في 25 كانون الثاني/ يناير الجاري، ستعقد جلسة محادثات جديدة في جنيف لمناقشة الجهود الرامية لإحلال السلام في سوريا، برعاية الأمم المتحدة، وهي جلسة استثنائية ومهمة يعلق عليها الكثير من الآمال في حلحلة الوضع المأساوي الجامد منذ خمس سنوات في سوريا، سيما وان الأطراف الكبرى (الإقليمية والدولية) المؤثرة قد اجتمعت قبل أسابيع لوضع الخطوط العامة لهذه المحادثات القادمة بعد أيام قليلة تمهيدا لرسم "خارطة طريق" زمنية ومكانية تلتزم بها جميع الأطراف المتنازعة.
ما جد مؤخرا من "معركة دبلوماسية" بين الخصمين الإقليميين، إيران وسوريا، بعد اعدام الشيخ "النمر" وحرق المقرات الدبلوماسية السعودية في طهران ومشهد، والتي أدت الى قطع العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين البلدين (بقرار سعودي)، قد ولدت المزيد من السيناريوهات المتشائمة بانعكاس هذه الازمة على "الجهود الدبلوماسية" في سوريا، وإمكانية استخدامها كطرف للنزاع بين البلدين الخصمين، من خلال الحروب بالوكالة بعد ان وصل الخلاف فيما بينهما الى طريق مسدود.
لكن وزيري خارجية كل من إيران والسعودية اكدا بان الخلافات الدبلوماسية بين بلديهما لن تؤثر على سير محادثات السلام المتعلقة بسوريا، وهو كلام قاله ايضا مبعوث الأمم المتحدة الخاص لسوريا "دي ميستورا" بعد اجتماع في طهران مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بعد ان "أكدت له إيران أن خلافها الدبلوماسي مع السعودية لن يؤثر على محادثات السلام السورية"، إضافة الى ان دي ميستورا أشار في بيان إلى انه "حصل على ضمانات مماثلة من الرياض".
طبعا الأفعال هي من سوف تصدق او تكذب هذه الاقوال، ولا أحد ينكر أهمية ضمان توافق إيران والسعودية بشأن الازمة السورية، من اجل تحقيق تقدم ملموس في أي جهود دبلوماسية قد تطبق على ارض الواقع، لذلك تجد الجميع يراقب اخر التطورات والمؤشرات (سواء داخل سوريا ام خارجها) التي يمكن ان تؤثر سلبا او إيجابيا قبيل انعقاد المؤتمر رسميا في جنيف... علهم يتمكنون من منع أي تصعيد في المواقف بقصد فرض الشروط او الضغط او التهديد...الخ.
وبالفعل كانت هناك الكثير من التحركات والتصريحات التي سبقت انعقاد مؤتمر جنيف يمكن رصد بعضها:
- اعلان جماعة "جيش الإسلام" المدعوم من قبل السعودية بانه "من غير المقبول الحديث عن حل سياسي للحرب بينما يموت الناس من الجوع والقصف"، مؤكدا ان "أفضل طريقة لإجبار النظام على القبول بالحل والالتزام به هو السماح للدول الشقيقة بتزويد الثوار بصواريخ مضادة للطائرات"...
- تعثر المفاوضات اليمنية التي ترعاها الأمم المتحدة، والتي كان من المتوقع عقدها في 14 يناير، وسط توقعات بتأجيل الى الشهر القادم، بعد ان تبادل الطرفان الاتهامات بعدم التزام الطرف الاخر بالاتفاقات والتعهدات المتبادلة فيما بينهما.
- طلب النظام السوري قائمة بالجهات (المعارضة) التي ستشارك في مؤتمر جنيف قبل انعقاده، إضافة الى طلبه بتسمية المنظمات والجهات الإرهابية داخل سوريا... وهي طلبات ستفتح الباب لصراع اخر قد يفشل جنيف قبل انعقاده.
في حال كان الجو السائد مبني على التصعيد، وان هذه المواقف السابقة لها علاقة بالخلاف الإيراني-السعودي، فانه من المرجح ان تنتهي المحادثات بشأن سوريا بالفشل او من دون الخروج بالنتائج المرجوة ما دامت هناك توترات إقليمية لم يتم تهدئتها.
بقي ان نتوقع صحة ما قالته إيران والسعودية بشأن عزل خلافاتهما الدبلوماسية عن المفاوضات السورية، ربما بضغط من القوى الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الامريكية وروسيا... في هذه الحالة يمكن ان نرى ملامح لخارطة الطريق المزمع تطبيقها على مراحل انتقالية وقتية على ان تشمل في نهاية المطاف رحيل الأسد مع بقاء نظامه، والاهم من بقاء "التوافقات" و"المصالح" من دون مساس.
اضف تعليق