تحتمي المومسُ بصحبةِ العفيفةِ الشّريفةِ من النّساء اذا لاحقتها عيونُ المجتمع، ويسكنُ المتّهم في بيتٍ خلفَ مركزِ الشّرطة اذا لاحقهُ الأمن، امّا نظام القبيلة الفاسد الحاكم في الجزيرة العربيّة فيحتمي بالتّحالف الذي شكّلهُ مؤخراً بعد ان باتت أصابع الاتِّهام تلاحقهُ ليلَ نهار.

لا احدَ يختلفُ على انّهُ منبع الاٍرهاب في العالم وحاضنتهُ الدّافئة الاولى التي تشكلت فيه نواتها الفكريّة والعقديّة على يد الحزب الوهابي وفقهاء التّكفير منذ الإعلان عن علاقة السفّاح بين (ابْنُ سعود) و (ابْنُ عبد الوهاب) والذي استند على قاعدة (الذّبح والهدم) المعروفة.

كما لا يختلف اثنان على انّهُ مصدر دعم وتمويل الجماعات الارهابيّة في المنطقة تحديداً، بالفتوى التي تغسل أدمغة الشّباب المغرّر بهم وبأموال البترودولار والدّعم اللّوجستي والاعلام الطائفي، فهو لم يقدّم او يؤخّر في كلّ الجهود المبذولة في الحرب على الاٍرهاب، لا بشكلٍ منفرد ولا مع بقيّة دول المجتمع الدولي والمنطقة، فلماذا إذن بادر الى تشكيل التّحالف الجديد؟ هل قرّر بالفعل المشاركة وبفاعليّة في الحرب على الاٍرهاب؟ ام ماذا؟.

للإجابةِ على السّؤال ومن أَجل ان نعرف حجم هذا التّحالف ينبغي الانتباه الى الحقائق التالية؛

أولاً؛ لقد ثبُت بالدّليل القاطع انّ اي تحالف من هذا النّوع هو دعاية ليس اكثر، الغرض مِنْهُ حشد الأسماء فقط خلف راعي المبادرة، الذي ستُنفَّذ به المهمّة دون الآخرين من الأعضاء المنضوين في الحلف.

حدث هذا عندما قرّرت الولايات المتحدة طرد نظام الطّاغية الذليل صدام حسين من الكويت عام ١٩٩١ وعندما قرّرت اسقاطه عام ٢٠٠٣ وعندما أعلنت العام الماضي حربها على الاٍرهاب، وكذلك عندما قرّر نظام القبيلة اجتياح البحرين قبل ٣ أعوام وعندما قرّر قبل عدة أشهر العدوان على اليمن.

في كلّ هذه التّحالفات لم يشترك في تنفيذ المهمّة الا راعي المبادرة، امّا الآخرون فليسوا اكثر من اسماءٍ تُشرعن مهمّة الرّاعي الذي يوظّفها لتضليل الرّاي العام وبالتالي لإلهائهِ او إسكاتهِ من اجل ان لا يعترض، وأحياناً له مآرب أخرى ليس هنا محل الحديث عنها.

وأكثرهُم نُظُم قابِضة، كما هو الحال الان في التّحالف الجديد الذي أعلنتهُ الرّياض، فيما تبيّن بعد اقل من (٢٤) ساعة ان اهم (٣) دول وردت أسماءها في التّحالف لم تكن على علمٍ بالموضوع من الأساس! ما اسقط شرعيّته حتّى قبل ان يرى النّور!.

ثانياً؛ فما الذي تريد تنفيذهُ الرياض بهذا الحلف، إذن؟.

