q

لايمكن أن تمر حادثة اسقاط الطائرة الروسية المقاتلة فوق الاراضي السورية من قبل F16 التركية بلا وقفة تأملية وطرحها من باب القيادة حسب المزاج العراقي الساخن. ردود أفعال الشارع الروسي والرسمي دعت الى رد قوي وكتبت مقالات تتحدث عن احتمالات متعددة منها مواجهة مباشرة بين الدولتين روسيا الاتحادية وتركيا والجميع يدرك خطورة الموقف نظرا لما تتمتع به هاتين الدولتين من موقعين مهمين على صعيد القوة العسكرية وحلفاءهما.

وبغض النظر عمن هو المصيب او المخطئ فيما حصل الا أننا نرى موقفا ينطلق من مصلحة كلا الدولتين القومية. فكلاهما يرى الأمر متعلقا بالسيادة وكرامة أممهم. وهذا مما أثار الكثير من علامات الاستفهام والمقارنة مع قيادات العراق.

نأخذ ملف تهريب النفط العراقي وبيعه من خلال تركيا الى تجار سوق النفط العالمي، وملف الانتهاكات التركية المستمرة للسيادة الوطنية الى ملف ثالث الدعم التركي المستمر للجماعات الارهابية او المطلوبين الى القضاء العراقي هذا ان كانت ملفات الاتهام لهؤلاء المسؤولين حقيقية تستند على وقائع. والسؤال منذ متى وتركيا ضالعة بهكذا ملفات؟.

مقالي هذا ليس الوحيد ممن يتناول مأساة العراق مع من يحكمون وتناقضات السياسة الاقليمية تجاه العراق. بل هنا أقدم رؤيتي الشخصية لمنزلقات خطيرة طالما تحدثنا عنها وأهمها القيادة الوطنية التي يحتاجها العراق فكل من يتعامل مع الكيانات السياسية الحاكمة هو في قرارة نفسه لايحترمها ويستخف بها للاعتبارات التالية:

اولا/ انها منقسمة فيما بينها بين موال لجمهورية ايران الاسلامية من العراقيين العرب الشيعة وهؤلاء يغضون الطرف عن كثير من المعلومات التي تحدثت سابقا عن اختراق ايراني للقرار العراقي فيما يخص ملفات كثيرة تتعلق بالأمن الوطني، الزراعة، المياه، تشكيلة الحكومة ومن يكون رئيسها بعد الاستحقاق الانتخابي. القسم الاخر موال للمملكة العربية السعودية، تركيا، قطر من العراقيين العرب السنة وهؤلاء يغضون الطرف عن دعم الدول المذكورة للجماعات الارهابية في العراق، بل أن بعض القيادات هو ضالع بالعنف الطائفي، بالاضافة الى الدور التركي السيء وفق الملفات التي أشرت اليها أعلاه. فكل دولة من تلك الدول ايران والسعودية، تركيا، قطر ضامنة أن العراق لايتحرك ضد وجودها او دورها المؤثر على وحدة الشعب والامن الوطني.

ثانيا/ الدول الكبرى تنظر في ميزان القوى والأرضية الخصبة لتمرير مخططاتها او تنفيذ ستراتيجاتها الى المعادلة الأضعف في المنطقة المستهدفة، والعراق هو الأضعف نتيجة للاعتبار الأول. فهناك حركة سهلة جدا لتمرير ماتريد ولنأخذ بعض الأمثلة على ذلك، اليوم وحينما وجدت تركيا أنها في موقف لاتحسد عليه بعد حادثة اسقاط الطائرة الروسية المفتعلة وفشل المنطقة الامنة للرئيس التركي أردوغان في سوريا جاءت خطوة ادخال قوات تركية الى المناطق الحدودية لمدينة الموصل المحتلة وبطلب من المليشيات السنية وهذا امر جدا خطير ولا أعتقد أن حجة الحكومة العراقية تكون مقبولة لدى الدول الكبرى باعتبار انكم ياعراقيين جئتم بالإيرانيين لمقاتلة داعش فلماذا ترفضون مشاركة تركيا وبطلب عراقي آخر فانتم لستم وحدكم معنيين بالشأن العراقي ولديكم شركاء مهمين هم السنة.

النقطة المهمة في تصوري أن نتائج زيارة رئيس اقليم كردستان مسعود البرزاني الى السعودية بدأت معالمها تتضح من خلال التحرك التركي بالقرب من مدينة الموصل. لا أحد يحق له أن يتحدث عن السيادة العراقية وهناك اتفاقية امنية قديمة موقعة بين العراق وتركيا زمن صدام حسين والقيادات العراقية لم تتحرك اقليميا او دوليا للوقوف ضد التدخلات التركية المستمرة بل هي في علاقات حميمة مع الترك وهذه هي واحدة من جرائم من يحكمون الوطن. القرار في المنطقة الخضراء مرهون بالتوافقات الطائفية، الحزبية، الاقليمية، الدولية. فعن أية سيادة يتحدث عبيد السلطة والدول المجاورة لهم؟.

ثالثا/ هناك فراغ للقيادة الوطنية في العراق وهذه النقطة جدا مهمة أطرحها على القراء عسى أن يصيبها أصحاب الضمائر ليتوقفوا عند السؤال عن مفهوم القيادة الوطنية وكيف السبيل الى تهيئة العوامل النفسية والاخلاقية لولادتها، نحن نفتقر الى عوامل نفسية واخلاقية تزيل كل الحواجز بين المستقلين وممن لم يتورطوا في انتهاك حرمة دماء العراقيين وهدر المال العام. هذه من أهم عوامل بروز القيادة.

السيناريو الجديد في العراق ومنطقة الشرق الاوسط يفرض بزوغ رؤية وطنية بين المستقلين العراقيين هذا امر حتمي لم يعد هناك مجال للسكوت عنه وقد آن الاوان لعقد مؤتمر وطني تطرح فيه جميع التصورات المهمة لرؤية وطنية تخص العراقيين جميعا تضع امامها التحديات وكيف نواجهها؟. لا أعول على من ارتهنوا بمصالح طائفية او حزبية بل أعول على المستقلين وممن تتوافق رؤاهم نحو عراق جديد، خال من العنف والتمييز الطائفي والقومي يؤمنون بالدولة المدنية ويفصلون بين الدين والسياسة في ادارة الدولة العراقية. لانريد مواقف ارتجالية من هنا وهناك او تبني لأفكار لاتوضع لها آليات وأسس متينة في الحوار والعمل المشترك. لدي تفاؤل أن المرحلة القادمة ربما ستشهد بروز القيادات الوطنية بعد مخاض جديد ومعاناة جديدة سيشهدها العراق قريبا.

...........................
* الآراء الواردة لا تعبر بالضرورة عن رأي شبكة النبأ المعلوماتية

اضف تعليق