q

ينقل ابن خلدون في المقدمة، قول القاضي أبو بكر بن العربي المالكي، في كتابه "العواصم والقواصم": (أن الحسين قتل بشرع جده).

في عام 1744م عقد تحالف تاريخي بين الشيخ محمد بن عبد الوهاب، والأمير محمد بن سعود، أمير الدرعية يومئذ.

جاء في فقرة من نص الاتفاق، بلسان الأمير محمد بن سعود للشيخ محمد بن عبد الوهاب: (يا شيخ ان هذا دين الله ورسوله الذي لا شك فيه، وابشر بالنصرة لك ولما أمرت به، والجهاد لمن خالف التوحيد…).

مخالفة التوحيد المقصود به، ما جاء خلافاً لفكر ورأي الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ان كان في أصول الدين أو فروعه، وبما ان الشيخ آراءه تكفيرية، كفّرت جميع المذاهب الإسلامية، فيكون هذا التحالف مبني على قاعدة دينية، هي تكفير المجتمعات المحيطة بالجزيرة، وإعلان الجهاد والغزو ضدها، فالغزو من آل سعود، والإفتاء من آل الشيخ محمد بن عبد الوهاب، وهو تقاسم سلطوي للدين والدنيا، وما زال قائماً لليوم.

على أساس ذلك الاتفاق المشؤم، تأسست الدولة السعودية الأولى والثانية والثالثة، بوسائل التكفير والغزو والقتل.

الدولة السعودية قائم دستورها على فكر متطرف متزمت، متشدّد، منغلق على التطورات الحديثة، ولا يتمتع بروح العصر، ولا ينفتح على القضايا العصرية السياسية والثقافية والاجتماعية، وقد شهدنا في زمن الملك السابق عبدالله، أنه أصدر قرار مؤخراً، يسمح للمرأة أن تشارك في المجالس البلدية.

كان بالإمكان من الدولة السعودية، ان تسجن الشيخ النمر، أو تعفو عنه، وتوأد الفتنة في مكانها، خاصة اذا علمنا أن الشيخ النمر لم يدع إلى إسقاط النظام، أو إلى قتل الناس، بل الرجل دعا إلى الإصلاح، وممارسة الحرية المذهبية، والتساوي بين أبناء الوطن الواحد، لا على أساس الطائفة والمذهب، شأنه شأن أي سياسي سلمي يطالب بالتغيير والانفتاح على الآخر، وبالإصلاح، خاصة أن الفكر الشيعي يتنافر مع الفكر الوهابي، الذي قام على التكفير والقتل!.

الظاهر أن آل سعود، وجودهم فتنة في المنطقة، ينقل الدكتور فؤاد أبراهيم في كتابه "العقيدة والسياسة الوهابية"، عن محاضرة للشيخ محمد سعيد رمضان البوطي بعنوان "الأسافين البريطانية لتفتيت الوحدة الإسلامية" جاء فيه: أن الأسفين الثالث الذي زرعه المستعمر البريطاني، يتمثل في الوهابية، وقال عنه (وإنما غرسته بريطانية في الجزيرة العربية).

يذكر لنا الدكتور مثالاً على ازدواجية المعايير عند آل سعود والوهابية، وبحثهم عن الفتنة، فيقول ما معناه: أن علماء آل سعود ـ آل الشيخ بن عبد الوهاب ـ فسقوا وشهرّوا بالشيخ يوسف القرضاوي، وقالوا فيه "أجهل من حمار"، "خبيث"، "كلب عاوي"، وغيرها من الكلمات البذيئة، ولما حذر الشيخ القرضاوي من المد الشيعي، واتهم ايران بذلك، وحصلت سجالات بينه وبين علماء الشيعة، استغل الفتنة علماء آل سعود، وأصبح القرضاوي، عالم جليل، "المدافع عن أدلة السنة والجماعة"، "ولا يخشى في الله لومة لائم"!.

ثم يقول "د. فؤاد أبراهيم": (الوهابية انطلقت من قاعدة كل ما هو خارج أطارها كفر محض… لذلك لم تتعامل مع المفاهيم الدينية إلا بما يعزز موقفها، فكثّفت...اهتمامها على المحكوم لا على الحاكم، فجاءت أحكامها على المجتمع في صبغة رعب ديني ينذر بالجحيم والهلاك...).

بعدها ينقل عن أليكسي فاسيلييف في كتابه "تاريخ العربية السعودية" يقول: (تتضمن مؤلفات مؤسس الوهابية، أحكاماً لا لبس فيها، وهي تجسدّ مصالح الوجهاء، وموجهة ضد الفقراء فالجمهور البسيط، يجب ان يخضع لأصحاب السلطة، وأن عذاب الجحيم من نصيب كل متمرد على الأمراء).

زبدة الكلام: أن الفكر الوهابي في عقيدته، يرى أن الحاكم خليفة شرعي وإمام الزمان، ولا تجوز مخالفته، والخارج عليه يقتل ومصيره النار، والشيخ النمر خالف إمام الزمان، وعليه يجب قتله بشرع الشيخ ابن عبد الوهاب، وعلى هذا يكون الاتفاق عام 1744 بين ابن سعود، وابن عبد الوهاب قد أتى بشرطه وشروطه، السلطة الدينية لآل الشيخ، والسلطة الدنيوية ـ الحكم ـ لآل سعود، وهو ـ التحالف ـ يبعث برسالة تهديد لكل من تسوّل له نفسه بمطالبة النظام السعودي بالتغيير والاصلاح.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق