني ساغوص في بحر الصعلكة السياسية بمفهومها المتمرّد على كلّ أصوليّ وأخلاقيّ لأشير الى الصعلكة بسلبيّتها لا بإيجابيّتها! واشير الى صعاليك السياسة اليوم واقصد بهم المتمردون على تقاليد الاخلاق السياسية ليشتهروا من خلال التمرد هذا!

لقد لقيت صديقي يوماً فقلت له ما هي اخبارك؟ قال سانتمي الى حزب السر......رية!

قلت ماذا تقول؟!!

قال ألم تسمع بهذا الحزب؟! قلت: لا، لم أسمع!

هل هذا الحزب موجود في بلدنا؟! قال: لا يهم، إن وجد في بلدنا أو في بلد آخر! المهم أنّه موجود. قلت ما هذا الحزب وممّ يتكوّن؟ من هم أعضاءه؟

قال صاحبي ساخراً من جهلي بهذا الحزب، هم فئة من السياسيين الذين لعبوا على حبال الدين والاخلاق يوم كانوا جياعاً لا يملكون من قوت يومهم الا ما يسدّ رمقهم ومن يعيلون! حيث كانوا يعتاشون على من يساعدهم من خلال بعض المساعدات التي تدخل في خانة اداء الواجب الشرعي أو الأخلاقي أو الوطنيّ. وقد وفد منهم الى العراق طافقاً الى حيث ينتظر الموت، حيث لم يبق في العمر ما يستحق الغربة (هكذا قالوا حين عودتهم إلى الوطن!) حينما أهلك الله طاغية العراق وجماعته باسلوب او بأخر (الظالم سيف، انتقم به وانتقم منه)، وبعد ان فرغ الطريق قليلاً لعدد من هؤلاء الصعاليك وإذا بهم يفترشون الارض لاعداء كانوا يوصمونهم بالخائنين والشياطين. ويصبحون في وضع، يظهرون وجبة بعد اخرى على شاشات التلفاز يصرحون ويؤسسون وينقدون(!) وكلامهم عن الاخلاق لا حدود له! وهؤلاء يكثرون ويتّسع حزبهم وأكاد أجزم أنّهم في الانتخابات القادمة سيشكلون إئتلافاً ويسمّونه بإسم يقترب من سلوكيّاتهم!

قلت لصاحبي: يا عزيزي ان كنت تبحث عن تسلية معي فانا مشغول باخبار الموازنة العزيزة! وبأخبار الوضع العلميّ في البلد الذي أصبح أغلب علميّيه يتنفّسون الفساد والرشوة والضحك على الذقون البحثيّة، واللعب على إبعاد مخلصي البلد الذين قالوا للطغاة، لا، ورحلوا الى ديار الغربة، خيراً من قولٍ لطاغيةٍ أنّك القائد والمعلّم والضرورة والمنقذ!!

قال صاحبي: اليوم قد أفسدتُ مزاجك وقلّبت الجروح!

قلت: ياصاحبي، تمهّل وإسمعني!

ما كنا نخشاه قد حصل ولا مفرّ منه (!!) ضمن المخططات التي توالت نتيجة الاخطاء المتراكمة للحكومات السابقة (بالإضافة الى العوامل الاقليمية المتعددة التي اشرنا اليها في اكثر من مقالة) التي أعطت للمخططات الخارجية تبريرات وتبريرات للدخول من جديد الى المنطقة من باب العراق وتكون جيوش الناتو قد حصلت على أكثر من موطئ قدم في العراق وعلى حدود سورية الشرقية. لقد رسمت هذه المخططات بدقّة لتنفيذها بالشكل التالي:

# منظمات ارهابية تغزو الارض السورية عبر تركيا والاردن ولبنان وبمساعدة سعودية قطرية تركية وبرعاية امريكية ناتوية اسرائيلية. وتتوالى التسميات من القاعدة الى النصرة ثم تفرعات متوالية بسبب او بأخر ثم تبدأ مجاميع بعبع(!) جديد اسمه داعش يتهم بتأسيسه نظام سورية (على اساس هم من بقايا البعث البائد!) وهي حجّة واهية لانّ هذه المنظمات لا يمكن لها ان تجمع النقيضين في تأسيسها واهدافها!

لقد كانت الولايات المتحدة تحلم ان تصل واقعيا وبموافقات دولية الى منطقة الخليج عام 1990 إلاّ بعد أن قام صدام المقبور باحتلال دولة الكويت ليعطي التبرير الكامل في ما ذكرناه، وقد برّر بشكل مباشر وغير مباشر التدخّل الاطلسي الى الخليج، ثمّ تكتمل العمليّة في زمن السيد المالكي، حيث حصل في زمن حكومته مالم يكن في الحسبان الداخلي وحتى عند بعض دول المنطقة ان تدخل من جديد القوى العالمية الى المنطقة والى العراق من جديد لهذا السبب الذي ذكرناه (مع الفارق بين الاثنين ولا نشبّه هذا بذاك للإختلاف في المنهج والفكر والاسلوب العام في التعامل مع المشاكل!).

