q
آراء وافكار - مقالات الكتاب

متى ينفد الوقود الطائفي؟

قراءة تحليلية في راهن المشهد السياسي الاجتماعي في العراق

الثقافة السياسية (قيم، حلول، حدود، بدائل) في الراهن العراقي والتي تحكم تصرف الجماعة/المجتمع السياسي ممثلة باشخاصها (الشخوص) الذين يختصرون بكارزماتهم الحضور بالكامل مستبدلين المؤسسات بالمواقف، فقد جمعت بين الاستبداد والاستبعاد وبين التظالم والتغانم. ويمكن تلمس جذر لهذه الثقافة السياسية التي ينوء بحملها حاضر المشهد العراقي قرآنيا في سورة القصص.

 

 

المحتويات:

- متى ينفد الوقود الطائفي؟

العراق الى اين؟ قراءة تحليلية في راهن المشهد السياسي الاجتماعي في العراق.

- بانوراما التسلط والتحرر في تصوير قرآني

- آلية سوسيوسياسية عراقية جمعت بين الاستبداد والاستعباد وبين التظالم والتغانم

- الشخصية المصرية القديمة طائعة الى حد الخضوع لحاكمها، اما الشخصية العراقية (الرافدينية) القديمة فهي رافضة/متمردة على الحاكم. فهل ان مصر بحاجة الى نظام حكم والعراق ينتظر مخلّصا؟

- الوقود الطائفي من يشعل حرائقه ومن هم المطفئون؟

- مثلث مركب الوقود الطائفي: اقتصاد/امن/دين.

- من يشعل ومن يطفيء؟ الساسة وفايروس السلطة، رجال الدين: دين بلا سياسة وسياسة بلا دين، رجال الميديا: الحذق في صنع الهموم والقرب من الشارع. اما المثقفون همهم السياسي اكبر من همهم الثقافي.

متى ينفد وقود الطائفية؟

العراق الى اين؟

الوقود الطائفي (sect puel) هو اكثر انواع الوقود تواجدا في راهن سوق السياسة العراقية وبالاخص بعد 2003 لانه متوافر يمكن الحصول عليه من مصادر (وجدانية) ومن خلال (حفريات) سوسيوتاريخية بالدينار العراقي او الدولار الامريكي.

بانوراما التسلط والتحرر في تصوير قرآني:

ورد قرآنيا ان التسلط والتحرر يمكن ان يتتابعا وبالاخص في عالم السياسة وفي الجغرافيا والجيوجغرافيا لوسط شرقنا.

فهناك لغة للارض وثانية للانسان وثالثة للسياسة، مما ينعكس سلبا في بناء (الهوية) وقد يتبدى تشظيا في تصنيع ثقافة (وثقافة سياسية) بالذات.

فالثقافة السياسية (قيم، حلول، حدود، بدائل) في الراهن العراقي والتي تحكم تصرف الجماعة/ المجتمع السياسي ممثلة بأشخاصها (الشخوص) الذين يختصرون بكارزماتهم الحضور بالكامل مستبدلين المؤسسات بالمواقف، فقد جمعت بين الاستبداد والاستبعاد وبين التظالم والتغانم.

ويمكن تلمس جذر لهذه الثقافة السياسية التي ينوء بحملها حاضر المشهد العراقي قرآنيا في سورة القصص.

ففرعون الحاكم المتفرد الشمولي (الديكتاتور) الآمر الناهي ولي النعم (قد علا) في الارض الذي استخلف فيها الانسان قبل ان يعلو مفسدا يسفك الدماء فيها.

في مثل هذا النص القرآني المنزل قد تبرز قراءة فحواها، ان الديكتاتور المتفرعن وبعد ان علا (تغطرس) فرّق الناس شيعا وصل بهم الى اشدّ التنظيمات هشاشة وقبولا للتمزق وهي (الطائفة).

اذ وردت قرآنيا (يستضعف طائفة منهم) مع ورود صياغات قرآنية مثل الامة، الملّة، الجماعة، الجمع، المدينة، ثم الشعب والقبيلة.

فهل ان مثل هذه النظم الاجتماعية/السياسية غير قابلة للاستضعاف واقتصر ذلك على الطائفة؟

تساؤل في محله، كما ان (طائفة) تكرر استعمالها قرآنيا في قوله تعالى (وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) فهما مؤمنتان والمفترض ان يكون جهدهما للخارج (المتعدّي) وليس اضعافا للداخل (المتصالح).

ناهيك عن التاكيد بحرمة رفع السيف على المسلم المؤمن، وهو موقف عاقبته الخزي في الاخرى.

فالطائفة اذن هي الاكثر بين التنظيمات الاجتماعية قبولا للتمزيق واشدها قربا للاستضعاف والخضوع لتسلط الحاكم وبالخصوص المتفرعن الذي يعدل في ظلمه عدله في عدله.

ويستمر النص القرآني – في السورة ذاتها – اذ ينتصر العدل الالهي للطائفة المستضعفة (قتلا لابنائها واستحياءا لنسائها) فيمنّ عليها جاعلا منهم (ائمة ووارثين) قطعا لدابر اعادة دورة استنساخ الديكتاتور المتفرعن.

ورغم اختلاف التجارب السياسية في اقدم حضارتين في التاريخ ممثلتين بالفرعونية النيلية والعراقية الرافدينية، وبالاخص في خضوع الشخصية المصرية لحاكمها، الى حد التسليم والقدرية، ورفض وتمرد الشخصية العراقية على الحاكم، فان تصور حاكم يعلو طاغيا الى حد تمزيق ناسه طوائف يبدأ باستضعافها، ثم تاتي فترة انتظار بعدل سماوي ينصف هؤلاء المستضعفين جاعلا منهم ائمة ووارثين، ضلت حية في ذاكرتنا وان اصابها شرخ بين استبداد مستبعد وبين تظالم متغانم.

الوقود الطائفي من يشعل حرائقه ومن هم المطفئون؟

لعل السؤال المفتاح عند التعرف على من يشعل الحرائق الطائفية ومن يطفؤها هو تسمية هذا الوقود (sect fuel) التي يجمعها عنوان واسع المروحة هو (الاقتصاد) ((ecunomic)) مكوناته الفرعية هي: الصحة والتعليم والبنى التحتية، وهذا له سند من الثورة المصرية في الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني) 2011 الذي جمع في شعاره بين الخبز/الحرية/العدالة الاجتماعية.

وبذلك يكون مثلث المركّبات المغذية/الحاضنة/الحاملة للقلق (stress) الطائفي هي: الاقتصاد/الامن/الدين.

والاقتصاد يبقى ريعيا مشلولا كثير الفاقد، فاسدا مخربا للبيئة، متجاوزا على حق القادم من الاجيال اذا لم يتحول الى تنمية، ونقل هذه التنمية من المظهرية/الديكورية الى مستدامة هو التحدي الاكبر في ان نكون او نموت.

وفي الخط الفاصل بين اقتصاد ريعي وتنمية مظهرية، وبين اقتصاد منتج/معرفي وتنمية مستدامة عندها وهي الحالة القلقة التي تبدأ فيها الاخفاقات ان تكون (مركّبة) ويتحول القلق الى اختناق يبدأ الساسة بقراءة الاقتصاد امنا، والمتدينون سياسيا قراءة الدين طائفية، وبذلك تتحول السياسية والساسة الى (ديمو كالطية) مصحوبا بدعاوى واعلان دون اعلام في توجه لركب موجة (الشارع) وهو مفردة بدأت تاخذ حيّزها في الثقافة السياسية بشكل عفوي، خطورتها ان من يسمون بصفوة (ذوي القرار) ابتلعهم الشارع، فقد همّ ان يحرقهم بمسافة ببعد آمن عنه.

لذا التحليل لمركب الوقود الطائفي بمغذيه الاساس (الاقتصاد) تجعلنا نحذر من يشعل او يطفيء (put on> put out) الوقود الطائفي وهم:

1- الساسة المصابين بفايروس السلطة اوقعهم في الشخصنة فاحرقوا كل السفن المؤسسة، نزع عنهم صفة رجال الدين، يحاولون اتقان لعبة اشعال الوقود الطائفي واطفائها.

2- رجال الدين وهم من يحاول مزج الدين بالسياسة، وهو مركب اما ان يقترب منه الى الدين تركا للسياسة فيكون فوق السياسية نقيا، او تتركه السياسة فيكون زاهدا.

3- المثقفون بخطهم الرمادي الطويل – وفي الحالة العراقية – وهم يتميزون بقلق عال لانهم مهمومون بالسياسة اكثر من همّ الساسة بالثقافة دون اتقان لعبة المعارضة.

4- (رجال الميدياmedia men) ومشكلة العديد منهم مع الثورات التي حدثت في وسائل الاتصال الاجتماعي، فانهم مازالوا اقرب الى تصنيع او اعادة تصنيع الهموم دون الاحتمالات والبدائل. قوتهم انهم اقرب الى الشارع قياسا بالساسة والمتدينين والمثقفين.

اضف تعليق