تسابق رجال دين وعلماء مسلمون على الإدلاء بتصريحات مقتضبة عن أعياد الميلاد المسيحية التي يحتفل بها المسيحيون في العالم نهاية ديسمبر وجاءت كلها مؤيدة ومباركة ومشاركة في العيد وجماليته، وأنه لابأس فيه وهو من الممارسات الإنسانية التي لاتتعارض مع الدين والشريعة الإسلامية التي تدعو الى التعايش والتسامح والمحبة.
واضح تماما إن هذه التصريحات ليست عفوية ولم تأت في أجواء العيد التي تمر كل عام كما تعودها الناس، وهي تخضع لظروف المرحلة الراهنة التي إرتبطت بظهور التنظيمات الدينية المتشددة كالقاعدة وداعش والحرب في سوريا والتهجير الذي طال المسيحيين في العراق وعمليات القتل التي تعرضوا لها في بعض البلدان الإسلامية كما هو الحال في نيجيريا التي تمارس فيها بوكو حرام الفظائع ضد المسيحيين وتمارس ضدهم الترويع والقتل.
فالعالم هذه المرة يتجه الى نوع من التوتر غير مسبوق نتيجة مايحصل من تداعيات تلك الحرب وذلك التطرف الأعمى الذي يدفع المسلمون ثمنه في الغالب، ويكونوا هم الضحية ولذلك يدرك بعض العلماء خطورة الموقف والنتائج السلبية المحتملة التي ستكون وبالا على المسلمين ويحاولون التخفيف منها، ولعل الأحداث في باريس التي زادت الإحتقان والرفض للاجئين، كانت سببا في ذلك لايخفى على مراقب، أو مهتم، وحين ظهر أن الذين قاموا بالفعل الإجرامي مسلمون من بلدان عربية كان على هؤلاء أن يستعدوا للمحنة التي يمكن أن تصيبهم في أي لحظة وتعيد المحن القديمة وأيام محاكم التفتيش ونهاية الوجود الإسلامي في الأندلس حين طرد العرب شر طردة.
المجموعات الدينية في أوربا وأمريكا تدرك حجم الخطر المحدق بالتعايش السلمي، فرئيس الوزراء الفرنسي حذر من حرب أهلية في بلاده بينما طالب المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية دونالد ترامب بمنع دخول المسلمين الى الولايات المتحدة الأمريكية وهناك حركات عنصرية وعنف منظم تهدد وتتوعد، حتى إن واحدة من الحوادث الأكثر إيلاما حصلت في جزيرة كورسيكا حين تم إقتحام مسجد للمسلمين وتم العبث بمحتوياته.
المسلمون في العالم يحتفلون هذا العام وهم في أمس الحاجة الى تأكيد صورة الإسلام المعتدل البعيد عن الكراهية التي يشيعها داعش والعنفيون والظلاميون، وهذا يتطلب جهودا مضاعفة لتحقيق منجز فكري وثقافي يؤكد للغرب الطبيعة التي عليها الإسلام وإنه دين لايختلف في معناه الروحي عن بقية الديانات التي تريد النهوض بالإنسان روحا وعقلا الى المستقبل الأفضل.
اضف تعليق