هل يمكن ان يكون صيفنا الحالي هو الصيف الأخير بالنسبة للانقطاع المنتظم للتيار الكهربائي، ام سيمر كغيره من المواسم الحارة ونلتقي بصيف آخر أكثر حرارة بحسب المختصين؟ كلامنا السابق يستند الى حزمة الإجراءات التي اتبعتها الحكومة فيما يتعلق بملف الكهرباء...
هل يمكن ان يكون صيفنا الحالي هو الصيف الأخير بالنسبة للانقطاع المنتظم للتيار الكهربائي، ام سيمر كغيره من المواسم الحارة ونلتقي بصيف آخر أكثر حرارة بحسب المختصين؟ كلامنا السابق يستند الى حزمة الإجراءات التي اتبعتها الحكومة فيما يتعلق بملف الكهرباء.
وكان العراق قد وقع يوم الأربعاء الماضي التاسع من نيسان الجاري مذكرة تفاهم مع الولايات المتحدة بشأن مشروعات تشمل محطات كهرباء بقدرة 24 ألف ميغاوات، وذلك خلال زيارة وفد تجاري أميركي يمثل أكثر من 60 شركة إلى بغداد.
واكد ذلك المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في بيان له قال فيه "إن وزارة الكهرباء العراقية وشركة "جي إي فيرنوفا" وقعتا مذكرة تفاهم تشمل مشاريع لمحطات إنتاج الطاقة الغازية المركبة بحدود 24 ألف ميغاوات"، مشيرا إلى "إمكانية تأمين توفير التمويل الخارجي من البنوك العالمية".
وفي السياق ذاته حرك السوداني ليرعى مراسم توقيع "مذكرة ثانية تضمنت مبادئ التعاون بين وزارة الكهرباء ومجموعة "يو جي تي رينيوابلز" الأميركية لإنشاء مشروع متكامل للطاقة الشمسية بسعة 3 آلاف ميغاوات، بالإضافة إلى إنشاء ما يصل إلى ألف كيلومتر من البنية التحتية الجديدة لنقل التيار المباشر العالي الجهد.
الذهاب الى الولايات المتحدة هي الوجهة التي رغِب عنها جميع رؤساء الحكومات العراقية خوفا من الارتدادات او ردود الأفعال التي تصدر من الجارة، التي تخشى على مصير تصدير الغاز مقابل الحصول على العملة الصعبة، على الرغم من حاجة العراق لهذا الغاز، لكن يمكن ان تمتنع عن التجهيز نكاية بالولايات المتحدة.
لا نعرف ماذا يحصل في الكواليس السياسية، لكن ربما هذه الخطوة هي جزء من التحضيرات او التهيئة المسبقة للمحادثات الإيرانية الامريكية غير المباشرة في عُمان، فيمكن للولايات المتحدة ان تسمح للعراق ان يستورد الغاز الإيراني، خلال الأشهر القادمة، بما يخلق نوع من الاريحية لنظام طهران الذي يعاني من ضغوط خارجية وداخلية بسبب الازمة الاقتصادية واستمرار انهيار قيمة التومان.
يُقال في العامية، "فلان جابها من الأخير"، فالسوداني تأكد ان لا يمكن وضع حل لازمة الكهرباء في البلاد بعيدا عن حكومة البيت الأبيض، وخير الأدلة هو محاولة رئيس الوزراء الأسبق عادل عبد المهدي الذهاب صوب وجهة أخرى تمثلت بالصين وألمانيا، لكنه فشل في مسعاه ولا حاجة لذكر العواقب.
وربما موسم الصيف الحالي يختلف عن الفصول السابقة، ذلك لتزامنه مع خروج الآلاف من الملاكات التربوية في بعض المحافظات العراقية للمطالبة بحقوقها المشروعة، اذ يمكن ان يشكل ذلك ضغطا إضافيا على حكومة السوداني ويمكن ان يسهم في تأجيج الرأي العام.
الصيف الحالي قد يكون القشة التي قصمت ظهر البعير، الجماهير الشعبية محتقنة، ونحن لا يزال يفصلنا عن وقت ذروة الصيف شهران كاملان، بينما هنالك تراجع ملحوظ في ساعات التجهيز، دون أي تبريرات مقنعة من قبل وزارة الكهرباء، ففي الأشهر السابقة كان العارض هو امتناع الجانب الإيراني من التزويد نظرا للحاجة المحلية تارة، ولعدم تسديد العراق التزاماته المالية تارة أخرى.
ملف الكهرباء لا يشبه ملف الملاكات التربوية الذي ظهر الى الساحة في الأيام القليلة الماضية، فهو ملف مفتوح ومطروح امام المسؤولين على مدار اكثر من عقدين من الزمن، دون التوصل الى حل جذري لهذه المشكلة المزمنة.
ملف الكهرباء في بلد مثل العراق يمتاز مناخه بالحرارة الشديدة، يشكل حد كبير ومستمر، بينما كان امام الحكومات السابقة سنوات تمكنها من العمل مع المحيط الدولي لإنهاء الازمة في وقت قياسي، لكنها أخفقت ايما إخفاقا في هذا المجال.
تضاعف الازمة يأتي من مضاعفة الاستهلاك بشكل سنوي، نتيجة التوسع في الاحياء السكنية وبناء المعامل والمصانع، دون عملية تخطيط وتقليل الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك، ومما يزيد الطين بلة ان الاستهلاك في زيادة مطردة، وهناك نقص واضح في الكمية المنتجة.
العراق ربما من أكثر البلدان اقتداء بغيره من دول المنطقة التي نجحت في تجاوز الازمات، فهو الى الآن غير ناجح في إيجاد حلول حاسمة لأزمة مستمرة، كتحديث البنية التحتية، وعدم إنشاء محطات جديدة لتوليد الطاقة منذ أكثر من 10 سنوات، وهو الأمر الذي زاد الضغط على المحطات القديمة، التي انتهى العمر التشغيلي لبعضها؛ لذا فإننا نذكر الحكومة بأن الكهرباء ليست ترفاً، ولا سيما في مناخ تتجاوز حرارته الـ60 درجة في بعض الأحيان.
اضف تعليق