وحتى لو بلغت الكآبة عندي حدا لا يمكن علاجه بواسطة العقاقير ومراجعة الأخصائيين من الأطباء فلن أفعلها. ربما لأنني بالفعل مؤمن بنهاية لوجود طال، أو قصر ومهما حصل من تحديات ومصاعب وما أواجهه من مصائب، هذه النهاية لا تختلف عن الانتحار فهو موت في النهاية، لكن هي الأفضل فلن تكون خيارا كالانتحار السيء، وهناك قوة عليا تفرضها علي، وهناك احتمالات ليست كلها سيئة بعدها، فمن الممكن أن ألاقي عالما أخرويا جميلا، وتكون الجنة هي الموضع الذي أطأه بقدمي هاتين سعيدا غير منزعج ولا أعاني من الكآبة (الانكسار)..
المنتحر شخص مهزوم اختار الطريقة السيئة للموت، وتجرد من مشاعر القوة والصمود.
عندما أنظر في مشاكلي والطريق الذي أسلكه وظروف عملي وأوضاعي المادية، احتاج معها للتخلص من نفسي، لكنني أقارن ما أنا عليه مع غيري من البشر فأجدهم أكثر حزنا، وعذابا ومعاناة، ومنهم من يتضور جوعا، وهناك من يتسول في الطرقات، ومنهم من يتوسل ليجد عملا يستره، ومنهم من ينام تحت أنقاض مبنى منهار جراء قصف شديد من طائرة، أو بفعل صاروخ هوى ودمر كل شيء، ومنهم من يعيش في بيت حقير، أو في بيوت الصفيح وينتظر عطف الآخرين، وكل هؤلاء لا ينتحرون، وقد يكون كل واحد منهم مر بمرحلة عصيبة وفكر في الموت والتخلص من حالة العذاب لكنه قال لنفسه، يا نفس النار تنتظرك فيكون عذابك مضاعفا فتحملي عذاب الدنيا لتنالي النعيم في الآخرة، وهكذا يسلي الناس أنفسهم بمشاعر وأفكار قد لا يجدون الحماس ليؤمنوا بها لكنهم يفضلونها كخيار مفتوح على احتمالات طيبة بخلاف الانتحار.
لماذا لا ينتحر المصريون، خاصة الغلابة منهم الذين يعيشون في المقابر، المصريون يغنون ويرقصون ويملأون المساجد والتكايا وحلقات الذكر ويزورون المراقد ويقيمون الموالد ويركضون في اتجاهات عدة بحثا عن رزق بسيط، ولكنهم لا يفكرون في الانتحار، وقد ينتحر البعض منهم لكنها صفة ليست غالبة في مجتمعهم. في كل يوم ينتحر الناس، لا يصمدون، وهناك حالات انتحار عديدة سجلت لنساء وشابات لم يقاومن لمجرد سماعهن لكلمة تقريع، أو لتعرضهن لمشكلة تافهة فتسرع الواحدة منهن لحرق جسدها، أو لوضع حبل حول عنقها فتشنق نفسها بطريقة مروعة.
لن أنتحر برغم الكآبة والعذابات، وسأبحث عن الحب والفرص الطيبة في الحياة مهما كانت شحيحة. فما عند الله خير.
اضف تعليق