يستخدم العراقيون هذا التعبير للدلالة على رغبتهم بالتخلص من شيء ما، أو لفعل ثوري حقيقي لايستثني شيئا، فالشلع يعني الكل، وهو معنى دال على الإنتزاع، والقلع بمعنى الإقتلاع من الجذور.
إستخدم زعيم التيار الصدري هذه العبارة في التظاهرة التي دعا لها في ساحة التحرير نهاية فبراير الماضي، ولعل كثر يجهلون إن مثل هذه الإستخدامات كانت في عهد والده السيد محمد الصدر الذي إغتاله صدام حسين عام 1997 في خطب الجمعة، وقلت لأحد المقربين من السيد الصدر كان يستمع لإعتراضات مثقفين عراقيين على نوع الخطاب الذي جاء به الصدر وإستعمله لمثل هذه الكلمات طالبين أن لايستخدمها لأنه لم يعد يخاطب جمعا شيعيا، أو مصلين في المسجد، أو من أتباعه وحسب بل خطابه موجه الى الشعب العراقي، وقلت إن السيد الصدر الوالد كان يستخدم هذه العبارات أيضا، وهو يفهم المجتمع، وكان يردد حديثا للحسن بن علي فحواه إننا يجب أن نخاطب المجتمع من خلال فهمنا لهذا المجتمع. أو بقدر فهمنا لهذا المجتمع ونوع التفكير لكي تصل الفكرة ويتم العمل دون عقد، أو مصاعب.
المزاج العراقي صادم للغاية، ومتقلب وهو يريد إستجابة سريعة، وليس لديه رغبة بالإنتظار طويلا إلا في حال الإكراه والتسلط كما في الحكم الإستبدادي حين لايعود من أحد يستطيع التغيير ويكون مايقرره الحاكم المستبد هو الفيصل في شؤون المجتمع الخاص منها، والعام، لكن حين تتاح الفرصة لمجتمع متقلب المزاج وإنفعالي فإنه لايفضل الإنتظار، ويريد فعلا ثوريا ولذلك كانت الإنقلابات في العراق تأتي كرد فعل متسارع على حال واهن لم يعد محتملا، وهناك نماذج من إنقلاب 1958 الذي قام به ضباط ناقمون تأثروا بحركة الضباط الأحرار بقيادة جمال عبد الناصر ومحمد نجيب في العام 1952 برغم أن النظام في العراق إصطدم بالنظام في مصر لسنوات إنتهت بسقوط النظام العراقي، وتلا ذلك العديد من الإنقلابات والحروب وأشكال من الإستبداد.
الفوضى الحالية في العراق لم تعد تسمح بالمزيد من الصبر بإنتظار تغيير ما فغالب السياسيين العراقيين راضون بماتحقق لهم من مكاسب، وقد تعودوا مرور العواصف، وكانوا ينحنون لها، لكنهم كانوا يعودون لنشاطاتهم المشبوهة تلك بمجرد إنتهاء العاصفة، وهدوء الرياح وسكونها، وعلى هذا يفكر الناس فيما يمكن للسيد مقتدى الصدر أن يفعله فقد حضر للجمعة الثانية، وباشر بخطاب حاسم وثوري، حيث إشترط تغيير كامل في الكابينة الحكومية وهو معنى مباشر للشلع قلع، كما طلب الى السفارات الأجنبية مغادرة المنطقة الخضراء، وهناك تسريبات عن نية ما لإقتحام المنطقة الخضراء في نهاية مارس الجاري، وهي علامات دالة على عدم تراجع ينتظره خصوم الصدر، والذين يراهنون على صفقة سياسية يمكن أن تغري الصدريين وتعيدهم الى نقاش مع الكتل السياسية.
السيد مقتدى الصدر لايبدو أنه سيصطف الى جانب الكتل السياسية هذه المرة لأن الأوضاع غير ماكانت عليه في أيام علاوي والجعفري والمالكي حين كانت الحكومات تتشكل، وكانت أسعار البترول عالية، وكان هناك بعض الأمل، بينما اليأس هو الغالب على المرحلة الحالية، وهناك هيجان، ولابد من تطبيق لمفاهيم الشلع قلع، وإقناع الجماهير بوجود من يلبي لها بعض الطموح.
اضف تعليق