في سوريا أصبح استخدام جميع الوسائل مباحا بين الفرقاء الإقليميين والدوليين من اجل منع سقوط او خسارة من يمثلهم في الداخل، وقد شاهدنا خلال خمس سنوات من عمر الازمة السورية سقوط الكثير من بيادق اللعب وتحول في موازين الصراع الدائر من جهة الى أخرى، بين الفينة والأخرى، لكن بالمجمل لم يستطع أحد التكهن بنهاية محددة لما ستؤول اليه مجريات الصراع ولمن ستكون الغلبة في نهاية المطاف، سيما وان الجميع مشترك في هذه اللعبة وما زالوا مصرين على خوضها حتى النهاية.
طبعا بعد ان تدخلت روسيا لمساعدة النظام السوري ومنعة من السقوط امام تقدم تنظيم داعش والمعارضة المدعومة من دول إقليمية ودولية، في سبتمبر الماضي، اختلفت الكثير من المعادلات، وتضرر الدول التي كادت ان تحتفل بسقوط الأسد ونظامه، بعد ان خسر ثلاث ارباع سوريا وبات محاصرا في معقلة في اللاذقية.
الإصرار الروسي بدا واضحا على مواصلة دعم نظام الأسد حتى النهاية، وهو ما قاله ديمتري بيسكوف المتحدث باسم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بان "روسيا متمسكة بسياستها الثابتة التي تقوم على تقديم المساعدة للقوات المسلحة السورية في عملياتها الهجومية ضد الإرهابيين وضد المجموعات الإرهابية"، واكده الرئيس الروسي نفسه عندما قال "دائما ما كنا نهدف إلى حل أي نزاع بالوسائل السياسية والدبلوماسية فقط وقد ساعدنا في حل صراعات مريرة، سيكون ذلك هدفنا في هذه الحالة أيضا".
وامام الإصرار الروسي والنجاحات الميدانية التي يحققها نظام الأسد وحلفاؤه في سوريا، ما زالت الدول المتضررة مصرة على تصعيد خياراتها العسكرية أيضا، فتركيا التي باشرت بقصف الاكراد لمنع سقوط "اعزاز" بيدهم وبالتالي قطع خطوط الامداد من والى المعارضة التي تدعمها، إضافة الى محاولاتها المتواصلة للضغط على حلفاها الاوربيين والولايات المتحدة الامريكية لتطبيق مقترح "المنطقة العازلة" وحضر للطيران في مناطق بعمق (10) كم داخل العمق السوري.
فيما أطلقت السعودية مبادرتها بإرسال قوات برية سعودية ووضعها تحت تصرف قوات "التحالف الدولي" بقيادة الولايات المتحدة الامريكية التي تعارض بالأساس ارسال أي قوات برية للتدخل بصورة مباشرة في حرب داخل سوريا التي يتنازعها النظام وجماعات مسلحة تابعة لقوى إقليمية وغربية والمتطرفين.
وبحسب الرؤية السعودية لحل الصراع الدائر في سوريا، طرح وزير خارجيتها "عادل الجبير" خيارين كلاهما لا يتضمنان بقاء "بشار الأسد" في السلطة، الأول يقوم على أساس "المسار السياسي الذي تسعى المملكة وشركاؤها إلى اعتماده عبر ما يسمى بمجموعة فيينا، وهو يتضمن تشكيل مجلس حكم يتسلم السلطة من بشار الأسد لكتابة دستور والإعداد للانتخابات، ولكن من المهم أن يغادر بشار منذ البداية وليس في نهاية هذا المسار، وهو ما سيمكن من تنفيذ هذا الانتقال بأقل التكاليف".
أما الخيار الآخر بحسب الجبير، فهو "الحرب التي ستتواصل إلى أن ينهزم بشار الأسد"، مؤكدا ان المملكة "مستعدة للخيار الآخر"، في حال فشل الحل السياسي.
اما كيفية الاستعداد للذهاب الى خيار "الحرب" وما هي المفاجآت التي يمكن للملكة القيام بها لتغيير مجريات الموازين الى صالحها، فهي بحسب "الجبير" الذهاب الى خيار "الصواريخ المضادة للطائرات" الذي طالما أصرت الولايات المتحدة الامريكية على عدم طرحه لأنه سيكون خيارا كارثيا لو وقع في الايادي الخاطئة.
الجبير أكد في حديثة لإحدى الصحف الاوربية بان السعودية مستعدة لإرسال هذه الصواريخ الى المعارضة، وقال: "نحن نعتقد أن وجود صواريخ أرض جو في سوريا سوف يغير من ميزان القوى على الأرض، وسيمكن المعارضة المعتدلة من تحييد دور طائرات الهليكوبتر والطائرات المقاتلة التي تقوم بالقصف (...)، وسيكون تأثيرها مثلما حدث سابقا في أفغانستان، حيث إنها نجحت في تغيير مجرى المعركة"، ومن الواضح ان جملة "مثلما حدث سابقا في أفغانستان" موجة الى الروس أيام الغزو السوفيتي لأفغانستان عام 1979 وكيف قدمت السعودية لتنظيم "القاعدة" التمويل والدعم في مواجهتهم.
ما سيحدث في حال تكرر سيناريو أفغانستان في سوريا سيكون شيئا مريعا للغاية، أفغانستان سقطت في نهاية المطاف بيد التنظيمات المتطرفة، وفي حال تصادمت الأطراف المتنافسة في سوريا مع بعضها البعض، قد تسلم سوريا الى التنظيمات المتطرفة لتحكمها بعد ان يخسر الجميع ويتخلى الجميع عن سوريا.
اضف تعليق