يحتفل العالم كل عام بعدد من المناسبات التي اقرتها منظمة الامم المتحدة وحددت لها اياما عالمية، للتذكير بمضامين ودلالات تلك الايام مثل يوم المرأة، ويوم الطفل، ويوم الصحة، ويوم مناهضة التعذيب، ويوم مناهضة العبودية، وغيرها الكثير من الايام.
وهناك الكثير من الايام التي جعلتها المنظمة ضمن خطتها للتنمية البشرية لسكان المعمورة وحددت لها سقوفا زمنية لتحقيقها.
من تلك الايام التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة وبموافقة (193 دولة) هو إعلان يوم 19تشرين الثاني من كل سنة "اليوم العالمي للمراحيض".
تلعب (المراحيض) دورا كبيرا في عكس المستوي المعيشي والثقافي للشعوب وتبعا لذلك تختلف مسميات التواليت من واقع تأثيراتها علي الموطنين ففي السودان يطلق على التواليت Cabinet de Toilette وهي كلمة فرنسية بالإضافة الى الكلمة الانجليزية Water circulation-WC يتداولها الجميع بينما عدد كبير يستخدم كلمة (الحَمّام) وأخرون يستعملون كلمة (بيت الراحة) أو (مستراح) والكلمة التركية (بيت الاداب خانة) بالإضافة الي (الطلوع بالإبريق) و(الخروج للخلاء) تتعدد الاسماء والغرض واحد وهو التخلص من الفضلات البشرية من بول وغائط ونفايات اخرى.
ولعل دورات المياه قد سبقت مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك والواتس آب وتويتر وغيرها من اشكال الاتصال و الحوار الإنساني وتبادل الأفكار عبر الكتابة على جدرانها التي لا تعرف رقابة قبلية أو بعدية وخاصة في مراحيض المدارس والمعاهد والجامعات والمراحيض العامة وهي متفوقة على الدردشة الالكترونية والصحافة من ناحية عدد محرريها وقراءها فجدران المراحيض صفحات لا تنتهي من البوح والتعبير وانتقاد الواقع السياسي واصحاب القرار في المجتمعات القمعية.
وتأتي اهمية هذا اليوم من الحقيقة المحزنة التي هي أن مليار شخص لا يزالوا يتغوطون في العراء في حين لا يزال هناك 2.5 مليار شخصا محروما من مرافق الصرف الصحي الملائمة.
أفاد نيو مارك - نائب مندوب سنغافورة الدائم لدى الأمم المتحدة في احدى القمم لهذا اليوم أن "الصرف الصحي لا يقتصر فقط على دورات المياه والبنية التحتية، فسوف تستغرق التغييرات الاجتماعية والسلوكية الضرورية وقتا طويلا".
في العام 2002، اختيرت أفريقيا لاستضافة الاحتفال على مستوى العالم، تحت شعار "الارتقاء بالنظام الصحي الأفريقي - والكرامة للجميع".
في العام الماضي وفي رسالته التي وجهها الى العالم بمناسبة هذا اليوم، قال الامين العام للأمم المتحدة (يقع على عاتقنا واجب اخلاقي) وركز موضوع ذلك العام على (المساواة والكرامة والصلة بين العنف الجنساني والصرف الصحي). فيما قال رئيس برامج المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية العالمية في اليونيسيف (ان التحدي المتمثل في التغوط في العراء هو تحدي يمس العدالة والكرامة).
أشار التقرير الصادر بمناسبة "اليوم العالمي لدورات المياه"، إلى أنّ 2.5 مليار إنسان لا يمكنهم الحصول على مرافق الصرف الصحّي اللازمة، بما فيها دورات المياه والمراحيض، ما يسبّب عواقب وخيمة على صحّة الإنسان وكرامته وأمنه، كما يهدّد البيئة والتنمية الاقتصادية والإجتماعية".
قد تبدأ مكافحة عدم المساواة من "مكان لا يخطر على بالنا البتة ألا هو المراحيض"، بحسب ما تقول كاتارينا دوألبوكيرك المقررة الخاصة للأمم المتحدة المكلفة بشؤون مياه الشرب والنفاذ إلى المراحيض، بمناسبة "اليوم العالمي للمراحيض".
