بعد هجمات باريس، التي وقعت على رأس فرنسا كالصاعقة، الأسبوع الماضي، وراح ضحيتها العشرات من المواطنين فيها، كان هناك تغيرا، (وان كان بسيطا)، في ثلاث أمور مهمة:
- تغير الموقف الغربي (اوربا تحديدا) والقناعات السابقة نحو تحديد الهدف الأول الواجب مكافحته في سوريا، بعد ان كان الخيار متأرجحا بين نظام الأسد وتنظيم داعش.
- التقارب بين الأطراف الدولية التي تحاول وضع الازمة السورية في مسارها الصحيح، بعد ان كان الخلاف سيد الموقف، خصوصا عندما يدور الحديث عن الفقرة الأولى (الأسد).
- الاعتراف بالخطر الوهابي والعقيدة السلفية التي تدعم الأفكار المتطرفة، واعتباره كشريك أساسي وداعم للتنظيمات المتطرفة وفي مقدمتها تنظيم داعش.
وفي جميع الأحوال، كان الرأي الغالب على دول مثل فرنسا، هو الاعتراف ضمنا بخطأ سياستها العامة وطريقة تعاملها مع الازمة السورية منذ البداية، والتي ربما جاءت بتأثير من حلفائها في الخليج (السعودية وقطر والامارات) والشرق الأوسط (تركيا)، ممن كانوا يرغبون بشده في تغيير النظام باي ثمن واي طريقة ممكن بما فيها دعمهم الحثيث للجماعات المتطرفة التي غيرت جميع المعادلات لصالحها، مثلما أكد نائب الرئيس الأمريكي "جو بايدن" في كلمة سابق القاها قبل عدة أشهر.
هذه القناعات التي بدأت بالتغير التدريجي يمكن ان تنعكس لاحقا بصورة إيجابية على مستقبل الحوار لإنهاء الحرب القائمة في سوريا، ومهما كان القرار الدولي لتلك الأطراف المحورية في الصراع بشأن مستقبل بشار الأسد ونظامه، فانه سيكون امرا إيجابيا ما دام التغيير لن يشمل صعود أطراف متشددة الى السلطة في سوريا، او قيام نظام استبدادي على وزن الأنظمة الوهابية في الخليج.
التقارب الدولي بعد هجمات باريس أصبح أحد الضرورات الملحة لمكافحة خطر الإرهاب والتطرف في الميدان (داعش) وفي الفكر (الوهابية)، وقد يسهم مشروع القرار الروسي الذي سيقدم قريبا لمجلس الامن الدولي، بنسخته المعدلة، في إنعاش (التحالف الدولي) بصورة أكثر واقعية وقوة، والتوجه نحو هدف واحد ومشترك، بدلا من القتال على أكثر من صعيد من تدون تحقيق أي نجاح يذكر.
في حال تم الاتفاق على إطار مشترك للعمل الدولي فان النتائج ستكون واضحة وسريعة، سيما إذا تم التركيز على مكافحة التنظيمات والحركات المتطرفة في داخل سوريا وخارجها على حد سواء، إضافة الى محاصرة نشر أفكار التطرف والتشدد وكل من يدعم او يمول او يساهم في الترويج لهذه البضاعة الفاسدة، خصوصا بين الدول الصديقة والحليفة لاوربا.
ينبغي وضع خطوط واضحة وصريحة للتعامل مع هكذا أشياء بغض النظر عن أهمية الدولة التي تدعم التطرف ومكانتها الدولية، فالإرهاب ودعم التطرف سيحرق العالم باسره ولن يبقى أي دولة بمأمن عن خطر التعرض لهجمات مشابه لهجمات باريس ان لم تكن اسوء منها، بل لن تكون باريس نفسها بمعزل عن التعرض لهجمات أخرى اشد فضاعه، وهو ما حذر منه رئيس الوزراء الفرنسي، مانويل فالس، بأن فرنسا "قد تتعرض لهجوم كيماوي أو بيولوجي من قبل جماعات إرهابية".
اضف تعليق