الكل كان ينتظر مصادقة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، على التزام إيران بتطبيق الاتفاق النووي الذي تم التوصل اليه الصيف الماضي مع القوى الست الكبرى، املا في عهد جديد من العلاقات الدولية بعد ابعاد شبح الحرب او التهديدات النووية المفترضة.
ومع زيارة المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية "يوكيا امانو" التي قام بها مؤخرا الى إيران، والتي اثبتت حسن النوايا، والالتزام المتبادل بين الطرفين... كان هناك قلق عميق يساور الجميع ويضعهم في حيرة من امرهم، سيما وان التحولات الإقليمية التي سيسفر عنها الاتفاق النووي مع إيران ما زالت غير واضحة المعالم في ظل الانقسامات الإقليمية والصراعات التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط.
بمعنى اخر... يرى البعض من المتابعين، ان مراقبة البرنامج النووي الإيراني وعدم خروجه عن اطاره "السلمي" في مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها، وإعادة تواصلها مع المجتمع الدولي لترميم علاقتها مع الغرب وباقي الدول العالم، يمكن ان يكون بداية ناجحة لإنهاء العزلة عن هذا البلد وإعادة دمجها بالعالم لبناء الثقة من جديد، وهو امر إيجابي يمكن ان يزول معه خطر "تهديد إيران للاستقرار بالمنطقة من خلال دعمها للإرهاب" بحسب الرواية الامريكية.
اما وجهة النظر الأخرى... فإنها ترى ان الاتفاق النووي مع إيران في مقابل رفع العقوبات الاقتصادية عنها، ما هي الا بداية لمشاكل وانقسامات وحروب بالوكالة ستجري في المنطقة، وان المملكة العربية السعودية، الخصم الخليجي التقليدي لإيران، لن تقبل بسهولة عودة إيران الى الواجهة الإقليمية على المستوى الدبلوماسي والاقتصادي بسهولة، سيما وان السعودية كانت أكبر الرابحين من الانحسار الاقتصادي والدبلوماسي الإيراني خلال السنوات (12) الماضية.
ولعل من يدعم وجه النظر الثانية يجد ان اعدام السعودية للشيخ المعارض "النمر" وحرق السفارات السعودية في طهران ومشهد، إضافة الى قطع السعودية لعلاقاتها الدبلوماسية والتجارية مع إيران... جاءت ضمن الغضب السعودي من رفع العقوبات عن إيران، والتي ساهم في صناعتها بشكل مباشر وكبير، الولايات المتحدة الامريكية، أقرب الحلفاء الغربيين واكثرهم موثوقية بالنسبة للنظام السعودي.
ان استمرار الهاجس السعودي بالهيمنة الإيرانية في المنطقة بعد رفع العقوبات الاقتصادية عنها، قد يدفعها الى تمديد الصراع الى ملفات ومناطق أكثر تعقيدا، تجري الحرب فيها بالوكالة، والانتقال بين اليمن والعراق وسوريا ولبنان وغيرها من مناطق العالم العربي والاسلامي.
ولعلها احدى الأسباب الرئيسية التي دفعت بالعديد من قادة دول العالم لعرض وساطاتهم الدبلوماسية من اجل فض الاشتباك بين البلدين، وصولا الى تهدئة تمنع المزيد من الانقسامات السياسية والفكرية والدينية والمذهبية الحاصلة في الشرق الأوسط.
وأحدث الدول التي قدمت وساطتها كانت باكستان، عندما زار رئيس وزرائها، نواز شريف، السعودية ومن ثم إيران... فيما قال المتحدث باسم الخارجية الباكستانية قاضي خليل الله ان "تصعيد التوتر الاخير بين المملكة السعودية وجمهورية إيران الاسلامية يقلق باكستان كثيرا، وان تسوية الخلاف تصب في صالح الامة الإسلامية".
ويدرك الجميع ان التهدئة بين إيران والسعودية مطلب ملح في هذه الفترة تحديدا، لاعتبارات عديدة لعل أهمها:
- حل الازمة السورية من خلال المفاوضات التي تتطلب تواجد الطرفين (السعودي والإيراني).
- التعاون في ملف الإرهاب في الشرق الأوسط.
- هبوط أسعار النفط.
- التعاون من اجل تهدئة التوتر الطائفي في منطقة الخليج والشرق الاوسط وحل القضايا العالقة، كاليمن ولبنان...الخ.
اضف تعليق