لا تريدُ الرياض ان تنفّذ شيئاً ابداً، فبعد ورطتها العويصة في اليمن لن تفكّر في الدّخول بأيِّ مستنقعٍ آخر، فلقد قيلَ سابقاً [إِنّ مَن تعضّهُ الحيّة يخافُ منَ الحبلِ] وانّما تريدهُ عنواناً للهرب الى الامام بعد ان بدأت أصابع الاتهام تشيرُ اليها بشكلٍ مُلفت كمنبعٍ للارهاب في العالم، اي انّها ارادت به ان تذرّ الرّماد في العيون، فتهرب به الى الامام، ولو كانت تريدُ فعل شَيْءٍ ما لصالح الحرب على الاٍرهاب لفعلت ذلك من خلال عضويّتها في التّحالف الدولي الذي شكلتهُ العام الماضي وتقودهُ واشنطن والذي انضمّت اليه اكثر من (٦٠) دولة!.

ثالثاً؛ لقد بات نظام القبيلة اليوم المتّهم الاول الذي يُشار اليه بالبنان كمصدرٍ ومنبعٍ وراعٍ للارهاب، خاصةً بعد هجمات باريس وكاليفورنيا، فلقد بدأت مصادر رسميّة واعلامية عديدة في العالم، وخاصة في أوربا واميركا، تسميتهُ كأَول راعي للإرهاب، هو والحزب الوهابي، كما بدأت أطراف دوليّة مهمّة تثير الشّكوك في كونهِ ارتكب جرائم حرب في اليمن وغيرها، فلقد اشار الى ذلك وزير خارجية بريطانيا ومنظمات دولية مثل (هيومن رايتس ووش) و (منظمة العفو الدولية) وكذلك اجهزة استخباراتية مهمة في ألمانيا وغيرها من الدول الأوربية، الى جانب العشرات من وسائل الاعلام العالمية منها (سي أن أن) و(فوكس نيوز) وعدد مهم من الصحف الأميركية، بالاضافة الى عدد كبير من المحلّلين السياسيّين ومقدّمي البرامج السياسيّة المشهورة في عدد من القنوات الفضائية العالمية، الأميركية تحديداً.

كلّ هذا يفرض واقعاً سياسياً واعلامياً ودبلوماسياً جديداً غير مسبوقاً بالمرّة بالنسبة الى نظام القبيلة الفاسد الذي نجح الى وقتٍ قريب في شراء دول وانظمة وسياسيّين وقادة وكتّاب وإعلاميين ومحلّلين في الاتّجاهات الأربعة من العالم لإسكات صوتها والحيلولة دون الإشارة اليه في موضوع الاٍرهاب لا من قريبٍ ولا من بعيد، حتى وصل الحال الى ان تُخفي الادارة الأميركية شهادات ضحايا هجوم نيويورك في (١١ سبتمبر عام ٢٠٠١) والتي سَمّوا فيها نظام القبيلة كمتّهم حقيقي يقف خلف تلك الهجمات وطالبوا بمقاضاته، تخفيها من التّقرير السرّي الذي تعاونت على اعدادهِ وإنجازهِ عدّة اجهزة استخباراتيّة وقضائية.

التّحالف الجديد، إذن، هو للدّفاع عن النّفس ولأبعاد التّهمة بسبب هذه الهجمة السياسية والدبلوماسية والإعلامية التي بدأت تسمي نظام القبيلة بالاسم كمصدر وراعي لكلّ الاٍرهاب في المنطقة والعالم بشكلٍ عام، وبالتالي تحميله المسؤوليّة كاملةً.

رابعاً؛ لقد مُنِي نظام القبيلة بهزائم فظيعة في كلّ منطقة ساخنة تدخّل فيها سواء بشكلٍ مباشر او غير مباشر، وعلى رأسها اليوم سوريا واليمن، فهل نتصور انّهُ سيدع الامور تجري كما هو الواقع، ليبدو المهزوم والمخذول في كلّ هذه المعارك؟! بالتأكيد لا وألف لا، فنظام القبيلة ذات العقليّة البدوية المتخلفة لا تسمح له أنفتهُ المزعومة ان يخرج من كلّ هذه الأزمات معترفاً او مستسلماً للهزيمةِ ابداً، على الأقل على مستوى الاعلام والحرب النّفسيّة، كما كان يفعلُ من قبله نظام الطّاغية الذليل صدام حسين الذي [إنسحبَ تكتيكيّاً من الكويت] على حدِّ زعمه وقتها، ولذلك بادر نظام القبيلة الى تشكيل هذا التّحالف ليزجّ اسمهُ في قائمة اللاعبين الكبار كالولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوربي وروسيا والجمهورية الاسلامية في ايران تحديداً.

لقد بدأ نظام القبيلة يجرّ اذيال الهزيمة والخذلان في سوريا واليمن، فبعد ان راهن على تحقيق الانتصار في هذين الملفّين ليضع كل ما لديهِ من ماءِ وجهٍ، كما يقولون، اذا به يضطرّ للعمل على إقناع الجماعات الارهابيّة وقطّاع الطّرق الذين يُقاتلون بالنّيابة عَنْهُ في سوريا منذ قرابة (٥) سنوات، يقنعهم في مؤتمر الرّياض بضرورة التّعايش مع نظام الأسد! فيما اضطرّ فعل الشيء نَفْسه في اليمن ليبدأ حلفاءهُ هناك المفاوضات مع الأطراف المُدرجة عِنْدَهُ كجماعاتٍ ارهابيَّةٍ!.

التحالف الجديد، إذن، ليس اكثر من قفزة في الهواء وهو صرخة مجروح في وادٍ سحيق لن تغنيهِ او تسمنُه من جوعٍ ابداً، فلقد بدأ العدّ العكسي لدور نظام القبيلة في المنطقة والعالم، اذ لم يعُد له الوزن المعهود والمكانة المعروفة من قبل، وستكشف الأيام القليلة القادمة الكثير من الحقائق بهذا الصّدد، فسيشهد العالم بروز قوى دوليّة واقليميّة جديدة تُزيح القوى التقليديّة في المنطقة، وتُصَفِّرها.

خامساً؛ وهي النّقطة المهمة جداً التي يجب ان ننتبهَ لها؛

انّ نظام القبيلة المهزوم يسعى من خلال هذا التّحالف الى تسويقِ نَفْسه كلاعبٍ قويٍّ لازال يحقّق التميز، انّها الحرب النّفسيّة التي يبرع بها عادةً من يمتلك السّلطة والمال والاعلام، فما بالكَ بمَن يمتلك (الدّين) ويتحكّم بالمسجِدَين؟! ولذلك نلاحظ انّ ابواقهُ تسعى لتسويق التّحالف وكأنه سيدّمر من يواجههُ وانّهُ يستعد لاجتياح (العراق) وسوريا وحتى الولايات المتحدة وروسيا وربما معها أوربا! اذا اقتضى الامر!.

الحذر الحذر من ابتلاعِ الطّعم، فبعد هزيمة نظام القبيلة لا ينبغي لنا ابداً ان نكونَ اداةً لإعادة تأهيلهِ من خلال مشاركتنا في تضخيم خطواتهِ وتداولِ أكاذيبه وتصديقِ إعلامهِ.

دعونا نُساهم في فضحهِ لإطلاق رصاصة الرَّحمةِ للإجهاز عليه بدلاً من ان نساعدهُ، جهلاً او غفلةً، في اعادتهِ لانفاسهِ! فالتّحالف الجديد ليس اكثر من (طَرَقَة) صوتيّة لَنْ تصيبَ أحداً ابداً.

انّهُ دليلُ الهزيمة وليس دليلُ الاقتدار، وليس احدٌ في هذا العالم سيصدّق ان نظام القبيلة الفاسد يُقاتل ضدّ الاٍرهاب، الا اذا صدّق حديث المومس عن الشّرف والشّيطان عن التّقوى وابن آوى عن التَّوبةِ!.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق