سيكتمل انهيار الشرق الاوسطي (القديم) بدخول السعودية في قائمة العقوبات الامريكية بتشريع قانون (العدالة ضد رعاة الارهاب) القانون الذي وان لم يسم السعودية العربية صراحة الا ان الاغلب يعرف بان المستهدف من هذا القانون هم الاشخاص المتورطون بأحداث 11سبتمبر/ايلول 2000 واغلبهم يحملون الجنسية السعودية مما يحمل هذه الدولة المسؤولية القانونية والجنائية عن اثار تلك الاحداث وتحمل تعويضات الضحايا والاثار المترتبة على ذلك.
قد لانشهد انهيارا سريعا للعلاقة التاريخية للحليفين الامريكي–السعودي، الا ان المحاكم الفدرالية للولايات المتحدة الامريكية ستصدر وبلا شك قرار الطلاق الذي يجعل من الاموال السعودية في الولايات المتحدة الامريكية والتي تقدر بـ سبعمائة وخمسين مليار دولار اضافة الى سندات اخرى في الخزينة الامريكية هدفا لها كتعويضات لضحايا اعتداءات برجي التجارة العالمية والبنتاغون.
مما سيحرج السعودية بشكل كبير ويجعلها تعاني من ضربات اقتصادية وسياسية يخرجها من دائرة الدعة والراحة الى صحراء العواصف المتعددة، اوباما وقبل عام ونيف وفي صحيفة نيويورك تايمز اشار الى هذه العاصفة القادمة لدول الخليج بقوله (اننا نستطيع مساعدتكم من الهجوم الخارجي ولكن عليكم بإصلاح اوضاعكم الداخلية...) وهو توجه مكرر في طريقة الحديث الامريكي لمن يرغبون بمهاجمته، حيث سبق وان تحدث الرئيس الامريكي دبليو بوش عن انتهاك حقوق الانسان وضرورة اصلاح النظام لنفسه في العراق حتى انتهى الامر بإسقاط نظام الرئيس العراقي صدام عام 2003 تحت شعار انهاء نظام الدولة البوليسية وجمهورية الخوف.
هذا التحذير وان كان المظهر الخارجي لسياسة اوباما يحاول تزيينه برتوش النقض لقرار (جاستا) الا ان الحقيقة الدامغة بان الواقع سيطبق تحذير الرئيس الذي تجسد على شكل قانون نافذ من الان فصاعدا.
من جانبها فان السعودية التي صدمت بسرعة تمرير القرار وتقاعس اصدقائها في البيت الابيض والكونغرس عن دورهم المطلوب في الوقوف بوجه فإنها تعيش هاجس ما سيرسمه تطبيق هذا القانون لمستقبلها.
الخطأ الاكبر الذي ارتكبه السعوديون انهم بنوا سياساتهم على التمنيات وهذا الخطأ القاتل وقع فيه من خططوا للسياسة الخارجية للملكة العربية السعودية، فبدل ان تضرب ايران وتفرض عليها المزيد من العقوبات كما كانوا يتمنون ويروجون باتت القضية موجهه ضدهم، فيما تسير ايران الى عالم الشراكة مع حليف المملكة القديم (الامريكان).
اما عاصفة الحزم اليمنية التي دخلوا فيها بمستنقع لا يقل خطورة عن قانون (جاستا) قد يدفع اليمنيين لاستخدام قانون مشابه لأخذ تعويضات لبلدهم من المملكة العربية فيما لو تم تعديل القانون ليشمل الحرب المباشرة، كما ان وضع السعوديين السياسي مع كل من سوريا والعراق وبعض الدول العربية ليس بالجيد مما يجعل المملكة في موقف لاتحسد عليه.
ما الحل؟
يرى البعض بان الوقت للملكة اصبح بدل الضائع في التخلص من الموجه القادمة غير ان السياسة فن الممكن وهي لا تعرف المستحيل فقط تحتاج الى خطوات مضاعفة وسريعة وكبيرة للعودة الى موقف مستقر نسسبيا قد يؤجل او يحرج الامريكان ويدفعهم للتفكير مجددا في السير بالأمر للنهاية وتكرار سيناريو 1990 في العراق وتأجيله لـ2003.
السعوديون هم من يملكون مفاتيح الحل للتخلص من اثار اعصار (جاستا)، وقد تتجلى اوضح تلك الطرق بخطوات فعلية تقوم بها حكومة المملكة، تكون اولى قراراتها ترك تبني سياسية التحشيد الطائفي وزعزعة امن الدول ووقف تمويل مناهج التكفير والتطرف، وهنا لابد لها من التخلص الفوري والحقيقي من (البؤر السوداء) للارهاب التي تتخذ من ارض المملكة ومن اموالها واعلامها منطلقا لبث الكراهية والفتنة حتى وان لم تكن متبناة من قبل الحكومة السعودية بذاتها، ان عجلة الارهاب تقوم على اساس مهم وهو الفساد المالي الممول في تحركات المنظمات الارهابية ولانفشي سرا اذا ماقلنا بان الاتهامات اكثر ماتطول المملكة بوجود مؤسسات ترعى وتمول الارهاب وهذه المؤسسات ستكون بمثابة اسلحة الدمار الشامل التي بحجتها تم اكتساح العراق واسقاط نظامه.
ولذلك فان على السعوديين التخلص من (اسلحة الدمار الشامل التطرفية) هي من اهم اسباب عودتهم للمجتمع الدولي وللساحة العربية التي كانت الهدف الاول لهذه المؤسسات والمتضرر الاكبر منها، ولعل السكوت العربي عن قانون (العدالة ضد الارهاب) يعتبر دليلا واضحا على رضا تلك الدول عما ستلاقيه المملكة من مصير ان لم يكن تتشفى بها.
العربية السعودية لاتملك الوقت الكافي لفعل الكثير امام جاستا الا ان سيرها في طريق الاصلاحات الفعلية والعودة للساحة الدولية والعربية بإعادة النظر بطرق تعاملها مع الدول المجاورة اولا والعالمية ثانية مما سيحيطها بسور التعاطف الذي فقده نظام صدام عام 2003، السعوديون بعيدون عن تصور ماستؤول اليه الامور مستقبلا ولكنه بلاشك لن يكون مستقبلا هادئا على اقل تقدير، وهو في نفس الوقت رسالة عالمية لكل من يحتضن مؤسسات او اشخاص يتبنون قتل الانسان ويجعلونه هدفهم فان تلك الدول لن تنجو من اسلحة تلك المؤسسات وان كانت تعيش في ربوعها وتأكل من خيراتها، انها اسلحة دمار شامل لا مناص الا بالتخلص منها قبل ان تكون اكبر من حجم الدول والحكومات، المملكة لا تملك سوى الهدف الذهبي الذي اشرنا اليه الذي قد يغير الموازيين والمجيء بنتائج قد تنقذها من مآزقها الكارثية.
اضف تعليق