يحتج المعترضون على التظاهرات التي يقوم بها مواطنون عراقيون مطالبين بإصلاحات جوهرية في بنية الدولة ومواجهة الفساد المستشري في العراق بأن الحل قد يقود الى الفوضى، وبزعمهم فإن الإنقلاب العسكري سيكون حلا قاتلا لأنه من الصعب السيطرة على الفصائل المسلحة الشيعية خاصة التي شكلت الحشد الشعبي وصارت قوة هائلة وإمتزجت بمؤسسات الدولة وهي مدربة بشكل غير تقليدي بعد سنوات من المواجهة مع الأمريكيين، ثم المواجهة مع القاعدة التي نشطت في المناطق السنية، ثم مع داعش التنظيم الأكثر شراسة الذي إستولى على بعض المدن وهدد بغداد ما إستدعى تشكيل المزيد من الألوية العسكرية بفتوى دينية من أعلى مرجعية في البلاد، وهي تضاف الى قوى عسكرية ناشطة منذ العام 2003 وحتى اليوم، وبعضها تأسس لاحقا وحقق حضورا عسكريا فاعلا ومؤثرا، ولم يعد ممكنا فرض إرادة المؤسسة الرسمية عليها مالم يتم دمجها لاحقا كفصيل عسكري نظامي ضمن القوات المسلحة العراقية في وزارتي الدفاع والداخلية.
الدخول الى الخضراء بطريقة جمعية وتغيير المعادلة السياسية بدون برنامج سياسي واضح أمر لن يكون ذات جدوى حقيقية لتغيير الواقع المتردي، أو الإستعانة بقوة خارجية، أو أن تتشكل قوة عسكرية من القوى والأحزاب السياسية الحالية المتهمة بالفساد، فليس من حزب سياسي كبير، أو قوة نفذة مالم تكن شكلت فصيلا قتاليا، وعلى الأقل منذ دخول داعش الى الموصل والأنبار، وتهديده لعديد المناطق في البلاد، ولهذا يفضل البعض إبقاء الأمور على حالها وعدم قلبها والضغط على القوى الفاعلة في الساحة السياسية لتغير من نهجها وتحاول إتخاذ جملة تدابير تقترب من هموم الناس ومعاناتهم، وتقود الى شكل من أشكال الحل للمشاكل الإقتصادية والسياسية والأمنية.
لايمكن الرضا بمثل هذه الرؤية بالنسبة للطرف الآخر الذي يعتقد أنها محاولة للإلتفاف على المطالب الشعبية، وبين الفريقين يبدو طرف ثالث يحاول إحداث مقاربة بين مايريده المتظاهرون، وبين مايدعو إليه رافضو الإحتجاجات أو المعترضين على نهج الإصلاح الحالي، وتتمثل هذه المقاربة بتحقيق الحكومة والكتل السياسية القدر الممكن من الإنجازات، وإصلاح البنية التحتية، ومحاولة إقناع الشارع بأن القوى السياسية فاعلة في التغيير والإصلاح، وإنها لاتمارس الخداع مع الناس.
المهمة صعبة في بلد مرهق ولايمتلك الكثير من أسباب النجاح في مواجهة التحديات. وقد يكون البقاء للأفسد.
اضف تعليق