# تتدفّق المجاميع الارهابية مع الاخطاء المرتكبة من الحكومة في الامن والخدمات والامور الاخرى مما جعل ساحات عديدة تكون حاضنات لهذا الارهاب الذي قتل من العراقيين ما لم يقتله في دول المنطقة مجتمعة!

# لقد ظهرت للعارفين والمتبصّرين في مجال السياسة في المنطقة عموماً وفي المناطق الساخنة التي تمسّ وتلتقي في رؤاها مع نصوص توراتيّة مهمّة وخطيرة، كتلك التي تعمل عليها لوبيّات في الولايات المتحدة واوربا لرسم سياسة جديدة تسمح وبشكل رسميّ(!) لتمدّد امريكي إسرائيلي للمنطقة بعد رفض العديد من القوى لهذا التمدد بشكل أو بآخر! لذلك فرسمت السياسة في دوائر بخطط تجعل من المنطقة في وضع لا يمكن ان تخرج منه دون السماح للقوى الامبريالية والصهيونية الا ان تدخل بلا خيار آخر عند سياسي المنطقة الذين يسمحون بغباء أو بتواطؤ لهذا التمدد والتواجد بشكل يثير الاستهجان! لذلك نرى العديد من التقارير التي ذكرها صحفيون امريكيون واوربيون عن السعي الحثيث من قبل اسرائيل للوصول الى أرض العراق والى مناطق معيّنة مثل كركوك، الموصل، الناصرية، بابل، وحتى ميسان ان امكن ذلك (لقربها الشديد من الحدود الايرانية!) وهذه المناطق مهمّة توراتياً ومرتبطة بشكل كبير مع مشروع التأريخ الخطير في إنشاء دولة إسرائيل الكبرى! أي من الفرات الى النيل! وقد بدأت العملية من سنوات عديدة ومن مناطق كردستان العراق، وتبدأ من تهجير قسري للمسيحيين والاقليات الاخرى وتفريغ تلك المناطق من هؤلاء مقابل ترحيل الاكراد اليهود الى كردستان وبالتالي ليكونوا نواة الاستيطان الخطير بشراء الاراضي في مناطق متعددة كما فعلوها عبر التاريخ الحديث في فلسطين والجولان وبعض المناطق في سيناء!

وقد كانت ومازالت الاحداث تتوالى باتجاه اندفاع الولايات المتحدة واوربا (ومن وراءها كيان اسرائيل!) الى العراق من جديد عبر شمال البلاد اي عبر كردستان العراق، والأحداث المصطنعة التي وضعتها وخطط لها الدوائر الاستخبارية في الولايات المتحدة الامريكية واسرائيل هي التي نقلت المعارك المباشرة الى ارض العراق من خلال عملائها في المدن التي سقطت بيد داعش وغيرها بحجج مختلفة وبمساعدة واضحة ممّن يتهدد الان من هذا الخطر!

ما دخل هذا بالصعلكة يا هذا؟!

هنا مربط الفرس! كثير من سياسيينا العراقيين والعرب يتكلمون عن الوضع السياسي والامني وكأنّ مفاتيح اللعبة بيديه! وما هو الا صعلوك من صعاليك السياسة الحديثة التي لا تقدّم نفعاً ولا تبعد ضرراً! واكثر ما يضحكني هذه الايام عند ظهور احد صعاليك السياسة المذكورة في احدى وسائل الاعلام المرئيّ ليتحدث عن حوادث مضت قبل سنوات او عقود وان طلب المحاور رؤيته للمستقبل (تعال واشبع ضحك!!). يا عزيزي يحكم المتصعلكون الآن الكثير من جوانب البلد بتفاصيله ومن ورائهم دواعش السياسة ودواعش سام وساسون! لأنّ اللعبة لاتنتهي عند القضاء على داعش وغيرها فالأمر لا يقف عند محاربة هؤلاء، بل نخر الفساد جسد البلد منذ أكثر من عقدين من الزمن وبيعت أخلاق الكثير من الناس!! الامر أمر أخلاقيّ، لقد خسر الناس الكثير من التطبيقات الاخلاقيّة بسبب أو بآخر، ومن يصرّح بغير هذا فتأكّد هو واحد من إثنين: إمّا مسكين طيب لا يفهم ما يجري! أو متصعلك باع الضمير أو في الطريق الى هذا!

ودمت عزيزاً بعيداً عمّن يبيع الضمير.. ويتصعلك علينا!

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق