بعض التوقيتات تحمل من الأهمية التي تجعلها سبب من أسباب الانزعاج في حال تغييرها او عدم مراعاتها، ومن هذه المواعيد تسليم الرواتب الشهرية بالنسبة للموظفين الحكوميين وكذلك شريحة العاطلين عن العمل، وفي السنوات الأخيرة لوحظ عدم مراعاة هذه التوقيتات الامر الذي فسح المجال لظهور توقيتات خاطئة...
بعض التوقيتات تحمل من الأهمية التي تجعلها سبب من أسباب الانزعاج في حال تغييرها او عدم مراعاتها، ومن هذه المواعيد تسليم الرواتب الشهرية بالنسبة للموظفين الحكوميين وكذلك شريحة العاطلين عن العمل، وفي السنوات الأخيرة لوحظ عدم مراعاة هذه التوقيتات الامر الذي فسح المجال لظهور توقيتات خاطئة.
مرور العراق بأزمة مالية في السنوات السابقة زحّف جميع التوقيتات عن موعدها القديم والمعروف، فعلى سبيل المثال يوم السادس عشر من كل شهر كانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تطلق رواتب موظفيها، وبدأ الموعد بالتحرك الى ان استقر في بعض الأحيان عند نهاية الشهر او بداية الشهر الجديد.
عدم الثبات هذا والتغير الدائم في المواعيد يخلق نوعا من عدم الاستقرار لدى الموظف، وكأنه مرتبه الشهري غير مؤمن بالكامل او مهدد بالانقطاع، في ظل التقلبات السياسية التي يعرض لها البلد، وعلى هذه الشاكلة تسير معظم الأمور بما يثبت رؤية ان لا استقرار في أي مجال من مجالات الحياة في البلاد.
ومن التوقيتات الخاطئة أيضا توزيع الزيت الأبيض على المواطنين في أيام الصيف اللاهب، بينما يتركون في اشد الأوقات حاجة الى هذه المادة دون أي اهتمام او فكير بحلول مرضية، اذ تشهد جميع فصول الشاء في السنوات الماضية ازمة حقيقية في مادة النفط الأبيض، ويتضاعف سعر البرميل الواحد خلال موسم البرد القارص.
وليس اقل أهمية من موضوع توزيع النفط، إطفاء الكهرباء في الأوقات الحساسة، فغالبا ما نجد التيار الكهربائي منقطعا في أوقات الدوام الصباحي، اذ يجد الموظف او من يريد الخروج الى عمله في ساعات الصباح المبكر، يصاب بالانزعاج لعدم رؤية اغراضه واحتياجاته.
ومن المواعيد موعد الإطفاء أيضا بالتزامن مع الدقائق الأولى بعد الإفطار، اذ يؤدي هذا الانقطاع الى إرباك في الاسرة وعدم الارتياح بالجلوس على المائدة، بينما الحكومة المركزية والمحلية لا تعير هذه المسائل أي اهتمام، في حين لها وقعها وتأثيرها على حياة المواطنين.
لم يكن خروج الشباب العراقي في تشرين في عام 2019 الا صورة من صور الرفض للظلم والحيف الذي وقع على العراقيين، ومن هذا الظلم قلة فرص العمل والاستخفاف بحقوق المواطنين وعدم استيعاب الخريجين وسوء معاملتهم.
كل هذه التراكمات أدت الى انبثاق ثورة شبابية رفضت التوقيتات الحكومية التي كانت تضعها للقضاء على بعض الظواهر السلبية، ولا تزال تتبع الحكومات المحلية والمركزية نفس الأساليب الخاطئة التي تعد مصدر قلق وازعاج للمواطنين الذين سئموا التسويف المتكرر والخطوات غير المدروسة للتحركات.
عدم الاهتمام بهذه التوقيتات يولد كرها شديدا من قبل المواطن للحكومة، التي لا تزال تعتقد ان الفرد ضعيف او غير واعي لما يحدث في المحيط، ولذلك لم تعمد الى اتباع أي أسلوب لتقليص الفجوة مع الشعب الذي تراكن لديه المؤشرات السلبية على عمل الحكومة.
بعد كل هذا إذا لماذا عدم الاهتمام بهذه التوقيتات؟
من دواع عدم الاهتمام هو الظن الحكومي الدائم ان المواطنين لا يستحقون العيش كما تعيش الطبقة الحاكمة للبلد، فالمواطن يجب ان يبقى تحت رحمة الحكومة في توفير التيار الكهربائي، ولا يجب استلام راتبه الشهري في موعده المحدد.
المعالجة لهذه الإشكالية التي تقع فيها الجهة الرسمية مع الجبهة الشعبية يمكن ان يكون من خلال تحديد توقيتات ثابتة كما يحصل مع المناسبات الرسمية، فهل يصح ان تحتفل الحكومة بعيد الجيش الوطني في اليوم الثاني عشر من شهر كانون الثاني؟
التوقيت بالنسبة للجهات العليا اشبه بالمقدس على مدار أكثر من قرن، ولهذا يجدر ان تكون مواعيد الرواتب وغيرها من المواعيد التي تخص المواطنين بنفس القدسية لتنجب الوقوع في المحظور وتراكم الكراهية للسلطة العليا.
اضف تعليق