واضافت قائلة: "إنّ العديد من البلدان، وبعض المعايير الإجتماعية والثقافية، تمنع الفتيات والنساء من استخدام نفس المرحاض الذي يستخدمه الذكور داخل العائلة الواحدة".
ويعتبر حق الاستفادة من المراحيض من الحقوق الإنسانية الأساسية التي يحرم منها الفقراء المهمشون في مجتمعاتهم، على حد قول كاتارينا دو ألبوكيرك.
هذا اليوم يذكرنا بان عدم امكانية حصول 2.5 مليار إنسان على مرافق الصرف الصحي اللازمة — بما فيها دورات المياه والمراحيض ، يتسبب في عواقب وخيمة على صحة الإنسان وكرامته وأمنه ويهدد البيئة والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
اليوم العالمي للتسامح يصادف يوم 16 تشرين الثاني من كل عام، وتوجز وثيقة نتائج مؤتمر القمة العالمي لعام 2005 ، التزام الدول الأعضاء والحكومات بالعمل على النهوض برفاه الإنسان وحريته وتقدمه في كل مكان ، وتشجيع التسامح والاحترام والحوار والتعاون فيما بين مختلف الثقافات والحضارات والشعوب.
في ديباجة اعلان المباديء بشأن التسامح الذي اعتمده المؤتمر العام لليونسكو في دورته الثامنة والعشرين، باريس، 16 تشرين الثاني/نوفمبر 1995 ترد عبارة (نؤكد من جديد إيماننا بالحقوق الأساسية للإنسان وبكرامة الفرد وقدره).
رئيسة منظمة اليونسكو يثير جزعها (تزايد مظاهر عدم التسامح، وأعمال العنف، والإرهاب، وكراهية الأجانب، والنزاعات القومية العدوانية، والعنصرية، ومعادة السامية، والاستبعاد والتهميش والتمييز ضد الأقليات الوطنية والاثنية والدينية واللغوية واللاجئين والعمال المهاجرين والمهاجرين والفئات الضعيفة في المجتمعات، وتزايد أعمال العنف والترهيب التي ترتكب ضد أشخاص يمارسون حقهم في حرية الرأي والتعبير، وهي أعمال تهدد كلها عمليات توطيد دعائم السلام والديمقراطية علي الصعيدين الوطني والدولي وتشكل كلها عقبات في طريق التنمية).
سبق اليوم العالمي للتسامح عدد من العمليات الارهابية في عدة بلدان مثل مصر ولبنان وفرنسا تبنتها جميعا داعش، دراكولا العالم الجديد خارج شاشات السينما، بعد ان اعتمد على عدد من المرجعيات الدينية والفكرية التي لاتقيم وزنا لحياة الانسان وكرامته، وضدا من الشعار الاسلامي الذي يرفعونه.
وهي "اي داعش"، لاتتحرك وسط فراغ داخل مجتمعاتنا بل لها حاضنة اجتماعية وثقافية نعرفها وفتحنا اعيننا عليها، وكذلك حاضنة اقتصادية كما كشف عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تتمثل بأموال تاتيهم من اربعين دولة، اضافة الى ما يتحصلون عليه من موارد مالية متمثلة ببيع النفط والاثار المهربة وسلع اخرى.
لو تأملنا قليلا في العلاقة بين يوم التسامح العالمي ويوم المراحيض، نجد ان وظيفة المرحاض هي تخليص الجسد من السموم والقاذورات التي تسبب له الكثير من الامراض، وان التسامح هو التخلص من السموم النفسية والاحقاد والكراهية تجاه الاخر المختلف عنها، والتي يقود بقاؤها الى مانشاهده من اهوال في عالمنا المعاصر.
علينا في مثل هذه الايام ان نفكر جديا في خلاصنا من الكثير من القاذورات البشرية التي تبث سمومها وتلوث الاجواء وحياة الناس بما تنشره ويؤدي الى هذا القتل والفتك بحياة الانسان وسحق كرامته.
ولعل على رأس تلك القاذورات انظمة حكم في عدد من الدول دينية، او قريبة من ذلك، تمارس ادوارا متعددة في التحريض على هدر كرامة الانسان وسلبه لحياته، نتيجة قراءة بعين عوراء لنصوص تعتبرها هي القراءة الاوحد والاصدق والادق، لكنها قراءة تنطلق من حيز كبير للكراهية والحقد والاقصاء والتمييز والتهميش للآخرين.
اضف تعليق